«تكريم» في سنتها الـ12 من أبوظبي تحتفي بصناع التغيير

مؤسسها ريكاردو كرم لـ«الشرق الأوسط»: خيارنا الإيجابية

البروفسورة السعودية مناهل ثابت تنال جائزة «تكريم» للمرأة العربية الرائدة
البروفسورة السعودية مناهل ثابت تنال جائزة «تكريم» للمرأة العربية الرائدة
TT

«تكريم» في سنتها الـ12 من أبوظبي تحتفي بصناع التغيير

البروفسورة السعودية مناهل ثابت تنال جائزة «تكريم» للمرأة العربية الرائدة
البروفسورة السعودية مناهل ثابت تنال جائزة «تكريم» للمرأة العربية الرائدة

للسنة الثانية عشرة، توزع «تكريم» جوائزها على رواد في مجالاتهم. تحط العام الحالي، في أبوظبي بعد تنقل بين دول غربية وعربية آخرها بيروت. فائزون من لبنان والسعودية والإمارات والأردن والبحرين وفلسطين والعراق وغيرها، يسميهم مؤسس الجائزة الإعلامي اللبناني ريكاردو كرم، صناع التغيير. ينظر إلى الحياة على أنها «خيار وقرار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن خياره الإيجابية وقراره التغلب على الصعب.
واصلت الجائزة احتفالها بالمتفوقين لتسع سنوات في تسع مدن إلى أن أرغمتها ثورة «17 أكتوبر (تشرين الأول)» على التمهل. غابت عام 2019، وفيما الوباء يُنهك البشرية، أطلقت دورة عام 2020 المُقامة «أونلاين» صرخة «لن نستسلم» رفضاً لاغتيال مرفأ المدينة. ظلت بيروت وجعها ورجاءها، ومن أجلها و«في وجه كل المحن»، أقيمت في ليلها المرير الدورة الحادية عشرة لعام 2021. يستعيد ريكاردو كرم المحطات وصولاً إلى أبوظبي الشاهدة على دورة 2022 قبل أيام، بهمة الوقوف العنيد المُقارع للريح.
حين يُسأل عما لا يزال يشكل دافعاً للتقدم والإحباط اللبناني يكبل النفوس، يجيب: «رسمُ الابتسامة على وجوه تختزل الحزن». تقود الإيجابية سفنه في بحر هائج، بينما يتحدث عن «عض الجرح» من أجل الآخرين. تصبح المعادلة: «لسنا تعساء بالمطلق طالما ثمة مَن هو أكثر تعاسة!». ثلاث سنوات من الفواجع، يقلب معاييرها: «ما دام الخراب يعم المكان، فلنكن أدوات تغيير ونصنع الأمل».
تكبُر «تكريم» وتتفرع. إقامة حفلها السنوي في أبوظبي، بعد بيروت والقاهرة والكويت ودبي وعمان ومراكش والمنامة والدوحة وباريس؛ تُبهج مؤسسها لغنى الخليط الذي يحب في «إمارة مشعة تحتضن العلوم والفنون». يصف الحفل بـ«الناجح جداً، يختصر خبرات 12 عاماً». بالنسبة إليه، «تكريم» ليست سهرة يُدعى إليها أعلام فحسب، فالمؤسسة تعمل طوال السنة لتتوج الجهد في ليل توزيع الجوائز حيث الاحتفاء بوجوه تترك لمسات إبداع في مجالاتها. ينظر إلى العالم، فيرى أنواء تضربه وثورات تشتعل في شوارعه. يراه مهدداً بالتهويل النووي. من هذا الخضم، تقول «تكريم» على لسانه إنها لا تزال تؤمن بوطن الإنسان والقيم والقادة. وهم ليسوا بالضرورة سياسيين، بل رواد أعمال ومبتكرون ومثقفون وأطباء وباحثون وصناع رأي عام.
تطمح الجائزة للعمل مع شركاء جدد بهدف «وضع معايير حديثة لكيفية احتفال العالم العربي بقصص نجاحه وإنشاء علاقات بين رواده، ورد الجميل للمجتمع»، كما تتطلع لـ«وضع حجر الأساس لديناميكية عمل أكثر جرأة». إقامة هذه الدورة في المجمع الثقافي بأبوظبي، برعاية الشيخ نهيان مبارك آل نهيان، احتفال بهذا الطموح. يشعر ريكاردو كرم بالفخر لتضاعف حجم المسؤولية سنة بعد سنة، ويكشف لـ«الشرق الأوسط» عن تمدد أوسع باتجاه أوروبا، فتولد «تكريم Europe» للمرة الأولى في مايو (أيار) مُكرمة عرباً في القارة العجوز، كأخت لـ«تكريم أميركا» (يقام الحفل في 25 فبراير «شباط»، المقبل) التي تمنح جوائزها لمبدعين عرب في الأميركيتَين.
خلال السنة الأولى لإطلاق «تكريم»، وقف بجانب مؤسسها رعاة وشركاء يستمرون يداً بيد إلى اليوم. صعوبات العام الثاني جعلت كرم يعتقد أن العام الثالث سيكون الأخير. «وجر عامٌ عاماً، حتى الدورة الثانية عشرة، إيماناً بقدرة الإنسان على الحب وإعلاء الخير». يستكين لفكرة أنها أصبحت «نواة لتجمع عربي يناضل في سبيل العدالة والكرامة وحقوق الإنسان، في شرق أوسط يغلي، نشاء منه التغيير الإيجابي أو النصف الملآن من الكوب، لا المتغيرات السلبية».
يحلو له التذكير بما يُطمئنه، وإن مشى في المدينة ولمح وجوهاً قلقة واستمع إلى حكايات المُتعبين: «لسنا وحدنا، حتى الخائفون، ثمة مَن يشاركهم المخاوف. لا يحدث التغيير في السياسة فقط. النظرة الإيجابية تتجلى في حقول الثقافة والأدب والطب والعلوم والفنون، فلا يبقى الناس رهينة التسطيح».
* المكرمون في الدورة الـ12
يقف ريكاردو كرم جانباً، فيما لجنة متخصصة تختار الفائزين: «لا أبدي رأيي ولا أُزكي أسماء»، يشدد مرة أخرى. قصص نجاح ملهمة، على هذا الشكل: من السعودية التي تأمل الجائزة إقامة دورتها المقبلة على أراضيها، مُنحت «تكريم» للمبادرين الشباب لأحمد الزيني، كما تسلمت مواطنته البروفسورة مناهل ثابت جائزة «تكريم» للمرأة العربية الرائدة. وأيضاً، مُنحت «تكريم» للخدمات الإنسانية والمدنية مناصفة لجمعية «أسامة - بيرث آند بيوند» (جمعية المساعدة للأم والطفل في المستشفى) عبر البروفسور روبير صاصي من لبنان وجمعية «أطفالنا» للصم من فلسطين، كذلك نال الفلسطيني سامر خوري جائزة «تكريم» للقيادة البارزة للأعمال، واللبنانية غادة فغالي جائزة «تكريم» للإبداع في مجال التعليم، لتكون «تكريم» للإبداع العلمي والتكنولوجي للبروفسورة الأردنية هالة زريقات.
يستمر توزيع الجوائز، «تكريم» للتنمية البيئية المستدامة مُنحت مناصفة لرزان المبارك من الإمارات ومؤسسة «إنفايرونمنت أرابيا» للخدمات الاستشارية من البحرين، لتُمنح «تكريم» للإبداع الثقافي للدكتور نصير شما من العراق، وجائزة «تكريم» للمساهمة الدولية في المجتمع العربي لمنظمة «ليونارد» التعليمية في الولايات المتحدة. «البحث عن أسماء غير معروفة جهد شاق»، يختم ريكاردو كرم.


مقالات ذات صلة

ميشيل يواه تختطف جائزة نقابة الممثلين الأميركية

يوميات الشرق الممثلة الأميركية - الماليزية ميشيل يواه تحتفل بفوزها بجائزة أفضل ممثلة في حفل «نقابة ممثلي الشاشة» (رويترز)

ميشيل يواه تختطف جائزة نقابة الممثلين الأميركية

فازت الممثلة الأميركية - الماليزية ميشيل يواه بجائزة أفضل ممثلة يوم الأحد (أول من أمس) في حفلة «نقابة ممثلي الشاشة» المعروفة باسم SAG (اختصاراً لـScreen Actors Guild) الأميركية. ميشيل يواه كادت تطير من الفرح أو ربما هي طارت بعيداً عن الكاميرات لاحقاً.

محمد رُضا (هوليوود)
يوميات الشرق النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي يحمل جائزة «الأفضل» لعام 2022 في احتفال باريس (أ.ب)

جوائز «فيفا»: ميسي «الأفضل» في عام 2022 وسط هيمنة أرجنتينية

هيمنت الأرجنتين على جوائز الأفضل من الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) في حفل أقيم، يوم الاثنين، في العاصمة الفرنسية باريس. وحصد الأرجنتيني ليونيل ميسي على جائزة أفضل لاعب بعدما تفوق اللاعب المتوج بلقب كأس العالم مع منتخب بلاده على الفرنسي كيليان مبابي زميله في باريس سان جيرمان والفرنسي الآخر كريم بنزيما لاعب ريال مدريد الإسباني والذي لم يشارك مع منتخب بلاده في نهائيات كأس العالم الماضية بسبب الإصابة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق جوائز «غرامي» (رويترز)

«تيك توك» جسر عبور لشهرة المواهب الموسيقية... وبوابة لجوائز «غرامي»

يُتوقع أن يكون التنافس شرساً خلال حفلة توزيع جوائز «غرامي»، الأحد، على لقب أفضل فنان جديد هذه السنة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق فريق فيلم «ذي فايبلمنز The Fabelmans» بعد تسلم الجائزة (أ.ب)

«غولدن غلوب»: «ذي فايبلمنز» و«بيت التنين» يتصدران جوائز «الدراما»

فاز فيلم «ذي فايبلمنز The Fabelmans»، أمس الثلاثاء، بجائزة «غولدن غلوب» أفضل فيلم درامي. ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، فقد استُوحي هذا العمل من طفولة مُخرجه الأميركي ستيفن سبيلبرغ الذي نال جائزة أفضل مخرج.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
يوميات الشرق بوستر أغنية الملوك لأحمد سعد

لماذا يستحوذ مطربو مصر والجزائر على ترشيحات «أفريما»؟

استحوذ مطربون مصريون وجزائريون على معظم ترشيحات الدورة الثامنة لجوائز الموسيقى الأفريقية، التي من المقرر أن تستضيفها هذا العام العاصمة السنغالية داكار، وهو ما أثار تساؤلات بشأن أسباب هذا الاستحواذ. وبينما فاز بجوائز العام الماضي كل من ديزي دروس، ومنال بنشليخة، والكراندي طوطو من المغرب، فإن النسخة الجديدة تشهد منافسة شرسة بين مطربين مصريين وجزائريين أبرزهم ويجز وأحمد سعد من مصر وسكولينغ وسينك من الجزائر. وينافس الرابر المصري ويجز في نسخة هذا العام على 5 جوائز وهي «أفضل مطرب أفريقي 2022»، و«أفضل مطرب عن منطقة شمال أفريقيا»، و«أفضل فنان يقدم موسيقى معاصرة»، و«أفضل أغنية لعام 2022» عن أغنية «البخت

محمود الرفاعي (القاهرة)

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».