فشل «الإسلاميين» في إسقاط الحكومة الجزائرية يعبد الطريق لمواصلة سياساتها

رغم اعتراف الوزير الأول بالعجز عن حل «أزمة الندرة ووقف تدني القدرة الشرائية»

رئيس الوزراء أثناء عرض بيان السياسة العامة أمام النواب (البرلمان الجزائري)
رئيس الوزراء أثناء عرض بيان السياسة العامة أمام النواب (البرلمان الجزائري)
TT

فشل «الإسلاميين» في إسقاط الحكومة الجزائرية يعبد الطريق لمواصلة سياساتها

رئيس الوزراء أثناء عرض بيان السياسة العامة أمام النواب (البرلمان الجزائري)
رئيس الوزراء أثناء عرض بيان السياسة العامة أمام النواب (البرلمان الجزائري)

مر عرض بيان السياسة العامة للحكومة الجزائرية على البرلمان بسلام، بعد فشل مسعى الإسلاميين إسقاط الطاقم الوزاري بسبب عدم توفر العدد الكافي من النواب الذي يسمح بذلك. ورغم اعتراف الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمن بعجز الحكومة عن حل «أزمة الندرة»، ووقف تدني القدرة الشرائية، فقد حصل على «ضوء أخضر» من الأغلبية لمواصلة تنفيذ سياساته التي تواجه انتقاداً واسعاً.
فخلال أربعة أيام من محاولات إقناع أعضاء البرلمان (من 03 إلى 06 من الشهر الجاري) بـ«صواب» السياسات الني اتبعتها حكومة الرئيس عبد المجيد تبون في مدة عام سبتمبر (أيلول) 2021 إلى أغسطس (آب) 2022)، حاول البرلمانيون الإسلاميون جس نبض الكتل البرلمانية الأخرى لدفع أعضائها للانضمام إلى مسعى أعلنت عنه، يتعلق بتفعيل آلية «ملتمس الرقابة»، الذي يعني حجب الثقة عن الحكومة، لعلمهم أن عددهم قليل، ولا يفي بالغرض، غير أنهم فشلوا في تحقيق الهدف. وقد أدرك نواب «حركة مجتمع السلم» الـ65 مع نواب «جبهة العدالة والتنمية» أن الخطوة ما كان يمكن أن يقبلها قانوناً مكتب «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة الأولى) كشرط لإطلاق باقي ترتيبات حجب الثقة.
وتنص المادة 161 من الدستور على أنه يمكن للغرفة البرلمانية الأولى، خلال مناقشة بيان السياسة العامة أو على إثر استجواب، أن تصوت على ملتمس رقابة ينصب على مسؤولية الحكومة. ولا يقبل الملتمس إلا إذا وقعه سُبع النواب على الأقل. كما تفيد المادة 162 أنه تتم الموافقة على ملتمس الرقابة بتصويت أغلبية ثلثي النواب، غير أن الشرطين غير متوفرين في مسعى البرلمانيين الإسلاميين. لكن في حركة مسبقة، أعلن أحمد صادوق، رئيس المجموعة النيابية لـ«مجتمع السلم» للصحافة، أن مشروع سحب الثقة تخلى عنه زملاؤه بذريعة «الظرف الدولي الصعب»، وأن «البلاد مقبلة على احتضان القمة الغربية»، ويقصد أنه ليس في مصلحة البلاد تغيير الحكومة حالياً، بحجة وجود رهانات مطلوب من الدولة التعامل معها وهي في حالة استقرار مؤسساتي وسياسي.
وانتهى عرض حصيلة عمل الحكومة ومناقشته بالبرلمان، الخميس الماضي، بتصريح لافت للوزير الأول عندما قال إنه «يعتذر لكل رب وربة بيت، بسبب شح المواد الغذائية في السوق منذ أسابيع». وكان يشير أساساً إلى فقدان الزيت والحليب في المساحات التجارية الكبرى. وبدا عليه التأثر عندما ذرفا دموعاً، مبدياً تضامناً مع اللاهثين يومياً وراء المنتجات الضرورية المفقودة، والتي يشترونها إن وجدوها بأضعاف سعرها المحدد من طرف الدولة، غير أن الاعتراف بالفشل في مواجهة «أزمة الندرة»، التي طالت الكثير من البضائع والمنتجات الأخرى، لم يمنع الحكومة من مواصلة عملها، مستفيدة من تأييد غالبية النواب المؤيدين لسياسات الرئيس تبون، والذين ينتمون أساساً لحزبي «جبهة التحرير الوطني» و«التجمع الوطني الديمقراطي». وحمل أكثرية النواب، بمن فيهم «الموالاة»، وزير التجارة كمال رزيق مسؤولية الندرة وغلاء المعيشة، وطالبوا بإقالته.
وشدد الوزير الأول عندما واجه الانتقادات على أن الحكومة «تمكنت من تحقيق فائض في الميزان التجاري بـ13 مليار دولار خلال سنة من النشاط»، وهو ما لم يتحقق، حسبه، في الفترات السابقة. لكن نواب المعارضة قالوا إن ذلك تم على «حساب معيشة المواطن»، بحكم أن اقتصاد ملايين الدولارات بتقليص فاتورة الواردات، تمخض عنه حرمان السوق من عدد كبير من البضائع، ومنها الدواء، في مقابل عجز البلاد عن إنتاجها محلياً. ودافع بن عبد الرحمن على الخطة الاقتصادية المنتهجة منذ عام، وفسر ظاهرة «المضاربة» في الأسعار وندرة المنتجات بقرار منع الاستيراد، الذي ألحق، حسبه، ضرراً بتجار كانوا «يمارسون الاستيراد المتوحش». في إشارة إلى رجال أعمال، كثير منهم في السجن، استفادوا من تسهيلات غير قانونية في السنوات الأخيرة، يطلق عليهم الإعلام صفة «العصابة».


مقالات ذات صلة

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

شمال افريقيا الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

أكد وزيران جزائريان استعداد سلطات البلاد لتجنب سيناريو موسم الحرائق القاتل، الذي وقع خلال العامين الماضيين، وسبّب مقتل عشرات الأشخاص. وقال وزير الفلاحة والتنمية الريفية الجزائري، عبد الحفيظ هني، في ندوة استضافتها وزارته مساء أمس، إن سلطات البلاد أعدت المئات من أبراج المراقبة والفرق المتنقلة، إضافة لمعدات لوجيستية من أجل دعم أعمال مكافحة الحرائق، موضحاً أنه «سيكون هناك أكثر من 387 برج مراقبة، و544 فرقة متنقلة، و42 شاحنة صهريج للتزود بالمياه، و3523 نقطة للتزود بالمياه، و784 ورشة عمل بتعداد 8294 عوناً قابلاً للتجنيد في حالة الضرورة القصوى».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

التمست النيابة بمحكمة بالجزائر العاصمة، أمس، السجن 12 سنة مع التنفيذ بحق وزير الموارد المائية السابق، أرزقي براقي بتهمة الفساد. وفي غضون ذلك، أعلن محامو الصحافي إحسان القاضي عن تنظيم محاكمته في الاستئناف في 21 من الشهر الحالي، علماً بأن القضاء سبق أن أدانه ابتدائياً بالسجن خمس سنوات، 3 منها نافذة، بتهمة «تلقي تمويل أجنبي» لمؤسسته الإعلامية. وانتهت أمس مرافعات المحامين والنيابة في قضية الوزير السابق براقي بوضع القضية في المداولة، في انتظار إصدار الحكم الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

استقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في مقر القصر الرئاسي بالجزائر، الثلاثاء، الدكتور عبد الله آل الشيخ، رئيس مجلس الشورى السعودي الذي يقوم بزيارة رسمية؛ تلبية للدعوة التي تلقاها من رئيس مجلس الأمة الجزائري. وشدد آل الشيخ على «تبادل الخبرات لتحقيق المصالح التي تخدم العمل البرلماني، والوصول إلى التكامل بين البلدين اللذين يسيران على النهج نفسه من أجل التخلص من التبعية للمحروقات، وتوسيع مجالات الاستثمار ومصادر الدخل»، وفق بيان لـ«المجلس الشعبي الوطني» الجزائري (الغرفة البرلمانية). ووفق البيان، أجرى رئيس المجلس إبراهيم بوغالي محادثات مع آل الشيخ، تناولت «واقع وآفاق العلاقات الثنائية الأخوية، واس

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

قضت محكمة الاستئناف بالعاصمة الجزائرية، أمس، بسجن سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس الراحل، 12 سنة مع التنفيذ، فيما تراوحت الأحكام بحق مجموعة رجال الأعمال المقربين منه ما بين ثماني سنوات و15 سنة مع التنفيذ، والبراءة لمدير بنك حكومي وبرلماني، وذلك على أساس متابعات بتهم فساد. وأُسدل القضاء الستار عن واحدة من أكبر المحاكمات ضد وجهاء النظام في عهد بوتفليقة (1999 - 2019)، والتي دامت أسبوعين، سادها التوتر في أغلب الأحيان، وتشدد من جانب قاضي الجلسة وممثل النيابة في استجواب المتهمين، الذي بلغ عددهم 70 شخصاً، أكثرهم كانوا موظفين في أجهزة الدولة في مجال الاستثمار والصفقات العمومية، الذين أشارت التحقيقات إلى تو

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين لتعميق التعاون

بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
TT

جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين لتعميق التعاون

بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)

تشهد العاصمة بكين جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين، على مستوى وزيري خارجية البلدين، وذلك لتعميق التعاون، وتبادل الرؤى بشأن المستجدات الإقليمية والدولية.

ووصل وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، إلى بكين، مساء الأربعاء، وأشارت وزارة الخارجية المصرية في إفادة لها، إلى «عقد الجولة الرابعة من آلية الحوار الاستراتيجي بين مصر والصين».

والتقى عبد العاطي، الخميس، رموز الجالية المصرية في الصين، وأبرز اعتزاز بلاده بأبناء الجاليات المصرية في الخارج؛ «نظراً لدورهم المهم في تعزيز روابط الصداقة مع مختلف الدول، بما يسهم في توطيد تلك العلاقات حكومة وشعباً، خصوصاً مع شريك اقتصادي مهم مثل الصين».

وحثّ الوزير عبد العاطي، رموز الجالية المصرية في بكين، للمشاركة في النسخة المقبلة من «مؤتمر المصريين بالخارج» في أغسطس (آب) 2025، والذي من المقرر أن يشارك فيه عدد من الوزراء، بما يجعله بمثابة «منصة للحوار المستمر بين الجاليات المصرية في الخارج والوزارات الخدمية»، وفق «الخارجية المصرية».

وتُقدر عدد الشركات الصينية العاملة في مصر بنحو 2066 شركة في قطاعات متنوعة، ويصل حجم استثماراتها إلى نحو 8 مليارات دولار، وفق تصريح لنائب رئيس الهيئة العامة للاستثمار المصرية، ياسر عباس، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. (الدولار الأميركي يساوي 50.8 جنيه في البنوك المصرية).

الرئيس الصيني خلال استقبال نظيره المصري في بكين مايو الماضي (الرئاسة المصرية)

ووفق نائب وزير الخارجية المصري الأسبق، نائب رئيس «جمعية الصداقة المصرية - الصينية»، السفير على الحفني، فإنه «لدى مصر والصين حرص دائم على تعميق العلاقات، واستمرار التشاور فيما يتعلق بعدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن الزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين، تعكس الإرادة المستمرة لتبادل وجهات النظر وتنسيق المواقف بين البلدين».

وأعلن الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي، والصيني شي جينبينغ، في بكين، مايو (أيار) الماضي، عن تدشين عام «الشراكة المصرية - الصينية» بمناسبة مرور 10 سنوات على إطلاق «الشراكة الاستراتيجية الشاملة».

وأكد الحفني أن «(الحوار الاستراتيجي المصري - الصيني) يأتي في ظل مناخ إقليمي ودولي مضطرب»، عادّاً أن «الحوار ضروري بين القاهرة وبكين، من منطلق وضع الصين قوةً دولية، وعضواً دائماً بمجلس الأمن الدولي، وبهدف تنسيق المواقف بشأن التطورات الخاصة بالقضية الفلسطينية، والمستجدات في غزة ولبنان وسوريا والسودان ومنطقة البحر الأحمر».

وتدعم الصين «حل الدولتين» بوصفه مساراً لحل القضية الفلسطينية، ودعت خلال استضافتها الدورة العاشرة للاجتماع الوزاري لـ«منتدى التعاون الصيني - العربي» في مايو الماضي، إلى «عقد مؤتمر للسلام لإنهاء الحرب في غزة».

ويرى خبير الشؤون الآسيوية في المجلس المصري للشؤون الخارجية، ضياء حلمي، أن «الملفات الإقليمية، وتطورات الأوضاع في المنطقة، تتصدر أولويات زيارة وزير الخارجية المصري لبكين»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن اتساع رقعة الصراع بالشرق الأوسط، والتوترات التي تشهدها دول المنطقة، تفرض التنسيق المصري - الصيني في هذه المرحلة، وإطلاع الجانب الصيني على ما تقوم بها مصر على الصعيد السياسي، للتهدئة في المنطقة».

وأشار حلمي إلى أن هناك تقارباً في المواقف المصرية - الصينية تجاه صراعات المنطقة، وضرورة التهدئة، لافتاً إلى أن «الملفات الاقتصادية تحظى باهتمام من جانب الدولة المصرية لزيادة حجم الاستثمارات الصينية، ورفع معدلات التبادل التجاري بين الجانبين».

وبلغ حجم التبادل التجاري بين مصر والصين نحو 13.9 مليار دولار خلال 2023، مقابل 16.6 مليار دولار خلال عام 2022، وفق إفادة جهاز التعبئة والإحصاء المصري، في مايو الماضي.