لم يفارق اسم الفنانة المصرية الرائدة جاذبية سري، مشهد الفن التشكيلي بعد رحيلها، لما تركته فيه من أثر وأسلوب فني فريد. ولعل الذكرى الأولى لرحيل الفنانة التشكيلية المصرية جاذبية سري، مناسبة لاستعادة تاريخ جاذبية سري (1925 – 2021)، والاحتفاء بمشروعها الثري عبر مراحله الفنية المختلفة.
فقد نظم قطاع الفنون التشكيلية في مصر بالتعاون مع الجامعة الأميركية بالقاهرة، معرضاً استيعادياً للفنانة الراحلة جاذبية سري، وذلك في قصر عائشة فهمي الأثري بالقاهرة (مجمع الفنون)، وهو معرض تمتد استضافته حتى 22 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
تخرجت الفنانة جاذبية سري في مدرسة الفنون الجميلة عام 1948، وعملت بالتدريس لسنوات في كلية التربية الفنية وفي الجامعة الأميركية بالقاهرة، وظهرت أعمالها فيما يزيد على 70 معرضاً داخل مصر وخارجها، وتوفيت العام الماضي عن عمر 96 عاماً.
وحسب الدكتور خالد سرور، رئيس قطاع الفنون التشكيلية في مصر، فإن «عالم جاذبية سري مسرح للسحر والجمال، وكذلك للتوثيق والبحث وتعميق الإدراك بتجربتها شديدة التفرد والثراء، عبر تجربتها التي لم ولن تفقد طزاجتها ورونقها وقدرتها على الإدهاش»، وذلك في كلمته بمناسبة افتتاح المعرض.
ويعتبر الفنان إيهاب اللبان، مدير «مجمع الفنون»، أن المعرض هو الأول من نوعه الذي تتلاقى فيه وزارة الثقافة المصرية والجامعة الأميركية للاحتفاء بفنان تشكيلي؛ إذ «كان هناك حرص من الجانبين لتقديم عرض فني يليق بجاذبية سري وتاريخها»، كما يقول لـ«الشرق الأوسط».
ويعتبر اللبان أن جاذبية سري لم تتوقف على مدار تاريخها الفني، الذي يصل إلى نحو 7 عقود، عن التفاعل مع وطنها والمجتمع من حولها. ويتابع: «فنها الفريد هو ما ساهم في تتويج اسمها على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، وظلّت عبر تقنيات فنية متعددة على مدار مراحلها الفنية، حريصة على التفاعل مع محيطها المحلي، بداية من لوحاتها التي تظهر فيها حميمة الشارع وزحامه، والأزقة، والبيوت، وحتى ملامح الحزن التي ظهرت في أعمالها بعد النكسة عام 1967، كما في لوحتها الشهيرة (السقوط)».
ويمكن من خلال الأعمال المعروضة في قصر عائشة فهمي، الاقتراب من المراحل الفنية المختلفة للفنانة الرائدة، التي ميّزها التنوع اللافت في الأساليب الفنية في التعبير التشكيلي، التي تنقلت خلالها بين أساليب مختلفة في التعبير التشكيلي، ما بين الواقعية التعبيرية، والتجريدية، والتكعيبية، والتعبير الهندسي والزخرفي.
ولم تتوقف جاذبية سري عبر تاريخها عن التقاط المشاهد العفوية، كالمراجيح الشعبية التي أضفت عليها لمستها السوريالية، فجعلتها تقترب من عالم الأحلام؛ إذ توجد «في المعرض 3 لوحات عن عالم المراجيح لدى جاذبية سري، بها بهجة قريبة من النفس» حسب اللبان.
ويقول مدير «مجمع الفنون»، إن مهمة جمع أعمال جاذبية سري في هذا المعرض، كان هدفها الاقتراب من تكوين جملة تعريفية بالتاريخ الفني الممتد لتلك الفنانة الرائدة، ويوضح: «حرصنا على جمع أعمالها التي تدور بين تلك السنوات الفنية بمراحلها المختلفة، بالصورة التي تُمكِّن زائر المعرض من الاقتراب من مشوار جاذبية سري ومراحلها منذ بدايتها».
ويضيف: «استعنا في المعرض بمقتنيات متحف الفن الحديث لأعمال جاذبية سري، وأعمال أخرى من مقتنيات الجامعة الأميركية بالقاهرة، التي تمثل المراحل المبكرة للعالم الفني لجاذبية سري، إلى جانب الاستعانة بأعمال الفنانة الراحلة من عدد من المقتنين لأعمالها».
ويعتبر اللبان أن الاحتفاء بجاذبية سري هو جزء من برنامج احتفاء «مجمع الفنون» بقصر عائشة فهمي، برموز الحركة التشكيلية، «سواء أحياء أو ممن رحلوا عن عالمنا، كما سبق أن قمنا بالاحتفاء بالفنان الراحل آدم حنين، والفنان التشكيلي فاروق حسني»، على حد تعبيره.
ونالت جاذبية سري العديد من الجوائز والأوسمة الرفيعة في مصر ودول العالم، منها جائزة روما للتصوير عام 1952، والجائزة الشرقية «التصوير بالزيت – القسم المصري» في بينالي فينسيا عام 1956، والجائزة الثانية في الحفر في بينالي الإسكندرية عام 1959، وجائزة الدولة التشجيعية في الفنون من المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية عام 1970، ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام 1970، وجائزة الدولة التقديرية في الفنون من المجلس الأعلى للثقافة عام 1999.
معرض في القاهرة يروي تاريخ جاذبية سري في ذكراها الأولى
يستضيفه قصر عائشة فهمي ويضم أعمال الفنانة التشكيلية
معرض في القاهرة يروي تاريخ جاذبية سري في ذكراها الأولى
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة