ما زالت العثرات تحيط بمحادثات السلام المزمعة بين طرفي النزاع في منطقة «تيغراي» بشمال إثيوبيا، والتي أعلن عنها الاتحاد الأفريقي مؤخراً. فبعدما أشارت معلومات إلى تأجيل المفاوضات، أعلن مبعوث كينيا (فاعل رئيسي) عدم مشاركته فيها، فيما قتلت غارة على إقليم «تيغراي» 5 وأصابت العشرات.
وكان الاتحاد الأفريقي قد أعلن عن محادثات سلام بين الحكومة الفيدرالية الإثيوبية والجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، بعد نحو عامين من اندلاع حرب طاحنة بينهما شمال البلاد.
وكان من المقترح إجراء المحادثات مطلع الأسبوع المقبل في جنوب أفريقيا. لكن الرئيس الكيني السابق أوهورو كينياتا، وهو فاعل رئيسي في الجهود التي يقودها الاتحاد الأفريقي، أعلن أنه «لن يحضر المفاوضات التي كان من المقرر أن تبدأ في نهاية الأسبوع».
وتأتي محاولة حلّ النزاع في ظل استمرار القتال العنيف في شمال إثيوبيا بعد تجدده في أواخر أغسطس (آب) وانهيار هدنة استمرت خمسة أشهر وتوقف وصول المساعدات إلى منطقة تيغراي التي مزقتها الحرب.
وكان من المقرر أن يقود المحادثات مبعوث الاتحاد للقرن الأفريقي أولوسيجون أوباسانجو ونائب رئيس جنوب أفريقيا السابق فومزيل ملامبو - نجكوكا وأوهورو كينياتا.
لكن في مؤشر إلى التحديات التي تواجه العملية، قال كينياتا في رسالة إلى رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقي محمد، نقلتها «فرانس برس» إنه لن يحضر محادثات جنوب أفريقيا «بسبب تضارب في جدول أعمالي».
وأضاف «ولكن في الأثناء، وبينما تفكر في إمكانية تحديد موعد آخر لمحادثات السلام، سأكون ممتنا لو تلقيت مزيدا من الإيضاح بشأن هيكلية المحادثات وصيغتها».
وشدد كينياتا الذي ترك الرئاسة في أغسطس (آب) على أن «الوقف الفوري وغير المشروط للأعمال العدائية» يجب أن يكون على رأس جدول الأعمال.
وكان مصدران دبلوماسيان، قد كشفا الجمعة، عن إرجاء المحادثات لـ«أسباب لوجيستية». ولم يُحدد موعد بعد.
وأعلنت الحكومة الإثيوبية وجبهة تحرير شعب تيغراي (الأربعاء) استعدادهما للمشاركة في المفاوضات. لكن زعيم جبهة تيغراي ديبريتسيون غبريميكائيل احتج على عدم استشارتهم قبل إصدار الدعوة، وطلب توضيحا بشأن الأطراف الأخرى المعنية والدور الذي سيؤديه المجتمع الدولي، والخدمات اللوجستية مثل السفر الجوي وتأمين فريق التفاوض.
وتصاعد القتال في الأسابيع الأخيرة على جبهات متعددة في شمال إثيوبيا، وشُنت ضربات جوية عديدة في تيغراي.
وأكد مسؤول في أكبر مستشفيات المنطقة وقوع هجوم دام بطائرة مسيرة الجمعة على بلدة دينغولات على بعد حوالي 30 كيلومترا جنوب ميكيلي عاصمة تيغراي.
وأوضح كيبروم غيبريسيلاسي مدير مستشفى أيدر في ميكيلي عبر تويتر «لم يُعرف العدد الإجمالي للضحايا بعد. استقبلنا 42 ضحية، خمسة منهم لقوا حتفهم».
بالإضافة إلى انقطاع المساعدات عن تيغراي التي تواجه نقصا حادا في الغذاء والوقود والأدوية، أدى التصعيد الأخير في القتال إلى عودة القوات الإريترية إلى ساحة المعركة لدعم القوات الإثيوبية، ما أثار قلق المجتمع الدولي.
وفي ظلّ النزاع المتفاقم، قالت الولايات المتحدة إن مبعوثها الخاص إلى المنطقة مايك هامر سيقوم بزيارته الثانية لإثيوبيا في غضون أشهر عدة سعيا لوقف القتال.
وحذر هامر الذي التقى الرئيس الكيني المنتخب حديثا وليام روتو في نيروبي الجمعة، من أن مشاركة إريتريا تزيد من تعقيد إنهاء النزاع في ثاني أكثر دول أفريقيا سكانا.
تسببت الحرب التي اندلعت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 في مقتل أعداد لا حصر لها من المدنيين، ونزوح عدة ملايين من منازلهم، وأثارت أزمة إنسانية عميقة في شمال إثيوبيا.
كما اتُهمت كل أطراف النزاع بارتكاب انتهاكات جسيمة ضد المدنيين، وصوت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة (الجمعة) بأغلبية ضيقة على تمديد تفويض بعثة تحقيق لمدة عام، رغم معارضة أديس أبابا.
وقالت لجنة الخبراء الأممية بشأن حقوق الإنسان في إثيوبيا في تقريرها الأول الصادر الشهر الماضي، إنها وجدت أدلة على انتهاكات واسعة النطاق، وإن هناك «أسبابا معقولة للاعتقاد أن هذه الانتهاكات ترقى في عدة حالات إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية».