جيل سوري جديد... أكثر من مليون طفل ولدوا في المنفى

لاجئات سوريات في العيادة التي يديرها صندوق الأمم المتحدة للسكان في مخيم الزعتري، في 17 أكتوبر الحالي (أ.ف.ب)
لاجئات سوريات في العيادة التي يديرها صندوق الأمم المتحدة للسكان في مخيم الزعتري، في 17 أكتوبر الحالي (أ.ف.ب)
TT

جيل سوري جديد... أكثر من مليون طفل ولدوا في المنفى

لاجئات سوريات في العيادة التي يديرها صندوق الأمم المتحدة للسكان في مخيم الزعتري، في 17 أكتوبر الحالي (أ.ف.ب)
لاجئات سوريات في العيادة التي يديرها صندوق الأمم المتحدة للسكان في مخيم الزعتري، في 17 أكتوبر الحالي (أ.ف.ب)

بعد أكثر من عشر سنوات على اندلاع النزاع في بلدها سوريا عام 2011، تنتظر هديل ولادة طفلها الثالث في مخيم الزعتري للاجئين السوريين في الأردن ليكون واحداً بين أكثر من مليون طفل سوري وُلدوا في المنفى منذ بداية الأزمة.
وصلت هديل (وهو اسم مستعار) (25 عاماً) إلى المخيم الذي يأوي اليوم نحو ثمانين ألف لاجئ نصفهم أطفال، قبل عشر سنوات من محافظة درعا، مهد الثورة السورية التي قامت ضد النظام قبل أن تتحول نزاعاً دامياً، برفقة عائلتها، وتزوجت في المخيم من لاجئ سوري، ورزقت منه بطفلين يبلغان ست سنوات وسبعاً.
وتقول المرأة الحامل في شهرها السادس، التي حضرت إلى عيادة داخل المخيم لإجراء فحوصات دورية، لوكالة «الصحافة الفرنسية»: «كنت آمل أن أكون في بيتي، في بلدي، لكن شاءت الأقدار أن أكون هنا، وأن أتزوّج هنا، وأن ألد أطفالي هنا بعيداً عن بلدي».
وفق أرقام الأمم المتحدة، هناك اليوم أكثر من 5.6 مليون لاجئ سوري مسجلين في تركيا ولبنان والأردن ومصر والعراق، بينهم 675 ألفاً في الأردن، لكن السلطات الأردنية تقدّر العدد بـ1.3 مليون.
- «أين هي سوريا»؟
وتقول المرأة التي ارتدت حجاباً أسود وثوباً بنياً غامقاً: «طفلاي كبرا وصارا يسألانني عندما يسمعانني أتحدث عن سوريا: ماما أين هي سوريا؟ ولم نحن نعيش في هذا المكان؟».
وتتابع بنبرة حزينة: «أحاول أن أشرح لهما أن هذا المكان ليس بلدنا، نحن لاجئون، بلدنا هناك في سوريا، لكنهما لا يزالان صغيرين، ويصعب عليهما فهم كلامي هذا».
وفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يبلغ عدد الأطفال السوريين المولودين لاجئينَ في الأردن، 168500 منذ العام 2014، في حين أن هناك أكثر من مليون طفل سوري ولدوا في المنفى، ويواجه الكثير منهم حياة يغلب عليها الفقر وعدم الاستقرار، وتنتشر فيها عمالة الأطفال والزواج المبكر، إضافة إلى أن فرص حصولهم على التعليم غير مضمونة.
في الزعتري، يعيش الأطفال في ظروف صحية صعبة في بيوت متنقلة (25 ألف كرفان) غالباً، في منطقة صحراوية مزدحمة تنتشر فيها عربات تجرها الحمير ودراجات هوائية، وتبعد نحو 20 كيلومتراً عن الحدود السورية.
وتقول هديل: «قبل ثلاثة أشهر، قرّر ابن عمي العودة إلى درعا بعد أن ضاق ذرعاً بهذا المكان، غادر وترك خلفه زوجته وأطفاله الخمسة في المخيم، ذهب ليستطلع الوضع. بعد أقلّ من شهر، سمعنا أنه قتل من دون أن نعرف الأسباب».
تضيف: «الوضع الأمني يجعلنا نفكّر ألف مرة قبل العودة».
في قسم الولادات في العيادة التي يديرها صندوق الأمم المتحدة للسكان، والذي علقت على جدرانه لافتات تشجع النساء على الرضاعة الطبيعية، تجول القابلة أمون مصطفى (58 عاماً) على خمس نساء ولدن أطفالهن في يوم زيارة «الصحافة الفرنسية» إلى المكان.
وتقول مصطفى، التي تعمل في العيادة منذ افتتاح المخيم في عام 2012: «نقوم بتوليد ما بين خمس إلى عشر نساء كل يوم. مع ولادات اليوم، أصبح مجموع الولادات في العيادة 15 ألفاً و963. انظروا، لقد دونت الرقم على راحة يدي».
وتضيف وقد علت شفتاها ابتسامة: «أنا أعرف أغلب نساء المخيم وأطفالهن... إحداهن ولدت أربعة أطفال في المخيم، وأخرى ولدت خمسة في المخيم، وثالثة ولدت توأمين».
ويعمل في العيادة أربعة أطباء و21 قابلة وسبع ممرضات واختصاصيو مختبر وصيدلانيون، وتوجد في المخيم ثلاث عيادات أخرى. وتسعى العيادة، بالإضافة إلى تقديم العلاج والخدمات الصحية، إلى نشر التوعية في مجال تنظيم الأسرة.
- «نعمة من الله»
تقول مصطفى: «بصراحة، نحن نحاول أن نتكلّم مع النساء عن ضرورة أخذ موانع الحمل وتنظيم أسرهن، فنحن نوفر لهن كلّ شيء مجاناً، ولكن هناك من يعترض ويقول: نحن ننظّم حياتنا بأنفسنا، أو زوجي يحبّ الأطفال ولا يريد موانع الحمل».
وتقول مديرة العيادة غادة السعد إن العيادة التي تضم كادراً طبياً مؤلفاً من 60 شخصاً «تعمل 24 ساعة في اليوم، سبعة أيام في الأسبوع».
في صالة الولادات، جلست نغم الشقران (20 عاماً) إلى جانب طفلها الحديث الولادة زيد الذي كان غارقاً في نوم عميق.
وتقول الشابة الهزيلة بصوت خافت: «هذا طفلي الأول، أشعر بسعادة ومسؤولية في الوقت نفسه»، متحسرة أيضاً على عدم القدرة على أن تعيش العائلة في بلدها.
وتضيف المرأة التي تعيش مع زوجها وعائلتيهما في المخيم منذ تسع سنوات: «تردّدنا في البداية، ثم قررنا أن نرزق بطفلنا الأول».
في قاعة الانتظار، تقول إيمان ربيع (28 عاماً) الحامل بطفلها الرابع: «الأطفال نعمة، ولكنني أتمنى أن يكون هذا آخر حمل لي... ليس بيدي حيلة فزوجي يحب الأطفال».
ويقول الأردن إن كلفة استضافة اللاجئين السوريين على أرضه تتجاوز 12 مليار دولار.
وتسبّب النزاع السوري منذ اندلاعه في مارس ( آذار) 2011 بنحو نصف مليون قتيل، ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.
وتقول ربيع، التي ارتدت حجاباً خمرياً وثوباً أسود طويلاً مطرزاً بورود حمراء وزرقاء، منتظرة طبيبها: «ليس لدينا مكان آخر نذهب إليه غير هذا المكان، بيتنا في درعا دمّرته الحرب. إذا كان يتوجب علينا ترك المخيم والعودة إلى بلدنا، فأنا سأكون آخر من يخرج».


مقالات ذات صلة

لبنان يستأنف تسجيل السوريين الراغبين بالعودة الطوعية

المشرق العربي لبنان يستأنف تسجيل السوريين الراغبين بالعودة الطوعية

لبنان يستأنف تسجيل السوريين الراغبين بالعودة الطوعية

قالت مصادر أمنية في منطقة البقاع اللبناني، أمس لـ«الشرق الأوسط»، إن مكاتب الأمن العام استعادت نشاطها لتسجيل أسماء الراغبين بالعودة، بناء على توجيهات مدير عام الأمن العام بالإنابة العميد إلياس البيسري.

المشرق العربي لبنان يطلق حملة «مسح وطنية» لتعداد النازحين السوريين

لبنان يطلق حملة «مسح وطنية» لتعداد النازحين السوريين

أطلقت وزارة الداخلية اللبنانية حملة مسح وطنية لتعداد وتسجيل النازحين السوريين وتسجيلهم، ضمن إجراءات جديدة لضبط عملهم وتحديد من يوجد في لبنان بصورة قانونية، وذلك في ظل نقاشات سياسية، وضغط أحزاب لبنانية لإعادة النازحين إلى بلادهم. ووجّه وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي، كتاباً إلى المحافظين ومن خلالهم إلى القائمقامين والبلديات والمخاتير في القرى التي لا توجد فيها بلديات ويوجد فيها نازحون سوريون، لإطلاق حملة مسح وطنية لتعداد وتسجيل النازحين السوريين، والقيام بتسجيل كل المقيمين، والطلب إلى المخاتير عدم تنظيم أي معاملة أو إفادة لأي نازح سوري قبل ضم ما يُثبت تسجيله، والتشدد في عدم تأجير أي عقار لأ

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بيروت: لا تسرع في ترحيل السجناء السوريين

بيروت: لا تسرع في ترحيل السجناء السوريين

قال وزير العدل اللبناني هنري الخوري لـ«الشرق الأوسط» إن إعادة السجناء السوريين في لبنان إلى بلدهم «قضية حساسة ولا تعالج بقرار متسرع». ويمكث في السجون اللبنانية 1800 سوري ممن ارتكبوا جرائم جنائية، 82 في المائة منهم لم تستكمل محاكماتهم، فيما وضعت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي خطّة لترحيلهم وكلف الخوري البحث في «إمكانية تسليم الموقوفين والمحكومين للدولة السورية بشكل فوري، مع مراعاة القوانين والاتفاقيات ذات الصلة، والتنسيق بهذا الخصوص مع الدولة السورية». وأكد الخوري أن «كل ملف من ملفات السجناء السوريين يحتاج إلى دراسة قانونية دقيقة (...) إذا ثبت أن ثمة سجناء لديهم ملفات قضائية في سوريا فقد تكون الإجراء

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي «اجتماع عمّان» يبحث عودة اللاجئين السوريين من دول الجوار

«اجتماع عمّان» يبحث عودة اللاجئين السوريين من دول الجوار

بحث اجتماع تشاوري جديد حول سوريا عقد الاثنين في عمّان، بمشاركة وزراء الخارجية السعودي فيصل بن فرحان والعراقي فـؤاد محمد حسين والمصري سامح شكري والأردني أيمن الصفدي والسوري فيصل المقداد، سُبل عودة اللاجئين السوريين من دول الجوار وبسط الدولة السورية سيطرتها على أراضيها. وأكد نائب رئيس الوزراء الأردني وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، أن الاجتماع هو بداية للقاءات ستتابع إجراء محادثات تستهدف الوصول إلى حل الأزمة السورية ينسجم مع قرار مجلس الأمن 2254، ويعالج جميع تبعات الأزمة الإنسانية والسياسية والأمنية. وشدد الوزير الأردني، على أن أولوية إنهاء الأزمة لا تكون إلا عبر حل سياسي يحفظ وحدة سو

المشرق العربي «اجتماع عمّان» التشاوري: العودة الطوعية والآمنة للاجئين السوريين أولوية قصوى

«اجتماع عمّان» التشاوري: العودة الطوعية والآمنة للاجئين السوريين أولوية قصوى

بحث اجتماع تشاوري جديد حول سوريا عقد اليوم (الاثنين)، في عمّان، بمشاركة وزراء خارجية كلّ من السعودية ومصر والأردن والعراق وسوريا، في سُبل عودة اللاجئين السوريين من دول الجوار، وبسط الدولة السورية سيطرتها على أراضيها. ووفقاً لبيان ختامي وزع عقب الاجتماع ونقلته وكالة الصحافة الفرنسية، اتفق المجتمعون على أن «العودة الطوعية والآمنة للاجئين (السوريين) إلى بلدهم أولوية قصوى، ويجب اتخاذ الخطوات اللازمة للبدء في تنفيذها فوراً». وحضّوا على تعزيز التعاون بين سوريا والدول المضيفة للاجئين بالتنسيق مع الأمم المتحدة لـ«تنظيم عمليات عودة طوعية وآمنة للاجئين وإنهاء معاناتهم، وفق إجراءات محددة وإطار زمني واضح»

«الشرق الأوسط» (عمّان)

«لقاء العقبة» يدعم حكومة «جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
TT

«لقاء العقبة» يدعم حكومة «جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)

أكَّدت لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا، في اجتماعها بمدينة العقبة الأردنية، أمس، الوقوف إلى جانب الشعب السوري وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الانتقالية، واحترام إرادته وخيارته، داعية إلى تشكيل هيئة حكم انتقالية جديدة «جامعة».

وشدَّد البيان الختامي الصادر عقب الاجتماع، على دعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية، بما فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية.

في غضون ذلك، قال أحمد الشرع، زعيم «هيئة تحرير الشام»، إنَّ جماعته ليست بصدد الدخول في صراع مع إسرائيل، عادّاً أنَّ «التذرعات التي كانت تستخدمها إسرائيل قد انتهت»، بحسب ما أورد تقرير لوكالة «أسوشييتد برس». أمَّا «وكالة الصحافة الفرنسية» فنقلت عنه قوله: «الوضع السوري المنهك بعد سنوات من الحرب والصراعات لا يسمح بالدخول في أي صراعات جديدة».

وقال الشرع في مقابلة بثها التلفزيون السوري: «لقد تجاوز الإسرائيليون قواعدَ الاشتباك»، في إشارة إلى الغارات المستمرة منذ أيام التي دمَّرت قواعد وأسلحة للجيش السوري المنهار.

وجاء كلامه فيما أعلن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أنَّ بلاده أقامت «اتصالاً مباشراً» مع «هيئة تحرير الشام»، في الوقت الذي أعادت فيه تركيا فتح سفارتها في دمشق بعد أكثر من 12 عاماً من إغلاقها.