يواجه التكتل النيابي لـ«قوى التغيير» في لبنان مشكلة تتجاوز الاختلاف بين أعضائه حول مقاربتهم للاستحقاق الرئاسي بانتخاب رئيس للجمهورية في موعده الدستوري إلى التباين في اتخاذ القرارات بعد أن تعذر عليهم في الخلوة التي عقدوها التفاهم على صيغة لحسم الخلاف لأن اتخاذها بالتوافق يؤدي إلى شل قدرتهم على تفعيل دورهم في التشريع وصولاً إلى تعطيل ما هو مطلوب منهم على الصعيدين البرلماني والسياسي.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصدر نيابي بارز في تكتل «قوى التغيير» أن التكتل عقد ليل أول من أمس اجتماعاً مطولاً انتهى إلى تأكيد الخلاف حول الآلية المطلوبة لاتخاذ القرارات بسبب إصرار بعض النواب على أن تُتخذ بالإجماع، في مقابل رأي آخر يتزعمه العدد الأكبر من النواب يطالب باللجوء إلى التصويت إذا استعصى عليهم تأمين التوافق.
وكشف المصدر النيابي أن الاجتماع لم يتطرق إلى إنجاز الاستحقاق الرئاسي مع أن الخلاف حول التوصل إلى مقاربة موحدة لا يزال قائماً، وقال إن النواب إبراهيم منيمنة وحليمة القعقور وسنتيا زرازير وفراس حمدان يقودون المعارضة داخل التكتل الرافضة للجوء إلى التصويت في اتخاذ القرارات في حال تعذر التوافق عليها، في مقابل النواب ملحم خلف وبولا يعقوبيان ووضاح الصادق وياسين ياسين ورامي فنج ومارك ضو ونجاة صليبا عون وإلياس جرادة وميشال الدويهي الذين لا يرون مبرراً للجوء إلى التصويت في حال عدم تأمين الإجماع لاتخاذ القرارات.
ولفت المصدر النيابي إلى أن هناك ضرورة لتفادي استمرار المراوحة على خلفية التباين في شأن اتخاذ القرارات، وقال إنها بدأت ترتد سلباً على أداء التكتل لدوره التشريعي في البرلمان والآخر على صعيد الشأن السياسي العام.
وتوقف أمام مقاربة التكتل لانتخاب رئيس للجمهورية، وأكد أن ترشيحه في دورة الانتخاب الأولى لسليم ميشال إدة لم يكن لتفادي الخلاف بداخله فحسب، وإنما جاء بعد التوافق على اسمه، وإن خلف هو من اتصل به في وقت مبكر قبل موعد انعقاد الجلسة وأبلغه بأن المعارضة اتخذت قرارها بترشيحه لرئاسة الجمهورية.
وقال إن إدة فوجئ بقرار ترشيحه ولم يكن يخطر في باله الترشح، واضطر لإصدار بيان فور انتهاء الجلسة شكر فيه من أيده وأعلن عزوفه عن خوض الانتخابات، ورأى أن إدة كان يعتقد أن المعارضة اتخذت قرارها بدعم ترشحه إلى أن اكتشف أنه نال 11 صوتاً هي أصوات النواب المنتمين إلى تكتل «التغيير» الذين حضروا الجلسة والتي غاب عنها منيمنة ونجاة صليبا عون.
واعتبر المصدر نفسه أن إدة وإن لم يكن مرشحاً لرئاسة الجمهورية فإنه من خلال بيانه أخرج نفسه من السباق إلى الرئاسة، وأكد أن ترشيح إدة قطع الطريق ولو مؤقتاً على تهديد وحدة الموقف داخل التكتل الذي تراجع عن دعم ترشيح النائب السابق صلاح إدوار حنين، مع أن من سحبوا ترشيحه كانوا في عداد النواب الذين أبدوا حماسة لتأييده.
وتطرق إلى مقاربة التكتل للاستحقاق الرئاسي، وقال إن عزوف إدة عن الترشح بخلاف إرادته كان وراء ترحيل الانقسام بين النواب الأعضاء في التكتل ولم يعد أمامهم من خيار سوى العودة إلى الأسماء الواردة في لائحة المرشحين التي أعدها التكتل، وهم إضافة إلى حنين ناصيف حتي وزياد بارود، فيما تردد أن لدى عدد من النواب رغبة في إضافة اسمَي نعمت أفرام وناجي أبو عاصي إلى اللائحة وكريم إميل بيطار الذي اعتذر لاحقاً عن عدم الترشح.
ولفت إلى أن مجموعة من النواب الأعضاء في التكتل لم ينقطعوا عن التواصل مع الكتل النيابية والنواب المستقلين المنتمين إلى الأكثريات في المعارضة، وقال إن التواصل يشمل أيضاً المرشح ميشال رينة معوض وإن كانوا يتريثون في دعمه على الأقل في المدى المنظور.
وسأل المصدر النيابي: «ما الجدوى من إصرار بعض النواب في التكتل على (شيطنة) القوى المنتمية سابقاً إلى (14 آذار) ومن خلالها المرشحين الذين كانوا في عداد الناشطين في صفوفها؟ وهل من الجائز مساواتهم جميعاً مع قوى (8 آذار) والتعامل معهم بالمستوى نفسه». وقال: «إن مجرد المساواة بين قوى (14 آذار) و(8 آذار) ستؤدي إلى عزل أنفسنا بداخل البرلمان لأننا لن نجد من نتعاون معهم من النواب من موقع الاختلاف».
وأضاف: «نحن لسنا في وارد تبرئة المنظومة من مسؤولياتها في أخذها البلد للانهيار، لكن علينا التعامل بواقعية، وإلا فكيف ندعم وصول رئيس توافقي إلى الرئاسة الأولى من دون التنسيق مع الكتل النيابية والنواب المستقلين لما بيننا من قواسم مشتركة؟».
وكشف أن التكتل لم يدعم ترشيح حنين في دورة الانتخاب الأولى بذريعة أنه كان انتخب نائباً في دورة 2005 بتحالفه مع الحزب «التقدمي الاشتراكي»، وقرر سحب ترشحه قبل ساعات من موعد انعقاد الجلسة لمصلحة دعم ترشيح إدة لتفادي سقوط التكتل في انقسام لن يكون لمصلحته.
وأضاف أن بعض النواب في التكتل اعترضوا على دعم ترشيح معوض بذريعة أنه تحالف في انتخابات عام 2018 مع «التيار الوطني الحر»، فيما لا يعترض هؤلاء على ترشيح بارود الذي ترشح على لائحة «التيار الوطني» عن دائرة كسروان - جبيل ولم يحالفه الفوز، كما اعترضوا على ترشيح أفرام بذريعة أنه رأسمالي!
وشدد على ضرورة الخروج من حالة الضياع التي يتخبط فيها التكتل، وتوقف أمام الدور الذي يلعبه النواب يعقوبيان وضو وصادق وخلف للحفاظ على وحدته وتأمين الحد الأدنى من الانسجام بين نوابه على قاعدة أن هناك ضرورة للتعامل بواقعية بدلاً من اللجوء إلى المزايدات الشعبوية التي لا يراد منها سوى تسجيل المواقف.
انقسام داخل «قوى التغيير» في البرلمان اللبناني حول انتخابات الرئاسة
انقسام داخل «قوى التغيير» في البرلمان اللبناني حول انتخابات الرئاسة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة