التضخم يهدد العالم... واحتمالات الركود الأميركي «100 %»

تقلّص التوقعات بحدوث «تراجع حاد» للاقتصاد البريطاني

أظهر نموذج مرموق للتوقعات الاقتصادية أن احتمال دخول الاقتصاد الأميركي إلى دائرة الركود أصبح 100 % (رويترز)
أظهر نموذج مرموق للتوقعات الاقتصادية أن احتمال دخول الاقتصاد الأميركي إلى دائرة الركود أصبح 100 % (رويترز)
TT

التضخم يهدد العالم... واحتمالات الركود الأميركي «100 %»

أظهر نموذج مرموق للتوقعات الاقتصادية أن احتمال دخول الاقتصاد الأميركي إلى دائرة الركود أصبح 100 % (رويترز)
أظهر نموذج مرموق للتوقعات الاقتصادية أن احتمال دخول الاقتصاد الأميركي إلى دائرة الركود أصبح 100 % (رويترز)

في وقت يهدد التضخم العنيف كافة جنبات العالم، أظهر نموذج بلومبرغ إيكونوميكس للتوقعات الاقتصادية أن احتمال دخول الاقتصاد الأميركي إلى دائرة الركود خلال الـ12 شهرا المقبلة أصبح 100 في المائة، وهو ما يمثل ضربة قوية للرئيس الأميركي جو بايدن قبل انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الشهر المقبل.
وأشارت بلومبرغ إلى أن أحدث نماذج احتمالات الركود التي أعدتها المحللتان الاقتصاديتان في بلومبرغ آنا وونغ وإليزا وينغر، أشارت إلى ارتفاع احتمالات الركود لكل الأطر الزمنية لتصل إلى 100 في المائة بحلول أكتوبر (تشرين الأول) 2023، مقابل 65 في المائة فقط في الفترة السابقة.
وأشارت بلومبرغ إلى أن هذه التوقعات ستكون غير جيدة بالنسبة للرئيس بايدن الذي قال أكثر من مرة إن الولايات المتحدة ستتجنب الركود الاقتصادي، وإن أي تراجع للاقتصاد سيكون «طفيفا للغاية»، في إطار محاولاته التأكيد على أن الاقتصاد الأميركي يقف على أقدام صلبة في ظل إدارته.
ويذكر أن نموذج بلومبرغ إيكونوميكس للتوقعات الاقتصادية يستخدم 13 مؤشرا ماليا واقتصاديا للتنبؤ بفرص التباطؤ خلال فترة من شهر إلى عامين قادمين. وبحسب النموذج، فإن احتمال حدوث ركود للاقتصاد الأميركي خلال 12 شهرا يصل إلى 100 في المائة. في حين أن احتمال حدوث الركود خلال 11 شهرا مقبلة يصل إلى 73 في المائة، مقابل 30 في المائة وفق القراءة السابقة للنموذج. ويقل الاحتمال إلى 25 في المائة خلال الـ10 أشهر، مقابل صفر في المائة وفق القراءة السابقة.
ولا يتوقف الأمر على الركود الأميركي، إذ يتوقع خبراء اقتصاد معدلات تضخم عالية للغاية في جميع أنحاء العالم هذا العام والعام المقبل. وبحسب استطلاع أجراه معهد «إيفو» الألماني للبحوث الاقتصادية ومعهد السياسة الاقتصادية السويسرية في سبتمبر (أيلول) الماضي وشمل 1687 خبيرا اقتصاديا من 129 دولة، يتوقع الخبراء بالنسبة لهذا العام أن يبلغ متوسط التضخم 9.5 في المائة على مستوى العالم، وهو «أعلى بنسبة 6.7 نقطة مئوية من متوسط معدل التضخم على مدى العقد الماضي الذي أعلنه البنك الدولي»، حسبما ذكر معهد «إيفو» يوم الاثنين في ميونيخ.
وتشير الأرقام إلى متوسط معدلات التضخم المتوقعة على مستوى الدول. وأظهر المسح فوارق إقليمية كبيرة للغاية: في غرب أوروبا يتوقع الخبراء تضخما بنسبة 7.3 في المائة هذا العام، مقابل 19 في المائة في شرق أوروبا، و5.6 في المائة في جنوب شرقي آسيا، و30 في المائة في غرب آسيا، و7.2 في المائة في أميركا الشمالية، و30 في المائة في أميركا الجنوبية، وما يقرب من 60 في المائة في شرق أفريقيا.
ويرجح الخبراء أن تواصل الأسعار ارتفاعها في جميع أنحاء العالم. وذكر معهد «إيفو»: «من المتوقع أن يشهد التضخم العام المقبل تراجعا طفيفا مقارنة بهذا العام مع متوسط معدل تضخم يبلغ 7.5 في المائة في عام 2023». ويتوقع الخبراء أن يبلغ متوسط التضخم على مستوى العالم 5 في المائة في عام 2026.
وفي تقرير منفصل يظهر حالة شديدة الهشاشة، حذر محللون اقتصاديون من انكماش الاقتصاد البريطاني بنحو 0.2 في المائة من إجمالي الناتج المحلي كل ربع سنة ابتداء من أكتوبر الحالي وحتى يونيو (حزيران) المقبل.
وقال محللو مؤسسة «إي واي آيتم كلوب» في أحدث توقعاتهم الموسمية إن «هذا التراجع الممتد سيؤدي إلى انكماش إجمالي الناتج المحلي لبريطانيا خلال العام المقبل ككل بنسبة 0.3 في المائة تقريبا».
وذكرت وكالة «بي إيه ميديا» البريطانية للأخبار أن هذه المجموعة الاقتصادية خفضت توقعاتها الموسمية السابقة، والتي كانت تشير إلى نمو الاقتصاد البريطاني بمعدل 1 في المائة خلال العام المقبل.
وأدى مزيج ارتفاع أسعار الطاقة ومعدل التضخم وزيادة أسعار الفائدة وتراجع الاقتصاد العالمي إلى زيادة احتمالات دخول الاقتصاد البريطاني دائرة الركود حتى منتصف العام المقبل. ويذكر أن أي اقتصاد يعتبر في حالة ركود من الناحية الفنية عندما ينكمش إجمالي الناتج المحلي خلال ربعين متتالين من العام.
ورغم ذلك يرى المحللون أن احتمالات حدوث تراجع حاد للاقتصاد البريطاني تقلصت بفضل قرار الحكومة وضع حد أقصى لأسعار الطاقة للمستهلكين، وهو ما يعني أن الركود القادم لن يكون بنفس حدة الركود السابق.
وتدخلت الحكومة البريطانية في سبتمبر الماضي ووضعت سقفا لقيمة فاتورة استهلاك الكهرباء للأسرة البريطانية العادية وهو 2500 جنيه إسترليني (2800 دولار) وتعهدت بتغطية جزء من نفقات الكهرباء للشركات البريطانية أيضا.
وفي الوقت نفسه يرى الخبراء أن الاقتصاد البريطاني سيعود إلى النمو خلال النصف الثاني من 2023 بمجرد تراجع معدل التضخم المرتفع، وتحسن قيمة الجنيه الإسترليني المتراجع، وتوقف بنك إنجلترا المركزي عن زيادة أسعار الفائدة.
ويتوقع الخبراء نمو الاقتصاد البريطاني بمعدل 2.4 في المائة خلال 2024، و2.3 في المائة خلال 2025، لكنهم حذروا من احتمالات تراجع النمو إذا حدثت صدمات اقتصادية جديدة.


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

الاقتصاد «الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

للمرة العاشرة منذ مارس (آذار) العام الماضي، اتجه البنك الاتحادي الفيدرالي الأميركي إلى رفع سعر الفائدة بمقدار 0.25 نقطة أساس، يوم الأربعاء، في محاولة جديدة لكبح جماح معدلات التضخم المرتفعة، التي يصارع الاتحادي الفيدرالي لخفضها إلى 2 في المائة دون نجاح ملحوظ. وأعلن مجلس الاحتياطي الاتحادي رفع سعر الفائدة الرئيسي 25 نقطة أساس إلى نطاق 5.00 و5.25 في المائة، لتستمر بذلك زيادات أسعار الفائدة منذ مارس 2022 وهي الأكثر تشدداً منذ 40 عاماً، في وقت يثير المحللون الاقتصاديون تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الزيادة ستكون آخر مرة يقوم فيها الاتحادي الفيدرالي برفع الفائدة، أم أن هناك مزيداً من الخطوات خلال الفت

هبة القدسي (واشنطن)
الاقتصاد أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

لا تتوقف تداعيات الحرب التجارية الدائرة منذ سنوات بين الولايات المتحدة والصين عند حدود الدولتين، وإنما تؤثر على الاقتصاد العالمي ككل، وكذلك على جهود حماية البيئة ومكافحة التغير المناخي. وفي هذا السياق يقول الكاتب الأميركي مارك غونغلوف في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء إن فرض رسوم جمركية باهظة على واردات معدات الطاقة الشمسية - في الوقت الذي يسعى فيه العالم لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري ومكافحة تضخم أسعار المستهلك وتجنب الركود الاقتصادي - أشبه بمن يخوض سباق العدو في دورة الألعاب الأوليمبية، ويربط في قدميه ثقلا يزن 20 رطلا. وفي أفضل الأحوال يمكن القول إن هذه الرسوم غير مثمرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الدولار يتراجع  في «ساعات الترقب»

الدولار يتراجع في «ساعات الترقب»

هبط الدولار يوم الأربعاء بعد بيانات أظهرت تراجع الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة، فيما ترقبت الأنظار على مدار اليوم قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) الذي صدر في وقت لاحق أمس بشأن أسعار الفائدة. وأظهرت بيانات مساء الثلاثاء انخفاض الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة للشهر الثالث على التوالي خلال مارس (آذار)، وسجلت معدلات الاستغناء عن الموظفين أعلى مستوياتها في أكثر من عامين، ما يعني تباطؤ سوق العمل، وهو ما قد يساعد الاحتياطي الفيدرالي في مكافحة التضخم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي  أقل من 70 دولاراً للبرميل

النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي أقل من 70 دولاراً للبرميل

واصلت أسعار النفط تراجعها خلال تعاملات أمس الأربعاء، بعد هبوطها بنحو 5 في المائة في الجلسة السابقة إلى أدنى مستوى في خمسة أسابيع، فيما يترقب المستثمرون المزيد من قرارات رفع أسعار الفائدة هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد 2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

أظهر تحليل أجرته منظمات دولية تشمل الاتحاد الأوروبي ووكالات الأمم المتحدة المختلفة أن عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع أو يشهدون أوضاعا تتسم بانعدام الأمن الغذائي ارتفع في مختلف أنحاء العالم في 2022. وتوصل التقرير الذي صدر يوم الأربعاء، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إلى أن أكثر من ربع مليار شخص عانوا من جوع شديد أو من مجاعات كارثية العام الماضي.

أحمد الغمراوي (القاهرة)

الجدعان: مشاركة السعودية في «قمة العشرين» ترسيخ لمكانتها الإقليمية والدولية

وزير المالية السعودي عبد الله الجدعان (واس)
وزير المالية السعودي عبد الله الجدعان (واس)
TT

الجدعان: مشاركة السعودية في «قمة العشرين» ترسيخ لمكانتها الإقليمية والدولية

وزير المالية السعودي عبد الله الجدعان (واس)
وزير المالية السعودي عبد الله الجدعان (واس)

أكّد وزير المالية السعودي محمد بن عبد الله الجدعان أن المملكة تحرص من خلال عضويتها في مجموعة العشرين على دعم العمل المشترك متعدد الأطراف، لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتعزيز استقرار الاقتصاد العالمي، والمساهمة بشكل فعّال في وضع حلول وسياسات للتحديات المشتركة، خصوصاً تلك التي تواجه البلدان النامية ومنخفضة الدخل. وقال في تصريح لوكالة الأنباء السعودية بمناسبة انعقاد قمة قادة مجموعة العشرين تحت الرئاسة البرازيلية: «تسعى المملكة للاستفادة من تجارب دول مجموعة العشرين في المجالات المختلفة التي تناقشها المجموعة، بصفتها أكبر اقتصادات العالم، إلى جانب استمرار فرق المملكة التي تشارك في مجموعة العشرين في نقل تجربة التحول الاقتصادي المتسارع في المملكة للدول الشقيقة والصديقة في المجموعة التي تستهدف تحقيق التنمية المستدامة والتنوع في اقتصادها، من خلال المعارف والخبرات المتراكمة نتيجة لاستراتيجيات (رؤية السعودية 2030) وبرامج التحوّل الوطني».

وثمّن الجهود المبذولة من الرئاسة البرازيلية لتنفيذ جدول أعمال «مجموعة العشرين» هذا العام، تحت شعار «بناء عالم عادل وكوكب مستدام»، موضحاً أن أولويات الرئاسة البرازيلية الثلاث هذا العام التي تتمثل في «مكافحة الجوع والفقر، وإصلاح مؤسسات الحوكمة العالمية، والتنمية المستدامة في أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية»، وتمثّل التوجه العام للمجموعة في تعزيز تعددية الأطراف، والأمن الغذائي، والتنمية المستدامة بشكل عام.

وأشار إلى أن مشاركة المملكة في أعمال قمة مجموعة العشرين تأتي ترسيخاً لمكانتها الإقليمية والدولية وقوة اقتصادها الذي يعد واحداً من أسرع الاقتصادات نمواً، مبيناً أن مشاركة المملكة في هذه القمة وغيرها من المحافل العالمية تأتي تعزيزاً لدورها المحوري في الساحة العالمية الاقتصادية والمالية.