سارت موسكو الخطوة قبل الأخيرة، نحو اعتبار معاهدات انضمام المناطق الانفصالية في أوكرانيا سارية المفعول. وصادق مجلس الاتحاد (الشيوخ) بالإجماع على المعاهدات، مقرا بذلك القوانين الدستورية الجديدة التي قضت بتوسيع حدود الدولة الروسية.
وينتظر أن يوقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على القانون ليدخل حيز التنفيذ، بعد أن تم توقيعه بشكل سريع من قبل قادة المناطق الانفصالية. وبذلك تكون روسيا انتهت من الناحية القانونية من إجراءات ضم المناطق الجديدة، لتفتح الباب أمام سلسلة من التدابير الهادفة إلى دمج المناطق على كل الصعد المعيشية والاقتصادية والاجتماعية. وهي المرحلة التي تستمر حتى مطلع العام 2026.
وقال الاتحاد الأوروبي أمس الثلاثاء إن التكتل استدعى المبعوث الروسي لديه لإدانة ورفض «ضم موسكو غير القانوني» للمناطق الأوكرانية، وحث موسكو على العدول عن «إجراءاتها غير القانونية» وسحب جميع قواتها دون قيد أو شرط من كامل أراضي أوكرانيا خلال اجتماع مع القائم بالأعمال الروسي كيريل لوجفينوف. وجاء في بيان للتكتل «الاتحاد الأوروبي لا ولن يعترف أبدا بهذا الضم غير القانوني من جانب روسيا». هذه القرارات الصادرة عن روسيا باطلة ولاغية ولا يترتب عليها أي أثر قانوني على الإطلاق».
وتواجه موسكو في هذه الفترة تحديات داخلية جديدة، تتمثل بالدرجة الأولى في استكمال عملية ترتيب النسيج الاجتماعي للمناطق التي جرى ضمها. ومع أن نتائج استفتاءات الضم التي أعلنتها موسكو دلت إلى أن الغالبية الساحقة من سكان المناطق صوتوا لصالح هذه الخطوة، لكن الواقع على الأرض يدفع موسكو إلى القيام بخطوات عدة لضمان ولاء سكان المناطق في مرحلة مقبلة، وهو ما ظهر من خلال رزمة التسهيلات التي تم الإعلان عنها لتسريع عملية الدمج. وتعد مسألة اللاجئين من المناطق الاستحقاق الأكبر الذي يبرز طبيعة ولاء المناطق، لذلك سارعت موسكو إلى منح مهلة للنازحين من هذه المناطق إلى «خارج الأراضي الروسية» لتسوية أوضاعهم والتقدم بطلبات الحصول على الجنسية الروسية والتخلي عن الجنسية الأوكرانية.
وقال نائب وزير الخارجية يفغيني إيفانوف لوكالة أنباء «نوفوستي» الحكومية إن «الأشخاص المنتمين إلى مناطق جديدة في روسيا والذين هم حاليا في الخارج لديهم شهر لتغيير جنسيتهم». وقال إيفانوف: «نفس ما حدث في شبه جزيرة القرم. في غضون شهر يجب أن يقرروا ويختاروا».
وأضاف أنه في المناطق الجديدة، سيتم تسريع إصدار الوثائق. موضحا أنه «كثير من الناس لديهم بالفعل جوازات سفر روسية اليوم. وسيتم تكثيف العمل».
ولم يتضح بعد مصير الفئات التي فضلت المغادرة إلى الداخل الأوكراني أو إلى بلدان أوروبية، وما إذا كانت هذه الخطوة تعني أنهم لن يكون بمقدورهم العودة إلى مناطقهم لاحقا.
في إطار الترتيبات الإدارية والقانونية الجديدة، بات معلوما أن دونيتسك ولوغانسك سوف تحافظان على تسمية «جمهورية» على أن تكون ذاتية الحكم في إطار الاتحاد الروسي مثل الجمهوريات الروسية التي تحمل نفس التسمية. وبهذا وفقا للقوانين الروسية سيكون زعيم الجمهورية «حاكما» لها وليس رئيسا، بعد أن ألغت موسكو لقب الرئيس بالنسبة إلى حكام الأقاليم والجمهوريات في الفترة الماضية.
في المقابل سوف تحافظ زوباروجيا وخيرسون على صفة «مقاطعة» وفقا للتقسيمات الإدارية التي كان معمولا بها في أوكرانيا، على أن يتم مراجعة هذا الموضوع مع انقضاء الفترة الانتقالية، ووضع ترتيب نهائي لهذه المناطق.
وكانت معطيات رجحت في وقت سابق أن تقوم روسيا بإعلان تشكيل دائرة فيدرالية جديدة تضم المناطق الأربع ويكون مركزها شبه جزيرة القرم، وأشارت تسريبات إلى احتمال أن يرأسها ديمتري روغوزين وهو سياسي مقرب من بوتين ويعد من أبرز «الصقور» في توجهاته القومية المتشددة.
في غضون ذلك، واصلت الدبلوماسية الروسية التشديد على أن قرارات الضم «لم تسفر عن عزل روسيا» وقال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إن معظم الدول حول العالم «تدرك أن روسيا على حق، وأن التهديدات ضدها ضد حركة التاريخ». وأكد الوزير الذي قدم مداخلة أمام مجلس الشيوخ استباقا للتصويت على المصادقة على قانون الضم، أن «اعتراف الغرب بأن أراضي جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك ومنطقتي زوباروجيا وخيرسون قد أصبحت روسية لا يمثل شأنا مبدئيا»، مشيرا إلى أنه «بالطبع سيكون من الأصح لجميع دول العالم أن تدرك الواقع الجديد، وهو أمر لا مفر منه على الإطلاق»، مستدركا أن «الغالبية العظمى من الدول تدرك صحة المواقف الروسية، وتعي سعي الغرب إلى المواجهة، وعدم الاعتراف بنتائج الاستفتاءات في المناطق الأربع، في حركة مضادة للتاريخ». وتابع لافروف: «أؤكد لكم أن الغالبية العظمى من الدول تفهم تماما مواقفنا، إلا أنه ليس لدى الجميع الشجاعة، وببساطة القوة، للتحدث بموضوعية عن ذلك مباشرة. لكني مقتنع بأن الحقيقة ستشق طريقها»، مشددا على أنه في حالة الاستفتاءات في المناطق الأربع «تم تنفيذ الإرادة الحرة للناس».
«الضم» يدخل حيز التنفيذ مع توقيع بوتين
موسكو أمهلت لاجئي المناطق الانفصالية شهراً لتسوية أوضاعهم
«الضم» يدخل حيز التنفيذ مع توقيع بوتين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة