«المواطَنة لأبناء الليبيات»... خطوة للأمام أم دعاية سياسية؟

الدبيبة اتخذ القرار وسط تباين في الآراء

وزيرة الدولة لشؤون المرأة بحكومة الدبيبة حورية طرمال مع عدد من السيدات الليبيات (منصة حكومتنا)
وزيرة الدولة لشؤون المرأة بحكومة الدبيبة حورية طرمال مع عدد من السيدات الليبيات (منصة حكومتنا)
TT

«المواطَنة لأبناء الليبيات»... خطوة للأمام أم دعاية سياسية؟

وزيرة الدولة لشؤون المرأة بحكومة الدبيبة حورية طرمال مع عدد من السيدات الليبيات (منصة حكومتنا)
وزيرة الدولة لشؤون المرأة بحكومة الدبيبة حورية طرمال مع عدد من السيدات الليبيات (منصة حكومتنا)

تباينت الآراء في الساحة الليبية تجاه القرار الذي أصدرته حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، رئاسة عبد الحميد الدبيبة، بمنح أولاد الليبيات المتزوجات من أجانب جميع حقوق المواطنين، بما في ذلك مجانية العلاج والتعليم.
وفيما اعتبر البعض هذا القرار، الصادر مطلع الشهر الحالي، خطوة «إيجابية» تهدف لإنصاف ورفع المعاناة عن تلك الفئة من النساء الليبيات وأولادهن، اعتبره آخرون «دعاية سياسية»، ومحاولة من الحكومة لـ«تعزيز رصيدها الشعبي».
في البداية، رأت الناشطة المدنية آمال الناني، أن قرار الدبيبة «خطوة للأمام تسهم بمنح الليبيات درجة كبيرة من الأمان فيما يتعلق بوجودهن وتعاملاتهن بالمجتمع».
وقالت الناني، وهي رئيسة جمعية «أنا ليبية وابني غريب»، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «لدينا أعداد كبيرة من عديمي الجنسية من أبناء هذه الشريحة بسبب تشدد قوانين بعض الدول التي ينتسب إليها أزواج الليبيات، ورفضها منح الجنسية لأبنائهم، وبالتالي باتوا يواجهون مشاكل متعددة من بينها الإقامة، والدراسة والعلاج»، لافتة إلى أن هذه الأزمة «قد تتعمق إذا ما توفيت الأم الليبية».
ويوجد ما يقارب 15 ألف سيدة ليبية متزوجة من أجنبي، ستستفيد من هذا القرار، وفقاً للناني. وتنص المادة الأولى من القرار الحكومي على تمتع أولاد الليبيات المتزوجات من غير الليبيين بكل الحقوق التي يتمتع بها المواطنون الليبيون، من مجانية العلاج والتعليم في الداخل والقبول في المدارس الليبية في الخارج، وغيرها من الحقوق الخاصة بالمواطنين الليبيين.
أما المديرة التنفيذية لمنظمة «Why Me» زاهية علي المنفي، وعلى الرغم من إشارتها لمحدودية فوائد القرار، فإنها تخوفت من احتمال إلغائه إذا ما تغيرت السلطة التنفيذية الراهنة.
وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «السيناريو المتعارف عليه في ليبيا أن أي حكومة جديدة تتولى السلطة تستهل عملها بإلغاء كثير من قرارات الحكومة التي سبقتها، وبالتالي فمن الأفضل التعويل على الدستور والقوانين لضمان حقوق هؤلاء السيدات».
وتلفت حقوقيات كثيرات إلى أن المرأة المتزوجة من أجنبي تواجه أحياناً تمييزاً بالمعاملات الإدارية والمنظومات الحكومية، بما في ذلك حق المشاركة بالاستحقاقات الانتخابية، جراء الإشارة لجنسية الزوج بالمستندات الرسمية الخاصة بها، إلى جانب عدم قدرة أولادها على تملك أي عقار كونهم أجانب.
ولم تستبعد زاهية المنفي وجود أهداف سياسية وراء إصدار القرار، وقالت: «للأسف كل صناع القرار في ليبيا طالما وظفوا المرأة وقضاياها في صراعاتهم السياسية».
وخلال استعراضه لجهود حكومته في معالجة أوضاع المرأة العاملة في القطاعات الخدمية والإنتاجية، خلال اللقاء الذي عقده أوائل الشهر الحالي مع ملتقى القيادات النسائية في ليبيا، أكد الدبيبة أن الاهتمام «بشريحة المرأة وتمكينها من حقوقها، سواء أكانت سياسية أم حقوقية أم مادية، سيكون ضمن أولويات العمل الحكومي».
أما عضو «ملتقى الحوار السياسي» الليبي، الزهراء لنقي، فوصفت القرار بكونه «مجرد دعاية و(بروباغندا) سياسية دون مضمون حقيقي للمتاجرة بمطالب هذه الفئة المهمشة»، لافتة في إدراج سابق لها إلى أن «المطالب الحقوقية والنسوية فيما يتعلق بملف الليبيات المتزوجات من أجانب هي دسترة حقوق المواطنة الكاملة وإعطاء حق الجنسية لأبنائهن».
بدورها، قالت عضو الهيئة التأسيسية للدستور نادية عمران، إن «القرار قد يكون له أكثر من جانب، فهو ينتصر للمرأة من جهة، ويعد دعاية سياسية من جهة أخرى، لا سيما من قبل الحكومتين المتصارعتين على السلطة التنفيذية بالبلاد».
ورأت عمران في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «القرار قد يفتح الباب لإمكانية تمتع هؤلاء السيدات وأولادهن بمنحة الزوجة والأبناء». وأضافت: «النص جاء عاماً، فعلى الرغم من أنه حدد خدمات بعينها كالتعليم والعلاج، لكنه أشار إلى إمكانية أن يشمل حقوقاً أخرى». واستدركت: «لكن قد يطعن البعض على القرار، لأن هناك حقوقاً لا تمنح إلا بعد الحصول على الجنسية الليبية»، مشيرة إلى أن «منح الجنسية في هذا الوضع الهش الذي تعيشه ليبيا ومؤسساتها، قد ينجم عنه إشكاليات عدة».
ونفت عضو «هيئة الدستور» ما يردد عن أن التخوفات بمنح الجنسية تتركز بالجنوب الليبي جراء المصاهرات التي عقدت مع بعض أبناء دول الجنوب الأفريقي، مما يخشى معه حدوث تغيير بالتركيبة السكانية. وقالت: «الإقبال على الجنسية الليبية لا ينحصر على أبناء دول الجنوب الأفريقي، فهي جنسية مرغوبة من كل دول الجوار الليبي ومن دول عدة، رغم كل الأوضاع الصعبة التي تمر بها البلاد، وهذا وضع طبيعي لدولة ذات مصادر اقتصادية كبيرة».
في المقابل، استبعد رئيس حزب «تجمع تكنوقراط ليبيا»، أشرف بلها، وجود أهداف سياسية وراء القرار، لافتاً إلى «قلة عدد المستفيدين منه، واستحالة التعويل عليهم ككتلة كبيرة يمكن استقطابها لصالح حكومة (الوحدة)، أو لصالح رئيسها».
أشار بلها لـ«الشرق الأوسط» إلى «وجود تحفظات على القرار لما يترتب عليه من نتائج أهمها زيادة في الأعباء المالية والخدمية على كاهل الدولة، العاجزة أصلاً عن توفير متطلبات أساسية لسكانها؛ من حيث المسكن والعمل والعلاج والأمن الغذائي وغيره».
وحذر من أن «التوسع في زواج الليبيات من الأجانب، ستنجم عنه آثار اجتماعية وديموغرافية تهدد النسيج الاجتماعي في المجتمع الليبي القبلي في أغلبيته»، داعياً «لضرورة درس مثل هذه القرارات قبل تنفيذها بالنظر لحالة الضعف والتفكك التي تمر بها الدولة، خشية استغلالها».


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (يمين) يصافح رئيس الحكومة الآيرلندية سيمون هاريس خلال زيارة إلى دبلن (أ.ف.ب)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (يمين) يصافح رئيس الحكومة الآيرلندية سيمون هاريس خلال زيارة إلى دبلن (أ.ف.ب)
TT

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (يمين) يصافح رئيس الحكومة الآيرلندية سيمون هاريس خلال زيارة إلى دبلن (أ.ف.ب)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (يمين) يصافح رئيس الحكومة الآيرلندية سيمون هاريس خلال زيارة إلى دبلن (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الخارجية المصرية استعادة مجموعة من القطع الأثرية المصرية من آيرلندا، وذلك عقب الزيارة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الآيرلندية دبلن، أول من أمس (الأربعاء).

وذكرت الخارجية أن هذه الخطوة تأتي تتويجاً لجهود مصرية استمرت لأكثر من عام ونصف العام؛ لاستعادة مجموعة من القطع الأثرية عبارة عن مومياء مصرية وعدد من الأواني الفخارية والقطع الأثرية الأخرى، من جامعة كورك الآيرلندية، التي أبدت تعاوناً كبيراً في تسهيل إجراءات إعادة القطع الأثرية.

وقد تم الانتهاء من التفاصيل النهائية للاتفاق على هامش زيارة السيسي إلى دبلن.

وأعربت الخارجية المصرية عن شكرها العميق للجانب الآيرلندي على «هذه الخطوة المهمة في تعزيز العلاقات الثقافية والعلمية المتنامية بين البلدين».

وأكدت أن القطع المستعادة تمثل حقبة مهمة من التاريخ المصري القديم، وجزءاً من التراث الثقافي المصري الذي يحظى باهتمام جميع البشر، حيث من المقرر أن يتم عرض القطع الأثرية في المتاحف المصرية.