واشنطن تبلغ السلطة الفلسطينية غضبها من لقاء عباس مع بوتين

الرئيس بوتين التقي الرئيس عباس على هامش مؤتمر آستانة (أ.ف.ب)
الرئيس بوتين التقي الرئيس عباس على هامش مؤتمر آستانة (أ.ف.ب)
TT

واشنطن تبلغ السلطة الفلسطينية غضبها من لقاء عباس مع بوتين

الرئيس بوتين التقي الرئيس عباس على هامش مؤتمر آستانة (أ.ف.ب)
الرئيس بوتين التقي الرئيس عباس على هامش مؤتمر آستانة (أ.ف.ب)

أكدت مصادر إسرائيلية أن التصريحات التي أدلى بها الناطق باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، هي تعبير بسيط عن الغضب الأميركي من لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، (الخميس الماضي)، وقوله إنه لا يثق بالقيادة الأميركية. وقالت هذه المصادر إن الغضب الأميركي سيتجلى في ممارسات ضد السلطة.
وتابعت المصادر الإسرائيلية قولها إن «هناك من سعى في تل أبيب إلى تسريب نص أقوال عباس، التي لم تظهر في البيان الرسمي للرئاسة الفلسطينية في حينه، وفيها إساءة كبيرة للرئيس جو بايدن وإدارته، خصوصاً في الوقت الذي كان فيه مساعدوه يستقبلون بحفاوة أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حسين الشيخ، المقرب من عباس».
وكان عباس قد قال خلال اللقاء مع بوتين، الذي جرى على هامش قمة «مؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا (سيكا)»، المنعقدة في كازاخستان، إنه لا يثق بالقيادة الأميركية. وأضاف؛ وفق المصادر الإسرائيلية، أن «الولايات المتحدة تتخذ موقفاً متحيزاً بشكل صارخ مع إسرائيل، ولا توجد لدينا ثقة بقدرتها على الوساطة لحل الصراع مع إسرائيل». وجدد عباس دعمه اللجنة الرباعية الدولية التي تضم روسيا والولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، بقوله: «لا يمكن ترك زمام الأمور للولايات المتحدة لتتصرف بمفردها. فنحن لا نثق بأميركا، وأنتم تعرفون رأينا. إننا لا نثق بها ولا نعتمد عليها، ولا نقبل أن تكون أميركا تحت أي ظرف طرفاً وحيداً في حل مشكلة». وأضاف عباس لاحقاً في تصريحات لوسائل الاعلام: «يمكن أن تكون الولايات المتحدة شريكة ضمن الرباعية؛ لأنها دولة عظمى، لا مانع، لكن أن تكون وحدها؛ فهذا لن نقبل به إطلاقاً». وأكد عباس في المقابل ثقته بروسيا وقائدها، وقال للرئيس بوتين: «نحن فخامة الرئيس مطمئنون تماماً لموقف روسيا تجاه الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية. ونرى أن روسيا تتمسك بالعدالة والقانون الدولي، وهذا يكفينا».
وحسب النشر في تل أبيب (الأحد)، فقد اغتاظ فريق بايدن من هذه التصريحات وعدّها صفعة للجهود الأميركية لتحريك الموضوع الفلسطيني وإلغاء قرارات الرئيس السابق، دونالد ترمب، التي ألحقت به الأضرار. وصدرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» بمقال افتتاحي، الأحد، وقع عليه بن درور يميني، قالت فيه إن «عباس مثل سابقيه من القادة الفلسطينيين الذين عرفوا دائماً كيف يقفون في المكان الخطأ في التاريخ».
واستعرض الكاتب المواقف الخطأ قائلاً: «في النصف الأول من القرن العشرين اختار الحاج أمين الحسيني الوقوف مع النازية الألمانية، وجلس في برلين طيلة سنوات الحرب، ودعا من هناك إلى إبادة اليهود في الدول العربية. وفي سنوات الستين قرر أحمد الشقيري أنه لا يوجد نفور من إبادة دولة إسرائيل. وفي حرب الخليج وقف ياسر عرفات مع صدام حسين. وها هو عباس يقف مع بوتين ضد الولايات المتحدة، على تقاليد سابقيه الذين وقفوا دائماً في المكان الخطأ».
وقد رد مصدر في الرئاسة الفلسطينية على هذا النشر الإسرائيلي، فقال إن عباس طرح أمام بوتين صورة الوضع وأطلعه على التصعيد الإسرائيلي في الساحة الفلسطينية. وتابع: «كان واضحاً لنا أن هناك إشكاليات في اللقاء مع بوتين في هذا التوقيت، ولكن لم يتبق لنا الكثير من الإمكانيات». وأضاف: «روسيا تقف مع فلسطين طيلة عشرات السنين، وليس من الطبيعي أن يرفض الرئيس الفلسطيني طلباً من الرئيس بوتين بلقائه».
يذكر أن الجانب الأميركي وجه توبيخاً للرئيس الفلسطيني على لقائه بوتين وتصريحاته أمامه، وقال إن الرئيس الروسي أبعد ما يكون عن الشراكة في تسوية للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، بينما الرئيس بايدن يفتش عن «سبل إبداعية» لأجل دفع عملية السلام في الشرق الأوسط تعود بالفائدة والازدهار على شعوبه.


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي «مستعربون» بزي نسائي تسللوا إلى قلب نابلس لقتل 3 فلسطينيين

«مستعربون» بزي نسائي تسللوا إلى قلب نابلس لقتل 3 فلسطينيين

قتلت إسرائيل 3 فلسطينيين في الضفة الغربية، الخميس، بعد حصار منزل تحصنوا داخله في نابلس شمال الضفة الغربية، قالت إنهم يقفون خلف تنفيذ عملية في منطقة الأغوار بداية الشهر الماضي، قتل فيها 3 إسرائيليات، إضافة لقتل فتاة على حاجز عسكري قرب نابلس زعم أنها طعنت إسرائيلياً في المكان. وهاجم الجيش الإسرائيلي حارة الياسمينة في البلدة القديمة في نابلس صباحاً، بعد أن تسلل «مستعربون» إلى المكان، تنكروا بزي نساء، وحاصروا منزلاً هناك، قبل أن تندلع اشتباكات عنيفة في المكان انتهت بإطلاق الجنود صواريخ محمولة تجاه المنزل، في تكتيك يُعرف باسم «طنجرة الضغط» لإجبار المتحصنين على الخروج، أو لضمان مقتلهم. وأعلنت وزارة

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي مشروع قانون إسرائيلي يتيح لعوائل القتلى مقاضاة السلطة واقتطاع أموال منها

مشروع قانون إسرائيلي يتيح لعوائل القتلى مقاضاة السلطة واقتطاع أموال منها

في وقت اقتطعت فيه الحكومة الإسرائيلية، أموالاً إضافية من العوائد المالية الضريبية التابعة للسلطة الفلسطينية، لصالح عوائل القتلى الإسرائيليين في عمليات فلسطينية، دفع الكنيست نحو مشروع جديد يتيح لهذه العائلات مقاضاة السلطة ورفع دعاوى في المحاكم الإسرائيلية؛ لتعويضهم من هذه الأموال. وقالت صحيفة «يسرائيل هيوم» العبرية، الخميس، إن الكنيست صادق، بالقراءة الأولى، على مشروع قانون يسمح لعوائل القتلى الإسرائيليين جراء هجمات فلسطينية رفع دعاوى لتعويضهم من أموال «المقاصة» (العوائد الضريبية) الفلسطينية. ودعم أعضاء كنيست من الائتلاف الحكومي ومن المعارضة، كذلك، المشروع الذي يتهم السلطة بأنها تشجع «الإرهاب»؛

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي تأهب في إسرائيل بعد «صواريخ غزة»

تأهب في إسرائيل بعد «صواريخ غزة»

دخل الجيش الإسرائيلي في حالة تأهب وقصف بدباباته موقعاً في شرق مدينة غزة، أمس الثلاثاء، ردّاً على صواريخ أُطلقت صباحاً من القطاع بعد وفاة القيادي البارز في حركة «الجهاد» بالضفة الغربية، خضر عدنان؛ نتيجة إضرابه عن الطعام داخل سجن إسرائيلي.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي وساطة عربية ـ أممية تعيد الهدوء إلى غزة بعد جولة قتال خاطفة

وساطة عربية ـ أممية تعيد الهدوء إلى غزة بعد جولة قتال خاطفة

صمد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة الذي دخل حيز التنفيذ، فجر الأربعاء، منهيا بذلك جولة قصف متبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية استمرت ليلة واحدة (أقل من 24 ساعة)، في «مخاطرة محسوبة» بدأتها الفصائل ردا على وفاة القيادي في «الجهاد الإسلامي» خضر عدنان في السجون الإسرائيلية يوم الثلاثاء، بعد إضراب استمر 87 يوما. وقالت مصادر فلسطينية في الفصائل لـ«الشرق الأوسط»، إن وساطة مصرية قطرية وعبر الأمم المتحدة نجحت في وضع حد لجولة القتال الحالية.

كفاح زبون (رام الله)

«الضاحية» تستقبل أبناءها بالرصاص الطائش… والدمار «غير المسبوق»

لبنانية تمر أمام ركام أحد الأبنية بالضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)
لبنانية تمر أمام ركام أحد الأبنية بالضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)
TT

«الضاحية» تستقبل أبناءها بالرصاص الطائش… والدمار «غير المسبوق»

لبنانية تمر أمام ركام أحد الأبنية بالضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)
لبنانية تمر أمام ركام أحد الأبنية بالضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

تحت زخات من رصاص الابتهاج وأمطار الخريف اللبناني، عاد سكان الضاحية الجنوبية لبيروت مع ساعات الصباح الأولى التي تلت سريان وقف إطلاق النار، لتعود معهم زحمة السير التي لطالما طبعت أيام الضاحية ذات الكثافة السكانية العالية.

لكن حيوية العودة لا تعكس حقيقة المشهد، فالغارات الإسرائيلية حولت المئات من المباني إلى «أشلاء» متناثرة وأكوام من الحجارة التي طحنتها الصواريخ التي أطلقتها الطائرات الإسرائيلية. نحو 450 مبنى دمرتها الغارات خلال مدة الحرب، وفق إحصاءات غير رسمية، يضاف إليها أكثر؛ من مثيلاتها من الأبنية المجاورة التي تضررت بفعل الغارات. ورغم أن عدد الأبنية المدمرة في الضاحية لم يصل إلى ما وصل إليه عام 2006 الذي بلغ حينها 720 مبنى، فإن توزع الغارات على رقعة جغرافية أوسع من ساحة الحرب السابقة، رفع عدد المباني المتضررة.

ولا يكاد يخلو شارع من شوارع الضاحية من آثار الدمار الكبير، حيث بدت واضحة آثار القصف في كل زوايا المنطقة التي تفوح منها روائح كريهة من آثار الحرائق، وما يقول الأهالي إنها مواد غريبة احتوتها صواريخ الطائرات الإسرائيلية.

يقف عابد، وهو شاب سوري يعمل حارساً لأحد هذه المباني، يجمع ما تبقى من أثاث غرفته التي تأثرت بصاروخ أصاب 3 طبقات من مبني مرتفع تعرض لغارة لم تسقطه، لكنها هشمت الطبقات الأولى من المبنى، فعزلت الطوابق العليا ومنعت الصعود إليها بعد أن دمرت الدرج وغرف المصاعد. يقول عابد إن ثمة لجنة من المهندسين تفحصت المبنى ورجحت عدم القدرة على ترميمه بشكل آمن. ويشير إلى أن لجنة أخرى رسمية ستكشف على المبنى نهاية الأسبوع لاتخاذ قرار نهائي بالترميم... أو «الموت الرحيم». حينها سيتاح لسكان الطبقات العليا سحب ما يمكن من أثاثها ومقتنياتها قبل الشروع في الهدم.

وحال هذا المبنى تشبه أحوال كثير من مباني الضاحية، فقرب كل مبنى منهار ثمة مبنى آخر تضررت أعمدته أو فُقدت أجزاء منه بفعل عصف الانفجار. وهو أمر من شأنه أن يفاقم أزمة النازحين. يقول محمد هاشم، وهو ستيني من سكان الضاحية، إن منزله تضرر شديداً بعد سقوط مبنى ملاصق لمبناه في آخر يوم من أيام القصف. يضيف: «عندما نرى مصيبة غيرنا (جيرانه) تهون علينا مصيبتنا. لكن في جميع الأحول لا نستطيع أن نسكن المنزل قريباً، فدرج المبنى متضرر، وفي داخل المنزل لا يوجد زجاج سليم ولا نوافذ صالحة لأن تقفل، والشتاء قاسٍ وبدأت تباشيره اليوم بنزول قياسي للحرارة». يقيم محمد في منزل مستأجر بـ1500 دولار شهرياً، ودفع الإيجار حتى أواخر الشهر المقبل، لكنه يتوقع أن يحتاج شهراً إضافياً قبل أن يتمكن من العودة للسكن في منزله.

وخلافاً لما حدث في عام 2006، عندما سارع «حزب الله» إلى الكشف على الأضرار ودفع تعويضات سخية لإصلاح الأضرار الخفيفة، ودُفعة بلغت 12 ألف دولار لكل من فقد منزله لشراء أثاث للمنزل، ومن ثم تكفله بالإيجارات الشهرية... لم يتصل أحد بالنازحين بعد. ومحمد كما غيره، متردد، ولا يعرف إن كان سوف يباشر الإصلاحات أم لا.

وقرب المباني المتضررة، كان ثمة إصرار على إبداء المظاهر الاحتفالية. يقول أحد المعنيين بملف الأمن إن «حزب الله» باشر قبل 3 أيام من وقف النار طباعة آلاف اللافتات والأعلام لنشرها في الضاحية، وغيرها من المناطق التي تعرضت للتدمير والقصف. وقد أثمر هذا المجهود، على ما يبدو، مشهداً «سوريالياً» لمواطنين يتجولون بالسيارات رافعين أعلام لبنان ورايات «حزب الله» محتفلين بـ«النصر» وسط ركام مدينتهم التي لن يقدر معظمهم على أن يبيتوا ليلتهم فيها بانتظار تأمين بدائل لشققهم المدمرة، أو إصلاح تلك المتضررة.

أجواء الاحتفال هذه انعكست في إطلاق رصاص غزير بمعظم أوقات النهار، مما دفع بكثيرين إلى الهرب تلافياً لسقوط الرصاص الطائش، ويقول شاب مسرع على دراجة نارية شاتماً مطلقي النار: «لقد نجونا من صواريخ إسرائيل، ويريدون أن يقتلونا برصاصهم الغبي...».