السلطات التونسية تشن حملة اعتقالات بتهمة «تأجيج الاحتجاجات»

بينهم شقيق مرشح سابق لرئاسة الجمهورية

جانب من المظاهرات المطالبة بالشغل والتنمية وسط العاصمة التونسية (أ.ف.ب)
جانب من المظاهرات المطالبة بالشغل والتنمية وسط العاصمة التونسية (أ.ف.ب)
TT

السلطات التونسية تشن حملة اعتقالات بتهمة «تأجيج الاحتجاجات»

جانب من المظاهرات المطالبة بالشغل والتنمية وسط العاصمة التونسية (أ.ف.ب)
جانب من المظاهرات المطالبة بالشغل والتنمية وسط العاصمة التونسية (أ.ف.ب)

قالت وزارة الداخلية التونسية، أمس، إنها أوقفت أربعة أشخاص بتهمة تشكيل مجموعة قصد «الاعتداء على أمن الدولة الداخلي، المقصود منه تبديل هيئة الدولة، وحمل السكان على مهاجمة بعضهم البعض، وإثارة الهرج والسلب بالتراب التونسي»، وذلك على إثر الاحتجاجات التي شهدتها القصرين وسط غربي تونس. مؤكدة أنهم متهمون أيضا بمحاولة تأجيج الاحتجاجات الاجتماعية، ونقلها من الأحياء الشعبية المحيطة بالعاصمة إلى حي الزهور الشعبي بمدينة القصرين، الذي ارتبط اسمه بأيام ثورة 2011. كما أوضحت أن من بين الموقوفين شقيق مرشح سابق لرئاسة الجمهورية، وأنه تم أيضا إدراج ابن رئيس حزب سياسي في قائمة المبحوث عنهم في هذه القضية.
وأكد مصدر أمني تونسي أن ابن رئيس الحزب المعني بأمر البحث والتوقيف هو معاذ الغنوشي، نجل رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، لكن إذاعة «موزاييك» المحلية، اكتفت بالقول إن الشخص المدرج بقائمة المبحوث عنهم هو ابن رئيس برلمان سابق، لكنها لم تذكر الغنوشي بالاسم.
وردت حركة النهضة في بيان أمس على هذا الاتهام، وما وصفته بـ«مساعي التشويه والتضليل المتكررة التي تستهدف الحركة ورئيسها وعائلته، والتي تهدف إلى صرف الأنظار عن سياسة الهروب من مواجهة المشاكل الحقيقية للمواطنين، وفشل المقاربة الأمنية في التعاطي مع الاحتقان الاجتماعي المتصاعد في عدد من الأحياء والجهات».
وجاء في البيان أن نجل رئيس حركة النهضة «ينفي أي علاقة له بالمذكور هيكل الشنوفي، شقيق رجل الأعمال المذكور على لسان بعض وسائل الإعلام»، كما نفى «حصول أي تعامل معه أو اتصال به». ودعت الحركة في هذا السياق وسائل الإعلام إلى عدم الانخراط في أجندة استهداف السياسيين، مؤكدة أنها «لن تتوانى في التوجه إلى القضاء ضد كل من يحاول تشويه الحركة وقياداتها».
وحسب ما أوردته الداخلية التونسية فقد أقر الموقوفون بتسلمهم مبالغ مالية من شخص يقطن بمحافظة أريانة شمال العاصمة تونس، كما أشار بيان في هذا السياق إلى أن الشخص الموقوف هو شقيق أحد المرشحين السابقين للانتخابات الرئاسية لسنة 2014، وأنه سبق أن اتهم في قضية تبييض أموال. مبرزا أن عمليات التفتيش التي استهدفت محلات إقامة المتهمين مكنت من العثور على مبلغ مالي قدر بحوالي 16 ألف دينار تونسي (حوالي 5 آلاف دولار)، علاوة على مبلغ من العملة الأجنبية.
كما كشفت المصادر ذاتها أن التحقيق مع أحد الموقوفين أدى إلى اعترافه بالتواصل مع أحد أبناء رئيس حزب يقيم بين تركيا وإنجلترا، دون أن تذكر اسم الحزب، وأنه وعد بضخ أموال لتأجيج الوضع الاجتماعي في البلاد، وتكليفه بهذه المهمة في ولاية (محافظة) القصرين.
وفي هذا السياق، يرى مراقبون أن المعارضة التونسية، التي غادرت السلطة بعد إقرار التدابير الاستثنائية في 25 من يوليو (تموز) 2021 قد تسعى لاستعادة دورها السياسي، من خلال تبني مطالب الاحتجاجات الاجتماعية التي اتخذت طابعا اقتصاديا واجتماعيا، واستثمارها في معاركها السياسية. أما السلطة القائمة التي تبحث باستمرار عن الحلول الممكنة للأزمات الاجتماعية والاقتصادية الصعبة فتحاول من جهتها البحث عن تفسير لما يحصل، خاصة بعد تهديد المحتجين بنقل الاحتجاجات من مدينة إلى أخرى.
على صعيد متصل، تمكنت وحدات أمنية تابعة لمنطقة الأمن الوطني بسبيطلة بولاية القصرين مساء أول من أمس من العثور على 17 قارورة مولوتوف كانت مخبأة في أحد الأماكن القريبة من محطة القطار، وذلك إثر ورود معلومات حول اعتزام عدد من الأشخاص القيام بأعمال شغب، والاعتداء على الأملاك الخاصة والعامة. وعلى إثر ذلك، أذنت النيابة العامة بفتح تحقيق للتحري في «تشكيل تجمع بقصد إحداث الفوضى والشغب، والاعتداء على الأملاك العامّة والخاصّة، والاعتداء المدبّر على الجولان»، في انتظار الكشف عمن يقف وراء محاولة تأجيج الأوضاع الاجتماعية، واستغلال التوتر في عدد من الأحياء الشعبية المحيطة بالعاصمة، وتزايد المطالب الشعبية بتوفير المنتجات الاستهلاكية الأساسية، وتحسين مستوى العيش في ظل نسبة تضخم قياسي تجاوزت 9%.
في غضون ذلك، أكد مجدي الكرباعي، النائب السابق عن دائرة إيطاليا الانتخابية، والممثل للجالية التونسية المهاجرة في البرلمان المنحل، أن عدد التونسيين الذين وصلوا جزيرة لامبدوزا الإيطالية خلال السنة الحالية يقدر بحوالي 15.800 تونسي، علما بأنه منذ بداية سنة 2022 وإلى غاية 27 سبتمبر (أيلول) الماضي قامت إيطاليا بـ27 عملية ترحيل شملت حوالي 950 مهاجرا تونسيّا.
وكانت مدينة جرجيس التونسية (جنوب شرق) قد نظمت إضرابا عن العمل يوم الثلاثاء الماضي للمطالبة بالكشف عن مصير 18 تونسيا شاركوا في إحدى رحلات الهجرة غير الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) الماضي.


مقالات ذات صلة

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

شمال افريقيا تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على  أمن الدولة»

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

وجه القطب القضائي لمكافحة الإرهاب طلبا رسميا إلى رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس لبدء تحقيق ضدّ المحامين بشرى بلحاج حميدة، والعيّاشي الهمّامي، وأحمد نجيب الشابي، ونور الدين البحيري، الموقوف على ذمة قضايا أخرى، وذلك في إطار التحقيقات الجارية في ملف «التآمر على أمن الدولة». وخلفت هذه الدعوة ردود فعل متباينة حول الهدف منها، خاصة أن معظم التحقيقات التي انطلقت منذ فبراير (شباط) الماضي، لم تفض إلى اتهامات جدية. وفي هذا الشأن، قال أحمد نجيب الشابي، رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة، وأحد أهم رموز النضال السياسي ضد نظام بن علي، خلال مؤتمر صحافي عقدته اليوم الجبهة، المدعومة من قبل حركة النهضة، إنّه لن

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

أعلنت نقابة الصحافيين التونسيين أمس رصد مزيد من الانتهاكات ضد حرية التعبير، مع تعزيز الرئيس قيس سعيد لسلطاته في الحكم، وذلك ردا على نفي الرئيس أول من أمس مصادرة كتب، وتأكيده أن «الحريات لن تهدد أبدا»، معتبرا أن الادعاءات مجرد «عمليات لتشويه تونس». وكان سحب كتاب «فرانكشتاين تونس» للروائي كمال الرياحي من معرض تونس الدولي للكتاب قد أثار جدلا واسعا في تونس، وسط مخاوف من التضييق على حرية الإبداع. لكن الرئيس سعيد فند ذلك خلال زيارة إلى مكتبة الكتاب بشارع الحبيب بورقيبة وسط تونس العاصمة قائلا: «يقولون إن الكتاب تم منعه، لكنه يباع في مكتبة الكتاب في تونس...

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

بعد مصادقة البرلمان التونسي المنبثق عن انتخابات 2022، وما رافقها من جدل وقضايا خلافية، أبرزها اتهام أعضاء البرلمان بصياغة فصول قانونية تعزز مصالحهم الشخصية، وسعي البرلمانيين لامتلاك الحصانة البرلمانية لما تؤمِّنه لهم من صلاحيات، إضافة إلى الاستحواذ على صلاحيات مجلس الجهات والأقاليم (الغرفة النيابية الثانية)، وإسقاط صلاحية مراقبة العمل الحكومي، يسعى 154 نائباً لتشكيل كتل برلمانية بهدف خلق توازنات سياسية جديدة داخل البرلمان الذي يرأسه إبراهيم بودربالة، خلفاً للبرلمان المنحل الذي كان يرأسه راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة». ومن المنتظر حسب النظام الداخلي لعمل البرلمان الجديد، تشكيل كتل برلمانية قبل

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

أكد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار أمس، الاثنين، أنه لا مجال لإرساء ديكتاتورية في تونس في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن التونسيين «لن ينتظروا أي شخص أو شريك للدفاع عن حرياتهم»، وفق ما جاء في تقرير لـ«وكالة أنباء العالم العربي». وأشار التقرير إلى أن عمار أبلغ «وكالة تونس أفريقيا للأنباء» الرسمية قائلاً: «إذا اعتبروا أنهم مهددون، فسوف يخرجون إلى الشوارع بإرادتهم الحرة للدفاع عن تلك الحريات». وتتهم المعارضة الرئيس التونسي قيس سعيد بوضع مشروع للحكم الفردي، وهدم مسار الانتقال الديمقراطي بعد أن أقر إجراءات استثنائية في 25 يوليو (تموز) 2021 من بينها حل البرلمان.

المنجي السعيداني (تونس)

مؤتمر دولي في مصر يبحث تعزيز «الاستجابة الإنسانية» لغزة

وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)
TT

مؤتمر دولي في مصر يبحث تعزيز «الاستجابة الإنسانية» لغزة

وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)

تستعد القاهرة لاستضافة مؤتمر دولي لدعم وتعزيز «الاستجابة الإنسانية لقطاع غزة»، يوم الاثنين المقبل، بمشاركة إقليمية ودولية واسعة.

وأعلن وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، عن استضافة «مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة»، يوم 2 ديسمبر (كانون الأول)، وقال خلال مشاركته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا الاثنين: «المؤتمر سيبحث إجراءات تعزيز الاستجابة الإنسانية لقطاع غزة»، حسب إفادة للخارجية المصرية.

وأعاد عبد العاطي التأكيد على محددات الموقف المصري تجاه التطورات الإقليمية، التي تتضمن «ضرورة وقف فوري لإطلاق النار في غزة ولبنان، وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين، ونفاذ المساعدات الإنسانية دون عوائق، فضلاً عن أهمية الانتقال لإيجاد أُفق سياسي لتنفيذ حل الدولتين».

وكشفت مصادر مصرية مطلعة أن «المؤتمر سيعقد على مستوى وزراء الخارجية»، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «الحضور سيشمل تمثيلاً إقليمياً، من دول المنطقة، ودولياً، من المجتمع الدولي»، إلى جانب «تمثيل المؤسسات الدولية، ووكالات الأمم المتحدة المعنية بالقضية الفلسطينية، وعلى رأسها (الأونروا)».

وتجري القاهرة استعداداتها المكثفة لاستضافة المؤتمر، لضمان مشاركة واسعة فيه إقليمياً ودولياً، وفق المصادر، التي أشارت إلى أن «مصر ما زالت تتلقى تأكيدات من الدول التي ستشارك»، وأوضحت أن «المؤتمر سيناقش الأبعاد السياسية والأمنية والإنسانية للوضع في قطاع غزة»، وأن «دعم عمل وكالة (الأونروا)، سيكون من فعاليات المؤتمر».

ويعقد المؤتمر في ظل مطالبات عربية رسمية برفع القيود الإسرائيلية على مرور المساعدات لقطاع غزة، بعد قرار إسرائيل بحظر عمل أنشطة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ويتوقف رئيس الهيئة الدولية لدعم فلسطين، صلاح عبد العاطي، عند عقد المؤتمر بالتزامن مع الأوضاع الإنسانية الصعبة في قطاع غزة، وقال إن «الفلسطينيين ينظرون بإيجابية لمؤتمر القاهرة الوزاري، أملاً في تحقيق اختراق لأزمة المساعدات الإنسانية، والتدخل لإنفاذ الدعم لسكان القطاع»، مشيراً إلى أن «استمرار الوضع الحالي، مع حلول موسم الشتاء، يفاقم من المعاناة الإنسانية للسكان بغزة».

وتحدث عبد العاطي عن الأهداف التي يأمل الفلسطينيون أن يحققها المؤتمر، ودعا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى «ضرورة أن يحقق المؤتمر استجابة إنسانية سريعة لسكان القطاع، كما حدث في التدخلات المصرية السابقة»، إلى جانب «ممارسة ضغوط على الجانب الإسرائيلي لفتح المعابر أمام المساعدات الإغاثية»، كما طالب بـ«تشكيل تحالف دولي إنساني لدعم الإغاثة الإنسانية لغزة».

وتقول الحكومة المصرية إنها قدمت نحو 80 في المائة من حجم المساعدات الإنسانية المقدمة لقطاع غزة، وفق تصريحات لوزير التموين المصري في شهر مايو (أيار) الماضي.

واستضافت القاهرة، في أكتوبر من العام الماضي، «قمة القاهرة للسلام»، بمشاركة دولية واسعة، بهدف «دفع جهود المجتمع الدولي لوقف إطلاق النار، والعمل على تدفق المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة».

وباعتقاد أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، طارق فهمي، أن «مؤتمر القاهرة الوزاري يستهدف إعادة تقديم القضية الفلسطينية للواجهة الدولية، مرة أخرى، في ضوء التطورات الإقليمية»، وقال إن «توقيت ومستوى التمثيل في المؤتمر، يقدمان رسائل تنبيه مبكرة لخطورة الوضع في القطاع، والمسار المستقبلي للقضية الفلسطينية على الصعيد الدولي».

وستتجاوز مناقشات المؤتمر حدود الدعم الإنساني والإغاثي لسكان قطاع غزة، وفقاً لفهمي، الذي قال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «المؤتمر سياسي بالدرجة الأولى، ويستهدف استعراض الجهود المبذولة، خصوصاً من الدول العربية، لوقف الحرب في القطاع»، مشيراً إلى أن «المؤتمر سيسعى لصياغة مقاربات جديدة للتعاطي مع الأزمة في غزة، والقضية الفلسطينية في المرحلة المقبلة، خصوصاً مع تولي إدارة دونالد ترمب مهامها الرسمية في أميركا».