ناشطة إيرانية: الحجاب هو «جدار برلين» النظام

مسيح علي نجاد (أ.ف.ب)
مسيح علي نجاد (أ.ف.ب)
TT

ناشطة إيرانية: الحجاب هو «جدار برلين» النظام

مسيح علي نجاد (أ.ف.ب)
مسيح علي نجاد (أ.ف.ب)

في خضم أحدث موجة احتجاجات عامة تعصف بإيران، أكدت الناشطة الإيرانية - الأميركية مسيح علي نجاد، أن الحجاب الإلزامي يشكل «أداة قمع» بيد السلطة في طهران، ولكنه أيضاً «أضعف ركائزها»، وقارنته بـ«جدار برلين» الذي يمكن أن يسقطها.
اضطرت هذه الصحافية والناشطة والمعارضة المقيمة في نيويورك، البالغة 46 عاماً، لمغادرة بلادها في 2009، وتُعرف منذ 2014 لإطلاقها حركة «الحرية الخفية للمرأة لإيران» على مواقع التواصل الاجتماعي، مشجعة النساء الإيرانيات على الاحتجاج على إلزامية وضع الحجاب.
في 2017، أطلقت علي نجاد تحدي «الأربعاء البيض»، مشجعة النساء على ارتداء أوشحة رأس بيضاء اللون للمطالبة بالحريات. واعتقلت السلطات حينذاك عدداً من النساء اللواتي سجلن فيديوهات يعبرن عن شعورهن بالمشاركة في التحدي. وبعد اعتقال إحداهن في شارع انقلاب في طهران، أطلقت علي نجاد هاشتاغ «فتيات شارع انقلاب (الثورة)».
أصبحت مسيح علي نجاد التي تتحدر من مدينة رشت مركز محافظة جيلان إحدى المتحدثات باسم حركة الاحتجاج التي تهز إيران منذ وفاة الشابة مهسا أميني (22 عاماً) في 16 سبتمبر (أيلول)، بعد أن أوقفتها «شرطة الأخلاق» في طهران. ويتابع حسابها على «تويتر» نحو 500 ألف شخص، وعلى «إنستغرام» ثمانية ملايين، حيث تنشر يومياً عشرات الصور ومقاطع الفيديو لإيرانيات يخلعن حجابهن، بالإضافة إلى صور للقمع وبعضها يتضمن مظاهر العنف.
زادت شهرة مسيح علي رغماً عنها عندما أعلن القضاء الأميركي توجيه لائحة اتهام «لأربعة عملاء استخبارات إيرانيين» في صيف 2021، لأنهم خططوا لاختطافها في 2018 بهدف إعادتها إلى بلادها، حيث سُجن أحد إخوتها. ونفت إيران تورطها في هذا الأمر.

- حلقة ضعيفة -
وقالت مسيح علي نجاد، وهي تضع زهرة في شعرها المجعد والكثيف لوكالة الصحافة الفرنسية، «بالنسبة لي الحجاب الإلزامي مثل جدار برلين. إذا أسقطنا هذا الجدار، الجمهورية الإسلامية لن تعود موجودة».
مقارنة إسقاط الحجاب بسقوط جدار برلين عام 1989 مهمة بالنسبة لها، وقد دانها المرشد علي خامنئي، هذا الأسبوع، في خطابه، ونسبها إلى «عملاء سياسيين أميركيين»، ملوحاً بشبح زعزعة استقرار النظام المخطط لها في الخارج.
وترى علي نجاد، في ذلك، إثباتاً على أن الحجاب الإلزامي هو «أضعف ركائز الجمهورية الإسلامية». وتقول، «لذلك يخاف النظام فعلاً من هذه الثورة ويحاول قمع (المحتجين) والتخلص منهم، لأنهم يعرفون أنه إذا تمكنت النساء من قول لا لمن يقول لهن ما عليهن أن يرتدين، ستصبح النساء أكثر قوة لقول لا لديكتاتور».
تعليقاً على قمع الاحتجاجات التي خلفت أكثر من 150 قتيلاً على مدى ثلاثة أسابيع، وفق منظمات حقوقية، تؤكد علي نجاد، أن الحجاب الذي تطالب السلطات بفرضه «أداة لقمعنا»، و«للسيطرة على النساء» و«للسيطرة على المجتمع بأسره من خلال النساء»، منددة بما تسميه «الفصل العنصري بين الجنسين». وتضيف: «يواجه جيل (تيك توك) الأسلحة والرصاص بالقول: لا نريد جمهورية إسلامية. لماذا؟ لأنهم جعلوا أجسادنا، أجساد النساء منصة سياسية للنظام الإسلامي».
وتُعارض مسيح علي نجاد، بشدة، أي مفاوضات مع طهران بشأن برنامجها النووي.

- انتقادات –
وفي فبراير (شباط) التقت علي نجاد بوزير الخارجية الأميركي السابق، مايك بومبيو، وأشاد بومبيو بشجاعتها وتضحياتها من أجل حرية المرأة. وأثار اللقاء انتقادات المنتقدين لاستراتيجية «الضغوط القصوى»، خصوصاً في وسائل الإعلام الإيرانية، والأوساط المؤيدة للنظام في الخارج.
وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، فإن علي نجاد، البعيدة عن مسقط رأسها، لا تحظى بالإجماع، فخطابها الموجه ضد الحجاب جعلها متهمة بتأجيج الإسلاموفوبيا، كما أنها تُتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي بخدمة المصالح الأميركية.
وتقول بغضب دون أن تتمكن من حبس دموعها، «من يعيشون في الغرب في ظل قوانين علمانية ويقولون لي تؤججين الإسلاموفوبيا. أدعوهم للذهاب إلى أفغانستان، أو إلى إيران...».
اعتادت مسيح علي نجاد التي تقدم برنامجاً عبر الخدمة الفارسية من «صوت أميركا» (الإذاعة الأميركية العامة)، انتقاد المسؤولات الغربيات اللواتي يمتثلن لإلزامية وضع الحجاب أثناء زياراتهن إلى إيران، مستهدفة خصوصاً الوزيرة الفرنسية السابقة سيغولين رويال، ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي السابقة الإيطالية فيديريكا موغريني.
وترى علي نجاد أن «الحجاب لن يكون اختياراً إلا حين تتمكن جميع النساء في كل أنحاء العالم من اختيار الملابس التي تحلو لهن». وتضيف: «ربما يعتقد الناس أنني بأمان، على بعد آلاف الأميال من بلدي»، لكنني «لست بأمان»، مذكرة بمشروع الاختطاف الذي استهدفها.
في أواخر يوليو (تموز)، قُبض على رجل يتجول حول منزلها في بروكلين، واكتشف مكتب التحقيقات الفيدرالي بندقية كلاشينكوف في سيارته، ما دفع الناشطة إلى تغيير مكان إقامتها.


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية إيران تحتجز ناقلة نفط ثانية

إيران تحتجز ناقلة نفط ثانية

احتجز «الحرس الثوري» الإيراني، أمس، ناقلة نقط في مضيق هرمز في ثاني حادث من نوعه في غضون أسبوع، في أحدث فصول التصعيد من عمليات الاحتجاز أو الهجمات على سفن تجارية في مياه الخليج، منذ عام 2019. وقال الأسطول الخامس الأميركي إنَّ زوارق تابعة لـ«الحرس الثوري» اقتادت ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما إلى ميناء بندر عباس بعد احتجازها، في مضيق هرمز فجر أمس، حين كانت متَّجهة من دبي إلى ميناء الفجيرة الإماراتي قبالة خليج عُمان. وفي أول رد فعل إيراني، قالت وكالة «ميزان» للأنباء التابعة للسلطة القضائية إنَّ المدعي العام في طهران أعلن أنَّ «احتجاز ناقلة النفط كان بأمر قضائي عقب شكوى من مدعٍ». وجاءت الو

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)

«صديق سليماني» يعود إلى سوريا

TT

«صديق سليماني» يعود إلى سوريا

العميد جواد غفاري أحد قادة «الحرس الثوري» الإيراني (تسنيم)
العميد جواد غفاري أحد قادة «الحرس الثوري» الإيراني (تسنيم)

مع تمدد المعارك بين فصائل مسلحة معارضة وقوات الجيش السوري، أكدت وسائل إعلام إيرانية وصول فريق استشاري عسكري إيراني إلى دمشق لمساعدة السلطات هناك، كان من بينهم العميد جواد غفاري.

ونقلت قناة «العالم» الإيرانية، أن غفاري وصل أخيراً إلى العاصمة السورية دمشق بصورة عاجلة، على رأس وفد استشاري إيراني.

ووفقاً للقناة الإيرانية، فإن وصول غفاري يأتي «في إطار التعاون العسكري الأمني السياسي لمساعدة سوريا في مواجهة الهجمات التي تتعرض لها في الشمال السوري».

ونقلت القناة عن مصادر إيرانية، أن «اللجوء إلى غفاري جاء لخبرته في الأراضي السورية، خصوصاً في مدينة حلب نهاية عام 2017»، كما «انخرط في معارك تدمر وبادية الشام ودير الزور والبوكمال إلى جانب الجيش السوري».

وأوضحت القناة أن غفاري الملقب أيضاً بـ«أحمد مدني»، أحد قادة «الحرس الثوري» الإيراني، ولديه «خبرة عسكرية، حينما وضع خططاً عسكرية للسيطرة على طريق حلب - خناصر، التي كان من شأنها تعزيز السيطرة الإيرانية في الشمال السوري».

وأشرف غفاري على مدار خمس سنوات، من 2016 إلى 2021، على وكلاء إيران في سوريا، بما فيهم «حزب الله» اللبناني وميليشيات «فاطميون» و«زينبيون»، كما كان شديد الصلة، كالظل، مع الجنرال قاسم سليماني، قائد «قوة القدس» الإيراني، الذي قتلته غارة أميركية في بغداد عام 2020.

جواد غفاري وقاسم سليماني في أحد المعسكرات بسوريا (أرشيفية - تسنيم)

عقل مدبر

تفيد تقارير صحافية غربية، بأن غفاري هو «العقل المدبر لإرسال طائرات مسيّرة مفخخة ضد أهداف إسرائيلية»، واتهمته بـ«العمل على توسيع النفوذ الإيراني في المنطقة».

وفي عام 2021، غيرت طهران من استراتيجيتها العسكرية في سوريا، ولجأت إلى تقليل ظهور كبار قادة «الحرس الثوري» هناك.

ووفقاً لمواقع سورية معارضة، فإن خلافاً بين غفاري والقوات الروسية المتمركزة في سوريا قاد إلى «إخراجه من البلاد» وإعادته إلى طهران.

وكان غفاري قد طلب من الروس «التواجد في المواقع الإيرانية في سوريا، مثل مطار تيفور بمحافظة حمص، لمنع الهجمات الإسرائيلية على القوات الإيرانية»، لكن الروس رفضوا ذلك حينها.

ومع ذلك، تزعم تقارير سورية معارضة أن الرئيس السوري بشار الأسد هو من طلب مغادرة غفاري بسبب «خروقات خطيرة للسيادة السورية».

صورة نشرتها وكالة «تسنيم» الإيرانية للعميد غفاري عام 2017

وكانت إيران قد أكدت، الاثنين الماضي، أن «مستشاريها العسكريين» سيبقون في سوريا «بناء على طلب» الرئيس السوري بشار الأسد.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، خلال مؤتمر صحافي: «وجود المستشارين الإيرانيين ليس جديداً، فقد كان قائماً في الماضي وسيستمر في المستقبل، بناءً على رغبة الحكومة السورية».

وشدد الأسد، يومها على «أهمية دعم الحلفاء والأصدقاء في التصدي للهجمات الإرهابية المدعومة من الخارج»، على حد قوله.