السعوديون يودعون «أبو رويشد» الفنان البارع في تقمص الشخصيات الاجتماعية

خالد سامي في مشهد من أعماله التلفزيونية الرمضانية  -  الفنان السعودي خالد سامي
خالد سامي في مشهد من أعماله التلفزيونية الرمضانية - الفنان السعودي خالد سامي
TT

السعوديون يودعون «أبو رويشد» الفنان البارع في تقمص الشخصيات الاجتماعية

خالد سامي في مشهد من أعماله التلفزيونية الرمضانية  -  الفنان السعودي خالد سامي
خالد سامي في مشهد من أعماله التلفزيونية الرمضانية - الفنان السعودي خالد سامي

ودّعت الأوساط الفنية السعودية، الفنان خالد سامي، أكثر الفنانين براعة وشهرة في تقمص الشخصيات الاجتماعية، وأيقونة الكوميديا، في ذروة ازدهار الإنتاجات السعودية. وقد ارتبطت ذاكرة أجيال من السعوديين بالشخصيات التي تألق خلالها، وأظهر فيها موهبته في التقاط المألوف، وتحويله إلى مادة للمتعة والكوميديا، من «أبو العصافير»، إلى «أبو حمد»، و«أبو رويشد»، وهي الشخصيات التي ظهرت تباعاً على الشاشة، وتناولت معالجة درامية لقصص محلية ومواقف شخصية واجتماعية بسيطة وعفوية.
ونَعَى رموز ومؤسسات فنية سعودية وعربية، الفنان خالد سامي الذي رحل أمس (السبت)، عن 60 عاماً، بعد معاناة خلال السنوات الأخيرة من عمره، من تبعات المرض الذي ألمّ به ولازمه فترة طويلة وحجبه عن الظهور، وذلك بعد رحلة ثرية في الإنتاج التلفزيوني السعودي امتدت لعقود من الزمن، صنع خلالها مسيرة حافلة بالأعمال الناجحة.
وأعلن فيصل الدسيماني، في تغريدة نشرها على حسابه في «تويتر»، عن رحيل والده الفنان السعودي المعروف خالد سامي، وتابع: «والدي كان أيقونة فنية؛ لكن الأهم من ذلك أنه كان رجلاً طيباً... أنا وعائلتي نمر بظرف ثقيل ومؤلم، ولا نطلب منكم إلا الدعاء له وذكره بالخير».
وبدأ الفنان المولود في مدينة بريدة بمنطقة القصيم، مشواره الفني في أواخر سبعينات القرن الماضي، وشكلت أدواره الكوميدية جزءاً كبيراً من نجوميته، فضلاً عن مشاركته في عدد الأعمال العربية المشتركة، منذ عمله في بدايات مشواره بالمسلسلات البدوية السورية، وشارك في أعمال مصرية أيضاً، مثل مسلسل «النوة» مع فردوس عبد الحميد.
وكان للفنان سامي الذي يحمل شهادة الماجستير في الإخراج من جامعة كولورادو بالولايات المتحدة، حضور رئيسي في مجمل الأعمال الفنية التي ذاعت شهرتها محلياً، وكانت جزءاً من تاريخ التلفزيون السعودي، مثل سلسلة «طاش ما طاش»، ومسلسل «واي فاي» الذي عرضته قناة «إم بي سي»، بالإضافة إلى المشاركة في أول فيلم سعودي كبير، وهو فيلم «كيف الحال» الذي أنتج عام 2006 وأخرجته هيفاء المنصور.
واستذكر الجمهور مجموعة من اللحظات والذكريات والألقاب الفنية التي عكست الموهبة التي تفرد بها الراحل خالد سامي، وشهدت على تألقه في الظهور المسرحي والتلفزيوني، حتى أضحى بالنسبة لأجيال من السعوديين، أيقونة فنية واسماً محفوراً في ذاكرة من استمتع بتاريخ من حضوره ودوره الفني المتألق.
ومن ذلك بطولته في مسلسل «أبو العصافير» الذي عُرض على القناة السعودية في أكتوبر (تشرين الأول) 2004، ودوره في «عائلة أبو رويشد» الذي مثّل أول بطولة مطلقة للفنان خالد سامي، بمشاركة نخبة من الفنانين السعوديين، و«الديرة نت» الذي عرض عام 2000، وأدى فيه خالد سامي دور «أبو حمد»، وبرع في تجسيد دور كوميدي نال إزاءه رضا الجمهور وإعجابه.
كما عاصر سامي جيلاً من نجوم الإنتاج السعودي، في ذروة عطائه، وخلال المرحلة الذهبية لارتباط الجمهور بالتلفزيون المحلي وإنتاجاته المختلفة، وكُرّم في مهرجان الكوميديا الدولي بأبها عام 2010 عن أعماله، وفي القاهرة عام 2016 سفيراً للفن السعودي في الوطن العربي، بالإضافة إلى تكريم آخر في مهرجان «همسة» للآداب والفنون.
وقال الفنان عبد الرحمن الخطيب، إن خالد سامي كان من نجوم الفن في السعودية والعالم العربي، ممن حفر في الصخر، وغالب التحديات التي واجهته في المجال منذ وقت مبكر، ووضع اسمه على قائمة المبدعين والمؤثرين في التاريخ الفني السعودي.
وأضاف أنه كان يجمع الموهبة مع المعرفة، وبنى خبرة عريضة، وتاريخاً من الأعمال، وأن موهبته الفذة التي ظهرت مبكراً في مشواره الفني، مكَّنته من المشاركة في أعمال عربية في مصر وسوريا، وقدم أدواراً بلهجات مختلفة، وتنقّل بين صنوف الفن، من التراجيديا إلى الكوميديا وسواهما، وكان خلال ذلك مبدعاً ومتألقاً، وزميلاً عزيزاً على الجميع.


مقالات ذات صلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

يوميات الشرق «صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

تعود أحداث فيلم «صيفي» الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، إلى فترة أواخر التسعينات.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)

محمد سامي: السينما تحتاج إلى إبهار بصري يُنافس التلفزيون

تعلَّم محمد سامي من الأخطاء وعمل بوعي على تطوير جميع عناصر الإنتاج، من الصورة إلى الكتابة، ما أسهم في تقديم تجربة درامية تلفزيونية قريبة من الشكل السينمائي.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين رئيس في مشهد من فيلم «الفستان الأبيض» (الشركة المنتجة)

لماذا لا تصمد «أفلام المهرجانات» المصرية في دور العرض؟

رغم تباين ردود الفعل النقدية حول عدد من الأفلام التي تشارك في المهرجانات السينمائية، التي تُعلي الجانب الفني على التجاري، فإن غالبيتها لا تصمد في دور العرض.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق الفنانة الأردنية ركين سعد (الشرق الأوسط)

الفنانة الأردنية ركين سعد: السينما السعودية تكشف عن مواهب واعدة

أكدت الفنانة الأردنية ركين سعد أن سيناريو فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو»، الذي عُرض بمهرجان البحر الأحمر السينمائي، استحوذ عليها بمجرد قراءته.

انتصار دردير (جدة )
يوميات الشرق إيني إيدو ترى أنّ السينما توحّد الشعوب (البحر الأحمر)

نجمة «نوليوود» إيني إيدو لـ«الشرق الأوسط»: السينما توحّدنا وفخورة بالانفتاح السعودي

إيني إيدو التي تستعدّ حالياً لتصوير فيلمها الجديد مع طاقم نيجيري بالكامل، تبدو متفائلة حيال مستقبل السينما في بلادها، وهي صناعة تكاد تبلغ الأعوام الـ40.

إيمان الخطاف (جدة)

احتفاء مصري بالذكرى الـ113 لميلاد «أديب نوبل» نجيب محفوظ

فعاليات متعددة في الاحتفال بذكرى ميلاد محفوظ (متحف محفوظ على فيسبوك)
فعاليات متعددة في الاحتفال بذكرى ميلاد محفوظ (متحف محفوظ على فيسبوك)
TT

احتفاء مصري بالذكرى الـ113 لميلاد «أديب نوبل» نجيب محفوظ

فعاليات متعددة في الاحتفال بذكرى ميلاد محفوظ (متحف محفوظ على فيسبوك)
فعاليات متعددة في الاحتفال بذكرى ميلاد محفوظ (متحف محفوظ على فيسبوك)

احتفت مصر بالذكرى الـ113 لميلاد «أديب نوبل» نجيب محفوظ، عبر فعاليات متنوعة في متحفه وسط القاهرة التاريخية، تضمّنت ندوات وقراءات في أعماله وسيرتيه الأدبية والذاتية، واستعادة لأعماله الروائية وأصدائها في السينما والدراما.

وأعلن «متحف نجيب محفوظ» التابع لصندوق التنمية الثقافية في وزارة الثقافة، أن الاحتفال بـ«أديب نوبل» يتضمّن ندوة عن إبداعاته ومسيرته، يُشارك فيها النّقاد، إبراهيم عبد العزيز، ومحمد الشاذلي، والدكتور محمود الشنواني، والدكتور تامر فايز، ويديرها الدكتور مصطفى القزاز. بالإضافة إلى افتتاح معرض كاريكاتير عن نجيب محفوظ، وشاعر الهند الشهير رابندراناث طاغور، ومعرض لبيع كتب نجيب محفوظ.

وأوضح الكاتب الصحافي والناقد محمد الشاذلي أن «الاحتفالية التي أقامها (متحف نجيب محفوظ) في ذكرى ميلاده الـ113 كانت ممتازة، وحضرها عددٌ كبير من المهتمين بأدبه، وضمّت كثيراً من المحاور المهمة، وكان التركيز فيها على السيرة الذاتية لنجيب محفوظ».

«متحف نجيب محفوظ» احتفل بذكرى ميلاده (صفحة المتحف على فيسبوك)

ولد نجيب محفوظ في حيّ الجمالية بالقاهرة التاريخية في 11 ديسمبر (كانون الأول) عام 1911، وقدم عشرات الأعمال الروائية والقصصية، بالإضافة إلى سيناريوهات للسينما، وحصل على جوائز عدة أهمها جائزة «نوبل في الأدب» عام 1988، ورحل عن عالمنا عام 2006.

حضر الاحتفالية بعض ممن كتبوا عن سيرة نجيب محفوظ، من بينهم إبراهيم عبد العزيز، الذي له أكثر من كتاب عن «أديب نوبل»، بالإضافة إلى الطبيب الدكتور محمود الشنواني الذي رافق الأديب لمدة 30 سنة تقريباً، وفق الشاذلي، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «تَحدّث كلُّ شخص عن الكتاب الذي أصدره عن نجيب محفوظ. وإبراهيم عبد العزيز كان مرافقاً له في ندواته، وتحدّث عن كتاب (أنا نجيب محفوظ)، الذي تضمّن ما قاله محفوظ عن نفسه، بيد أني أرى أن كتابه الأهم هو (ليالي نجيب محفوظ في شيبرد) لأنه كان عبارة عن كناسة الدكان، فقد رصد السنوات الأخيرة لنجيب محفوظ».

وعن كتاب الشاذلي حول نجيب محفوظ يقول: «تعرّفت عليه بصفتي صحافياً منذ بداية الثمانينات، وقد تحدّثت عن موضوعين تناولتهما في كتابي عنه (أيام مع نجيب محفوظ ذكريات وحوارات)، وهو ما أُشيع عن هجومه على العهد الناصري، خصوصاً في روايته (الكرنك)، وهذا ليس صحيحاً، وفي الحقيقة كان محفوظ يُركّز على حقوق الإنسان والحريات أكثر من أي شيء آخر، وقد أنصف عبد الناصر في كثيرٍ من كتاباته، خصوصاً شهاداته عن هذا العصر، والنقطة الثانية ما أُشيع حول الاتهامات التي وجّهها بعضهم لنجيب محفوظ بحصوله على (نوبل) بدعم إسرائيل، وهذا ليس صحيحاً بالمرّة، وكانت تُهمة جاهزة لمن أراد إهانة الجائزة أو النّيل ممّن حصل عليها».

وأشار الشاذلي إلى أن محفوظ كان له رأيُّ مهم في السينما، وقد ترأس مؤسسة السينما في إحدى الفترات، وكان يرى أنه أصبح كاتباً شعبياً ليس بفضل القراءات ولكن بفضل السينما، فكان يحترم كلّ ما له علاقة بهذه المهنة، ويعدّها مجاورة للأدب.

محفوظ وطاغور في معرض كاريكاتير (منسق المعرض)

وتحوّلت روايات نجيب محفوظ إلى أعمال سينمائية ودرامية، من بينها أفلام «بداية ونهاية»، و«الكرنك»، و«ميرامار»، و«ثرثرة فوق النيل»، وثلاثية «بين القصرين»، و«قصر الشوق»، و«السكرية»، وأيضاً «زقاق المدق»، و«اللص والكلاب»، بالإضافة إلى مسلسلات «الحرافيش - السيرة العاشورية»، و«أفراح القبة»، و«حديث الصباح والمساء».

وضمّ المعرض الذي أقيم بالتعاون بين سفارة الهند في القاهرة، ومتحف الكاريكاتير بالفيوم، ومنصة «إيجيبت كارتون»، 38 لوحة لفنانين من 12 دولة من بينها مصر والهند والسعودية وصربيا والصين ورومانيا وروسيا وفنزويلا.

وأشار الفنان فوزي مرسي، أمين عام «الجمعية المصرية للكاريكاتير» ومنسِّق المعرض إلى أن هذا المعرض اقتُرح ليُعرض في الاحتفال بذكرى طاغور في مايو (أيار) الماضي، إذ عُرض في المركز الثقافي الهندي، وكذلك في يوم الاحتفال بعيد ميلاد «أديب نوبل» المصري نجيب محفوظ.

وقال مرسي لـ«الشرق الأوسط»: «يُعدّ المعرض جزءاً من الاحتفالية التي نظّمتها وزارة الثقافة (لأديب نوبل) الكبير، واهتمّ معظم الفنانين برسم البورتريه بشكلٍ تخيُّلي، في محاولة لعقد الصلة بين طاغور ومحفوظ».

فنانون من 12 دولة رسموا الأديبين طاغور ومحفوظ (منسق المعرض)

وفي السياق، أعلنت «دار المعارف» عن إصدار كتابٍ جديدٍ عن نجيب محفوظ في الذكرى الـ113 لميلاده، وكتب إيهاب الملاح، المُشرف العام على النشر والمحتوى في «دار المعارف» على صفحته بـ«فيسبوك»: «في عيد ميلاد الأستاذ نُقدّم هدية للقراء ولكل محبي نجيب محفوظ وهي عبارة عن كتاب (سردية نجيب محفوظ) للناقد الدكتور محمد بدوي».