توافق مصري - هندي على مواجهة حالة «الاستقطاب العالمي»

شكري دعا لنظام دولي مستقر بعيداً عن الصراع العسكري

جانب من مباحثات شكري وجايشاكنار (الخارجية المصرية)
جانب من مباحثات شكري وجايشاكنار (الخارجية المصرية)
TT

توافق مصري - هندي على مواجهة حالة «الاستقطاب العالمي»

جانب من مباحثات شكري وجايشاكنار (الخارجية المصرية)
جانب من مباحثات شكري وجايشاكنار (الخارجية المصرية)

توافقت مصر والهند على استمرار التنسيق بينهما لإيجاد أفضل الآليات لمواجهة «الاستقطاب العالمي» وما يشهده العالم من صراع بين القوى العظمى. وقال وزير خارجية الهند، سوبرامانيام جايشاكنار، في ختام مباحثاته مع نظيره المصري سامح شكري بالقاهرة أمس، إن جزءاً من مناقشته تركز حول «ما يجب أن تقوم به الدولتان مع الدول الأخرى، في ظل حالة استقطاب دولي أشد، حتى نضمن سياسات عالمية تستجيب لصوت الحكمة».
ويزور جايشاكنار مصر لأول مرة منذ توليه منصبه، بالتزامن مع احتفال البلدين بالذكرى الخامسة والسبعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما. وقال سامح شكري إن «الفترة القليلة الماضية شهدت زيارة وزير الدفاع الهندي إلى مصر، وانعقاد اجتماع مجلس الأعمال المصري - الهندي، بالإضافة إلى المباحثات التي عقدها مع نظيره الهندي على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو ما يعكس الأطر المشتركة لتعزيز العلاقات والتنسيق المشترك»، موضحاً أن الهند «حققت خلال الفترة الماضية إنجازات تنموية نستطيع الاستفادة منها، ومصر أيضاً حققت خلال السنوات الثماني الماضية إنجازات، تتعلق بالاستقرار والارتقاء بمستوى المعيشة».
وبحسب تصريحات وزير الخارجية المصري، فقد تناولت المباحثات «العلاقات على المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية، وكيفية الاستفادة من الآليات المتاحة للبلدين لاستمرار الدفع قدماً بهذه العلاقات المهمة والتاريخية»، مشيراً إلى احتياجات الدول النامية إلى نظام اقتصادي ودولي مستقر، خالٍ من الاستقطاب والتشاحن والصراع العسكري، وقال في هذا السياق، إن كل ذلك «يعوق جهود هذه الدول في تحقيق التنمية، ورفع مستوى المعيشة، وفي لعب دور إيجابي لتحقيق الاستقرار والرخاء»، لافتاً إلى أن الهند «دولة كبيرة لها تأثيرها في هذا النطاق، كما أن لمصر دوائر اهتمامها، سواء فيما يتعلق بانتمائها العربي أو الأفريقي أو المتوسطي، أو فيما يتعلق بعضويتها بمنظمة التعاون الإسلامي، وحركة عدم الانحياز، وتعمل على الحفاظ على المصالح الدولية المشتركة».
وأضاف شكري موضحاً أن العلاقات الثنائية بين مصر والهند، وعلاقات الدولتين مع بلدان أخرى، سواء المتقدمة أو النامية «تهدف جميعها إلى خلق المناخ الدولي، الذي يعتمد على القواعد التي توافقنا عليها، والمتمثلة في ميثاق الأمم المتحدة، سواء كان في إطار حفظ السلم والأمن، أو في إدارة العلاقات»، مبرزاً أن مصر والهند «دولتان مؤسستان لحركة عدم الانحياز، وعملا لسنوات طويلة كي يكون للحركة تأثيرها الإيجابي في استقرار العالم والعلاقات الدولية». كما أكد استمرار التنسيق بين الدولتين لإيجاد أفضل الوسائل والآليات التي تحقق هذا الهدف، مشيراً إلى أنه تناول قضية سد النهضة باستفاضة مع وزير خارجية الهند، حيث أطلعه على تطورات هذه القضية حتى الآن.
من جانبه، قال الوزير الهندي إن إحدى نتائج الصراع الأوكراني بروز أمور كثيرة تتعلق بالغذاء والطاقة، والالتزامات التي تعهدت بها الدول نحو العمل والانتقال المناخي، والتي يجب تنفيذها، مؤكداً أنه يجب أن يكون هناك «عمل مناخي ودعم مالي للدول النامية لتنفيذ أجندة التنمية المستدامة للأمم المتحدة».
كما أشار الوزير الهندي إلى التعاون الأمني والدفاعي المتميز بين البلدين، مضيفاً أن المباحثات تناولت التعاون في مجال التجارة والاستثمار، الذي شهد تنامياً بشكل مطرد ليناهز نحو ملياري دولار، لافتاً إلى أنه تم الاتفاق على مواصلة السعي لزيادة حجم التجارة والتعاون في هذا المجال. كما أكد أن مصر والهند «لديهما حضارة عريقة، وتقاليد واهتمامات دولية مشتركة»، موضحاً أن الجانبين ناقشا أيضاً الصراع الأوكراني وتأثيره على الغذاء وتأمين الطاقة، إلى جانب كيفية خلق اقتصاد أكثر شمولاً، كما تم تبادل وجهات النظر حول القضية الفلسطينية.
ورداً على سؤال حول إمكانية تنسيق مصر والهند بشكل أكبر لتفعيل دور حركة عدم الانحياز إزاء ما يشهده العالم من صراع بين القوى العظمى، قال وزير خارجية الهند إن جزءاً من مناقشته مع وزير الخارجية سامح شكري تركز حول ما يجب أن تقوم به الدولتان معاً مع الدول الأخرى في هذا العالم، في ظل حالة استقطاب دولي أشد حتى نضمن سياسات عالمية تستجيب لصوت الحكمة.


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


الحكومة المصرية تتعهد بعدم اللجوء إلى «تخفيف أحمال الكهرباء»

TT

الحكومة المصرية تتعهد بعدم اللجوء إلى «تخفيف أحمال الكهرباء»

تعهّدت الحكومة المصرية بعدم اللجوء إلى خطة «تخفيف أحمال الكهرباء»، أي قطع الخدمة مدة محددة يومياً، الصيف المقبل، وقالت إنها «وفّرت الوقود الكافي لتشغيل المحطات»، إلى جانب «التوسع في إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة».

وافتتح رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، محطة «أبيدوس 1» للطاقة الشمسية في مدينة كوم أمبو، بمحافظة أسوان (جنوب مصر)، ضمن خطوات للحكومة المصرية للتوسع في مشروعات الطاقة المتجددة لإنتاج الكهرباء.

ولجأت الحكومة المصرية لخطة تُسمى «تخفيف الأحمال»، تقضي بقطع التيار عن مناطق عدة خلال الصيف الماضي لمدة وصلت إلى ساعتين يومياً، وذلك لتقليل الضغط على شبكات الكهرباء، بسبب زيادة الاستهلاك، في حين اشتكى مواطنون من تجاوز فترات انقطاع الكهرباء أكثر من ساعتين.

وتعهّد رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، بـ«عدم اللجوء إلى تخفيف أحمال الكهرباء مرة أخرى»، وقال في كلمته خلال افتتاح محطة «أبيدوس 1» للطاقة الشمسية، السبت، إن «حكومته خصصت التمويل لتوفير الوقود اللازم لاستقرار إنتاج الشبكة القومية للكهرباء»، مشيراً إلى «وضع خطة عاجلة لإضافة 4 آلاف ميغاواط من الطاقة المتجددة لتأمين الاستهلاك في صيف 2025».

رئيس الوزراء المصري خلال افتتاح محطة أبيدوس للطاقة الشمسية - (مجلس الوزراء المصري)-

وأوضح مدبولي أن «وزارة الكهرباء تمكّنت من حل مشكلة الانقطاعات بالتنسيق، وتحسين الإنتاجية»، إضافة إلى «وضع خطة لتأمين التغذية الكهربائية لصيف 2025 مع وزارة البترول، تقوم على سد فجوة متوقعة في الإنتاج في حدود من 3 إلى 4 آلاف ميغاواط إضافية، بتكلفة استثمارية تقارب 4 مليارات دولار»، مشيراً إلى أنه «سيتم الاعتماد على الطاقة الجديدة والمتجددة لسد فجوة الإنتاج والاستهلاك في الصيف المقبل، وتجنّب اللجوء لتخفيف الأحمال، وتقليل استيراد المواد البترولية».

وكان رئيس الوزراء المصري قد بحث خلال اجتماع حكومي، الخميس، مع وزراء الكهرباء والبترول والمالية، «ضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من الوقود في فصل الصيف المقبل»، وأكد «ضمان الجاهزية، وعدم وجود انقطاعات في الكهرباء، واستدامة واستقرار التغذية بالكهرباء بمختلف المحافظات»، وفق إفادة لمجلس الوزراء المصري.

ولجأت الحكومة المصرية في شهر يونيو (حزيران) الماضي، لاستيراد 300 ألف طن مازوت، و20 شحنة من الغاز لضخ كميات كافية من الوقود لإنتاج الكهرباء، ووقف خطة انقطاع الكهرباء، في حين قدرت وزارة الكهرباء المصرية حجم الاحتياج اليومي لإنهاء انقطاعات الكهرباء بنحو 135 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي، و10 آلاف طن من المازوت.

وعدّ مدبولي افتتاح محطة «أبيدوس» للطاقة الشمسية، «تحولاً نوعياً» في استثمار الموارد الطبيعية في بلاده، وتوظيفها بشكل «أكثر كفاءة بما يغطي الاحتياجات».

وتقام محطة «أبيدوس 1» لإنتاج الطاقة الشمسية على مساحة 10 آلاف متر مربع، وتضم أكثر من مليون لوح شمسي، بقدرة إنتاجية تصل إلى 560 ميغاواط، ما يجعلها ثاني أكبر محطة للطاقة الشمسية في أفريقيا بعد محطة «بنبان» في أسوان

وتضاف المحطة لمشروعات الطاقة الشمسية في محافظة أسوان؛ حيث سبق أن افتتح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في يوليو (تموز) 2018، محطة «الطاقة الشمسية في بنبان» بأسوان، والتي تصنف الأكبر في أفريقيا والشرق الأوسط، بطاقة إنتاجية 2000 ميغاواط من الكهرباء، حسب مجلس الوزراء المصري.

ويعتقد خبير الطاقة المصري، علي عبد النبي، أن توسع الحكومة المصرية في مشروعات الطاقة المتجددة «خطوة ضرورية لمواجهة عجز الإنتاج في فترات ذروة الاستهلاك»، وشدد على «ضرورة اتخاذ الحكومة حزمة من الإجراءات لتحقيق أمن الطاقة، من بينها الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة في إنتاج الكهرباء».

ووضعت الحكومة المصرية استراتيجية وطنية للطاقة المتجددة، تستهدف إنتاج 42 في المائة من الكهرباء، من مصادر الطاقة الجديدة بحلول عام 2030، وفق مجلس الوزراء المصري.

وطالب عبد النبي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» بـ«ضرورة استثمار موارد مصر الطبيعية في إقامة مزيد من مشروعات الطاقة الجديدة، مثل التوسع في محطات الطاقة الشمسية في أسوان، ومحطات الرياح في محافظتي البحر الأحمر والسويس»، مشيراً إلى «ضرورة إقامة محطات لتخزين الكهرباء للاستفادة من إنتاج مشروعات الطاقة الجديدة».

محطة أبيدوس للطاقة الشمسية - (مجلس الوزراء المصري)

من جهته، يرى أستاذ الطاقة بالجامعة الأميركية بالقاهرة، جمال القليوبي، أن الحكومة المصرية «تتخذ 3 إجراءات استباقية لتأمين إنتاج الكهرباء في الصيف المقبل»، مشيراً إلى أن «أولى تلك الخطوات التوسع في مشروعات الطاقة الشمسية والرياح لإنتاج نحو 4 آلاف ميغاواط من الكهرباء».

وأوضح القليوبي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «الحكومة المصرية تتجه لإبرام صفقات لاستيراد الغاز والوقود اللازم لتشغيل محطات الكهرباء، مع التوسع في عمليات البحث والتنقيب والاستكشافات المحلية»، مشيراً إلى أن القاهرة «تستهدف تقليل فاتورة استيراد الطاقة من الخارج، بالاعتماد على مصادر الإنتاج المحلية».

وعلى هامش افتتاح محطة «أبيدوس»، شهد رئيس الوزراء المصري، توقيع اتفاقين لتنفيذ مشروع محطة رياح، بقدرة 500 ميغاواط في منطقة خليج السويس، بين وزارة الكهرباء المصرية وشركة «إيميا باور» الإماراتية.