عقب جدل تربوي ومجتمعي، وعاصفة رفض من قبل أعضاء بمجلسي الشيوخ والنواب (البرلمان المصري)، تراجعت وزارة التربية والتعليم المصرية عن مقترحها «تقنين مراكز الدروس الخصوصية»، المعروفة بـ«السناتر التعليمية»، مقررة طرح القضية لنقاش مجتمعي، في حين اعتبره خبراء تربويون أنه «يعيد القضية للمربع صفر».
ورفضت لجنة التعليم بمجلس النواب (الثلاثاء) الماضي، مقترح الدكتور رضا حجازي، وزير التربية والتعليم المصري، تقنين مراكز الدروس الخصوصية، «بنسبة تصويت بلغت 80 في المائة من أعضائها»، وفقاً للنائبة جيهان البيومي، عضو لجنة التعليم بمجلس النواب، وقالت البيومي لـ«الشرق الأوسط»، إن «مجلس النواب (البرلمان) سيناقش في جلسات مقبلة فكرة مشروع رخصة مزاولة المهنة»، مشيرة إلى أن «اللجنة أوصت بتكثيف وتطوير مجموعات التقوية داخل المدارس لتقوم بدورها بشكل أفضل»، موضحة أنه «لن يكون هناك خطوات برلمانية أخرى في هذا الصدد، ولن يتم مناقشة الموضوع في الجلسة العامة للمجلس؛ لأن الوزير لم يتقدم رسمياً بالمقترح».
وأكد الدكتور رضا حجازي، وزير التربية والتعليم، خلال جلسة المناقشة في لجنة التعليم بمجلس النواب، أن «المدرسة هي المكان الطبيعي للتعليم والتعلم، التي يتم فيها تنفيذ جميع الأنشطة التعليمية، والوزارة تسعى لتوفير منظومة تعليمية متميزة، من شأنها تحقيق أهداف التنمية المستدامة»، موضحاً أن «ما تم تناوله حول تقنين مراكز الدروس الخصوصية، هو مقترح وليس قراراً، وتم تفسيره بشكل خاطئ، وتم طرحه للحوار المجتمعي بهدف الاستماع للآراء كافة بشأن تقليص أعداد مراكز الدروس الخصوصية (السناتر)»، مؤكداً أن «الوزارة ستتخذ العديد من الإجراءات لتفعيل دور مجموعات التقوية داخل المدارس لضمان استمرار الطلاب في العملية التعليمية، ومكافحة ظاهرة الدروس الخصوصية، وتخفيف العبء عن كاهل أولياء الأمور».
وسبق لوزير التعليم أن أكد خلال مناقشة لجنة التعليم بمجلس الشيوخ مقترحه بشأن «حوكمة» مراكز الدروس الخصوصية، (الأحد) الماضي، أن «ما طرحته بشأن تقنين أوضاع مراكز الدروس الخصوصية (السناتر) ومجموعات التقوية، مجرد فكرة مطروحة للحوار المجتمعي».
وتعرض الوزير لموجة هجوم من نواب بالبرلمان منذ أن أعلن عن تقنين أوضاع مراكز الدروس الخصوصية أمام الجلسة العامة لمجلس النواب في 18 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وأثار المقترح جدلاً واسعاً بين الخبراء التربويين، ما بين مؤيد ومعارض.
واعتبرت الدكتورة بثينة عبد الرؤوف، الخبيرة التربوية، أن تراجع الوزير عن فكرته، بمثابة «عودة إلى المربع صفر»، موضحة لـ«الشرق الأوسط»، أن «التراجع عن فكرة تقنين أوضاع مراكز الدروس الخصوصية، يعني أن يبقى الوضع على ما هو عليه، لتستمر المراكز في عملها، وسط إجراءات ملاحقة وإغلاق غير مجدية، لا سيما أن أولياء الأمور ليس لديهم حلول أخرى».
ورغم رفض عبد الرؤف فكرة تقنين مراكز الدروس الخصوصية تربوياً، فإنها ترى «أنها تجربة جديدة كان يجب خوضها، علّها تنجح في تحسين أداء هذه المراكز».
واتفقت معها داليا الحزاوي، مؤسسة «ائتلاف أولياء أمور مصر»، واصفة تراجع الوزارة بأنه «عودة إلى نفس المتاهة التعليمية، مما يستدعي تقوية دور المدرسة وعلاج السلبيات التي تؤدي لانتشار الدروس الخصوصية، وتطوير أداء مجموعات التقوية المدرسية»، موضحة لـ«الشرق الأوسط»، أن «مراكز الدروس الخصوصية ليست حلاً، لكنها واقع نضطر للتعامل معه بكل سلبياته؛ لأنه لا يوجد بديل».
في المقابل، قال عبد الحفيظ طايل، مدير المركز المصري للحق في التعليم، لـ«الشرق الأوسط»، إن «السعي إلى تقنين أوضاع (السناتر) اعتراف بفشل السياسات التعليمية وضعف دور المدرسة، فالسبب الرئيسي في انتشار هذه المراكز ولجوء أولياء الأمور والطلاب إلى الدروس الخصوصية بكل أشكالها، هو ضعف العملية التعليمية وتراجع دور المدرسة»، موضحاً أن «مراكز الدروس الخصوصية جزء من عشوائية النظام التعليمي، والسعي إلى تقنينها تقنين وتثبيت لتلك العشوائية، ومن الغريب أن المطالبين بالتقنين يسردون سلبيات هذه المراكز، ولم ينتبهوا إلى أنها نفس ما يحدث في المدارس، مثل الكثافة العددية، وعشوائية التدريس، وغيرها».
وأشار إلى أن «الحديث عن أن مراكز الدروس الخصوصية أمر واقع، وأنها أصبحت ثقافة مجتمع، هو منطق الضحية، فلسنا مغلوبين على أمرنا، يجب أن نصلح المنظومة التعليمية لتقدم للطلاب ما يحتاجونه فعلاً، إذا قدمنا تعليماً جيداً فلن يكون الطالب في حاجة للدروس الخصوصية».
مصر... ماذا يعني طرح «تقنين الدروس الخصوصية» للحوار المجتمعي؟
بعد عاصفة رفض من أعضاء بمجلسي «الشيوخ» و«النواب»
مصر... ماذا يعني طرح «تقنين الدروس الخصوصية» للحوار المجتمعي؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة