لبنان: المشاورات الحكومية مجمدة والمفاوضات الرئاسية في حلقة مفرغة

TT

لبنان: المشاورات الحكومية مجمدة والمفاوضات الرئاسية في حلقة مفرغة

بات واضحاً أن الإيجابية التي رافقت ملفي ترسيم الحدود وتشكيل الحكومة مطلع الأسبوع الحالي تلاشت مع نهايته. ففيما لا يزال لبنان يترقب جواباً أميركياً رسمياً على التعديلات التي طلب إدخالها على مسودة اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بعد الإعلان عن رفض إسرائيل لها، تشهد عملية تشكيل الحكومة جموداً رغم المساعي التي يبذلها «حزب الله» لتقريب وجهات النظر بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، مما يتيح إنجاز التشكيلة قبل انتهاء ولاية العماد ميشال عون نهاية الشهر الحالي.
وقالت مصادر مطلعة على أجواء الرئيس عون لـ«الشرق الأوسط» أن «الموضوع الحكومي معلق الآن ولا جديد فيه»، لافتة إلى أن «كلام الرئيس الجمعة عن أن الأولوية راهناً لانتخاب رئيس جديد له مدلول أيضاً لجهة تراجع الملف الحكومي».
وكان عون خلال لقائه الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي قال إن «الأولوية المطلقة يجب أن تكون راهناً لانتخاب رئيس جديد للجمهورية لأن وجود الرئيس أساسي لتشكيل حكومة جديدة وليس العكس».
واعتبرت أوساط الرئيس نجيب ميقاتي أن «كلام عون هذا يؤكد أنه لا نية لتسهيل عملية التشكيل، وأن هناك عدم تجاوب من فريق العهد مع مساعي الرئيس المكلف في مرحلة لا نمتلك فيها رفاهية الأخذ والرد ورفع السقوف السياسية». وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «الكلام بالملف الحكومي بات مخجلاً لأن الفريق الآخر يأبى التنازل عن شروطه التعجيزية ويريد استباق تشكيل الحكومة بالحصول على تعهدات مسبقة، وهو أمر لن يقبل به الرئيس ميقاتي الذي وافق على إدخال تعديلات على الحكومة الحالية لتحصينها وإن كان مقتنعاً أن الأولوية يجب أن تكون انتخاب رئيس جديد للجمهورية».
وتنسحب الأجواء السلبية أيضاً على ملف الانتخابات الرئاسية، بحيث تؤكد آخر المعطيات أن المفاوضات بين كل القوى تدور في حلقة مفرغة، مما يجعل مصير الجلسة الثانية لانتخاب رئيس والتي حددها رئيس المجلس النيابي نبيه بري يوم الخميس المقبل شبيهاً بمصير سابقتها، مع عدم استبعاد احتمال عدم تأمين نصابها، خاصة أن هناك توجهاً شبه محسوم لدى نواب «التيار الوطني الحر» لمقاطعتها باعتبارها تصادف ذكرى 13 أكتوبر (تشرين الأول) 1990 حين أُخرج رئيس الحكومة العسكرية يومها والرئيس الحالي العماد عون من قصر بعبدا بعد قصفه بالطائرات السورية. وقال نائبان في «التيار» لـ«الشرق الأوسط» إن التوجه هو للمقاطعة.
وفيما يتوقع أن يصوت نواب «الثنائي الشيعي»، أي نواب حركة «أمل» و«حزب الله» مجدداً بأوراق بيضاء في الجلسة المقبلة في ظل عدم التفاهم ضمن الفريق المحسوب على «حزب الله» على مرشح واحد يخوضون به المعركة الرئاسية، تتواصل المشاورات ضمن فريق المعارضة الذي يشهد هو الآخر انقساماً لا يبدو أنه قادر على تجاوزه في الأيام المقبلة.
وتشير معلومات «الشرق الأوسط» إلى نواب «التغيير» الـ13 اتخذوا قراراً حاسماً بعدم التصويت لمرشح «القوات» و«الكتائب» و«التقدمي الاشتراكي» النائب ميشال معوض، وهم يتواصلون مع نواب صيدا الـ3. أسامة سعد، وعبد الرحمن البزري وشربل مسعد ليختاروا أحد الأسماء الـ3 التالية ليصوتوا لها وهي: الوزيران السابقان زياد بارود وناصيف حتي والنائب السابق صلاح حنين.
ولا يبدو أن النواب السنة المستقلين بصدد أن يصوتوا لمعوض أيضاً، وبحسب عضو تكتل «الاعتدال الوطني» النائب أحمد الخير فإن التوجه حسب المعطيات الراهنة لوضع ورقة باسم «لبنان» مجدداً على أن يتخذ القرار النهائي خلال لقاء يعقده التكتل يوم الأربعاء. ويشير الخير في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن نواب «الاعتدال الوطني» وسعوا دائرة التشاور مع كل الكتل لمحاولة تضييق مساحة التمايز بملف الرئاسة. وأضاف: «لا شك أن الصفات الرئاسية المطلوبة موجودة بالنائب معوض لكننا لا نعتقد أن هناك إمكانية لضمان انتخابه ولكنني أجزم أنه في حال كان هناك 74 نائباً مؤيداً لمعوض في أي جلسة انتخاب فإننا جاهزون لتأمين النصاب». وينبه الخير أنه «في حال الدخول في شغور رئاسي فإن البلد سيكون مفتوحاً على كل الاحتمالات، مما يحتم إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري».
وتجمع كل القوى على وجوب انتخاب رئيس قبل انتهاء ولاية عون في 31 أكتوبر من دون أن تقوم بخطوات عملية تضمن ذلك. وفي هذا السياق، قال النائب عن «حزب الله» حسن عز الدين: «إذا ظللنا بهذا التشرذم والانقسام بين القوى السياسية في المجلس النيابي، فإننا لن نتمكّن من أن نصل إلى انتخاب رئيس للجمهورية»، داعياً «جميع القوى لأن تُعيد النظر لأجل مصالح الوطن والمواطنين، وأن تتنازل عن الشروط والشروط المضادة، كي لا نذهب إلى الفراغ في سدة الرئاسة، الذي سيأخذنا إلى خيارات وإجراءات غير مفيدة، توصلنا إلى أفق مسدود».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

نتنياهو يرفض جهود التهدئة بخطاب أممي وعمليات ميدانية

نتنياهو متحدثاً في الأمم المتحدة (رويترز)
نتنياهو متحدثاً في الأمم المتحدة (رويترز)
TT

نتنياهو يرفض جهود التهدئة بخطاب أممي وعمليات ميدانية

نتنياهو متحدثاً في الأمم المتحدة (رويترز)
نتنياهو متحدثاً في الأمم المتحدة (رويترز)

تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مواصلة الحرب على «حزب الله» حتى تحقيق أهدافه عبر الحدود اللبنانية - الإسرائيلية، في رفض صريح للجهود الأميركية والفرنسية المدعومة دولياً وعربياً لوقف العمليات العسكرية مؤقتاً، وما تحمله من الانزلاق إلى حرب إقليمية، موجهاً تحذيراً مباشراً لإيران التي «لا يوجد فيها مكان لا تطوله صواريخ» إسرائيل. وقال نتنياهو إنه «ما دام (حزب الله) اختار طريق الحرب، فلن يكون أمام إسرائيل خيار آخر، وإسرائيل لها كل الحق في التخلص من هذا التهديد، وإعادة مواطنينا إلى منازلهم بأمان». وأضاف أن «إسرائيل تحملت ذلك الوضع الذي لا يطاق لما يقرب من عام. ولقد أتيت إلى هنا اليوم لأقول طفح الكيل». وزاد: «بلادي في حالة حرب، وتقاتل من أجل البقاء». وأضاف أن «لإسرائيل كل الحق في إزالة هذا التهديد، وإعادة مواطنينا إلى ديارهم بأمان. وهذا بالضبط ما نفعله (...) سنستمر في إذلال (حزب الله) حتى تحقيق كل أهدافنا». وأضاف: «تخيلوا لو أن الإرهابيين حوَّلوا إل باسو وسان دييغو إلى بلدات أشباح... إلى متى ستتسامح الحكومة الأميركية مع ذلك؟»، وهو كان يشير إلى مدينتين حدوديتين للولايات المتحدة مع المكسيك، ليضيف أنه «مع ذلك، كانت إسرائيل تتسامح مع هذا الوضع الذي لا يطاق منذ ما يقرب من عام. حسناً، أتيت إلى هنا اليوم لأقول: كفى». وكذلك تكلم نتنياهو عن رد إسرائيل على هجمات «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، التي أدت إلى عملية عسكرية إسرائيلية دمرت غزة. وقال إنه سافر إلى الأمم المتحدة لدحض الأكاذيب التي سمعها من زعماء آخرين على نفس المنصة في وقت سابق من الأسبوع. وقال: «لم أكن أنوي المجيء إلى هنا هذا العام. بلدي في حالة حرب... يقاتل من أجل حياته. ولكن بعد أن سمعت الأكاذيب والافتراءات التي وجهها كثير من المتحدثين على هذا المنبر إلى بلدي، قررت المجيء إلى هنا لتصحيح الأمور». وأصر على أن إسرائيل تريد السلام. لكنه أشار إلى إيران، قائلاً: «إذا ضربتمونا، فسنضربكم». وإذ رأى أن إيران مسؤولة عن مشكلات المنطقة، قال: «استرضى العالم إيران فترة طويلة جداً. يجب أن ينتهي هذا الاسترضاء». وأكد أنه «لا يوجد مكان في إيران لا تستطيع الذراع الطويلة لإسرائيل الوصول إليه. والأمر ينطبق على الشرق الأوسط بأكمله. الجنود الإسرائيليون ليسوا حملاناً تُقاد إلى مذبحة، وقد قاوموا بشجاعة مبهرة». وكذلك قال: «لديَّ رسالة أخرى لهذه الجمعية وللعالم خارج هذه القاعة، نحن ننتصر». ودعا رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة تجاه البرنامج النووي الإيراني، تشمل إعادة توقيع عقوبات كانت قد فرضتها الأمم المتحدة قبل رفعها في 2015 بموجب اتفاق نووي مع القوى العالمية، وقال: «أدعو مجلس الأمن إلى إعادة فرض عقوباته على إيران، لأننا جميعاً يجب أن نفعل كل ما بوسعنا لضمان عدم امتلاك إيران أسلحة نووية». وكرر تعهداته السابقة بأن تمنع إسرائيل إيران من امتلاك سلاح نووي. وقال: «تسعى إيران حالياً إلى استخدام برنامجها النووي سلاحاً في مواجهة السلام والأمن في جميع بلدانكم، وأؤكد لكم أن إسرائيل ستفعل كل ما بوسعها للتأكد من عدم حدوث ذلك». وبينما كان يتحدث، كانت المقاعد في وفد إيران فارغة. وفي الخارج، تظاهر المتظاهرون ضد نتنياهو وسياسات إسرائيل خلف حواجز الشرطة.

استسلام «حماس»

وقال نتنياهو أيضاً: «يمكن لهذه الحرب أن تنتهي الآن (...) كل ما يجب أن يحدث هو أن تستسلم (حماس)، وتضع سلاحها، وتطلق سراح جميع الرهائن، ولكن إذا لم يفعلوا ذلك - إذا لم يفعلوا - فسوف نقاتل حتى نحقق النصر الكامل. النصر الكامل. لا يوجد بديل عنه». وقال إن القوات الإسرائيلية دمرت 90 في المائة من صواريخ (حماس)، وقتلت أو أسرت نصف قواتها. لكنه أصر مع ذلك على أنه يسعى إلى السلام. وقال: «لقد صنعت إسرائيل السلام، وستصنعه مرة أخرى». وأضاف: «سنقاتل حتى نحقق النصر، النصر الكامل، ولا بديل عنه». وأشار في كلمته إلى حضور عائلات لرهائن ممن احتجزتهم «حماس».