«رؤية تصويرية»... وجوه غير مرئية تندمج في لوحات بالرياض

الفنان عصام معروف لـ«الشرق الأوسط»: أعمالي تعبّر عن هشاشة الإنسان

لوحة لمعروف في معرضه «رؤية تصويرية»  -  الفنان عصام معروف في معرضه الفني بالرياض
لوحة لمعروف في معرضه «رؤية تصويرية» - الفنان عصام معروف في معرضه الفني بالرياض
TT

«رؤية تصويرية»... وجوه غير مرئية تندمج في لوحات بالرياض

لوحة لمعروف في معرضه «رؤية تصويرية»  -  الفنان عصام معروف في معرضه الفني بالرياض
لوحة لمعروف في معرضه «رؤية تصويرية» - الفنان عصام معروف في معرضه الفني بالرياض

تبدو وجوه البشر مادة دسمة للتشكيلي المصري عصام معروف، الذي لمع اسمه في رسم البورتريهات بملامح شبه أحادية، مثيرة للتساؤل في مغزاها ومدلولاتها، حيث يشارك معروف بـ27 لوحة في معرضه الأول في السعودية، تحت عنوان «رؤية تصويرية»، وينظمه غاليري «إرم» في الرياض بالتعاون مع غاليري «مصر».
يأخذ معروف «الشرق الأوسط» في جولة بالمعرض، متحدثاً عن أعماله التي رسم معظمها خلال العام الحالي 2022، من أمكنة متعددة. فهو يقيم ما بين القاهرة وأمستردام، فضلاً عن تعلقه بمدينة روما التي ألهمته الكثير. واصفاً نفسه بأنه «من مريدي الفن»، وعن التكوين اللافت في لوحاته، يقول «الجمال موجود حولنا وهو ملك للجميع، أنا لا أخترعه».

- اللغة التصويرية
يوضح معروف، أنه منشغل كثيراً باللغة التصويرية في أعماله، معتبراً أن الرسم لغة تشبه الموسيقى، ويضيف «لدي الكثير من الأفكار والآراء، لكني أريد أن أترجمها كلها في الرسم، عبر مرجعية فنية أعمل عليها». وعن تشبيه أعماله بالموسيقى، يقول «عند الحكم على قطعة موسيقية بأنها جميلة أولاً، فإن القصة ليست في المقطوعة بذاتها، فلن يشدني اسم الموسيقار أو عنوان المقطوعة، بل ما يهمني حين أسمع الموسيقى هو مدى وصولها إلى بإحساس عالٍ أم لا، من هنا يأتي الحكم، والأمر ذاته مع الفن التشكيلي».

- حالة الانطباع
ويجمع معروف رؤيته هذه بالمقاربة بما يفعله الكاتب حين يكتب، والمصوّر حين يصوّر، حيث تُختزل في العمل الأحاسيس مع الخبرة والتقنية، واصفاً ذلك بأن الفنان هنا يفتح قلبه للمفاجآت والتطورات غير المُخطط لها، ويشير لإحدى لوحاته في المعرض قائلاً «هذا العمل لم يكن به مكعبات، فهذه المكعبات حصلت لاحقاً».
يقول عصام معروف «الرسم الناجح نحن لا نصنعه، بل هو يحدث من تلقاء نفسه». ويتمنى هنا أن يقوم بعمل فني يتعدى مرحلة الرسم التقليدي، معتبراً أن لوحاته تُمثل الانطباع الذي يحدث داخله وما يراه كفنان تجاه الناس، وذلك على الرغم من أن الوجوه التي يرسمها بلا ملامح واضحة، قائلاً «عندما أرسم الوجه فأنا لا أريد عملاً شبيهها، ولكن الانطباع عنه».

- هشاشة الإنسان
بناءً على هذه الفرضية، يعترف عصام معروف، بأنه لا يرسم وجوه أشخاص بعينهم، ولا يهتم لأن تكون اللوحة مشابهة لهم، بل الانطباع الذي يسكنه عنهم، الأمر الذي يتقاطع مع عنوان معرضه «رؤية تصويرية»، قائلاً «هو ليس عنواناً معرضياً فقط، فأي عمل فني لا بد أن يكون له رؤية تصويرية، وهذا يقودنا للمعنى في وجوه الناس وعلاقة ذلك بهشاشة الإنسان».
بسؤاله عن مدلول هشاشة الإنسان في لوحاته، يكتفي معروف بالإشارة إلى أن أعماله تلفت النظر لهذا الجزء تحديداً، مشيراً إلى كونه فناناً وليس فيلسوفاً، وهو ما يجعله يرمي الكرة هنا في ملعب المتلقي للوحاته التي يغلب عليها درجات الرمادي والأخضر، وتثير الكثير من التساؤلات داخل من يراها.
ولد عصام معروف في حي العباسية في القاهرة عام 1958، ودرس في كلية الفنون الجميلة بالقاهرة، حيث تخرج عام 1981، ومن ثَم درس التصوير في كلية فنون روما ما بين 1982 و1985، وبعدها اتجه لدراسة «تدريس الفن» في أمستردام عام 2003.
وقد عرض أعماله بشكل منتظم في مصر، بما يشمل 16 معرضاً خاصاً. كما مثّل معروف مصر في العديد من المعارض الدولية، وفي بينالي القاهرة عام 2008. وعرض أعماله في عدد من العروض الفردية في هولندا ودبي، إلى جانب معارض مشتركة له في روما، وباريس، وكاليفورنيا. وأعمال عصام معروف هي جزء من مجموعات خاصة وعامة في كثير من دول العالم.


مقالات ذات صلة

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

يوميات الشرق رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً. فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه.

يوميات الشرق ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

زائرون يشاهدون عرضاً في معرض «أحلام الطبيعة - المناظر الطبيعية التوليدية»، بمتحف «كونستبلاست للفنون»، في دوسلدورف، بألمانيا. وكان الفنان التركي رفيق أنادول قد استخدم إطار التعلم الآلي للسماح للذكاء الصناعي باستخدام 1.3 مليون صورة للحدائق والعجائب الطبيعية لإنشاء مناظر طبيعية جديدة. (أ ب)

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

«نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

ستُطرح رواية غير منشورة للكاتب غابرييل غارسيا ماركيز في الأسواق عام 2024 لمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة الروائي الكولومبي الحائز جائزة نوبل للآداب عام 1982، على ما أعلنت دار النشر «راندوم هاوس» أمس (الجمعة). وأشارت الدار في بيان، إلى أنّ الكتاب الجديد لمؤلف «مائة عام من العزلة» و«الحب في زمن الكوليرا» سيكون مُتاحاً «عام 2024 في أسواق مختلف البلدان الناطقة بالإسبانية باستثناء المكسيك» و«سيشكل نشره بالتأكيد الحدث الأدبي الأهم لسنة 2024».

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)

تطوير أشجار لمكافحة آفات زراعية مدمِّرة

مرض اخضرار الحمضيات من الآفات المدمّرة التي تصيب أشجار الموالح (جامعة فلوريدا)
مرض اخضرار الحمضيات من الآفات المدمّرة التي تصيب أشجار الموالح (جامعة فلوريدا)
TT

تطوير أشجار لمكافحة آفات زراعية مدمِّرة

مرض اخضرار الحمضيات من الآفات المدمّرة التي تصيب أشجار الموالح (جامعة فلوريدا)
مرض اخضرار الحمضيات من الآفات المدمّرة التي تصيب أشجار الموالح (جامعة فلوريدا)

طوَّر باحثون من جامعة «فلوريدا» الأميركية نوعاً جديداً من أشجار الموالح المعدَّلة وراثياً التي يمكنها مقاومة الحشرات الصغيرة المسؤولة عن نقل مرض الاخضرار البكتيري المدمّر.

وأوضحوا أنّ هذه الأشجار تشكّل حلاً بيئياً مستداماً لمكافحة الآفات الزراعية؛ مما يقلّل من الاعتماد على المبيدات الكيميائية، ويخفّض التكاليف، ويُحسّن البيئة؛ ونُشرت النتائج، الخميس، في دورية «Journal of Invertebrate Pathology».

ويُعدُّ مرض اخضرار الحمضيات، المعروف أيضاً باسم «تعفّن الحمضيات»، من الأمراض المدمِّرة التي تصيب أشجار الموالح مثل البرتقال. ويُنقل عبر حشرات صغيرة تُعرف بـ«السيليد الآسيوي»، التي تهاجم الأشجار وتسبّب تدهورها؛ مما يؤدّي إلى توقّف إنتاج الثمار واصفرار الأوراق، ويؤثّر سلباً في المحاصيل. ومنذ اكتشاف المرض في فلوريدا عام 2005، انتشر بسرعة وتسبَّب في تراجع كبير في صناعة الحمضيات، ما دفع الباحثين والعلماء لإيجاد حلول مبتكرة لمكافحته.

وتعتمد الطريقة التي اختبرها الباحثون على إدخال جين إلى الأشجار المعدَّلة وراثياً يسمح لها بإنتاج بروتين قادر على قتل اليرقات الصغيرة من «السيليد الآسيوي»، التي تُعدُّ الناقل الرئيسي للمرض.

ويُستمد هذا الجين من بكتيريا تُسمى «Bacillus thuringiensis»، تنتقل عبر التربة. وعند إدخاله إلى الأشجار، تتمكن من إنتاج البروتين الذي يقتل اليرقات؛ مما يمنعها من الوصول إلى مرحلة البلوغ والتكاثر، وبالتالي تقليل أعداد الحشرات الناقلة للمرض في البيئة المحيطة بالشجرة.

ورغم فاعلية هذه الأشجار في قتل اليرقات، لا تزال الحشرات البالغة التي تضع البيض تمثّل تحدّياً في التحكّم بها. لذلك، يواصل العلماء بحوثهم لإيجاد حلول لمكافحتها.

وحتى الآن، جرى اختبار الأشجار المعدَّلة جينياً في المختبر، ويعدُّ الباحثون هذا الاكتشاف من الحلول الواعدة لمكافحة المرض الذي أثّر بشكل كبير في صناعة الحمضيات في فلوريدا على مدار العقدين الماضيين.

وأشار الفريق إلى أنهم يتطلّعون لتجربة الأشجار المعدَّلة وراثياً في الحقل خلال المستقبل القريب، وإذا أثبتت التجارب الحقلية فاعلية هذه التقنية، فإنها قد تقدّم أداة قوية للقضاء على الحشرات الناقلة للمرض، وبالتالي وقف انتشار «تعفّن الحمضيات»، ما يساعد في حماية محاصيل الموالح في فلوريدا وأماكن أخرى.

وأضافوا أنّ النتائج تشير إلى إمكانات كبيرة لاستخدام التكنولوجيا البيئية في الزراعة لمكافحة الآفات والأمراض بكفاءة أكبر وأقل تأثيراً في البيئة، مقارنةً بالحلول التقليدية مثل المبيدات الكيميائية.