«خريطة» الفصائل المتحاربة شمال سوريا

قوات تركية أمس في قرية كفر جنة التي سيطرت عليها «هيئة تحرير الشام» بضواحي مدينة عفرين (أ.ف.ب)
قوات تركية أمس في قرية كفر جنة التي سيطرت عليها «هيئة تحرير الشام» بضواحي مدينة عفرين (أ.ف.ب)
TT

«خريطة» الفصائل المتحاربة شمال سوريا

قوات تركية أمس في قرية كفر جنة التي سيطرت عليها «هيئة تحرير الشام» بضواحي مدينة عفرين (أ.ف.ب)
قوات تركية أمس في قرية كفر جنة التي سيطرت عليها «هيئة تحرير الشام» بضواحي مدينة عفرين (أ.ف.ب)

تشهد مناطق سيطرة القوات التركية في شمال سوريا تغيراً في خارطة النفوذ مع دخول «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً) إليها، إثر اقتتال داخلي بين فصائل محلية موالية لأنقرة، بحسب تقرير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».
وقدّمت الوكالة في تقرير من بيروت، أمس، عرضاً لأبرز القوى المسيطرة على الأرض، بما في ذلك «هيئة تحرير الشام»، بالإضافة إلى تناول دور تركيا التي أعربت مؤخراً عن احتمال انفتاح على دمشق.الفصائل المحلية:
تدور اشتباكات منذ أكثر من عشرة أيام في ريف محافظة حلب الشمالي، في منطقة حدودية مع تركيا سيطرت عليها الأخيرة مع فصائل سورية موالية لها على مراحل، إثر عمليات عسكرية عدة نفذتها في سوريا منذ عام 2016. واستهدفت هذه العمليات خصوصاً إبعاد المقاتلين الأكراد عن حدودها.
وتنتشر قوات تركية في المنطقة التي تتولى إدارتها مجالس محلية تتبع المحافظات التركية القريبة مثل غازي عنتاب وكيليس وشأنلي أورفا. يتقاسم نحو 30 فصيلاً منضوياً في إطار ما يعرف بـ«الجيش الوطني السوري» الموالي لأنقرة، السيطرة على المنطقة الحدودية الممتدة من جرابلس في ريف حلب الشمالي الشرقي إلى عفرين في ريفها الغربي، مروراً بمدن رئيسية مثل الباب وأعزاز.
تضم الفصائل بشكل رئيسي مقاتلين سابقين في مجموعات معارضة تم إجلاؤهم من مناطق سورية أخرى، إثر هزيمة فصائلهم أمام قوات النظام السوري، مثل «الجبهة الشامية» التي كانت تنشط في مدينة حلب، أو «جيش الإسلام» الذي كان يعد الفصيل المعارض الأبرز قرب دمشق.
ومن بين الفصائل أيضاً، مجموعات تنشط أساساً في الشمال مثل فصيل «السلطان مراد»، وأخرى برزت مع العمليات العسكرية التركية، وبينها فصيلا «الحمزة» و«سليمان شاه».

كيف بدأ التوتر ؟
في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، اندلعت اشتباكات بين فصيلي «الجبهة الشامية» و«الحمزة» في مدينة الباب بشمال شرقي حلب، إثر اتهام الفصيل الأخير بقتل ناشط إعلامي. وما لبثت أن توسعت المعارك. وتدخّلت «هيئة تحرير الشام» دعماً لفصائل معينة بينها «الحمزة»، ضد أخرى على رأسها «الفيلق الثالث» في «الجيش الوطني السوري» الذي يضم أيضاً «الجبهة الشامية» و«جيش الإسلام».
وبعد أيام قليلة فقط، دخلت «هيئة تحرير الشام» منطقة عفرين وتسلّمت كافة مؤسساتها للمرة الأولى. وقال المتحدث باسم «الفيلق الثالث» سراج الدين الشامي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن الهيئة «تسيطر على منطقة عفرين بالكامل، وعلى كافة المؤسسات فيها، وتولت الأمن العام وإدارة الحواجز».
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بالتوصل إلى اتفاق بين الطرفين المتقاتلين ينص على أن تتسلم «الهيئة» المؤسسات الخدمية والاقتصادية، وتتولى إرساء الأمن في عفرين، وتنشر عناصرها عند المعابر الفاصلة مع مناطق قوات النظام والأكراد. وكان من المفترض أن يشمل الاتفاق مناطق أخرى، إلا أنه منذ دخول «الهيئة» إلى عفرين، تظاهر بضع مئات من السكان في مدن عدة؛ رفضاً لدخولها إلى مناطقهم، مرددين هتافات «جولاني (زعيم تحرير الشام أبو محمّد الجولاني) يطلع برا».
بعد يومين من الهدوء، تجددت الاشتباكات. وأحرزت «هيئة تحرير الشام» تقدماً في محيط مدينة أعزاز، ثم تدخلت فصائل تركمانية للفصل بين الطرفين، «غالباً بطلب من تركيا»، وفق «المرصد» الذي قال إن عشرة أيام من المعارك أسفرت عن مقتل 28 عنصراً من «هيئة تحرير الشام»، و20 مقاتلاً من الفصائل المتحاربة، وعشرة مدنيين.
وبعد عشرة أيام لم تتدخل فيها للعمل على فض المواجهات، أرسلت تركيا، الثلاثاء، قوات انتشرت عند خطوط التماس بين الطرفين قرب أعزاز وعفرين من دون أن تنسحب «هيئة تحرير الشام»، وفق مراسل للوكالة الفرنسية.

الدور التركي
يرى سكان أن «هيئة تحرير الشام» ما كانت لتدخل إلى المنطقة لولا موافقة الأتراك الذين لم تتدخل قواتهم لوقف الاقتتال الداخلي، بحسب ما ذكرت الوكالة الفرنسية. وقال الشامي في هذا الإطار: «حتى الآن، لم يظهر موقف صريح رسمي من الأتراك تجاه التحركات، وربما يدل ذلك على موافقتهم (...) أو على قبولهم بالأمر الواقع».
وأعربت واشنطن عن قلقها إزاء «توغل» الهيئة في عفرين. وشددت سفارتها في سوريا في تغريدة على «تويتر»، على «وجوب سحب قوات هيئة تحرير الشام من المنطقة على الفور».


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

TT

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)
قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)

قال الجيش السوري ومصادر من قوات المعارضة إن قوات جوية روسية وسورية قصفت مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، شمال غربي سوريا، قرب الحدود مع تركيا، اليوم (الخميس)، لصد هجوم لقوات المعارضة استولت خلاله على أراضٍ لأول مرة منذ سنوات.

ووفقاً لـ«رويترز»، شن تحالف من فصائل مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام هجوماً، أمس (الأربعاء)، اجتاح خلاله 10 بلدات وقرى تحت سيطرة قوات الرئيس السوري بشار الأسد في محافظة حلب، شمال غربي البلاد.

وكان الهجوم هو الأكبر منذ مارس (آذار) 2020، حين وافقت روسيا التي تدعم الأسد، وتركيا التي تدعم المعارضة، على وقف إطلاق نار أنهى سنوات من القتال الذي تسبب في تشريد ملايين السوريين المعارضين لحكم الأسد.

وفي أول بيان له، منذ بدء الحملة المفاجئة قال الجيش السوري: «تصدَّت قواتنا المسلحة للهجوم الإرهابي الذي ما زال مستمراً حتى الآن، وكبَّدت التنظيمات الإرهابية المهاجمة خسائر فادحة في العتاد والأرواح».

وأضاف الجيش أنه يتعاون مع روسيا و«قوات صديقة» لم يسمِّها، لاستعادة الأرض وإعادة الوضع إلى ما كان عليه.

وقال مصدر عسكري إن المسلحين تقدموا، وأصبحوا على مسافة 10 كيلومترات تقريباً من مشارف مدينة حلب، وعلى بُعد بضعة كيلومترات من بلدتَي نبل والزهراء الشيعيتين اللتين بهما حضور قوي لجماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من إيران.

كما هاجموا مطار النيرب، شرق حلب، حيث تتمركز فصائل موالية لإيران.

وتقول قوات المعارضة إن الهجوم جاء رداً على تصعيد الضربات في الأسابيع الماضية ضد المدنيين من قبل القوات الجوية الروسية والسورية في مناطق جنوب إدلب، واستباقاً لأي هجمات من جانب الجيش السوري الذي يحشد قواته بالقرب من خطوط المواجهة مع قوات المعارضة.

وفي الوقت نفسه، ذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية، اليوم (الخميس)، أن البريجادير جنرال كيومارس بورهاشمي، وهو مستشار عسكري إيراني كبير في سوريا، قُتل في حلب على يد قوات المعارضة.

وأرسلت إيران آلاف المقاتلين إلى سوريا خلال الصراع هناك. وبينما شمل هؤلاء عناصر من الحرس الثوري، الذين يعملون رسمياً مستشارين، فإن العدد الأكبر منهم من عناصر جماعات شيعية من أنحاء المنطقة.

وقالت مصادر أمنية تركية اليوم (الخميس) إن قوات للمعارضة في شمال سوريا شنَّت عملية محدودة، في أعقاب هجمات نفذتها قوات الحكومة السورية على منطقة خفض التصعيد في إدلب، لكنها وسَّعت عمليتها بعد أن تخلَّت القوات الحكومية عن مواقعها.

وأضافت المصادر الأمنية أن تحركات المعارضة ظلَّت ضمن حدود منطقة خفض التصعيد في إدلب التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في عام 2019، بهدف الحد من الأعمال القتالية بين قوات المعارضة وقوات الحكومة.

وقال مصدر بوزارة الدفاع التركية إن تركيا تتابع التطورات في شمال سوريا عن كثب، واتخذت الاحتياطات اللازمة لضمان أمن القوات التركية هناك.

ولطالما كانت هيئة تحرير الشام، التي تصنِّفها الولايات المتحدة وتركيا منظمة إرهابية، هدفاً للقوات الحكومية السورية والروسية.

وتتنافس الهيئة مع فصائل مسلحة مدعومة من تركيا، وتسيطر هي الأخرى على مساحات شاسعة من الأراضي على الحدود مع تركيا، شمال غربي سوريا.

وتقول قوات المعارضة إن أكثر من 80 شخصاً، معظمهم من المدنيين، قُتلوا منذ بداية العام في غارات بطائرات مُسيرة على قرى تخضع لسيطرة قوات المعارضة.

وتقول دمشق إنها تشن حرباً ضد مسلحين يستلهمون نهج تنظيم القاعدة، وتنفي استهداف المدنيين دون تمييز.