شتاء قاسٍ ينتظر السوريين: ارتفاع أسعار الملابس والمدافئ

صورة تم تداولها على مواقع التواصل لطوابير الخبز في دمشق
صورة تم تداولها على مواقع التواصل لطوابير الخبز في دمشق
TT

شتاء قاسٍ ينتظر السوريين: ارتفاع أسعار الملابس والمدافئ

صورة تم تداولها على مواقع التواصل لطوابير الخبز في دمشق
صورة تم تداولها على مواقع التواصل لطوابير الخبز في دمشق

على أبواب فصل الشتاء تجددت مخاوف السوريين من فصل جديد قاسٍ، فبعد صيف حار افتقدوا فيه إلى وسائل التبريد بسبب شح الكهرباء ومواد الطاقة وأزمة مياه الشرب النظيفة، يستعدون لشتاء أكثر برودة من سابقه، مع استمرار الأزمات المعيشية وارتفاع الأسعار.
وسجلت أسواق الملابس الشتوية ارتفاعاً تجاوز نسبة 100 في المائة، مقارنة بالعام الماضي، وكان صناعيون في قطاع النسيج قد تحدثوا في وقت سابق عن ارتفاع في الأسعار بنسبة 40 في المائة هذا الموسم، بسبب صعوبة استيراد الأقمشة وارتفاع أسعار المواد الأولية ومستلزمات الإنتاج وارتفاع أسعار الطاقة وأجور النقل.
سيدة دمشقية قالت لـ«الشرق الأوسط» إنها لم تستطع شراء جاكيت شتوي هذا العام من سوق الألبسة المستعملة لأن أبسط جاكيت سعره خمسون ألف ليرة، بينما الجاكيت الأفضل جودة بسبعين ألفاً، مشيرة إلى أن سعر الجاكيت المستعمل العام الماضي كان يتراوح بين 20 ألف و25 ألف ليرة. أما بالنسبة للألبسة الصناعة المحلية فأكدت: «أنا بغنى عن وجع القلب ثمن أي قطعة تفوق راتبي الشهري».
وخلال جولة على المحلات في العاصمة دمشق، فإن أسعار الجاكيتات الشتوية تتراوح بين 250 - 500 ألف ليرة، البنطلون بين 40 - 100 ألف، الكنزة الصوف 100 - 150 ألف، الجوارب أربعة - ستة آلاف ليرة، الملابس الداخلية القطنية الشتوية 40 ألف ليرة، القبعة الشتوية 30 ألف ليرة... إلخ.
وتعد هذه الأرقام فلكية قياساً إلى متوسط رواتب العاملين في الدولة الذي يتراوح بين 100 - 300 ألف ليرة، وفي القطاع الخاص قد يصل إلى 500 ألف ليرة (الدولار يعادل خمسة آلاف ليرة تقريباً).
ومن المفارقات العجيبة التي يشهدها الواقع السوري اليومية، أن تقوم مديرية الزراعة في محافظة حماة بتقديم لنحو 2500 عامل وعاملة من مختلف الفئات، بطاقة (كسوة عمالية شتوية) بقيمة تتراوح بين (1200 - 2500) ليرة، أي أقل من نصف دولار، وذلك لشراء مريول أو جزمة، تصرف حصراً من الشركة العامة للألبسة الجاهزة.
وقالت جريدة «الوطن» المحلية المقربة من النظام، إن العمال الذين حصلوا على البطاقة عبروا عن استيائهم من قيمتها «المعيبة» ونقلت عن بعضهم القول، بأنهم بهذا المبلغ لا يمكنهم شراء «فردة» جرابات واحدة، فكيف سيشترون «جزمة ومريولاً»؟. بل إن هذا المبلغ لا يغطي أجور المواصلات إلى الشركة العامة للألبسة الجاهزة وسط مدينة حماة. وأوضحت جريدة الوطن أن وزير الزراعة حسان قطنا، رد منح بطاقات بهذه القيمة المتدنية للعمال بأن «الصرف بحجم الاعتماد المرصود».
ويتسبب ارتفاع الأسعار في تعميق معاناة السوريين، لا سيما تأمين وسائل التدفئة المنزلية، فالحصص من المازوت المدعوم (سعر اللتر 520 ليرة) حددتها الحكومة للعائلة، بمائة لتر على دفعتين، و200 لتر بسعر حر (2500 ليرة للتر)، في الوقت الذي يبلغ الحد الأدنى لاحتياج العائلة خلال أربعة أشهر باردة 400 لتر مازوت، لتشغيل المدفئة ست ساعات فقط من أصل 24 ساعة باردة. ومن استطاع الحصول على المازوت من السوق السوداء، لن ترحمه الأسعار التي ترتفع طرداً مع اشتداد البرد، لتتجاوز 8 آلاف ليرة للتر الواحد.
يشار إلى أن ارتفاع تكاليف التدفئة أدت إلى تراجع شراء المدافئ بنسبة تتجاوز 50 في المائة، بحسب مصادر في السوق قالت: «نحن في طريقنا للاستغناء عن المدافئ التقليدية والاكتفاء الذاتي بحرارة الجسم»، وذلك رغم طرح الصناعيين في السوق المحلية مدافئ بديل المازوت، تعمل على الحطب والكحول وقشور الفستق، والتي هي أيضاً منهكة مادياً. فسعر مدافئ الحطب يبدأ من مائة ألف ليصل إلى المليونين حسب الحجم والجودة، وسعر طن الحطب يتجاوز المليون ليرة، ويحتاج فصل الشتاء إلى ثلاثة أطنان كحد أدنى. عدا عن تكاليف تجهيز مدخنة ملائمة، ومكان يتسع لتخزين الحطب.
أبو خالد عامل من ريف دمشق لديه أسرة من خمسة أشخاص، يقول أنه يحاول تقنين مخصصاته من المازوت بأن «نشعل مدفئة المازوت في الأيام الباردة جداً»، وباقي الأيام «كل شخص من العائلة لديه قنينة ماء ساخن يحضنها تجت جوز من الحرامات... يمشي الحال».
ورغم مرور نحو الشهر على بدء توزيع أول دفعة من المازوت المدعوم، لم تصل نسبة التوزيع إلى 25 في المائة من الأسر المسجلة، والعام الماضي لم تحصل مئات الأسر على مخصصاتها كاملة سواء المدعوم أو الحر.


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

أطلق الأردن سلسلة اتصالات مع دول عربية غداة استضافته اجتماعاً لبحث مسألة احتمالات عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ومشاركتها في القمة المقبلة المقرر عقدها في المملكة العربية السعودية هذا الشهر. وقالت مصادر أردنية لـ«الشرق الأوسط»، إن اجتماع عمّان التشاوري الذي عُقد (الاثنين) بحضور وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن وسوريا، ناقش احتمالات التصويت على قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية ضمن أنظمة الجامعة وآليات اعتماد القرارات فيها. وفي حين أن قرار عودة سوريا إلى الجامعة ليس مقتصراً على الاجتماعات التشاورية التي يعقدها وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن، فإن المصادر لا تستبعد اتفاق

شؤون إقليمية الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

بدأ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أمس (الأربعاء) زيارة لدمشق تدوم يومين واستهلها بجولة محادثات مع نظيره السوري بشار الأسد تناولت تعزيز العلاقات المتينة أصلاً بين البلدين. وفيما تحدث رئيسي عن «انتصارات كبيرة» حققتها سوريا، أشار الأسد إلى أن إيران وقفت إلى جانب الحكومة السورية مثلما وقفت هذه الأخيرة إلى جانب إيران في حرب السنوات الثماني مع إيران في ثمانينات القرن الماضي. ووقع الأسد ورئيسي في نهاية محادثاتهما أمس «مذكرة تفاهم لخطة التعاون الاستراتيجي الشامل الطويل الأمد». وزيارة رئيسي لدمشق هي الأولى التي يقوم بها رئيس إيراني منذ 13 سنة عندما زارها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».