محامي الدفاع عن الحوثيين يهاجم الجماعة بعد سجن نجله وتعذيبه

TT

محامي الدفاع عن الحوثيين يهاجم الجماعة بعد سجن نجله وتعذيبه

حتى قبل نحو ثلاثة أسابيع كان المحامي اليمني عبد الفتاح الوشلي يعتقد أن دفاعه عن المعتقلين الحوثيين قبل الانقلاب وانتماءه إلى سلالة زعيم الجماعة، إلى جانب مقتل أكثر من 20 من أفراد عائلته خلال القتال في صفوف هذه الميليشيات، سيكون حصانة له من القمع بسبب كتاباته الناقدة لسلطتهم، لكنه أفاق على واقعة سجن وتعذيب نجله فور وصوله مدينة صعدة في زيارة لصديقه.
الوشلي الذي عادةً ما يوجّه انتقادات حادة لأداء سلطة الميليشيات، دعا عبد الملك الحوثي ووزير داخليته في حكومة الانقلاب عبد الكريم الحوثي للإفراج فوراً عن ابنه محمد الذي اعتقل من أحد شوارع صعدة فور وصوله المدينة، وقال، إنهم أودعوه في أحد سجون أمن صعدة والطلح وقسم العند، وهي المرة الأولى التي يزور فيها صعدة مع أحد أصدقائه من أبناء المحافظة.
وقال، إن أكثر من 300 شخص من قريته سُفكت دماؤهم وهم يقاتلون في صفوف الحوثيين، من بينهم أكثر من 20 فرداً من عائلته، مذكّراً قادة الميليشيات بأنه تولى الدفاع عن نحو 90‎ في المائة من المعتقلين الحوثيين منذ بداية عام 2011 وحتى استيلائهم على السلطة، وتابع قضاياهم في النيابات والمحاكم وفي المعتقلات من دون أي مقابل، وأنهم اليوم يجازونه باعتقال ابنه من دون سبب وأنهم عذبوه ولم يسمحوا له بالتواصل معه.
المحامي اليمني وضاح قطيش - من جهته - أعلن تضامنه مع زميله الوشلي، مطالباً بإطلاق سراح نجله الذي تم اختطافه في مدينة صعدة من دون مسوغ قانوني، وقال، إنه عند متابعة الميليشيات أفادوا بأنه تم حبسه على ذمة التحريات، وأن مسألة الإفراج عنه هي مسألة وقت وبعدها تم نقله إلى جهة مجهولة، منبهاً إلى أن الحبس التعسفي جريمة يعاقب عليها القانون.
في السياق نفسه، هاجم المحامي الوشلي الميليشيات وقال، إنهم كانوا مجرد هامش بلا معنى مطاردين في الجبال، وفقراء، وأنهم اليوم أصبحوا أغنياء، مبرراً مساندته الميليشيات بقوله، إن ذلك لم يكن تعصباً سلالياً أو مذهبياً أو مناطقياً وإنما لأنه اغتر بهم، وأنهم ردوا الجميل ومارسوا كل أنواع وأساليب الطغيان بحق كل من كان قريباً منهم أو تعاطف معهم، أو ضحى من أجلهم، وزاد على ذلك، أن الميليشيات سلبت أراضي وبيوت الناس المساكين ونهبت أموالهم تحت عناوين كثيرة كالضرائب والجمارك ومستحقات الزكاة والأوقاف وأنهم استخدموا السلاح والقوة والجبروت ضد كل مسكين ومستضعف.
المحامي الوشلي واصل هجومه العنيف على قيادة الميليشيات، وقال، إنهم عملوا كل شيء يستطيعون فعله من أجل منع الناس من بيع أراضيهم ليعيشوا منها فماتوا جوعاً وفقراً، وأكد أنهم اقتحموا بيوت الناس وتلصصوا عليها وعلى خصوصيات أسرهم، وشهّروا بالنساء والرجال ولم يستثنوا أحداً.
وذكر المحامي، أن عناصر الميليشيات فتحوا في كل مدينة عشرات السجون والمعتقلات خارج القانون، وملأوها ظلماً وجوراً بحق الرجال والنساء، ونسبوا لكل من يعارضهم أنواعاً وأشكالاً من التهم بالخيانة والعمالة والارتزاق والمخدرات والحشيش ونهب أراضي الدولة، وغيرها من التهم.
وفي خطاب من النادر استخدامه في مناطق سيطرة ميليشيات الحوثي، وصف الوشلي هذه الميليشيات بأنها «كارثة على الشعب»، وقال، إن من لم يحترق بنارهم سيحترق لا محالة، وخاطبهم بالقول «أنتم دخلتم صنعاء بذنوبنا وستخرجون منها بذنوبكم لا محالة، وثقوا أننا أقوى منكم ولو امتلكتم كل سلاح العالم».
وفي اتجاه آخر يستهدف مهنة المحاماة، منحت سلطة ميليشيات الحوثي وكلاء الشريعة حق الترافع أمام المحاكم مثلهم مثل المحامين، وذلك بعد نحو 30 عاماً على منع مزاولة هذه المهنة إلا لحملة شهادات جامعية في القانون.
وذكر محامون لـ«الشرق الأوسط»، أن وزارة الشؤون الاجتماعية في حكومة الميلشيات منحت ترخيصاً باسم نقابة وكلاء الدعاوى الشرعية والقانونية، وهو مسمى لا يوجد له نظير في أنحاء العالم، بحيث أصبح بإمكان أي شخص مزاولة مهنة المحاماة، وهي خطوة تستهدف المحامين بسبب مساندتهم إضراب القضاة ورفضهم ما تسمى «المنظومة العدلية» التي أسسها محمد الحوثي وعيّن نفسه على رأسها.
وطالب هؤلاء المحامون نقابتهم بالتصدي لمسمى نقابة وكلاء الشريعة والطعن بأي كيان غير شرعي، ورفض وجوده استناداً إلى قانون تنظيم مهنة المحاماة، وأكدوا أن هذه الخطوة الجديدة هدفها القضاء على منظومة القضاء بكل تفرعاتها، حيث بدأت الخطوة من تغيير محرري عقود البيع والشراء ومن ثم تشكيل لجان إدارية لمحاكمة القضاة وأعضاء النيابة ووصلت إلى استنساخ كيان بديل لنقابة ومهنة المحاماة.


مقالات ذات صلة

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.