أثار مفوض الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيل بوريل، دهشة السفراء الأوروبيين في بروكسل بصراحته الشديدة، إذ لم يتردد بتوجيه انتقادات للدبلوماسيين الأوروبيين، واصفاً إياهم بأنهم «شديدو البطء» في الرد على ما يجري في العالم، مؤكداً أن أوروبا «تخسر معركة التواصل» في مواجهة روسيا والصين.
وفي كلمة ألقاها في العشاء السنوي لسفراء الاتحاد الأوروبي في بروكسل، انتقد بوريل بشدة سنوات من اعتماد أوروبا على غيرها في اقتصادها وأمنها. وقال: «إن رفاهيتنا كان أساسها الغاز الرخيص الثمن الآتي من روسيا وعلى الوصول للسوق الصيني لوارداتنا وصادراتنا، وللاستثمارات والبضائع الرخيصة». ورأى أنه بات من الواضح اليوم «أن علينا إيجاد طرق جديدة للطاقة داخل الاتحاد الأوروبي، لأنه لا يتوجب علينا أن نلغي ذلك اعتماداً على حساب الاعتماد على آخر»، ذلك أن أفضل طاقة «هي ما يمكن أن ننتجه بأنفسنا» في إشارة إلى الطاقة المتجددة.
وانتقد بوريل كذلك اعتماد أوروبا على الولايات المتحدة في أمنها. وقال: «اخترنا من جهة أخرى تفويض الولايات المتحدة بأمننا، وعلى الرغم أن التعاون مع إدارة (جو) بايدن ممتاز، وعلاقتنا عبر الأطلسي لم تكن أفضل، من يعرف ما الذي سيحصل بعد عامين، حتى في نوفمبر (تشرين الثاني)؟» في إشارة إلى الانتخابات النصفية التي ستجرى في الولايات المتحدة وقد تعيد الجمهوريين إلى الكونغرس.
وذكّر بوريل بكلام الرئيس الفرنسي إيمانويل مارون الذي قال إنه لا يجوز استبدال اعتماد أوروبا على دولة أخرى بالاعتماد على روسيا. وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبي عوض الغاز الروسي بالغاز النرويجي والأميركي، وبدرجة أقل الغاز الآتي من أذربيجان. وقال: «نحن سعيدون بأننا نستورد الغاز المسال من الولايات المتحدة، وإن كان بسعر باهظ، لكن ما الذي سيحدث غداً مع رئيس أميركي جديد يقرر أنه لا يريد أن يكون صديقاً مقرباً من الأوروبيين؟ يمكنكم أن تتخيلوا أن خزاناتنا للغاز المسال ستكون في أزمة». وأشار إلى العلاقة الأوروبية - الأميركية التي تدهورت إلى أدنى مستوياتها في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب.
واستنتج أن «هذا العالم لم يعد موجوداً الآن»، أي العالم «حيث الولايات المتحدة مفوضة بأمننا، وروسيا والصين تؤمنان أساس رفاهيتنا». وتحدث عن «تحديات أمنية متزايدة» تواجه دول الاتحاد، إلى جانب «الوحدة الداخلية».
وتطرق إلى عدد من الأزمات التي تواجه العالم، بدءاً بأزمة أوكرانيا وقال إن الأوروبيين «لم يصدقوا أن الحرب آتية، ولم يتوقعوا أن تصمد أوكرانيا بهذا الشكل». وأضاف أن الأميركيين أبلغوا بروكسل أن روسيا تنوي الهجوم على أوكرانيا، لكن «لم يصدقها أحد». وروى أن وزير الخارجية أنتوني بلينكن اتصل به قبل يومين من بدء العملية الروسية، وأبلغه بأن «الأمر سيحصل في عطلة نهاية الأسبوع» وهذا ما حدث فعلاً، رغم «أننا لم نصدق أن هذا سيحدث». وانتقل للحديث عن أزمة الطاقة والغذاء التي تسببت بها الحرب في أوكرانيا، قائلاً: «أزمة الغذاء كانت متوقعة ولكن ليس بالخطورة التي شهدناها»، مشيراً إلى أنها ستسوء أكثر في الأشهر المقبلة.
وواصل بوريل انتقاد السفراء بشكل لاذع، ودعاهم ليكونوا «أكثر تفاعلاً وسرعة» في التجاوب مع الأحداث المحيطة بهم. وفي انتقاد ذاتي لطريقة عمل الاتحاد الأوروبي الذي يغرق بالبيروقراطية، قال بوريل: «ما زلنا نعمل في صوامع، أنا من المفترض أن أكون صلة الوصل بين المفوضية والمجلس الأوروبي، ولكن ما زلنا نعمل في صوامع، وكل سياسة تتبع منطقاً منفرداً ومنفصلاً عن الآخر». ودعا السفراء والاتحاد الأوروبي ليكونوا «أسرع، وأن يخاطروا قليلاً» بإبلاغه بما يحصل في الدول التي ينتشر فيها الدبلوماسيون الأوروبيون «بشكل أسرع». وقال: «أحياناً أعرف ما الذي يحصل أكثر عند قراءة الصحف، وليس من التقارير المرسلة، وأحياناً أتساءل لماذا لم ترسل المفوضية من تلك الدولة تقريراً معيناً». ودعا السفراء إلى أن يكونوا سريعين في ردودهم، وألا يخافوا من كسر الحواجز، مشيراً إلى أن الاتحاد الأوروبي كسر الحواجز عندما قرر تسليح أوكرانيا.
بوريل: السفراء الأوروبيون شديدو البطء
حذّر من أن عالم الرفاهية لم يعد موجوداً
بوريل: السفراء الأوروبيون شديدو البطء
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة