«المركزي» الأوروبي منقسم حول «الأولويات»

دعوات إلى وقف سريع للدعم... وأخرى لعلاج «الأسباب الحقيقية» للتضخم

يبدو أن هناك خلافاً داخلياً حول الأولويات في أوساط البنك المركزي الأوروبي (رويترز)
يبدو أن هناك خلافاً داخلياً حول الأولويات في أوساط البنك المركزي الأوروبي (رويترز)
TT

«المركزي» الأوروبي منقسم حول «الأولويات»

يبدو أن هناك خلافاً داخلياً حول الأولويات في أوساط البنك المركزي الأوروبي (رويترز)
يبدو أن هناك خلافاً داخلياً حول الأولويات في أوساط البنك المركزي الأوروبي (رويترز)

يبدو الارتباك على أشده في أوساط البنك المركزي الأوروبي حول الخطوات القادمة، ورغم التوافق شبه التام على ضرورة الاستمرار في رفع الفائدة خلال الفترة المقبلة، فإن هناك انقساماً بارزاً حول الأولويات، ووتيرة الرفع وسرعة وقف برامج الدعم قد تكون نقطة خلاف جوهرية تلمساً للسبيل الأكثر نجاحاً لمواجهة التضخم الشرس.
وقال عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي يواكيم ناغل، إنه يتعين على البنك الاستمرار في التراجع سريعاً عن الدعم النقدي وألا يوقِف زيادات أسعار الفائدة بشكل مبكر للغاية.
ونقلت وكالة «بلومبرغ» عن رئيس البنك المركزي الألماني، لمجموعة من طلاب جامعة هارفارد، يوم الاثنين، إنه في ظل «الارتفاع المخيف» للتضخم واستمرار سياسة التيسير، فإن المسؤولين «يتعين عليهم سحب التحفيز سريعاً»، وأضاف أنه إذا كان هذا ضرورياً، فيجب أن تنتقل تكاليف الاقتراض «إلى منطقة تقييدية».
ومن المتوقع أن يعيد البنك المركزي الأوروبي الزيادة التاريخية التي أقرها في سبتمبر (أيلول) الماضي بمقدار 75 نقطة أساس وذلك عندما يجتمع في الأسبوع المقبل. وستساعد هذه الخطوة في التصدي للتضخم الذي وصل إلى 10% في الشهر الماضي، وهو أعلى معدل في تاريخ منطقة اليورو. ويقول متشددون مثل ناغل إن السيطرة على الأسعار تحتل الأولوية، على الرغم من أزمة الطاقة التي تدفع أوروبا نحو الركود الاقتصادي.
وأضاف ناغل: «يجب ألا نتوقف إلا عندما يتم تحقيق استقرار الأسعار... التوقف السابق لأوانه قد يؤدي إلى إطالة فترة التضخم المرتفع الذي سيتطلب سياسة نقدية أشد فيما بعد، الأمر الذي قد يتسبب في ركود أكثر حدة».
من جهة أخرى، قالت مسؤولة في «بنك آيرلندا» إن قوى أعمق رسوخاً من أسعار الطاقة، وأنماط الإنفاق تحرِّك التضخم العالمي، مما يعني أنه من المرجح أن يظل مرتفعاً لبعض الوقت.
وذكرت وكالة «بلومبرغ» للأنباء، أمس (الثلاثاء)، أن رئيسة قسم تداول التضخم في البنك سيمين سوهير باور، قالت إن الصدمات المرتبطة بأسعار السلع والتغيرات في سلوك المستهلكين بعد جائحة «كوفيد - 19» أثّرت على التضخم الرئيسي، وقد بدأت في الاستقرار.
وقالت خلال قمة «بلومبرغ» للمساواة، أمس: «لقد مررنا بجائحة كورونا ونشهد حالياً حرباً في أوروبا، لذلك من السهل أن يكون هناك بعض العناصر الدورية مهيمنة هنا، ولكن هذه ليست القضية». وأضافت أن «ما يثير القلق هو أننا نشهد الآن تسارع ضغوط التضخم الأساسية... هذا ليس تضخماً دورياً... هذا هو التضخم الهيكلي. نحن نشهد تحولاً من العولمة إلى القضاء عليها، وإجراء محادثات حول مرونة سلاسل التوريد، والانتقال إلى الطاقة الخضراء». وأشارت باور إلى أن «كل هذا له آثار تضخمية... من الصعب استقرار مستويات التضخم في أثناء حدوث هذه التغييرات الهيكلية».
وحسب تحليلات اقتصادية منذ نهاية الشهر الماضي، فإن التضخم المرتفع والمتصاعد يضع ضغوطاً على البنك المركزي الأوروبي لاتباع نهج «متشدد» ورفع أسعار الفائدة بشدة، بينما يؤدي انخفاض النمو وتباطؤه إلى زيادة الآثار السلبية الناتجة من تشديد الأوضاع المالية، حيث يزيد من تكلفة رأس المال ويوسّع علاوات المخاطر بين بلدان منطقة اليورو.
ويشكّل هذا الوضع معضلة في السياسة النقدية للمركزي الأوروبي حتى الآن، حيث تسبب في «إبطاء تحركاته»، وجعله متأخراً عن موقف بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي وبعض البنوك المركزية الرئيسية الأخرى.
ومن المتوقع أن يرفع البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة مرة أخرى بمقدار 75 نقطة أساس في شهر أكتوبر (تشرين الأول) و50 نقطة أساس في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، لتصل أسعار الفائدة إلى 2% قبل نهاية العام، مع استمرار جولات رفع أسعار الفائدة خلال عام 2023 حتى يضيق الهامش بين التضخم الفعلي وأسعار الفائدة.


مقالات ذات صلة

خلاف «النسبة» يهيمن على {المركزي} الأوروبي

الاقتصاد خلاف «النسبة» يهيمن على {المركزي} الأوروبي

خلاف «النسبة» يهيمن على {المركزي} الأوروبي

يتجه المصرف المركزي الأوروبي الخميس إلى إقرار رفع جديد لمعدلات الفائدة، وسط انقسام بين مسؤوليه والمحللين على النسبة التي يجب اعتمادها في ظل تواصل التضخم والتقلب في أداء الأسواق. ويرجح على نطاق واسع أن يقرّر المصرف زيادة معدلات الفائدة للمرة السابعة توالياً وخصوصاً أن زيادة مؤشر أسعار الاستهلاك لا تزال أعلى من مستوى اثنين في المائة الذي حدده المصرف هدفاً له.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)
الاقتصاد انقسام أوروبي حول خطط إصلاح قواعد الديون

انقسام أوروبي حول خطط إصلاح قواعد الديون

واجه وزراء مالية دول الاتحاد الأوروبي، يوم الجمعة، اقتراحا من قبل المفوضية الأوروبية لمنح دول التكتل المثقلة بالديون المزيد من الوقت لتقليص ديونها، بردود فعل متباينة. وأكد وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر أن مقترحات المفوضية الأوروبية لمراجعة قواعد ديون الاتحاد الأوروبي «ما زالت مجرد خطوة أولى» في عملية الإصلاح.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الاقتصاد نمو «غير مريح» في منطقة اليورو... وألمانيا تنجو بصعوبة من الركود

نمو «غير مريح» في منطقة اليورو... وألمانيا تنجو بصعوبة من الركود

ارتفع الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو بنسبة بلغت 0,1 % في الربع الأول من العام 2023 مقارنة بالربع السابق، بعدما بقي ثابتا في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام 2022، وفق أرقام مكتب الإحصاء الأوروبي (يوروستات). بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي برمّته، انتعش نمو الناتج المحلي الإجمالي بزيادة بلغت نسبتها 0,3 % بعد انخفاض بنسبة 0,1 % في الربع الأخير من العام 2022، وفق «يوروستات». وفي حين تضررت أوروبا بشدة من ارتفاع أسعار الطاقة عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما يغذي تضخما ما زال مرتفعا للغاية، فإن هذا الانتعاش الطفيف للنمو يخفي تباينات حادة بين الدول العشرين التي تشترك في العملة الموحدة. وخلال الأش

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الاقتصاد «النقد الدولي» يدعو البنوك المركزية الأوروبية لعدم التوقف عن رفع أسعار الفائدة

«النقد الدولي» يدعو البنوك المركزية الأوروبية لعدم التوقف عن رفع أسعار الفائدة

قال مدير صندوق النقد الدولي لمنطقة أوروبا اليوم (الجمعة)، إنه يتعين على البنوك المركزية الأوروبية أن تقضي على التضخم، وعدم «التوقف» عن رفع أسعار الفائدة، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية». وأوضح ألفريد كامر، خلال إفادة صحافية حول الاقتصاد الأوروبي في استوكهولم، «يجب قتل هذا الوحش (التضخم).

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الاقتصاد أوروبا تشتري الوقت لتقليص الديون

أوروبا تشتري الوقت لتقليص الديون

من المقرر أن تحصل دول الاتحاد الأوروبي المثقلة بالديون على مزيد من الوقت لتقليص الديون العامة، لتمكين الاستثمارات المطلوبة، بموجب خطط إصلاح اقترحتها المفوضية الأوروبية يوم الأربعاء. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين: «نحتاج إلى قواعد مالية ملائمة لتحديات هذا العقد»، وأضافت «تمكننا الموارد المالية القوية من الاستثمار أكثر في مكافحة تغير المناخ، ولرقمنة اقتصادنا، ولتمويل نموذجنا الاجتماعي الأوروبي الشامل، ولجعل اقتصادنا أكثر قدرة على المنافسة». يشار إلى أنه تم تعليق قواعد الديون والعجز الصارمة للتكتل منذ أن دفعت جائحة فيروس «كورونا» - حتى البلدان المقتصدة مثل ألمانيا - إلى الا

«الشرق الأوسط» (بروكسل)

أميركا توسّع لائحتها السوداء ضد الشركات الصينية

حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)
حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)
TT

أميركا توسّع لائحتها السوداء ضد الشركات الصينية

حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)
حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)

أعلنت الولايات المتحدة، أنها وسّعت مجدداً لائحتها السوداء التي تحظر استيراد منتجات من منطقة شينجيانغ الصينية، أو التي يُشتبه في أنها صُنعت بأيدي أويغور يعملون قسراً.

وقد اتُّهمت نحو 30 شركة صينية جديدة باستخدام مواد خام أو قطع صنِعَت أو جمِعَت بأيدي أويغور يعملون قسراً، أو بأنها استخدمت هي نفسها هذه العمالة لصنع منتجاتها.

وبهذه الإضافة، يرتفع إلى 107 عدد الشركات المحظورة الآن من التصدير إلى الولايات المتحدة، حسبما أعلنت وزارة الأمن الداخلي.

وقالت الممثلة التجارية الأميركية، كاثرين تاي، في بيان: «بإضافة هذه الكيانات، تواصل الإدارة (الأميركية) إظهار التزامها بضمان ألّا تدخل إلى الولايات المتحدة المنتجات المصنوعة بفعل العمل القسري للأويغور أو الأقليات العرقية أو الدينية الأخرى في شينجيانغ».

وفي بيان منفصل، قال أعضاء اللجنة البرلمانية المتخصصة في أنشطة «الحزب الشيوعي الصيني» إنهم «سعداء بهذه الخطوة الإضافية»، عادّين أن الشركات الأميركية «يجب أن تقطع علاقاتها تماماً مع الشركات المرتبطة بالحزب الشيوعي الصيني».

يحظر قانون المنع الذي أقرّه الكونغرس الأميركي في ديسمبر (كانون الأول) 2021، كل واردات المنتجات من شينجيانغ ما لم تتمكّن الشركات في هذه المنطقة من إثبات أن إنتاجها لا ينطوي على عمل قسري.

ويبدو أن المنتجات الصينية ستجد سنوات صعبة من التصدير إلى الأسواق الأميركية، مع تهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية تزيد على 60 في المائة على السلع الصينية جميعها، وهو ما أثار قلق الشركات الصينية وعجَّل بنقل المصانع إلى جنوب شرقي آسيا وأماكن أخرى.

كانت وزارة التجارة الصينية، قد أعلنت يوم الخميس، سلسلة من التدابير السياسية التي تهدف إلى تعزيز التجارة الخارجية للبلاد، بما في ذلك تعزيز الدعم المالي للشركات وتوسيع صادرات المنتجات الزراعية.

وكانت التجارة أحد المجالات النادرة التي أضاءت الاقتصاد الصيني في الآونة الأخيرة، في وقت يعاني فيه الاقتصاد من ضعف الطلب المحلي وتباطؤ قطاع العقارات، مما أثقل كاهل النمو.

وقالت الوزارة، في بيان نشرته على الإنترنت، إن الصين ستشجع المؤسسات المالية على تقديم مزيد من المنتجات المالية؛ لمساعدة الشركات على تحسين إدارة مخاطر العملة، بالإضافة إلى تعزيز التنسيق بين السياسات الاقتصادية الكلية للحفاظ على استقرار اليوان «بشكل معقول».

وأضاف البيان أن الحكومة الصينية ستعمل على توسيع صادرات المنتجات الزراعية، ودعم استيراد المعدات الأساسية ومنتجات الطاقة.

ووفقاً للبيان، فإن الصين سوف «ترشد وتساعد الشركات على الاستجابة بشكل نشط للقيود التجارية غير المبررة التي تفرضها البلدان الأخرى، وتخلق بيئة خارجية مواتية لتعزيز الصادرات».

وأظهر استطلاع أجرته «رويترز»، يوم الخميس، أن الولايات المتحدة قد تفرض تعريفات جمركية تصل إلى 40 في المائة على وارداتها من الصين في بداية العام المقبل، مما قد يؤدي إلى تقليص نمو الاقتصاد الصيني بنسبة تصل إلى 1 نقطة مئوية.