وزير الخزانة البريطاني ينقلب على خطة تراس الاقتصادية

هنت تحدث عن «قرارات صعبة» تشمل زيادة محتملة في الضرائب

وزير الخزانة الجديد لدى وصوله إلى مقر «بي.بي.سي» أمس (رويترز)
وزير الخزانة الجديد لدى وصوله إلى مقر «بي.بي.سي» أمس (رويترز)
TT

وزير الخزانة البريطاني ينقلب على خطة تراس الاقتصادية

وزير الخزانة الجديد لدى وصوله إلى مقر «بي.بي.سي» أمس (رويترز)
وزير الخزانة الجديد لدى وصوله إلى مقر «بي.بي.سي» أمس (رويترز)

انقلب وزير الخزانة البريطاني الجديد جيريمي هنت، أمس (السبت)، على أجزاء من الموازنة المصغرة التي أعلنتها رئيسة الوزراء ليز تراس، لكنه أكد أن هدف النمو «لم يتغير».
وفي أولى تصريحاته الصحافية منذ تعيينه خلفا لكواسي كوارتنغ أمس، حذر هنت من «قرارات صعبة» قد تشمل زيادة في الضرائب وتخفيضاً للإنفاق. وفيما أكد هنت دعمه لرئيسة الحكومة التي تتمسك بمنصبها رغم الانتقادات، إلا أنه لم يتردد في وصف بعض قراراتها المالية بـ«الأخطاء». ولفت هنت، وزير الخارجية السابق الذي دعم ترشيح ريشي سوناك منافس تراس في السباق الانتخابي، إلى أن كوارتنغ ورئيسة الوزراء ارتكبا خطأ في محاولتهما خفض ضرائب الأعلى دخلا وبعرضهما الموازنة من دون انتظار توقعات مستقلة من مكتب «المسؤولية عن الموازنة». وقال لـ«سكاي نيوز»: «اعترفت رئيسة الوزراء بذلك، لهذا السبب أنا هنا».
وفي أول خطوة قام بها منذ تولى المنصب في وقت متأخر الجمعة، تحدث الوزير الجديد مع حاكم بنك إنكلترا آندرو بايلي الذي اضطر للقيام بتدخلات مكلفة من أجل تهدئة أسواق السندات. وأفادت وزارة الخزانة بأنهما «ناقشا أهمية التعامل مع التضخم العالمي، والتزامهما بالنمو الاقتصادي والانضباط المالي».
وكان خفض الضرائب محور الموازنة الفاشلة التي أعلنها كوارتنغ ورئيسة الوزراء. وأثار تمويل هذه الخطوة عبر استدانة المليارات، حالة ذعر في أسواق المال، وتسبب في أزمة في سوق الرهن العقاري، وزاد التكاليف على الأسر البريطانية في أوج أزمة غلاء المعيشة.
وقال هنت «سيتعين علينا اتخاذ قرارات صعبة للغاية»، محذرا من أن «جميع الدوائر الحكومية» تواجه قيودا على الإنفاق. وأفاد بأن «بعض الضرائب لن يتم خفضها بالسرعة التي يريدها الناس. كما سترتفع بعض الضرائب».
وأعلن هنت أنه سيدلي ببيان جديد بشأن الوضع المالي في 31 أكتوبر (تشرين الأول)، قائلا لإذاعة «بي بي سي» إن لديه «صفحة بيضاء» ليبدأ منها، ما يؤكد بأن تراس أضعفت موقفها إلى حد كبير منذ وصلت إلى السلطة على أساس برنامج إصلاحي مثير للجدل.
وأقالت تراس وزير المال كوارتنغ بعد ساعات على عودته السريعة من اجتماعات مالية دولية في واشنطن، وتراجعت عن نقطة أساسية في برنامجها، فزادت الضرائب على أرباح الشركات بشكل كبير.
وقوبل أداؤها في مؤتمر صحافي عقدته في «داونينغ ستريت»، وكان الأول لها منذ خلفت جونسون، بانتقادات واسعة إذ فشلت في تهدئة الأسواق. واكتفت تراس بالإجابة على أربع أسئلة فقط، بينما كانت تتلفت بتوتر وترد بإجابات مقتضبة.
وأصرت على أنها تصرفت بشكل «حاسم» عبر إقالتها كوارتنغ بهدف تحقيق «الاستقرار الاقتصادي»، لكن الجنيه الإسترليني عاد ليتراجع مجددا في أسواق العملات بينما شهدت أسواق السندات في المملكة المتحدة اضطرابات مرة أخرى. ولدى سؤالها عن سبب عدم استقالتها، قالت تراس إنها «عازمة تماما على المضي قدما بما تعهدت به». لكن مع تخليها عن تعهداتها الاقتصادية التي أوصلتها إلى زعامة الحزب المحافظ في مواجهة خصمها ريشي سوناك، واجهت تراس انتقادات متزايدة بانهيار مصداقيتها السياسية.
وقال كريستوفر تشوب، وهو نائب محافظ موال لتراس، محطة «بي بي سي»: «أشعر بخيبة أمل كبيرة». وتابع أن تصرفات تراس الجمعة كانت «غير منسجمة إطلاقا مع كل ما دافعت عنه رئيسة الوزراء عندما تم انتخابها».
بدوره، رأى زعيم المحافظين السابق ويليام هيغ بأن بقاء تراس في منصبها بات «معلقا»، بينما لفت وزير الخزانة السابق فيليب هاموند إلى أنها «أهدرت سنوات وسنوات من العمل المضني» لبناء سجل الحزب في الكفاءة الاقتصادية.
لكن مع تقدم حزب العمال المعارض في الاستطلاعات، حذر وزير شؤون ويلز روبرت باكلاند زملاءه المحافظين الذين ضاقوا ذرعا بتراس من الإطاحة بها بعد مدة قصيرة من إطاحتهم بجونسون. وقال لإذاعة «بي بي سي»: «أعتقد أنه إذا بدأنا بالتخلي (عن زعيم الحزب)، من دون أخذ العواقب بعين الاعتبار ورمينا برئيس وزراء جديد إلى الذئاب، فسنواجه المزيد من التأخير والجدل وعدم الاستقرار».
وانتقدت الصحافة البريطانية أداء تراس بشدة. فعنونت صحيفة «ذي تايمز»: «تراس تكافح من أجل البقاء»، فيما ذكرت «تلغراف» بأن نوابا محافظين ما زالوا يخططون للإطاحة بتراس، وهو أمر قد يحدث في غضون أيام، في ظل تدهور موقع الحزب في استطلاعات الرأي منذ تولت المنصب خلفا لبوريس جونسون في السادس من سبتمبر (أيلول).


مقالات ذات صلة

شرطة لندن تقبض على «مسلّح» أمام قصر باكنغهام

العالم شرطة لندن تقبض على «مسلّح» أمام قصر باكنغهام

شرطة لندن تقبض على «مسلّح» أمام قصر باكنغهام

أعلنت شرطة لندن، الثلاثاء، توقيف رجل «يشتبه بأنه مسلّح» اقترب من سياج قصر باكينغهام وألقى أغراضا يعتقد أنها خراطيش سلاح ناري إلى داخل حديقة القصر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق شاشة لتوفير خصوصية خلال اللحظة الأهم في تتويج الملك تشارلز

شاشة لتوفير خصوصية خلال اللحظة الأهم في تتويج الملك تشارلز

قال قصر بكنغهام وصناع شاشة جديدة من المقرر استخدامها خلال مراسم تتويج الملك تشارلز الأسبوع المقبل إن الشاشة ستوفر «خصوصية مطلقة» للجزء الأكثر أهمية من المراسم، مما يضمن أن عيون العالم لن ترى الملك وهو يجري مسحه بزيت. فالشاشة ثلاثية الجوانب ستكون ساترا لتشارلز أثناء عملية المسح بالزيت المجلوب من القدس على يديه وصدره ورأسه قبل وقت قصير من تتويجه في كنيسة وستمنستر بلندن في السادس من مايو (أيار) المقبل. وقال قصر بكنغهام إن هذه اللحظة تاريخيا كان ينظر إليها على أنها «لحظة بين الملك والله» مع وجود حاجز لحماية قدسيته.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم استقالة رئيس هيئة «بي بي سي» على خلفية ترتيب قرض لجونسون

استقالة رئيس هيئة «بي بي سي» على خلفية ترتيب قرض لجونسون

قدّم رئيس هيئة «بي بي سي» ريتشارد شارب، أمس الجمعة، استقالته بعد تحقيق وجد أنه انتهك القواعد لعدم الإفصاح عن دوره في ترتيب قرض لرئيس الوزراء آنذاك بوريس جونسون. وقال شارب، «أشعر أن هذا الأمر قد يصرف التركيز عن العمل الجيد الذي تقدّمه المؤسسة إذا بقيت في المنصب حتى نهاية فترة ولايتي». تأتي استقالة شارب في وقت يتزايد التدقيق السياسي في أوضاع «بي بي سي».

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»: على البريطانيين القبول بصعوباتهم المالية

كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»: على البريطانيين القبول بصعوباتهم المالية

أكد كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»، اليوم (الثلاثاء)، أنه يتعين على البريطانيين القبول بتراجع قدرتهم الشرائية في مواجهة أزمة تكاليف المعيشة التاريخية من أجل عدم تغذية التضخم. وقال هيو بيل، في «بودكاست»، إنه مع أن التضخم نجم عن الصدمات خارج المملكة المتحدة من وباء «كوفيد19» والحرب في أوكرانيا، فإن «ما يعززه أيضاً جهود يبذلها البريطانيون للحفاظ على مستوى معيشتهم، فيما تزيد الشركات أسعارها ويطالب الموظفون بزيادات في الرواتب». ووفق بيل؛ فإنه «بطريقة ما في المملكة المتحدة، يجب أن يقبل الناس بأن وضعهم ساء، والكف عن محاولة الحفاظ على قدرتهم الشرائية الحقيقية».

«الشرق الأوسط» (لندن)
«التنمر» يطيح نائب رئيس الوزراء البريطاني

«التنمر» يطيح نائب رئيس الوزراء البريطاني

قدّم نائب رئيس الوزراء البريطاني، دومينيك راب، استقالته، أمس، بعدما خلص تحقيق مستقلّ إلى أنّه تنمّر على موظفين حكوميين. وفي نكسة جديدة لرئيس الوزراء ريشي سوناك، خلص تحقيق مستقلّ إلى أنّ راب، الذي يشغل منصب وزير العدل أيضاً، تصرّف بطريقة ترقى إلى المضايقة المعنوية خلال تولّيه مناصب وزارية سابقة. ورغم نفيه المستمر لهذه الاتهامات، كتب راب في رسالة الاستقالة الموجّهة إلى سوناك: «لقد طلبتُ هذا التحقيق، وتعهدتُ الاستقالة إذا ثبتت وقائع التنمّر أياً تكن»، مؤكّداً: «أعتقد أنه من المهم احترام كلمتي». وقبِل سوناك هذه الاستقالة، معرباً في رسالة وجهها إلى وزيره السابق عن «حزنه الشديد»، ومشيداً بسنوات خدمة

«الشرق الأوسط» (لندن)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.