دراسة لجينوم الموز تلمّح لأنواع مخفية منه

دراسة لجينوم الموز تلمّح لأنواع مخفية منه
TT

دراسة لجينوم الموز تلمّح لأنواع مخفية منه

دراسة لجينوم الموز تلمّح لأنواع مخفية منه

منذ أكثر من 7000 عام، بدأت مجتمعات أوقيانوسيا بزراعة نباتات «موسى المؤنف البرية» (بذور يبلغ قطرها حوالى 5 إلى 6 ملم - 0.20 إلى 0.24 بوصة) بشكل انتقائي لخصائصها التي تختارها. وبمرور الوقت، تطورت ثمار النبات تدريجيًا إلى الموز الحلو المشهور الخالي من البذور والمعبأ بشكل مريح الذي أصبحنا نحبه جميعًا. لكن، لسوء الحظ، فإن معظم الموز الذي نستهلكه اليوم عبارة عن مستنسخات من صنف واحد. وبدون الأساليب الجينية المتنوعة للتعامل مع الأمراض لن يستغرق الأمر الكثير لتدمير الإمداد العالمي.
إن إلقاء نظرة فاحصة على جينومات أصناف مختلفة من الموز وأقاربها البرية قد كشف الآن عن علامات على أن أقارب نباتات الموز الأخرى ساهمت في تطورها، مع وجود دليل على وجود ثلاثة أنواع أو سلالات فرعية غير موصوفة سابقًا، وذلك وفق ما نشر موقع «ساينس إليرت» العلمي المتخصص، نقلا عن بحث نشر بمجلة «Frontiers in Plant Science».
ويمكن أن يمنحنا تعلم المزيد عنها طرقًا جديدة لحماية الأصناف الموجودة من الآفات والأمراض المعدية. كما يمكن أن تحتوي أصناف الموز المختلفة على نسختين (يشار إليها باسم ثنائي الصيغة الصبغية)، أو ثلاث (ثلاثية الصبغيات)، أو أربع نسخ (رباعية الصبغيات) من كل كروموسوم، ما يجعل من الصعب كشف التاريخ التطوري للنبات المزهر الشبيه بالعشب اللذيذ.
وفي الدراسة الأخيرة، استخدم العلماء تقنيات التسلسل الجيني لتحديد البصمات الجينية لـ 226 من مستخلصات أوراق الموز المختلفة.
ومن خلال مقارنة الأنواع الفرعية البرية والمستأنسة، تمكن الفريق من بناء «شجرة عائلة» مفصلة لأسلاف الموز التي لدينا اليوم.
وفي توضيح أكثر لهذا الأمر، قالت الدكتورة جولي ساردوس عالمة الموارد الوراثية بتحالف «Bioversity International» و« CIAT » في فرنسا «نظهر هنا أن معظم الموز المزروع ليوم ثنائي الصبغة والذي ينحدر من الموز البري M. وان أكوميناتا هو هجين بين أنواع فرعية مختلفة... لا بد أن ثلاثة أسلاف غامضة إضافية على الأقل ساهمت في هذا الجينوم المختلط منذ آلاف السنين، لكن لم يتم التعرف عليها بعد».
ويعتقد الباحثون أن اثنين من هذه الأسلاف الغامضة الثلاثة هما نفس التي تم تحديدها سابقًا باستخدام نهج تحليل جيني مختلف، ولكن لدينا الآن المزيد من المعلومات حول هذه الثغرات في تاريخ عائلة شجرة الموز، وأين يوجد الجينوم المشترك.
وهذا يعني أن هناك أنواعًا أو أنواعًا فرعية من الموز لم يسجلها العلماء مطلقًا، على الرغم من أن هذا لا يعني بالضرورة عدم بقاء أي من هذه الأنواع من الموز.
وتوضح ساردوس «قناعتنا الشخصية هي أنها ما زالت تعيش في مكان ما في البرية، إما أن وصفها علميًا سيئ أو لم يتم وصفها على الإطلاق، وفي هذه الحالة ربما تكون مهددة».
ثم ذهب الفريق إلى أبعد من ذلك لمحاولة اكتشاف أين يمكن أن تنمو هذه الأنواع الغامضة المفقودة، من خلال إجراء مقارنات مع أنواع الموز المماثلة التي نعرفها بالفعل ومواقعها حول العالم.
فمن المحتمل أن يأتي أحدها من المنطقة الواقعة بين خليج تايلاند وغرب بحر الصين الجنوبي، والآخر يقع على الأرجح بين شمال بورنيو والفلبين، ويبدو أنه جاء من جزيرة غينيا الجديدة.
ويقول الباحثون إن العثور على هذه الأسلاف المفقودة هو مسألة ملحة؛ حيث سيمكننا من الحفاظ على التنوع البيولوجي الذي تقدمه. وفي النهاية يمكننا من زراعة الموز بشكل أفضل في المستقبل؛ حيث «يحتاج المربون إلى فهم التركيب الجيني للموز ثنائي الصبغة المستأنسة اليوم لتهجينها بين الأصناف. وهذه الدراسة هي خطوة أولى رئيسية نحو التوصيف بتفاصيل كبيرة للعديد من هذه الأصناف»، وفق عالم المعلوماتية الحيوية الدكتور ماتيو روارد من تحالف «Bioversity» الدولية و «CIAT».


مقالات ذات صلة

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
صحتك سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

تعتمد الأوساط الطبية بالعموم في تحديد «مقدار وزن الجسم» على عدد الكيلوغرامات بوصفه «رقماً»

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

كشفت أحدث دراسة تناولت العوامل المؤثرة على ضغط الدم، عن الخطورة الكبيرة للحياة الخاملة الخالية من النشاط على الصحة بشكل عام، وعلى الضغط بشكل خاص.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي ليس مجرد صداع عادي يعاني منه الجميع في وقتٍ ما، بل هو اضطراب عصبي معقد يمكن أن يُشعر المريض وكأن العالم قد توقف.

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (جدة)
صحتك استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

ما تأثير تناول المغنيسيوم الغذائي بالعموم، أو أقراص مكملات المغنيسيوم، على النوم؟

د. حسن محمد صندقجي

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».