وثائقي «كما أريد» لسماهر القاضي... شجاعة الانتصار للنساء ضد التحرش

يعرض في «منصة الشارقة للأفلام»

المخرجة سماهر القاضي ترفع الصوت ضد التحرش
المخرجة سماهر القاضي ترفع الصوت ضد التحرش
TT

وثائقي «كما أريد» لسماهر القاضي... شجاعة الانتصار للنساء ضد التحرش

المخرجة سماهر القاضي ترفع الصوت ضد التحرش
المخرجة سماهر القاضي ترفع الصوت ضد التحرش

وثائقي «كما أريد» لسماهر القاضي، المعروض ضمن الدورة الخامسة من «منصة الشارقة للأفلام» (من 21 إلى 30 أكتوبر (تشرين الأول)، شخصي وعام في آن. تستمد الشخصنة حضورها من معاناة قديمة ارتكبتها ذكورية مقربة (الأخ شد شعر أخته وأخافها بالسلاح) ومن علاقة أحادية الطرف مع أم غادرت الدنيا قبل نيل حقوقها. لكنه حضور يفعل معالجة تمس الإشكالية الساخنة: التحرش.
يعود الشريط (88 دقيقة) إلى العام 2013 مع غليان ميدان التحرير إبان عزل محمد مرسي واستغلال التظاهر للاغتصاب والاعتداء. تسير خلفيته السياسية بجانب تواطؤ اجتماعي يكرس سحق النساء من منطلق أن «خلفة البنات هم للممات». كانت المخرجة لا تزال حاملاً في أسابيعها الأخيرة حين صورت الخوف من الجسد والصوت والحب. بخطاب ثوري وجرأة أنثوية مذهلة، تنزل إلى الشارع لوضع حد للعار الكبير.
وهو ليس تحميل النساء مسؤولية الاغتصاب، بل عار المتسبب فيه. وليس ما يلحق بالبشاعة من تبريرات، بل التحرك للوقوف في وجهها. تنوب عن كل امرأة تضطر للسكوت لئلا تلتزق بها «الفضيحة». وكرد فعل على المسكوت عنه، تقرر «الفضح». بكاميراتها الشجاعة، تجوب المدينة لرصد المتحرشين. ترفع إزاءهم أعلى صوتها. تنذرهم بعقاب لا بد منه. و«تحاكم» جريمتهم.
تصد بالسينما (الصورة) هجوم أقاويل تغذي الأرضية الثقافية لنساء نشأن على أن الشهادة مصيرها الحائط ومملكة المرأة مطبخها. يأتي الوثائقي ليوقظ في السيدة مفاهيم مغايرة لمسار «من بيت الأب إلى بيت الزوج، فالقبر». فالمخرجة الملوعة من موت أم فاتها قطار الحياة، تنقل شعوراً عائلياً يصبح محرضاً على تعميم تجربة ملهمة. يؤدي خطابها دوراً في التصدي لمعادلات تتفشى لولا نضال المرأة المصرية وقيادتها المبادرات لتصحيح الأفكار الخاطئة.
من المعادلات، ما يردده رجال تصورهم كاميرتها كرغبة في هدم جدار هائل يحجب العدالة الاجتماعية حين يدور الحديث عن المساواة. الأمثلة كثيرة، كـ«لو عندي 100 ولد مش حتفرق زي بنت واحدة»، أو «البنت جوهرة، ليها مكانها: البيت»، سرعان ما «تتقزم» أمام صرخات تطلقها حناجر نسائية تخوض في الشارع معركة استعادة الحقوق: «علّي علّي علّي كمان، صوت المرأة بكل ميدان»، أو «قالوا صوت المرأة عورة... صوت المرأة هو الثورة»، وحملات «أوقفوا التحرش» المضادة لحوادث تجاوزت أقصى الفظاعة.
سلاح الكاميرا لا يخرج سلاحاً أبيض من سلم الأولويات، فالنسوة خبأن السكاكين وما شابه في الدور والغاية، دفاعاً عن النفس، ورحن يعممن الوسيلة. يشرع الوثائقي ما يجعل النساء يصفرن الخوف. نداؤه لا يقتصر على موقف أو حادثة. هو نداء تغيير و«انقلاب» على قوانين ومجتمع يتعاطف مع الرجل. نداء طويلة دربه، لكنه يبدأ بخطوة.
تتفرع من إشكالية التحرش مسائل تمس النساء كالزواج المبكر وترك المدرسة تفرغاً للإنجاب. تحدق عدسة الكاميرا بوجوه تنتقل من الطفولة إلى المسؤوليات، فجأة بلا مقدمات. مراهقات يصبحن أمهات، والرضع بين أيديهن ألعابهن. في فسحة للملاهي تزورها فتيات يتأرجحن بين الذنب والخوف؛ يقع إجماعهن على ما تدربن لإتقان تسميعه: «جسم المرأة عورة. إذا صرخت في الشارع (كما تفعل المخرجة)، فسيرميها زوجها بالطلاق. هذا ما نتعلمه في المدارس».
ليس القصد إدانة القاصرات وجلد رأيهن، بل السعي إلى تدارك ما يتشربنه قبل فوات الأوان، فينمو جيل نسائي مسلوب الإرادة، لا يختلف عن مرارة بعض الأمهات والجدات. تطال المعالجة ما يتخطى التحرش لتلامس النظرة إلى «الست». كيف يراها المجتمع والرجل، كتلة لحمية أم مجرد شيء؟ «الأنثى إنسان»، يخبط خطاب الفيلم بيده على الطاولة، ويطالب بدورها السياسي وتمثيلها البرلماني، فتشمل مشاركتها حق الترشح عوض الاقتصار على واجب الاقتراع.
يطلق الوثائقي سؤال الهوية حين تصبح «نقطة ضعف» فور ارتباطها بواقع النساء. وتفجر المخرجة غضباً يؤرق المرأة المقيدة بسلسلة أحكام تسبق خروجها من الرحم. وهو يلقن درساً في إمساك طرف الخيط وشق برعم في الصخر. يوم شد أخوها شعرها لالتقاطها صوراً تتخطى نظرته لمساحة المرأة، اختبأت تحت السرير لثلاثة أيام. «سأكون يوماً ما أريد»، وعد سماهر القاضي لنفسها، ومن خلال فيلمها لنساء مصر. مزق الأخ موافقةً على السفر منحتها إياها جهة داعمة للسينما، وقرر نيابة عنها أين «يجدر» بها البقاء. اختارت الوصول بعبور الشوك.
دفاعها الشجاع عن كاميرتها (تعرضت لأكثر من محاولة قادها رجال في الشارع، تأمرها بالتوقف عن التصوير ولم ترتدع)، هو إيمانها بالصوت النسوي الحر. كل ما تريده هو محاسبة المتحرش بالقانون، لا بالضرب ولا بالقوة. بسوقه إلى الشرطة وتحقيق انتصار على مستوى العدالة.
تبكي أمام ابنها الصغير وهو يراها تفقد أعصابها في كل مرة تتعرض ليد تمسها من الخلف. ينصحها بتغيير البلد، لكنها عوض الاستسهال تختار المسار الصعب: تربيته إنسانياً.


مقالات ذات صلة

«أدنوك» لتوريد الغاز مع «توتال إنرجيز» بـ1.2 مليار دولار

الاقتصاد «أدنوك» لتوريد الغاز مع «توتال إنرجيز» بـ1.2 مليار دولار

«أدنوك» لتوريد الغاز مع «توتال إنرجيز» بـ1.2 مليار دولار

وقَّعت «أدنوك للغاز» الإماراتية اتفاقية لتوريد الغاز مع «توتال إنرجيز غاز آند باور المحدودة»، التابعة لشركة «توتال إنرجيز» الفرنسية، تقوم بموجبها بتصدير الغاز الطبيعي المسال إلى أسواق مختلفة حول العالم، وذلك لمدة ثلاث سنوات. وحسب المعلومات الصادرة، فإنه بموجب شروط الاتفاقية، ستقوم «أدنوك للغاز» بتزويد «توتال إنرجيز» من خلال شركة «توتال إنرجيز غاز» التابعة للأخيرة، بالغاز الطبيعي المسال وتسليمه لأسواق تصدير مختلفة حول العالم. من جانبه، أوضح أحمد العبري، الرئيس التنفيذي لـ«أدنوك للغاز»، أن الاتفاقية «تمثل تطوراً مهماً في استراتيجية الشركة لتوسيع نطاق انتشارها العالمي وتعزيز مكانتها كشريك مفضل لت

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
الخليج مكتوم وأحمد نجلا محمد بن راشد نائبين لحاكم دبي

مكتوم وأحمد نجلا محمد بن راشد نائبين لحاكم دبي

‏عيّن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء، بصفته حاكماً لإمارة دبي نجليه الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، نائباً أولاً لحاكم إمارة دبي، وتعيين الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، نائباً ثانياً لحاكم الإمارة، على أن يمارس كلٌ منهما الصلاحيات التي يعهد بها إليه من قبل الحاكم. وتأتي خطوة التعيين للمزيد من الترتيب في بيت الحكم في إمارة دبي، وتوزيع المهام في الوقت الذي يشغل فيه الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولاية العهد لحاكم دبي ورئيس المجلس التنفيذي. ويشغل الشيخ مكتوم إضافة إلى منصبه الجديد منصب نائب رئيس مجلس الوزراء، ووزير المالية في الإمارات، والن

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
يوميات الشرق الإماراتي سلطان النيادي أول عربي يسير خارج محطة الفضاء الدولية

الإماراتي سلطان النيادي أول عربي يسير خارج محطة الفضاء الدولية

سجل الإماراتي سلطان النيادي، إنجازاً عربياً جديداً كأول رائد فضاء عربي يقوم بالسير في الفضاء، وذلك خلال المهام التي قام بها أمس للسير في الفضاء خارج المحطة الدولية، ضمن مهام البعثة 69 الموجودة على متن المحطة، الذي جعل بلاده العاشرة عالمياً في هذا المجال. وحملت مهمة السير في الفضاء، وهي الرابعة لهذا العام خارج المحطة الدولية، أهمية كبيرة، وفقاً لما ذكره «مركز محمد بن راشد للفضاء»، حيث أدى الرائد سلطان النيادي، إلى جانب زميله ستيفن بوين من «ناسا»، عدداً من المهام الأساسية. وعلّق الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، على «تويتر»، قائلاً، إن النيادي «أول

«الشرق الأوسط» (دبي)
الخليج حاكم دبي يعيّن مكتوم بن محمد نائباً أول وأحمد بن محمد ثانياً

حاكم دبي يعيّن مكتوم بن محمد نائباً أول وأحمد بن محمد ثانياً

أصدر الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء، بصفته حاكماً لإمارة دبي، مرسوماً بتعيين نجليْه؛ الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، نائباً أول للحاكم، والشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، نائباً ثانياً، على أن يمارس كل منهما الصلاحيات التي يُعهَد بها إليه من قِبل الحاكم. تأتي خطوة التعيين للمزيد من الترتيب في بيت الحكم بالإمارة وتوزيع المهام، في الوقت الذي يشغل فيه الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولاية العهد للحاكم ورئيس المجلس التنفيذي. والشيخ مكتوم بن محمد، إضافة إلى تعيينه نائباً أول للحاكم، يشغل أيضاً نائب رئيس مجلس الوزراء، ووزير المالية الإماراتي، وال

«الشرق الأوسط» (دبي)
يوميات الشرق «فلاي دبي» توضح ملابسات اشتعال طائرتها بعد إقلاعها من نيبال

«فلاي دبي» توضح ملابسات اشتعال طائرتها بعد إقلاعها من نيبال

أعلنت سلطة الطيران المدني في نيبال، اليوم (الاثنين)، أن رحلة «فلاي دبي» رقم «576» بطائرة «بوينغ 737 - 800»، من كاتماندو إلى دبي، تمضي بشكل طبيعي، وتواصل مسارها نحو وجهتها كما كان مخططاً. كانت مصادر لوكالة «إيه إن آي» للأنباء أفادت باشتعال نيران في طائرة تابعة للشركة الإماراتية، لدى إقلاعها من مطار كاتماندو النيبالي، وفق ما نقلت وكالة «رويترز». وأشارت «إيه إن آي» إلى أن الطائرة كانت تحاول الهبوط بالمطار الدولي الوحيد في نيبال، الذي يبعد نحو 6 كيلومترات عن مركز العاصمة. ولم يصدر أي تعليق من شركة «فلاي دبي» حول الحادثة حتى اللحظة.

«الشرق الأوسط» (كاتماندو)

«سأقتل كل عصافير الدوري» للكاتبة العُمانيّة هدى حمد

هدى حمد
هدى حمد
TT

«سأقتل كل عصافير الدوري» للكاتبة العُمانيّة هدى حمد

هدى حمد
هدى حمد

صدرت حديثاً عن «منشورات تكوين» في الكويت متوالية قصصية بعنوان «سأقتل كل عصافير الدوري» للكاتبة العُمانيّة هدى حمد. وتأتي هذه المتوالية بعد عدد من الروايات والمجموعات القصصية، منها: «نميمة مالحة» (قصص)، و«ليس بالضبط كما أريد» (قصص)، و«الأشياء ليست في أماكنها» (رواية)، و«الإشارة برتقاليّة الآن» (قصص)، «التي تعدّ السلالم» (رواية)، «سندريلات في مسقط» (رواية)، «أسامينا» (رواية)، و«لا يُذكَرون في مَجاز» (رواية).

في أجواء المجموعة نقرأ:

لم يكن ثمّة ما يُبهجُ قلبي أكثر من الذهاب إلى المصنع المهجور الذي يتوسطُ حلّتنا. هنالك حيث يمكن للخِرق البالية أن تكون حشوة للدُّمى، ولقطع القماش التي خلّفها الخياط «أريان» أن تكون فساتين، وللفتية المُتسخين بالطين أن يكونوا أمراء.

في المصنع المهجور، ينعدمُ إحساسنا بالزمن تماماً، نذوب، إلا أنّ وصول أسرابٍ من عصافير الدوري بشكلٍ متواترٍ لشجر الغاف المحيط بنا، كان علامة جديرة بالانتباه، إذ سرعان ما يعقبُ عودتها صوتُ جدي وهو يرفع آذان المغرب. تلك العصافير الضئيلة، التي يختلطُ لونها بين البني والأبيض والرمادي، تملأ السماء بشقشقاتها الجنائزية، فتعلنُ انتهاء اليوم من دون مفاوضة، أو مساومة، هكذا تتمكن تلك الأجنحة بالغة الرهافة من جلب الظُلمة البائسة دافعة الشمس إلى أفولٍ حزين.

في أيامٍ كثيرة لم أعد أحصيها، تحتدُّ أمّي ويعلو صوتها الغاضب عندما أتأخر: «الغروبُ علامة كافية للعودة إلى البيت»، فأحبسُ نشيجي تحت بطانيتي البنية وأفكر: «ينبغي قتل كلّ عصافير الدوري بدمٍ بارد».

وهدى حمد كاتبة وروائيّة عُمانيّة، وتعمل حالياً رئيسة تحرير مجلة «نزوى» الثقافية.