مصر: ماذا يعني طرح «تقنين الدروس الخصوصية» للحوار المجتمعي؟

بعد عاصفة رفض من أعضاء بمجلسي «الشيوخ» و«النواب»

الدكتور رضا حجازي وزير التعليم المصري خلال اجتماع مع وفد الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (الصفحة الرسمية للوزارة على فيسبوك)
الدكتور رضا حجازي وزير التعليم المصري خلال اجتماع مع وفد الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (الصفحة الرسمية للوزارة على فيسبوك)
TT

مصر: ماذا يعني طرح «تقنين الدروس الخصوصية» للحوار المجتمعي؟

الدكتور رضا حجازي وزير التعليم المصري خلال اجتماع مع وفد الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (الصفحة الرسمية للوزارة على فيسبوك)
الدكتور رضا حجازي وزير التعليم المصري خلال اجتماع مع وفد الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (الصفحة الرسمية للوزارة على فيسبوك)

عقب جدل تربوي ومجتمعي، وعاصفة رفض من قبل أعضاء بمجلسي الشيوخ والنواب (البرلمان المصري)، تراجعت وزارة التربية والتعليم المصرية عن مقترحها بـ«تقنين مراكز الدروس الخصوصية»، المعروفة بـ«السناتر التعليمية»، مقررة طرح القضية لنقاش مجتمعي، فيما اعتبره خبراء تربويون أنه «يعيد القضية للمربع صفر».
ورفضت لجنة التعليم بمجلس النواب (الثلاثاء) الماضي، مقترح الدكتور رضا حجازي، وزير التربية والتعليم المصري، بتقنين مراكز الدروس الخصوصية، «بنسبة تصويت بلغت 80 في المائة من أعضائها»، وفقاً للنائبة جيهان البيومي، عضو لجنة التعليم بمجلس النواب، وقالت البيومي لـ«الشرق الأوسط» إن «مجلس النواب (البرلمان) سيناقش في جلسات مقبلة فكرة مشروع رخصة مزاولة المهنة»، مشيرة إلى أن «اللجنة أوصت بتكثيف وتطوير مجموعات التقوية داخل المدارس لتقوم بدورها بشكل أفضل»، موضحة أنه «لن يكون هناك خطوات برلمانية أخرى في هذا الصدد، ولن يتم مناقشة الموضوع في الجلسة العامة للمجلس لأن الوزير لم يتقدم رسمياً بالمقترح».
وأكد الدكتور رضا حجازي، وزير التربية والتعليم، خلال جلسة المناقشة في لجنة التعليم بمجلس النواب، إن «المدرسة هي المكان الطبيعي للتعليم والتعلم، والتي يتم فيها تنفيذ جميع الأنشطة التعليمية، والوزارة تسعى لتوفير منظومة تعليمية متميزة، من شأنها تحقيق أهداف التنمية المستدامة»، موضحاً أن «ما تم تناوله حول تقنين مراكز الدروس الخصوصية هو مقترح وليس قراراً، وتم تفسيره بشكل خاطئ، وتم طرحه للحوار المجتمعي بهدف الاستماع لكافة الآراء بشأن تقليص أعداد مراكز الدروس الخصوصية (السناتر)»، مؤكداً أن «الوزارة ستتخذ العديد من الإجراءات لتفعيل دور مجموعات التقوية داخل المدارس لضمان استمرار الطلاب في العملية التعليمية، ومكافحة ظاهرة الدروس الخصوصية وتخفيف العبء عن كاهل أولياء الأمور».
وسبق لوزير التعليم أن أكد خلال مناقشة لجنة التعليم بمجلس الشيوخ مقترحه بشأن «حوكمة» مركز الدروس الخصوصية (الأحد) الماضي أن «ما طرحته بشأن تقنين أوضاع مراكز الدروس الخصوصية (السناتر) ومجموعات التقوية، مجرد فكرة مطروحة للحوار المجتمعي».
وتعرض الوزير لموجة هجوم من نواب بالبرلمان منذ أن أعلن عن تقنين أوضاع مراكز الدروس الخصوصية أمام الجلسة العامة لمجلس النواب في 18 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وأثار المقترح جدلاً واسعاً بين الخبراء التربويين، ما بين مؤيد ومعارض.
واعتبرت الدكتورة بثينة عبد الرؤوف، الخبيرة التربوية، تراجع الوزير عن فكرته بمثابة «عودة إلى المربع صفر»، موضحة لـ«الشرق الأوسط» أن «التراجع عن فكرة تقنين أوضاع مراكز الدروس الخصوصية يعني أن يبقى الوضع على ما هو عليه، لتستمر المراكز في عملها، وسط إجراءات ملاحقة وإغلاق غير مجدية، لا سيما أن أولياء الأمور ليس لديهم حلول أخرى».
ورغم رفض عبد الرؤف لفكرة تقنين مراكز الدروس الخصوصية تربوياً، فإنها ترى «أنها تجربة جديدة كان يجب خوضها، علها تنجح في تحسين أداء هذه المراكز».
واتفقت معها داليا الحزاوي، مؤسس ائتلاف أولياء أمور مصر، واصفة تراجع الوزارة بأنه «عودة إلى نفس المتاهة التعليمية، ما يستدعي تقوية دور المدرسة وعلاج السلبيات التي تؤدي لانتشار الدروس الخصوصية، وتطوير أداء مجموعات التقوية المدرسية»، موضحة لـ«الشرق الأوسط» أن «مراكز الدروس الخصوصية ليست حلاً، لكنها واقع نضطر للتعامل معه بكل سلبياته لأنه لا يوجد بديل».
في المقابل، قال عبد الحفيظ طايل مدير المركز المصري للحق في التعليم لـ«الشرق الأوسط» إن «السعي إلى تقنين أوضاع (السناتر) اعتراف بفشل السياسات التعليمية وضعف دور المدرسة، فالسبب الرئيسي في انتشار هذه المراكز ولجوء أولياء الأمور والطلاب إلى الدروس الخصوصية بكل أشكالها هو ضعف العملية التعليمية وتراجع دور المدرسة»، موضحاً: «مراكز الدروس الخصوصية جزء من عشوائية النظام التعليمي، والسعي إلى تقنينها هو تقنين وتثبيت لتلك العشوائية، ومن الغريب أن المطالبين بالتقنين يسردون سلبيات هذه المراكز ولم ينتبهوا إلى أنها نفس ما يحدث في المدارس، مثل الكثافة العددية، وعشوائية التدريس وغيره».
وأشار إلى أن «الحديث عن أن مراكز الدروس الخصوصية أمر واقع وأنها أصبحت ثقافة مجتمع هو منطق الضحية، فلسنا مغلوبين على أمرنا، يجب أن نصلح المنظومة التعليمية لتقدم للطلاب ما يحتاجونه فعلاً، إذا قدمنا تعليماً جيداً فلن يكون الطالب في حاجة للدروس الخصوصية».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

عدّدت مصر «إنجازاتها» في ملف حقوق الإنسان خلال السنوات الأخيرة، قبل مناقشة «تقرير المراجعة الشاملة» أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان بجنيف، في يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكدت القاهرة «هدم السجون (غير الآدمية) وإقامة مراكز إصلاح حديثة».

وتقدمت الحكومة المصرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بتقريرها الرابع أمام «آلية المراجعة الدورية الشاملة» التابعة لمجلس حقوق الإنسان الدولي، تمهيداً لمناقشته الشهر المقبل، وهو تقرير دوري تقدمه مصر كل 4 سنوات... وسبق أن قدّمت القاهرة 3 تقارير لمراجعة أوضاع حقوق الإنسان في أعوام 2010، و2014، و2019.

وقال عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» بمصر، رئيس «المنظمة المصرية لحقوق الإنسان» (مؤسسة حقوقية)، عصام شيحة، إن «الحكومة المصرية حققت (قفزات) في ملف حقوق الإنسان»، وأشار في تصريحات تلفزيونية، مساء الخميس، إلى أن «السنوات الأخيرة، شهدت قنوات اتصال بين المنظمات الحقوقية والمؤسسات الحكومية بمصر»، منوهاً إلى أن «مصر هدمت كثيراً من السجون القديمة التي كانت (غير آدمية) وأقامت مراكز إصلاح حديثة».

وأوضح شيحة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، الجمعة، أن «الحكومة المصرية تبنت فلسفة عقابية جديدة داخل السجون عن طريق الحد من العقوبات السالبة للحريات، وأنها هدمت نحو 15 سجناً، وقامت ببناء 5 مراكز إصلاح وتأهيل وفق أحدث المعايير الدولية، وتقدم برامج لتأهيل ودمج النزلاء».

عادّاً أن تقديم مصر لتقرير المراجعة الدورية أمام «الدولي لحقوق الإنسان» بجنيف، «يعكس إرادة سياسية للتواصل مع المنظمات الدولية المعنية بملف حقوق الإنسان».

وشرعت وزارة الداخلية المصرية أخيراً في إنشاء «مراكز للإصلاح والتأهيل» في مختلف المحافظات، لتكون بديلة للسجون القديمة، ونقلت نزلاء إلى مراكز جديدة في «وادي النطرون، وبدر، و15 مايو»، وتضم المراكز مناطق للتدريب المهني والفني والتأهيل والإنتاج، حسب «الداخلية المصرية».

ورغم الاهتمام الحكومي بملف حقوق الإنسان في البلاد، وفق مراقبين؛ فإن عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» يرى أن «هناك ملفات تحتاج إلى تحرك مثل ملف الحبس الاحتياطي في التهم المتعلقة بالحريات».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستعرض التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان» في مصر (الرئاسة المصرية)

وفي وقت سابق، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، استجابته لتوصيات مناقشات «الحوار الوطني» (الذي ضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين وسياسيين) بشأن قضية الحبس الاحتياطي، داعياً في إفادة للرئاسة المصرية، أغسطس (آب) الماضي، إلى «أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس، وتطبيق بدائل مختلفة للحبس الاحتياطي».

ويرى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب أيمن أبو العلا، أن «الحكومة المصرية حققت تقدماً في تنفيذ محاور (الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان) التي أطلقتها عام 2021»، ودلل على ذلك بـ«إلغاء قانون الطوارئ، وتشكيل لجان للعفو الرئاسي، والسعي إلى تطبيق إصلاح تشريعي مثل تقديم قانون جديد لـ(الإجراءات الجنائية) لتقنين الحبس الاحتياطي».

وكان وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، قد عرض على الرئيس المصري، الأربعاء الماضي، التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان»، متضمناً «المبادرات والبرامج التي جرى إعدادها للارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان بمفهومها الشامل، السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي».

وحسب إفادة للرئاسة المصرية، وجه الرئيس المصري بـ«استمرار جهود نشر الوعي بحقوق الإنسان في مؤسسات الدولة كافة، ورفع مستوى الوعي العام بالحقوق والواجبات»، وشدد على «تطوير البنية التشريعية والمؤسسية لإنجاح هذا التوجه».

عودة إلى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بـ«النواب» الذي قال إن ملف حقوق الإنسان يتم استغلاله من بعض المنظمات الدولية سياسياً أكثر منه إنسانياً، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك ازدواجية في معايير بعض المنظمات التي تغض الطرف أمام انتهاكات حقوق الإنسان في غزة ولبنان، وتتشدد في معاييرها مع دول أخرى».