وسط حالة من اللغط السياسي، دعا ملتقى «مكونات إقليم برقة» السياسي، إلى «فك الارتباط» مع حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، في العاصمة طرابلس، بقصد «إنقاذ البلاد والحفاظ على وحدتها».
وانعقد الملتقى في مدينة بنغازي (شرقي البلاد) مساء أمس، بحضور عدد من السياسيين والنشطاء الداعمين لهذا التوجه، وانتهى إلى المطالبة بضرورة إعلان (حكومة اتحادية) في إقليمي (برقة) بنغازي، و(فزان) جنوب ليبيا، على أساس دستور عام 1051 «غير المعدل».
واعتبر ليبيون كثيرون الدعوة لـ«فك الارتباط» بين أقاليم ليبيا الثلاثة، مثيرة للغط السياسي في البلاد، وبمثابة «فسخ العقد الاجتماعي التاريخي بين جموع الشعب»، وهو الرأي الذي دعمه الكاتب والروائي الليبي، سالم الهنداوي.
ودفعت أجواء الانقسام السياسي في ليبيا، وتعثر «المسار الدستوري» بين مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» كثيراً من البرلمانيين والأكاديميين إلى المطالبة باعتماد دستور عام 1951 الذي يمهد للعودة إلى (النظام الاتحادي) وفقاً للأقاليم التاريخية الثلاثة. ومنذ رحيل نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، قبل 11 عاماً، وليبيا لم تبرح الدعوات المطالبة إما بالعودة إلى النظام الاتحادي، أو النظام الرئاسي.
وتفاعلت هذه الدعوات مجدداً، ولكن بحذر شديد، عقب تقدم 30 نائباً يمثلون إقليم (برقة) شرق ليبيا، بطلب إلى رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح، مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، لعرض دستور 1951 «غير المعدل» على المجلس للتداول بقصد العودة إلى النظام الاتحادي.
وجاء في نص الطلب، الذي وقعه 30 نائباً، أنهم «يدعون للاحتكام لدستور 1951 «غير المعدل»، مع ضرورة تداول الأمر داخل جلسة خاصة ومنقولة على الهواء مباشرة للنظر في العودة إلى النظام الاتحادي وفقاً للأقاليم التاريخية الثلاثة»، مشيرين إلى «تعثر الاستفتاء على مشروع الدستور المنجز من قبل هيئة كتابة الدستور عام 2017، لما شابه من طعون قضائية ورفض من العديد من مكونات الأمة الليبية».
وقال المحلل السياسي الليبي حسين المسلاتي، إنه يؤيد «أي حراك سياسي يسهم في حل الأزمة الراهنة، ونعتبره الحجر الذي يلقى في مياه السياسة الراكدة»؛ ولكن صرح بمجموعة من الأسئلة، وقال في تصريح صحافي: «أليس من الحكمة أن تسبق أي مقترحات أو مبادرات حوارات سياسية مجتمعية عميقة داخل (برقة وفزان) يدرس الاحتمالات كافة حول أي خيار؟
وزاد المسلاتي من استفساراته: «وهل تكمن الأزمة في حكومة (الوحدة) فقط حتى نتجه إلى فك الارتباط معها فقط؟ وما مصير حكومة فتحي باشاغا المكلفة من البرلمان؟ وماذا عن الجسمين التشريعيين مجلسي النواب و(الدولة)؟ وهل سيشملهما فك الارتباط السياسي المقترح؟
وطالب ملتقى «مكونات إقليم برقة» في بيانه لمجلس النواب، والقيادة العامة للجيش الليبي، والقوى الوطنية بإعلان (الحكومة الاتحادية) في إقليمي برقة وفزان، داعياً كافة التوجهات المطالبة بالحقوق في أقاليم الوطن الالتحاق بـ(الملتقى) الذي ستنبثق عنه لجنة تنسيقية للتواصل مع جميع الجهات السياسية المحلية والإقليمية والدولية في سبيل وضع هذا البيان موضع التنفيذ.
وبرر الملتقى مطالبته بإعلان «الحكومة الاتحادية» بأنه جاء على خلفية «الانسداد السياسي والدستوري الذي عانى منه الوطن لسنوات عديدة بسبب الحكومات المركزية الانفصالية المتعاقبة وسيطرتها على مفاصل الدولة ومؤسساتها، وما ترتب عليه من إهدار واستنزاف للموارد والثروات وضياع حقوق الأجيال».
وانتهى بيان الملتقى مستعرضاً «خطورة الوضع الراهن الذي تشهده البلاد من تشظٍ وانقسام وفوضى وتدنٍ لمستوى الخدمات في المجالات والقطاعات كافة، بجانب تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وغلاء الأسعار، وارتفاع معدلات البطالة والفقر، وانتشار الرشوة والمحسوبية والفساد، وغياب القانون والرقابة والشفافية والمساءلة».
ويرى الليبي جمعة الفرجاني، أن «عملية تقسيم الدولة الليبية وتمزيقها تحاك في الخفاء، وبطريقة مغلفة باسم العودة إلى دستور 51 غير المعدل»، وقال: «دعوات فك الارتباط تعني التقسيم».
وأضاف الفرجاني، في تعليق على دعوة المطالبة بـ«فك الارتباط»، أن القيادة العامة لـ(الجيش الوطني) «لن ترضى» بما أسماه «مهزلة سياسية»، بالنظر إلى «التضحيات التي قدمتها (عملية الكرامة) بهدف توحيد ليبيا، وليس تمزيقها». وذهب إلى أن هناك «من يعمل في الخفاء ضد بناء دولة ليبية موحدة، ويجب على الجيش النأي بنفسه عن هذه الفتنة».
وتسلمت حكومة «الوحدة الوطنية» مهام عملها في منتصف مارس (آذار) عام 2021 من إدارتين متحاربتين، حكمت إحداهما شرق البلاد والأخرى غربها، لتكمل بذلك انتقالا سلسا للسلطة بعد عقد من الفوضى المشوبة بالعنف، لكنها في أعقاب ذلك لم تسلم من الانتقادات.
دعوات ليبية لـ«فك الارتباط» مع حكومة الدبيبة تثير لغطاً سياسياً
وسط مطالبات بإعلان برقة وفزان إقليمين اتحاديين
دعوات ليبية لـ«فك الارتباط» مع حكومة الدبيبة تثير لغطاً سياسياً
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة