ناقش مسؤولون حكوميون وخبراء مغاربة وأجانب، مساء أول من أمس، خلال الندوة الرابعة لـ«منتدى أصيلة» حول موضوع «تأثير الطاقة على التوازنات السياسية والاقتصادية الدولية»، التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعرفها مختلف دول العالم، والشروط الموضوعية لتحقيق الانتقال الطاقي، والمراهنة على المؤهلات الذاتية لمواجهة ارتفاع أسعار الطاقة، إضافة إلى نجاعة المخططات الاستراتيجية المغربية لمواجهة تحديات أزمة الطاقة في العالم، وتحقيق الانتقال الطاقي والسيادة الوطنية الطاقية.
وقال الأمين العام لـ«منتدى أصيلة»، محمد بن عيسى، إن الندوة تهدف إلى «التفكير في مآلات ما بات يشكل تحدياً عالمياً يهدد السلم السياسي الاجتماعي، ويمثل أخطر صدمة طاقية بعد سبعينات القرن الماضي في سياق دولي»، مبرزاً أنه «المستجد السياسي والاقتصادي الذي ارتبط راهناً بأزمة أكثر خطورة، تتمثل في التغير المناخي، وشح مصادر المياه بمختلف أقطار العالم، ثم الازدياد التدريجي للاهتمام بمصادر الطاقة المتجددة والاستثمار الاقتصادي الواسع فيها، بوصفها الأفق المستقبلي للأمن الطاقي العالمي».
من جهتها، أبرزت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة في المغرب، ليلى بنعلي، أن العالم «يعيش فترة لم يسبق لها مثيل، حيث خرج العالم منذ سنتين من الأزمة الوبائية، والتضخم المتزايد، وضيق السياسات النقدية، وتسجيل الدولار أقوى ارتفاع له منذ جيل، ليدخل في ظروف صعبة عنوانها العريض: (الأزمة الطاقية)»، مشيرة إلى أن هناك من يعدّ أن سنة 2022 «تشبه حرب أسعار النفط في سبعينات القرن الماضي التي فقدت فيها اليابان وألمانيا، على سبيل المثال، القدرة التنافسية أمام الولايات المتحدة، في حين يتعلق الأمر اليوم بالغاز الروسي وليس بالنفط العربي».
وقالت الوزيرة المغربية إن «الحل الأمثل في ظل الأزمة الطاقية، وما يرتبط بها من مشكلات مالية واقتصادية واجتماعية، هو تحقيق (السيادة الطاقية)، عبر انتقال طاقي محكم، يضمن الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة ولو على مديين؛ متوسط وبعيد، ويتكيف مع التغيير المناخي، الذي أصبح واقعاً يهم العالم بأسره، ويتجاوب مع انتظارات المجتمع»، مبرزة أن المغرب «يعمل جاهداً؛ في ظل واقع سوق الطاقة العالمي المعقد، على تحقيق الانتقال الطاقي، عبر سياسات ومخططات واستراتيجيات واضحة المعالم، وإنشاء بنيات مهيكلة، والاستغلال الأمثل للمؤهلات الذاتية، وهو ما سيمكن في المستقبل المنظور من مواجهة التحديات، التي تطرحها تقلبات سوق الطاقة العالمية، وما يتعلق بها من تحديات اقتصادية وعالمية ترخي بظلالها على العالم بأسره».
كما أوضحت بنعلي أن سياسة الانتقال الطاقي، التي ينهجها المغرب «ستمكن من تحقيق السيادة الطاقية، التي أضحت مؤشراً مهماً في تقدم الدول، وضمان التنمية المستدامة والمتوازنة»، مشيرة إلى أن المغرب «يستثمر في مجال الطاقة النظيفة، ويوسع من مجال التعاون مع الدول المرجعية في هذا المجال، وهو ما أهل المغرب لكسب الخبرة والمؤهلات لضمان الانتقال الطاقي الذي يحقق السيادة الطاقية»، ومؤكدة أن المغرب «يضع كل خبراته وإمكاناته رهن إشارة أفريقيا» .
بدورها، قالت المديرة العامة لـ«المكتب الوطني للهيدروكربونات والمعادن» في المغرب، أمينة بنخضرا، إن «موضوع الطاقة بكل الإشكالات العالقة به، والظرفية الاقتصادية العالمية الصعبة، وعلاقة أزمة الطاقة بذلك، يتصدر اهتمام كل دول العالم من دون استثناء، وأمام هذا الواقع الصعب، ينبغي على كل دول العالم أن تنتهج سياسة طاقية ملائمة، كفيلة بإيجاد حلول لكل التحديات المطروحة»، عادّةً أن «الوضع الراهن أصبح يدفع مختلف دول العالم إلى إبداع الحلول، وسن سياسات مبتكرة لمواجهة التحديات، التي تطرحها أزمة الطاقة وارتفاع أسعار الطاقة وتوفير طاقات نظيفة بديلة».
وذكرت بنخضرا أن «المغرب، بفضل القيادة الرشيدة للملك محمد السادس، لم ينتهج خطوات مهمة لتحقيق (السيادة الطاقية) فحسب؛ بل سرع من وتيرة تنزيل مخططاته في مواجهة تحديات الطاقة والتغير المناخي، والسعي لضمان تنمية مستدامة». وعدّت أن «دول أفريقيا باتت مطالبة بأن تتعاون وتتضامن وتستغل المؤهلات الطبيعية والبشرية، وتسير على خطى المغرب الذي انطلق في تنزيل سياسته لتحقيق الانتقال الطاقي منذ سنة 2009».
من جهته، قال الخبير الدولي البريطاني، هومايون موغال، إن «على العالم أن يتكيف سريعاً مع الأزمة الطاقية وما تطرحه من إشكالات، وأن تتعاون الدول بعضها مع بعض؛ لأن تداعيات الأزمة الطاقية سيتضرر منها الكل دون استثناء»، لكنه أعرب في المقابل عن تفاؤله بأن «العالم سيتجاوز الأزمة الراهنة».
في السياق ذاته، عدّ وزير الاقتصاد والمالية التونسي الأسبق، حكيم بنحمودة، أن «تجاوز المرحلة الراهنة، وتخبط كثير من الدول في أزمة الطاقة، وتداعيات الحرب بأوكرانيا، تحتاج إلى توجه طاقي عالمي وإقليمي ووطني يراهن على المستقبل، ويحتم وضع سياسة طاقية (طموحة)، والبحث عن بدائل واقعية وشجاعة في إطلاق سياسة طاقية تعيد التفاؤل».
«منتدى أصيلة» يبحث تأثير الطاقة على التوازنات السياسية والاقتصادية الدولية
مسؤولة مغربية: الوضع الراهن يتطلب سياسات مبتكرة لتوفير طاقات نظيفة
«منتدى أصيلة» يبحث تأثير الطاقة على التوازنات السياسية والاقتصادية الدولية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة