ماذا تغير بين أميركا و«طالبان» بعد مقتل الظواهري؟

قيادات «طالبان» بعد اجتماع مع الجانب الأميركي بالعاصمة القطرية الدوحة في أكتوبر 2021 (غيتي)
قيادات «طالبان» بعد اجتماع مع الجانب الأميركي بالعاصمة القطرية الدوحة في أكتوبر 2021 (غيتي)
TT

ماذا تغير بين أميركا و«طالبان» بعد مقتل الظواهري؟

قيادات «طالبان» بعد اجتماع مع الجانب الأميركي بالعاصمة القطرية الدوحة في أكتوبر 2021 (غيتي)
قيادات «طالبان» بعد اجتماع مع الجانب الأميركي بالعاصمة القطرية الدوحة في أكتوبر 2021 (غيتي)

يبدو أن واشنطن وحركة «طالبان» الأفغانية هما وجها قطبين متضادين، لكن الخبراء يعتقدون أن حركة «طالبان» الأفغانية أصبحت، على نحو متزايد، ضرورية بالنسبة إلى الجهود الأميركية الرامية لاحتواء خطر تنظيم «داعش - خراسان» وتنظيم «القاعدة» داخل حدود أفغانستان. يقول الخبراء إن كبار مسؤولي «الاستخبارات المركزية الأميركية» قد وجهوا تحذيراً شديد اللهجة إلى حركة «طالبان» الأفغانية بشأن وجود تنظيم «القاعدة» على أراضيها. لكن الاجتماع الأخير بين «طالبان» والمسؤولين الأميركيين في الدوحة قد يتحول لنقطة بداية للتعاون في مكافحة الإرهاب بين الجانبين. يقول غلام داستاغير، الصحافي والخبير في الشأن الأفغاني المقيم في بيشاور: «أفغانستان في حاجة ماسة إلى المساعدة المالية لإدارة البلاد. و(طالبان) يعرفون أنهم لا يستطيعون إدارة البلاد من دون الأموال، فلديهم أزمة إنسانية مروعة في الآونة الراهنة». وأضاف: «من الواضح أن حركة (طالبان) الأفغانية مستعدة للتعاون مع الولايات المتحدة منذ اليوم الأول». وأضاف داستاغير قائلا: «تكمن مشكلتهم في كيفية تفسير تعاونهم مع الولايات المتحدة أمام مقاتليهم الذين تربى الجيل الرابع منهم على حرب الكافر الأجنبي المحتل للبلاد». وقال محلل باكستاني آخر يقيم في واشنطن وهو خبير في الشأن الأفغاني لـ«الشرق الأوسط»: «تحتاج الولايات المتحدة و(طالبان) كل منهما للأخرى في الوقت الحالي». وأضاف أن «(طالبان) منقسمة بشدة على نفسها في الآونة الراهنة. إنهم في حاجة شديدة إلى المساعدات المالية، وهم يبحثون عن المساعدات الخارجية. والمشكلة الحقيقية بالنسبة إلى حركة (طالبان) الأفغانية راهناً أن العمود الفقري المتشدد في الجماعة سوف يشهد انشقاقات كثيرة بين صفوف عناصر الحركة إذا ما أعلنوا عن تعاونهم المباشر مع الولايات المتحدة. وبالنسبة إلى الجانب الأميركي، فإن التهديد الواضح يتمثل في صعود تنظيم (داعش - خراسان) وتنظيم (القاعدة)، والولايات المتحدة في حاجة إلى التعاون مع حركة (طالبان) الأفغانية في احتواء هذه التهديدات». ومن شأن العناصر المتطرفة داخل حركة «طالبان» الأفغانية أن تنشق عن الحركة وتنضم إلى تنظيم «داعش - خراسان» في حال تعاونت حركة «طالبان» الأفغانية علناً مع الولايات المتحدة. والتقى مسؤولون رفيعو المستوى من إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، السبت، وجهاً لوجه مع قيادات حركة «طالبان» للمرة الأولى منذ مقتل زعيم تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري على أيدي الولايات المتحدة في مقره السكني بالعاصمة كابل أواخر يوليو (تموز) الماضي، وفقاً لما أفاد به مسؤولان على دراية بالمحادثات. وقد أرسلت الإدارة الأميركية نائب مدير «وكالة الاستخبارات المركزية» رفقة مسؤول ملف أفغانستان في وزارة الخارجية إلى العاصمة القطرية لإجراء محادثات مع وفد حركة «طالبان» الذي ضم عبد الحق الواثق؛ رئيس استخبارات «طالبان».
وبعد مقتل الظواهري بضربة جوية أميركية، وجهت الولايات المتحدة الاتهامات بحق حركة «طالبان» لانتهاك واضح وصريح لـ«اتفاق الدوحة» الذي أُبرم بوساطة إدارة الرئيس الأميركي السابق ترمب، التي قالت إن «طالبان» لن تؤوي إرهابيين إذا انسحبت القوات الأميركية من أفغانستان؛ حيث الانسحاب الذي استكمل في أغسطس (آب) 2021. واتهم مسؤولون أميركيون قادة «طالبان» من «شبكة حقاني» بمعرفتهم المسبقة بمكان وجود الظواهري في البلاد، في الوقت الذي أدانت فيه «طالبان» ببيان غاضب الغارة الأميركية الناجحة. ويشير حضور ديفيد كوهين، نائب مدير الاستخبارات المركزية، مع عبد الحق الواثق من مخابرات «طالبان»، في الاجتماع الذي عقد السبت بالعاصمة الدوحة، إلى تركيز الإدارة الأميركية على مكافحة الإرهاب. ووصف البيت الأبيض، الشهر الماضي، التعاون مع «طالبان» في مجال مكافحة الإرهاب بأنه «عمل لا يزال جارياً». وحضر الاجتماع رفقة كوهين توم ويست، ممثل «الخارجية» الأميركية الخاص لشؤون أفغانستان، الذي قاد في كثير من الأحيان التواصل مع «طالبان» منذ انسحاب الولايات المتحدة العام الماضي. وأُطلق سراح المواطن مارك فريريكس، بمساعدة الحكومة القطرية، قبل نحو 3 أسابيع بعد أكثر من عامين في الأسر.
وقال مسؤولو الإدارة الأميركية إنهم قضوا شهوراً في التفاوض مع «طالبان» لإطلاق سراحه، وحذروا الحركة بعد الغارة الجوية من إلحاق الضرر بفريريكس. وقالوا إن أفضل وسيلة لإعادة بناء الثقة هي إطلاق سراحه. وتحتجز حركة «طالبان» حالياً مواطناً أميركياً آخر على الأقل، وهو مخرج يُدعى إيفور شيرر، بعد أن اعتقلته الحركة مع منتجه الأفغاني فيض الله فايز بخش؛ إذ كانا يباشران التصوير في المنطقة التي قُتل فيها الظواهري، بحسب لجنة حماية الصحافيين. وقيل إن حركة «طالبان» استدعت شيرر مرات عدة لاستجوابه قبل اعتقاله. ورفضت «وكالة الاستخبارات المركزية» ووزارة الخارجية الأميركية التعليق على الأمر.


مقالات ذات صلة

غوتيريش: أفغانستان أكبر مأساة إنسانية في العالم

العالم غوتيريش: أفغانستان أكبر مأساة إنسانية في العالم

غوتيريش: أفغانستان أكبر مأساة إنسانية في العالم

أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الثلاثاء، أن الوضع في أفغانستان هو أكبر كارثة إنسانية في العالم اليوم، مؤكداً أن المنظمة الدولية ستبقى في أفغانستان لتقديم المساعدة لملايين الأفغان الذين في أمّس الحاجة إليها رغم القيود التي تفرضها «طالبان» على عمل النساء في المنظمة الدولية، محذراً في الوقت نفسه من أن التمويل ينضب. وكان غوتيريش بدأ أمس يوماً ثانياً من المحادثات مع مبعوثين دوليين حول كيفية التعامل مع سلطات «طالبان» التي حذّرت من استبعادها عن اجتماع قد يأتي بـ«نتائج عكسيّة». ودعا غوتيريش إلى المحادثات التي تستمرّ يومين، في وقت تجري الأمم المتحدة عملية مراجعة لأدائها في أفغانستان م

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
العالم «طالبان» ترفض الادعاء الروسي بأن أفغانستان تشكل تهديداً أمنياً

«طالبان» ترفض الادعاء الروسي بأن أفغانستان تشكل تهديداً أمنياً

رفضت حركة «طالبان»، الأحد، تصريحات وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو الذي زعم أن جماعات مسلحة في أفغانستان تهدد الأمن الإقليمي. وقال شويغو خلال اجتماع وزراء دفاع منظمة شنغهاي للتعاون يوم الجمعة في نيودلهي: «تشكل الجماعات المسلحة من أفغانستان تهديداً كبيراً لأمن دول آسيا الوسطى». وذكر ذبيح الله مجاهد كبير المتحدثين باسم «طالبان» في بيان أن بعض الهجمات الأخيرة في أفغانستان نفذها مواطنون من دول أخرى في المنطقة». وجاء في البيان: «من المهم أن تفي الحكومات المعنية بمسؤولياتها». ومنذ عودة «طالبان» إلى السلطة، نفذت هجمات صاروخية عدة من الأراضي الأفغانية استهدفت طاجيكستان وأوزبكستان.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
العالم جهود في الكونغرس لتمديد إقامة أفغانيات حاربن مع الجيش الأميركي

جهود في الكونغرس لتمديد إقامة أفغانيات حاربن مع الجيش الأميركي

قبل أن تتغير بلادها وحياتها بصورة مفاجئة في عام 2021، كانت مهناز أكبري قائدة بارزة في «الوحدة التكتيكية النسائية» بالجيش الوطني الأفغاني، وهي فرقة نسائية رافقت قوات العمليات الخاصة النخبوية الأميركية في أثناء تنفيذها مهام جبلية جريئة، ومطاردة مقاتلي «داعش»، وتحرير الأسرى من سجون «طالبان». نفذت أكبري (37 عاماً) وجنودها تلك المهام رغم مخاطر شخصية هائلة؛ فقد أصيبت امرأة برصاصة في عنقها، وعانت من كسر في الجمجمة. فيما قُتلت أخرى قبل وقت قصير من سقوط كابل.

العالم أفغانيات يتظاهرن ضد اعتراف دولي محتمل بـ«طالبان»

أفغانيات يتظاهرن ضد اعتراف دولي محتمل بـ«طالبان»

تظاهرت أكثر من عشرين امرأة لفترة وجيزة في كابل، أمس، احتجاجاً على اعتراف دولي محتمل بحكومة «طالبان»، وذلك قبل يومين من اجتماع للأمم المتحدة، وفق وكالة الصحافة الفرنسية. وسارت نحو 25 امرأة أفغانية في أحد شوارع كابل لمدة عشر دقائق، وردّدن «الاعتراف بـ(طالبان) انتهاك لحقوق المرأة!»، و«الأمم المتحدة تنتهك الحقوق الدولية!».

«الشرق الأوسط» (كابل)
العالم مظاهرة لأفغانيات احتجاجاً على اعتراف دولي محتمل بـ«طالبان»

مظاهرة لأفغانيات احتجاجاً على اعتراف دولي محتمل بـ«طالبان»

تظاهرت أكثر من 20 امرأة لفترة وجيزة في كابل، السبت، احتجاجاً على اعتراف دولي محتمل بحكومة «طالبان»، وذلك قبل يومين من اجتماع للأمم المتحدة. وسارت حوالي 25 امرأة أفغانية في أحد شوارع كابل لمدة عشر دقائق، ورددن «الاعتراف بطالبان انتهاك لحقوق المرأة!» و«الأمم المتحدة تنتهك الحقوق الدولية!». وتنظم الأمم المتحدة اجتماعاً دولياً حول أفغانستان يومَي 1 و2 مايو (أيار) في الدوحة من أجل «توضيح التوقّعات» في عدد من الملفات. وأشارت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة أمينة محمد، خلال اجتماع في جامعة برينستون 17 أبريل (نيسان)، إلى احتمال إجراء مناقشات واتخاذ «خطوات صغيرة» نحو «اعتراف مبدئي» محتمل بـ«طالبان» عب

«الشرق الأوسط» (كابل)

أكثر من 800 مجموعة مالية أوروبية تتعامل مع شركات مرتبطة بمستوطنات إسرائيلية

وسعت إسرائيل نشاطها الاستيطاني بوتيرة لم يسبق لها مثيل (رويترز)
وسعت إسرائيل نشاطها الاستيطاني بوتيرة لم يسبق لها مثيل (رويترز)
TT

أكثر من 800 مجموعة مالية أوروبية تتعامل مع شركات مرتبطة بمستوطنات إسرائيلية

وسعت إسرائيل نشاطها الاستيطاني بوتيرة لم يسبق لها مثيل (رويترز)
وسعت إسرائيل نشاطها الاستيطاني بوتيرة لم يسبق لها مثيل (رويترز)

أظهرت دراسة أجرتها منظمات للمجتمع المدني، اليوم الثلاثاء، أن أكثر من 800 مؤسسة مالية أوروبية لها علاقات تجارية بشركات مرتبطة بالمستوطنات الإسرائيلية.

ووفقاً لـ«رويترز»، وسعت إسرائيل نشاطها الاستيطاني بوتيرة لم يسبق لها مثيل، ويأمل بعض المستوطنين أن يساعدهم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في تحقيق حلم فرض السيادة على الضفة الغربية التي يعدها الفلسطينيون محور دولة لهم في المستقبل.

وأدى العنف المتزايد للمستوطنين إلى فرض عقوبات أميركية، وقالت بعض الشركات إنها ستوقف أعمالها في الضفة الغربية المحتلة.

وأفاد تقرير تحالف منظمات «لا تشتري من الاحتلال» بأن 822 مؤسسة مالية في المجمل أقامت علاقات هذا العام مع 58 شركة «ضالعة بنشاط» في المستوطنات الإسرائيلية ارتفاعاً من 776 مؤسسة في 2023.

ودعت منظمات المجتمع المدني إلى تشديد التدقيق وسحب الاستثمارات إذا لزم الأمر.

وقال أندرو بريستون، من منظمة المساعدات الشعبية النرويجية، وهي واحدة من 25 منظمة مجتمع مدني أوروبية وفلسطينية أجرت البحث: «المؤشر هو أن الأمور تسير في الاتجاه الخطأ».

وقال لنادي جنيف للصحافة حيث قُدم التقرير: «نرى أنه يجب على المؤسسات المالية الأوروبية معاودة تقييم نهجها بشكل عاجل تجاه الشركات الضالعة في الاحتلال غير القانوني».

ولم ترد وزارة المالية الإسرائيلية بعد على طلب للتعليق.

ويبلغ طول الضفة الغربية نحو 100 كيلومتر وعرضها 50، وتقع في لب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني منذ استيلاء إسرائيل عليها في حرب عام 1967.

وتعد معظم الدول الضفة الغربية أرضاً محتلة، وأن المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي، وهو الموقف الذي أيدته أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة في يوليو (تموز).

وأفاد التقرير بأن بنوكاً كبرى منها «بي إن بي باريبا» و«إتش إس بي سي» من بين الشركات الأوروبية المدرجة على القائمة. ولم ترد البنوك بعد على طلب للتعليق.

وأفاد التقرير بأن الشركات الضالعة بنشاط في المستوطنات وعددها 58 تشمل شركة كاتربيلر لصناعة الآلات الثقيلة، بالإضافة إلى موقعي السفر «بوكينغ» و«إكسبيديا». ولم ترد أي من هذه الشركات بعد على طلب للتعليق.

وقالت «بوكينغ» في وقت سابق إنها حدثت إرشاداتها لمنح العملاء مزيداً من المعلومات لاتخاذ قرارات مستنيرة بشأن المناطق المتنازع عليها والمتأثرة بالصراع. وقالت «إكسبيديا» إن أماكن الإقامة الخاصة بها محددة بوضوح على أنها مستوطنات إسرائيلية تقع في الأراضي الفلسطينية.

وكثير من الشركات المذكورة في التقرير، ولكن ليس كلها، مدرج أيضاً في قاعدة بيانات الأمم المتحدة للشركات التي تتعامل مع المستوطنات الإسرائيلية.

وذكر التقرير أن بعض المؤسسات المالية سحبت استثماراتها من شركات مرتبطة بالمستوطنات الإسرائيلية في السنوات القليلة الماضية، بما في ذلك صندوق التقاعد النرويجي (كيه إل بي).