رفع السوداني «الخطوط الحمر» يقلق داعميه

صمت الصدر حيال الحكومة العراقية «سلاح ذو حدين»

أنصار التيار الصدري إبان احتجاجاتهم في بغداد مطلع أكتوبر (إ.ب.أ)
أنصار التيار الصدري إبان احتجاجاتهم في بغداد مطلع أكتوبر (إ.ب.أ)
TT

رفع السوداني «الخطوط الحمر» يقلق داعميه

أنصار التيار الصدري إبان احتجاجاتهم في بغداد مطلع أكتوبر (إ.ب.أ)
أنصار التيار الصدري إبان احتجاجاتهم في بغداد مطلع أكتوبر (إ.ب.أ)

تسلم محمد شياع السوداني من سلفه مصطفى الكاظمي مفاتيح القصر الحكومي في العراق على وقع أكبر فضيحة فساد في تاريخ العراق الحديث التي اختفت فيها نحو 2.5 مليار دولار من أموال الضرائب. كما أشارت مصادر إلى أن السوداني باشر مهام عمله مدعوماً من ائتلاف سياسي كبير (ائتلاف إدارة الدولة) بين شركائه من الخلافات أكبر بكثير مما بينهم من اتفاقات. لكن السوداني بدأ باستكمال الإجراءات الخاصة بالقبض على بعض صغار الشركاء فيما عُرف بـ«سرقة القرن». فالمتهم الذي تم تصنيفه على أنه المتهم الرئيسي كان مجرد مدير مكتب لأحد أعضاء البرلمان في فترة من الفترات قبل أن يتهم مع شركاء بسرقة المبلغ الضخم.
وبالنسبة للسوداني الذي أعلن رفع الخطوط الحمر بشأن الفساد، وهو ما يعني لم يعد هناك أحد فوق المساءلة، فإن هذا الإجراء سيكون هو أول نقطة خلافية مع الشركاء والداعمين. وطبقاً لكل التصورات ليس بمقدور موظف بسيط أو حتى مدير مكتب لنائب سابق يمكن أن ينجح دون تواطؤ وحماية من الكبار في تأمين سرقة هذا المبلغ الضخم وبتسهيل من عدة دوائر مثل الضرائب والجمارك والمصارف وغيرها. وفيما يبدو السوداني جاداً لجهة العمل على تفكيك منظومة الفساد فإنه، طبقاً لرؤية غالبية المراقبين والمتابعين لقضايا الفساد وهدر المال العام في العراق، فإن مسألة رفع كل الخطوط الحمر إما تعني أن السوداني يملك دعماً وتفويضاً كاملاً من شركائه، وهو أمر مستبعد إلى حد كبير لا سيما في قضايا الفساد، أو أنه قرر المواجهة. وهذا الخيار الصفري بقدر ما يعني فتح معركة حتى الآن مؤجلة لأكثر من سبب مع الشركاء والداعمين حتى الآن، فإنه قد لا يعني مباركة مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الساكت منذ تشكيل الحكومة حتى الآن.
وطبقاً للمراقبين والمعنيين بالشأن السياسي العراقي وما يدور في الغرف المغلقة وقسم منه يتسرب إلى الفضاء العام، فإن صمت الصدر لا يعني الرضا والقبول، كما أنه قد لا يعني فتح معركة مؤجلة لا بد منها. وتقول بعض المصادر إن صمت الصدر في كل الأحوال «سلاح ذو حدين». فمن جهة يمكن تفسيره على أنه رضا ولو ضمني على ما بات يقوم به رئيس الوزراء من إجراءات على صعيد محاربة الفساد وهي القضية الأهم في مشروع الصدر، ومن جهة أخرى فهو ليس أكثر من عملية ترقب للخطوات التالية للسوداني. وبالنسبة للصدر فإن الخطوات التالية هي تلك التي تستهدف الرؤوس الكبيرة، خصوصاً خصوم الصدر في قوى الإطار التنسيقي.
لكن مع ذلك، ففي حال يفسر صمت الصدر على أنه انتكاسة نتيجة سحب نوابه من البرلمان، بعد أن كانوا الكتلة النيابية الأكبر (73 نائباً)، وكذلك اضطراره سحب أنصاره بعد مجزرة الساحة الخضراء في 30 أغسطس (آب) الماضي من داخل مبنى البرلمان، فإنه في هذه الحالة لم يعد أمامه سوى انتظار وعد السوداني بإجراء انتخابات مبكرة في غضون عام. وبصرف النظر عن الموقف من صمت الصدر قبولاً أو رفضاً مؤقتاً، فإن أي انتخابات مبكرة سوف تكون معركة حامية وسيكون الصدر بالضرورة طرفاً رئيسياً فيها. فالحكومة الحالية وطبقاً لمنهاجها الوزاري فإنها في الوقت الذي ألزمت فيه نفسها بإجراء انتخابات مبكرة خلال عام، فإنها اشترطت أن يتم تعديل قانون الانتخابات الحالي في غضون ثلاثة أشهر.
وفي حال استمر السوداني في إجراءاته بمحاربة الفساد وبدأت خطوطه الحمر تطال الكبار الذين يعنيهم الصدر فإن الأخير ربما لن يهتم كثيراً بمسألة تعديل القانون الذي يصر عليه خصومه (الإطار التنسيقي الشيعي) من منطلق أن خسارتهم الانتخابات المبكرة الماضية كانت بسبب قانون الانتخابات. وفي مقابل ذلك، فإن الصدر لا يريد تعديل القانون لأنه وعن طريقه حقق هذا الفوز الكبير الذي سرعان ما تخلى عنه ومنحه لخصومه بقرار يشعر غالبية الصدريين بصمت بأنه لم يكن قراراً صائباً.
مع ذلك وحتى بضعة شهور قادمة فإن الانتظار سيبقى سيد الموقف. ففي حال تكللت خطوات السوداني بنجاحات ملموسة فإن من شأن ذلك أن يزيد من دعمه داخلياً وإقليمياً وخارجياً، لكن في حال بدأت الخطوات تتعثر فإن التيار الصدري المتربص سوف يجد الساحة جاهزة لمعركة كان ينتظرها من أغسطس (آب) الماضي حين بدت كفة المعركة تميل لصالح خصومه وتكبد الصدريون عشرات القتلى ومئات الجرحى في تلك المواجهة الشيعية - الشيعية. ومع كل المحاولات التي تلت تلك المواجهة وشروط الصدر بشأن طريقة تشكيل الحكومة الجديدة أو استمرار الحكومة القديمة التي عبّر عنها بسلسلة تغريدات، فإن الحكومة تشكلت بخلاف ما يريد ومن خلال ائتلاف كبير كان حليفاه السني «تحالف السيادة» والكردي «الحزب الديمقراطي الكردستاني» طرفين رئيسيين فيه، وهو ما جعله يشعر بخيبة أمل مضاعفة حيال الخصوم الدائمين والشركاء الوقتيين.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

المشرق العربي الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، أمس (الخميس)، دول العالم، لا سيما تلك المجاورة للعراق، على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث التي يواجهها. وخلال كلمة لها على هامش فعاليات «منتدى العراق» المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، قالت بلاسخارت: «ينبغي إيجاد حل جذري لما تعانيه البيئة من تغيرات مناخية». وأضافت أنه «يتعين على الدول مساعدة العراق في إيجاد حل لتأمين حصته المائية ومعالجة النقص الحاصل في إيراداته»، مؤكدة على «ضرورة حفظ الأمن المائي للبلاد».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن علاقات بلاده مع الدول العربية الشقيقة «وصلت إلى أفضل حالاتها من خلال الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة العراقية»، مؤكداً أن «دور العراق اليوم أصبح رياديا في المنطقة». وشدد السوداني على ضرورة أن يكون للعراق «هوية صناعية» بمشاركة القطاع الخاص، وكذلك دعا الشركات النفطية إلى الإسراع في تنفيذ عقودها الموقعة. كلام السوداني جاء خلال نشاطين منفصلين له أمس (الأربعاء) الأول تمثل بلقائه ممثلي عدد من الشركات النفطية العاملة في العراق، والثاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعالية مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيماوي والأسمدة والإسمنت في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»، داعياً الشركات النفطية الموقّعة على جولة التراخيص الخامسة مع العراق إلى «الإسراع في تنفيذ العقود الخاصة بها». جاء ذلك خلال لقاء السوداني، (الثلاثاء)، عدداً من ممثلي الشركات النفطية العالمية، واستعرض معهم مجمل التقدم الحاصل في قطاع الاستثمارات النفطية، وتطوّر الشراكة بين العراق والشركات العالمية الكبرى في هذا المجال. ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، وجه السوداني الجهات المختصة بـ«تسهيل متطلبات عمل ملاكات الشركات، لناحية منح سمات الدخول، وتسريع التخليص الجمركي والتحاسب الضريبي»، مشدّداً على «ضرورة مراعا

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو العلاقات بين بغداد وروما في الميادين العسكرية والسياسية. وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بعد استقباله الوزير الإيطالي، أمس، إن السوداني «أشاد بدور إيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على عصابات (داعش)، من خلال التحالف الدولي، ودورها في تدريب القوات الأمنية العراقية ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)». وأشار السوداني إلى «العلاقة المتميزة بين العراق وإيطاليا من خلال التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مؤكداً رغبة العراق للعمل ضمن هذه المسارات، بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن المنطقة والعالم». وبي

حمزة مصطفى (بغداد)

مسؤولان أمميان ينقلان المخاوف السورية إلى مجلس الأمن

المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن يتحدث عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من جنيف لأعضاء مجلس الأمن في نيويورك (الأمم المتحدة)
المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن يتحدث عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من جنيف لأعضاء مجلس الأمن في نيويورك (الأمم المتحدة)
TT

مسؤولان أمميان ينقلان المخاوف السورية إلى مجلس الأمن

المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن يتحدث عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من جنيف لأعضاء مجلس الأمن في نيويورك (الأمم المتحدة)
المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن يتحدث عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من جنيف لأعضاء مجلس الأمن في نيويورك (الأمم المتحدة)

حض مسؤولان أمميان من أعضاء مجلس الأمن على مواكبة العملية الانتقالية في سوريا بعد الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد. وشدّدا على التمسك بمقتضيات القرار «2254» رغم أن السلطات المؤقتة، برئاسة زعيم «هيئة تحرير الشام» أحمد الشرع، «أبدت تحفظات» على بعض مندرجاته.

وحذّر المسؤولان الأمميان من أن «الفشل في تحقيق انتقال شامل قد يؤدي مرة أخرى إلى اضطرابات»، في ظل مخاوف زائدة من العمليات العسكرية الإسرائيلية من جهة، واحتمال استغلال «داعش» للوضع الراهن من جهة أخرى.

وعقد مجلس الأمن جلسته هذه حول سوريا، الأربعاء، فاستمع إلى إفادتين، الأولى من المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن، حول الأوضاع السياسية، ومن وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة، توم فليتشر، حول الحال الإنسانية في سوريا بعد شهر واحد من انهيار نظام الأسد.

وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة توم فليتشر يقدم إفادة لأعضاء مجلس الأمن حول سوريا (الأمم المتحدة)

وفي مستهل كلامه، أطلع بيدرسن أعضاء مجلس الأمن على التطورات الأخيرة في سوريا، وانخراطه مع السلطات المؤقتة بقيادة أحمد الشرع، الذي أعلن اتفاقات مع عدد من الفصائل المسلحة لحلها ودمجها في الجيش السوري الموحد، مشيراً إلى إعلان السلطات المؤقتة خططاً لعقد مؤتمر حوار وطني لجمع القوى السياسية والطائفية المختلفة لمناقشة العملية الانتقالية. ولاحظ أنه رغم أن التقارير الإعلامية تشير إلى أن المؤتمر قد يعقد الشهر الحالي، فإن وزير خارجية الحكومة المؤقتة أسعد الشيباني أفاد بأن الأمر يتطلب مزيداً من الوقت، موضحاً أن الاستعدادات جارية لتشكيل لجنة تحضيرية تكفل أوسع تمثيل لشرائح الشعب السوري، علماً بأن الشيباني ووزير الدفاع مرهف أبو قصرة قاما بزيارات دبلوماسية إلى كل من المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة والأردن، بهدف بناء الدعم لـ«استقرار سوريا وأمنها وانتعاشها الاقتصادي وبناء شراكات متميزة».

6 نقاط

وعدّد بيدرسن ست نقاط رئيسة، أولها: «مواصلة السلطات المؤقتة العمل على هيكلة وتعزيز سلطتها». وأشار في الثانية إلى «علامات على عدم الاستقرار داخل المناطق الخاضعة لسيطرة السلطات المؤقتة»، بما في ذلك «تقارير متعددة عن حوادث عنف - في المنطقة الساحلية وحمص وحماة على وجه الخصوص - بما في ذلك روايات عن المعاملة المهينة والمذلة»، فضلاً عن «مقاطع فيديو لما يبدو أنها انتهاكات أو عمليات قتل خارج نطاق القضاء لمسؤولين من النظام السابق». وتتعلق الثالثة بوجود «مناطق كبيرة خارج سيطرة السلطات المؤقتة»، إذ «يستمر الصراع» وسط «تهديدات حقيقية لسيادة سوريا ووحدتها وسلامة أراضيها». وأوضح أنه «لا تزال مناطق الشمال الشرقي، وكذلك أجزاء من مدينة حلب، تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب» في ظل «اشتباكات وتبادل لإطلاق النار بالمدفعية بين قوات سوريا الديمقراطية وقوات الجيش الوطني السوري على وجه الخصوص». وحض على «تطوير كل قنوات الحوار ودعمها، كما حض كل الأطراف على إيجاد طريق للمضي قدماً من دون مواجهة عسكرية». وعبّر عن «قلق عميق إزاء استمرار الوجود العسكري الإسرائيلي والنشاط العسكري، بما في ذلك خارج منطقة الفصل، في انتهاك لاتفاق فك الارتباط لعام 1974»، مضيفاً أنه «لا بد من وقف الهجمات على سيادة سوريا وسلامة أراضيها». وشدّد على أن «(داعش) لا يزال يشكل قلقا كبيرا، مع استمرار نشاطاته، والمخاوف من أنه قد يسعى إلى الاستفادة من التقلبات الأمنية في بعض المناطق».

وإذ ركز في النقطة الرابعة على الحاجات الإنسانية الملحة للشعب السوري، أكد في الخامسة أن «الطريق إلى الأمام في الانتقال السياسي غير واضح»، علماً بأن «هناك عناصر إيجابية يمكن البناء عليها، ولكن هناك أيضاً عدة نقاط مثيرة للقلق يعبر عنها السوريون»، بما في ذلك «التعبير عن المواقف بشأن طبيعة الدولة قبل العملية الدستورية، أو إصدار قرارات سياسية طويلة الأجل فيما يتعلق بقطاع الأمن، أو في مجالات مثل التعليم». وقال: «تلقى بعض السوريين إشارات إيجابية من السلطات المؤقتة، خصوصاً من حيث التأكيد على الشمولية والحاجة إلى إشراك طيف واسع من السوريين في تشكيل المرحلة الانتقالية (...) وفي الوقت ذاته، سمعنا مخاوف بشأن الافتقار إلى الشفافية حول التوقيت والإطار والأهداف والإجراءات في أي مؤتمر للحوار الوطني - وكذلك المشاركة، من حيث معايير الحضور وتوازن التمثيل».

وأكد في النقطة السادسة أنه «مستعد للعمل مع السلطات المؤقتة بشأن كيفية تطوير الأفكار والخطوات الناشئة والمهمة التي تم التعبير عنها حتى الآن والمبادرة بها نحو انتقال سياسي موثوق وشامل»، طبقاً للمبادئ المنصوص عليها في القرار «2254». ومع ذلك، أشار إلى أن «السلطات السورية المؤقتة أبدت تحفظات بشأن استمرار أهمية القرار (2254)»، داعية إلى مراجعته. وأكد أنه «شجع السلطات المؤقتة على الانخراط في حوار بشأن مخاوفها»، محذراً من أن «الفشل في تحقيق انتقال شامل قد يؤدي مرة أخرى إلى اضطرابات مدنية».

الدعم المطلوب

أما فليتشر، فقدّم لمحة عامة عن الوضع الإنساني الصعب في البلاد، والجهود التي تبذلها الوكالات الإنسانية لتوصيل المساعدات في كل أنحاء البلاد. وقال إن الوضع الإنساني في سوريا «لا يزال مأسوياً» رغم الاستقرار النسبي في الأسابيع الأخيرة. وأضاف أن «الخدمات الأساسية تحتاج إلى إعادة البناء، ويحتاج المدنيون إلى الحماية، وتواجه النساء والفتيات التهميش». وأكد أن «حماية المدنيين أمر بالغ الأهمية، مع نزوح أكثر من 620 ألف شخص، ويواجه الكثير منهم ظروف الشتاء القاسية».

وطلب فليتشر من مجلس الأمن «دعم الضمانات باحترام القانون الإنساني الدولي، وتمكين المنظمات الإنسانية من العمل بحرية»، فضلاً عن «زيادة التمويل للدعم الأطول أمداً»، و«ضمان تدفق الدعم بكفاءة إلى داخل سوريا ومن خلالها، مع عدم إعاقة العقوبات للمساعدات الإنسانية والدعم من البلدان المجاورة».

مواقف الأعضاء

وعبّر أعضاء المجلس عن دعمهم لجهود بيدرسن، ودور الأمم المتحدة في «تيسير العملية الانتقالية والمبادئ المنصوص عليها في القرار (2254)». وتحدث بعضهم عن القلق من استمرار الأعمال العدائية في بعض أجزاء البلاد، خصوصاً الشمال، داعين إلى معالجة التوترات بين الفصائل العسكرية المختلفة، والحفاظ على الهدوء، والاتفاق على وقف النار على مستوى البلاد، فضلاً عن حماية المدنيين، بما في ذلك الأقليات الدينية والعرقية، في ظل «تقارير مقلقة» عن عمليات قتل خارج نطاق القضاء وأعمال انتقامية.

وسلط أعضاء مجلس الأمن الضوء أيضاً على أهمية مكافحة الإرهاب في سوريا، والحاجة إلى منع «داعش» والجماعات الإرهابية الأخرى من إعادة بناء قدراتها. وطالب البعض بـ«احترام سيادة سوريا وسلامة أراضيها»، مندداً بالغارات الجوية الإسرائيلية المتواصلة.