روب مالي: سننظر في الخيار العسكري إذا فشلت الدبلوماسية مع إيران

أكد دعم المظاهرات وحمّل النظام الإيراني مسؤولية قتل المتظاهرين

المبعوث الأميركي الخاص بإيران روبرت مالي في إحاطة لمجلس الشيوخ (أرشيفية - أ.ف.ب)
المبعوث الأميركي الخاص بإيران روبرت مالي في إحاطة لمجلس الشيوخ (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

روب مالي: سننظر في الخيار العسكري إذا فشلت الدبلوماسية مع إيران

المبعوث الأميركي الخاص بإيران روبرت مالي في إحاطة لمجلس الشيوخ (أرشيفية - أ.ف.ب)
المبعوث الأميركي الخاص بإيران روبرت مالي في إحاطة لمجلس الشيوخ (أرشيفية - أ.ف.ب)

وجه المبعوث الأميركي لإيران روبرت مالي رسالة تهديد لإيران، ملوحاً بالخيار العسكري - إذا تطلب الأمر - لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، مؤكداً في الوقت نفسه دعم الإدارة الأميركية للمتظاهرين الإيرانيين.
وقال مالي، في ندوة صباح الاثنين لمعهد كارنيغي، أدارها السياسي المخضرم آرون ديفيد ميللر، إن إدارة الرئيس بايدن ملتزمة بالدبلوماسية كطريقة مُثلى لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، قائلاً إن امتلاك إيران لسلاح نووي سيجعل العالم بأسره غير آمن، وسيجعل أمن الولايات المتحدة أكثر تعرضاً للخطر.
وأوضح أن الإدارة الأميركية تمتلك أدوات كثيرة منها أدوات ضغط وأدوات عقابية. وقال: «إذا فشلت كل الوسائل والأدوات فإن الملاذ الأخير، الخيار العسكري، سيكون مطروحاً بوضوح شديد على الطاولة إذا كان هذا هو ما يتطلبه الأمر لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي».
وقدم مالي شرحاً لأربع ركائز أساسية في الاستراتيجية الأميركية تجاه إيران، وقال: «استراتيجيتنا تقوم على: أولاً محاولة إعادة تشكيل تحالف مع حلفائنا المقربين وحلفائنا الأوروبيين لا سيما بعد انسحاب الرئيس ترمب من الصفقة النووية عام 2018، حينها قامت الدول الأوروبية بانتقاد سياستنا تجاه إيران أكثر من انتقاد إيران نفسها».
وقال: «لدينا موقف أميركي أوروبي موحد بشأن إيران وبشأن دعم إيران للعدوان الروسي في أوكرانيا، وموقف موحد بشأن دعم الشعب إيراني في مواجهة عنف النظام». وأضاف: «أعتقد أننا نجحنا في أمر بالغ الأهمية وهو تشكيل جبهة مشتركة للرد على أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار أو انتهاكات حقوق الإنسان أو ضد برنامجها النووي».
أما عن العنصر الثاني من الاستراتيجية الأميركية، فشدد مالي على أنه منع إيران من امتلاك سلاح نووي. وقال: «قدم الرئيس بايدن التزاماً واضحاً بأنه لن يسمح لإيران بامتلاك أسلحة نووية ونستخدم العديد من الأدوات ونتشارك في هذه الرؤية مع الحكومة الإسرائيلية وأطراف أخرى، والذين يرون أنه لا يوجد حل دائم طويل الأجل سوى الحل الدبلوماسي، والدبلوماسية هي الطريقة الأمثل لحل هذه القضية، لكن إذا فشلت الدبلوماسية وجميع الأدوات الأخرى فإن الحل العسكري مطروح على الطاولة».
والعنصر الثالث في الاستراتيجية، بحسب مالي، هو ردع أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار وخططها لنشر طائرات بدون طيار وصواريخ باليستية والتدخل في شؤون الدول وشن هجمات على جيرانها، وقال: «بذل كل الجهود مع شركائنا وحلفائنا لمكافحة هذه الأنشطة سواء من خلال العقوبات أو من خلال تشديد وتقوية دفاعات حلفائنا» وأضاف: «هذه ركيزة قوية جداً من ركائز سياستنا التي حققنا فيها تقدماً حقيقياً».
وقال مالي إن «العنصر الرابع يتمثل في الدفاع عن حقوق الإنسان في كل العالم وأيضاً في إيران، وقد أصدرنا العديد من الانتقادات منذ اندلاع الاحتجاجات في إيران وحث الدول الأخرى في الاتحاد للدفاع عن حقوق الإنسان في إيران، ونحن أوفياء بهذا الالتزام والتأكد من تحرير الرهائن الثلاثة المتبقين في إيران وعودتهم إلى الوطن». وانتقد مالي أسلوب إيران في اعتقال رهائن أميركيين مزدوجي الجنسية، وقال: «هذه ممارسة شائبة تتبعها الحكومة الإيرانية في استخدام رهائن مزدوجي الجنسية كبيادق».
*ضربة عسكرية
وسأل آرون ديفيد ميللر ما إذا كان الاتفاق النووي لعام 2015، الذي تم تصميمه لتقييد برنامج إيران النووي، يفترض احتمالات توجيه ضربة أميركية بعد فترة زمنية معينة إذا قامت إيران مثلاً بالعودة إلى التخصيب أو إنتاج سلاح نووي بالفعل؟ قال روب مالي: «ما زلنا نحاول بذل ما في وسعنا لمنع إيران من حيازة سلاح نووي، ومرة أخرى نقول إننا نفضل الدبلوماسية واستخدام أدوات الضغط والعقوبات، لكن أيضاً مع إبقاء جميع الخيارات على الطاولة في حال فشل الدبلوماسية. وليس صحيحاً أننا تركنا الخيار العسكري بعيداً في سعينا للتوصل إلى اتفاق دبلوماسي».
وأضاف في السياق نفسه: «قد قرر الرئيس بايدن استخدام القوة العسكرية مرتين على الأقل ضد الميليشيات التابعة لإيران في سوريا، وستعمل القوات الأميركية على الدفاع عن مصالحنا وعن استقرار المنطقة بغض النظر عن مصير الصفقة النووية، وسنرى ما سيحدث للاتفاق النووي».
وحذر مالي إيران من مواصلة أنشطتها المزعزعة للاستقرار ومواصلة دعمها للجماعات الإرهابية وتطوير صواريخها الباليستية وقمع شعبها واستهداف الأميركيين بينما تدعي الحرص على التفاوض على اتفاق نووي.
وحول الانتقادات الواسعة التي أثيرت ضد مالي باعتباره المسؤول عن صياغة وتنفيذ سياسات الولايات المتحدة تجاه إيران والفشل في التوصل إلى اتفاق للتعامل بشكل حقيقي مع البرنامج النووي الإيراني إضافة إلى إرسال إيران لطائرات بدون طيار إلى روسيا واستمرار المظاهرات دون تحرك قوي من الولايات المتحدة، سأل آرون ديفيد ميللر، المبعوث الأميركي، قائلاً: هل ترى أن هذا الانتقاد عادل وهل يمكن مواجهة حقيقة أن إيران على عتبة أن تصبح دولة نووية إذا لم يتم تجديد ما يتعلق بمسألة غروب الشمس أو متابعة التفاوض عليه؟، وأجاب مالي أن «الانتقاد هو جزء من العمل في تقديم السياسات»، مشيراً إلى أن «الانتقادات ركزت على المحادثات في فيينا حول إحياء الاتفاق وليس انتقادات للاتفاق النووي، وربما لم نقم بشرح السياسات أو تقديمها بشكل كامل».
*دعم الاحتجاجات
وحول مطالب تغيير النظام التي يرفعها المتظاهرون في إيران، قال مالي: «إننا ندعم تطلعات الشعب الإيراني، لكن مستقبل هذه الحركة وهذه التظاهرات أمر يقرره الشعب الإيراني وليس الولايات المتحدة أو أي دولة أخرى، وما يمكن فعله هو أربعة أشياء فقط: أولاً دعمنا للحقوق الأساسية للشعب الإيراني، وتوحيد جهد دولي متعدد الأطراف لإدانة عنف النظام، والتأكد من أن العالم يعرف ويري تصرفات النظام الإيراني وعنفه تجاه المتظاهرين السلميين، وتسليط الضوء على ما يحدث في إيران عبر الإنترنت، والتأكد من محاسبة المسؤولين وإخضاعهم للمساءلة».
ووصف مالي مساندة إيران لروسيا وإمداد القوات الروسية بطائرات مقاتلة بدون طيار لقتل الأوكرانيين بأنها «رهان خاسر سيدفع العالم إلى عزل إيران دولياً»، ملوحاً بإمكانية فرض عقوبات لوقف هذه الإمدادات العسكرية الإيرانية لروسيا.
واعتذر مالي عن تغريدة نشرها وانزعج منها المتظاهرون، وقال: «أنا أتحمل المسؤولية عن هذا الخطأ الذي يقلل من مطالب المحتجين»، وأشاد مالي بقيادة النساء والفتيات لهذه المظاهرات التي تجتاح كل مدن إيران منذ أكثر من ستة أسابيع ووصفها بأنها «حركة شعبية مدهشة وشجاعة»، مشدداً على أن «المتظاهرين يعبرون عن مطالبهم وتطلعاتهم».
وقال مالي: «ما يجب أن نفعله كحكومة الولايات المتحدة وما نفعله بالفعل هو دعم الحقوق الأساسية للإيرانيين، واتخاذ الإجراءات لتحميل النظام المسؤولية، والتأكد من قدرة الإيرانيين على الاستمرار في التعبير عن أنفسهم، والتواصل مع العالم الخارجي».


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية إيران تحتجز ناقلة نفط ثانية

إيران تحتجز ناقلة نفط ثانية

احتجز «الحرس الثوري» الإيراني، أمس، ناقلة نقط في مضيق هرمز في ثاني حادث من نوعه في غضون أسبوع، في أحدث فصول التصعيد من عمليات الاحتجاز أو الهجمات على سفن تجارية في مياه الخليج، منذ عام 2019. وقال الأسطول الخامس الأميركي إنَّ زوارق تابعة لـ«الحرس الثوري» اقتادت ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما إلى ميناء بندر عباس بعد احتجازها، في مضيق هرمز فجر أمس، حين كانت متَّجهة من دبي إلى ميناء الفجيرة الإماراتي قبالة خليج عُمان. وفي أول رد فعل إيراني، قالت وكالة «ميزان» للأنباء التابعة للسلطة القضائية إنَّ المدعي العام في طهران أعلن أنَّ «احتجاز ناقلة النفط كان بأمر قضائي عقب شكوى من مدعٍ». وجاءت الو

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)

الأسباب التي تدفع إسرائيل لإبعاد فرنسا من لجنة الإشراف على وقف النار مع «حزب الله»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)
TT

الأسباب التي تدفع إسرائيل لإبعاد فرنسا من لجنة الإشراف على وقف النار مع «حزب الله»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)

لم تعلق فرنسا رسمياً على المعلومات الواردة من إسرائيل والتي تفيد بأن الطرف الإسرائيلي نقل إلى المبعوث الأميركي آموس هوكستين رفضه مشاركة فرنسا في اللجنة الدولية المطروح تشكيلها، بمشاركة الولايات المتحدة وفرنسا، للإشراف على تنفيذ القرار الدولي رقم 1701 الذي يعد حجر الأساس لوقف الحرب الدائرة بين إسرائيل و«حزب الله»، كما رفضها الربط بين وقف النار وإيجاد حلول للمشاكل الحدودية بينها وبين لبنان، إن بالنسبة للنقاط الخلافية المتبقية على «الخط الأزرق» أو بالنسبة لمزارع شبعا وكفرشوبا وقرية الغجر.

 

ماذا يريد نتنياهو؟

 

وجاء رفض تل أبيب بحجة أن باريس تنهج «سياسة عدائية» تجاهها، في الإشارة إلى التوتر الذي قام بين الطرفين منذ سبتمبر (أيلول) الماضي وكانت قمته دعوة الرئيس ماكرون إلى وقف تزويد إسرائيل بالسلاح، لكونه «الوسيلة الوحيدة لوقف الحرب»، ما عدّه رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو «عاراً» على فرنسا، كما حال اعتبار ماكرون أن ما تقوم به إسرائيل في غزة «مجازر». وجاء قرار الحكومة الفرنسية، مرتين، بمنع شركات دفاعية إسرائيلية من المشاركة بمعداتها في معرضين دفاعيين ثانيهما الشهر الماضي، ليزيد من التوتر الذي تفاقم مع التصرف «الاستفزازي» لعناصر أمن إسرائيليين بمناسبة زيارة وزير الخارجية جان نويل بارو لإسرائيل الأخيرة، وما تبعه من استدعاء السفير الإسرائيلي في باريس للاحتجاج رسمياً على ما حصل.

بيد أن ماكرون سعى لترطيب الأجواء مع نتنياهو من خلال إرسال إشارات إيجابية؛ منها الإعراب عن «تضامنه» مع إسرائيل بسبب ما تعرض له فريقها الرياضي في أمستردام، وحرصه لاحقاً على حضور مباراة كرة القدم بين فريقهما. كذلك لم توقف باريس تصدير مكونات عسكرية لإسرائيل بوصفها «دفاعية»، وتستخدم في إنشاء وتشغيل «القبة الحديدية» المضادة للصواريخ. كذلك، سمحت مديرية الشرطة، الأسبوع الماضي، بقيام مظاهرة أو تجمع في باريس بدعوة من مجموعات يهودية متطرفة منها. وبالتوازي مع المظاهرة، حصل احتفال ضم شخصيات يهودية من كثير من البلدان تحت عنوان «إسرائيل إلى الأبد»، وذلك رغم المطالبات بمنعها.

بيد أن ذلك كله لم يكن كافياً بنظر نتنياهو. وقال سفير فرنسي سابق لـ«الشرق الأوسط»، إن نتنياهو «وجد فرصة فريدة لإحراج فرنسا، لا بل الحط من قيمتها ومن دورها، وذلك برفض حضورها في اللجنة». ويضيف المصدر المذكور أن باريس «تتمتع بالشرعية الأهم والأقوى» لتكون طرفاً فاعلاً في اللجنة، باعتبار أن جنودها موجودون في لبنان منذ عام 1978، وأنها صاحبة فكرة إنشاء «اللجنة الرباعية» في عام 1996، التي أنهت آنذاك الحرب بين إسرائيل و«حزب الله»، حيث لعب وزير الخارجية الأسبق هيرفيه دو شاريت الدور الأكبر في وقفها. ويذكر المصدر أخيراً أن باريس قدمت مشروعاً لوقف الحرب، منذ بداية العام الحالي بالتوازي مع الجهود التي بذلها هوكستين، وما زال، وأن التنسيق بين الطرفين «متواصل». وأعاد المصدر إلى الأذهان أن ماكرون والرئيس بايدن أطلقا، منذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وعلى هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، مبادرة مشتركة لوقف إطلاق النار والخوض في مباحثات لاحقة لتسوية الخلافات القائمة بين لبنان وإسرائيل والعودة إلى العمل جدياً بالقرار الدولي رقم 1701. ولاكتمال الصورة، تتعين الإشارة إلى أن «حزب الله» رفض مشاركة ألمانيا وبريطانيا، علماً بأن الأولى موجودة داخل «اليونيفيل»، لا بل إنها تشرف على قوتها البحرية، ما قد يدفع إلى اعتبار أن نتنياهو رفع «البطاقة الحمراء» بوجه فرنسا، ليبين من جهة حنقه، ومن جهة ثانية قدرته التعطيلية.

 

أوراق الرد الفرنسية

واضح أن رفض باريس من شأنه أن يشكل عقبة إضافية على طريق الحل، خصوصاً أن لبنان سيكون، بلا شك، متمسكاً بحضور باريس في اللجنة وهي الجهة التي يرتاح لها، ولكونها المتفهمة لمواقف الطرف اللبناني. لكن السؤال الحقيقي المطروح يتناول الهدف أو الأهداف الحقيقية لإسرائيل. وفي هذا السياق، ترى مصادر سياسية في باريس أن لنتنياهو عدة أغراض أساسية؛ أولها الإمساك بذريعة من شأنها تأخير الاتفاق وإعطائه الوقت الإضافي لمواصلة حربه على لبنان، والاقتراب أكثر فأكثر من تحقيق أهدافه وأولها مزيد من إضعاف «حزب الله»، واستمرار الضغط على السلطات اللبنانية للخضوع لمطالبه. أما الغرض الآخر فعنوانه «تدفيع ماكرون ثمناً سياسياً» لقبول بلاده في اللجنة، إذ سيكون على فرنسا أن «تستأذن» إسرائيل، وربما دفع باريس إلى تعديل بعض جوانب سياستها إزاء إسرائيل.

وبانتظار أن يرد رد فرنسي رسمي على البادرة العدائية الإسرائيلية، فإن من الواضح أن لفرنسا القدرة على اتخاذ تدابير «مزعجة» لإسرائيل في حال «توافرت الإرادة السياسية»، وفق ما يقوله مسؤول سابق. وتشمل مروحة الردود الجانبين الثنائي والجماعي الأوروبي. في الجانب الأول، يمكن لباريس أن توقف مبيعاتها العسكرية، رغم قلتها، إلى إسرائيل، أو أن تعمد إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية على غرار ما فعلته دول أوروبية أخرى، مثل إسبانيا وسلوفينيا وآيرلندا. وبمستطاع فرنسا أن تعبر عن موقف مماثل لموقف هولندا إزاء القرار الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية بالقبض على نتنياهو، وعلى وزير الدفاع السابق يوآف غالانت، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة.

وحتى اليوم، بدت ردة فعل باريس «باهتة» و«غامضة» فهي «أخذت علماً» بقرار المحكمة، وهي تؤكد تمسكها بعملها المستقل وفق أحكام نظام روما الأساسي، فضلاً عن ذلك، بإمكان باريس أن تلجأ إلى لغة دبلوماسية أكثر حزماً في إدانة الممارسات الإسرائيلية بغزة والضفة الغربية ولبنان، بما في ذلك استهداف المواقع الأثرية. وبالتوازي، يقول المسؤول السابق إنه «لا يمكن إغفال ما تستطيعه باريس على المستوى الأوروبي» مثل الدفع لوقف الحوار السياسي مع تل أبيب، أو لاتخاذ تدابير إضافية ضد الصادرات الإسرائيلية من المستوطنات في الضفة الغربية وتركيز الأضواء، مع آخرين على حل الدولتين.