عون يتبنى شروط باسيل... ويتمسك بتغيير فريقه الوزاري

«حزب الله» يتردد في الضغط على رئيس «التيار»

TT

عون يتبنى شروط باسيل... ويتمسك بتغيير فريقه الوزاري

كشف مصدر سياسي بارز أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري، سعى على هامش اجتماعه برئيسي الجمهورية ميشال عون، وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي؛ لوضع الملاحظات اللبنانية على الاقتراح الأميركي لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل لإخراج عملية تأليف الحكومة من المأزق، لكنه لم يلقَ التجاوب المطلوب من عون، الذي أصر على تبنّي الشروط التي وضعها وريثه السياسي، رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، باستبدال الفريق الوزاري المحسوب عليه بوزراء آخرين من غير المطواعين لميقاتي.
وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط» إن الرئيس بري انتهز فرصة انعقاد اللقاء الرئاسي الثلاثي، والذي اتسم بالإيجابية المطلقة حيال توحيد الموقف اللبناني حول الملاحظات على الاقتراح الأميركي، وبادر إلى دعوة عون وميقاتي إلى التفاهم لتسهيل ولادة الحكومة العتيدة. وأكد أن ميقاتي تجاوب معه، واقترح أن يصار إلى استبدال 6 وزراء بوزراء جدد ينتمون إلى الطوائف الست، أي أن يقوم التبديل على تطبيق مبدأ المناصفة بين المسيحيين والمسلمين.
لكن الرئيس عون، بحسب المصدر نفسه، لم يأخذ باقتراح الرئيس ميقاتي، وأصر على أن يشمل التبديل معظم الوزراء المسيحيين المحسوبين على فريقه السياسي بذريعة أنهم يتساهلون مع رئيس الحكومة ولا يعترضون على مواقفه، ويبدون ليونة في تعاطيهم معه. وفهم من إصرار الرئيس عون، كما يقول المصدر السياسي، أنه يريد استبدال مقاتلين من «الصقور» ينتمون إلى «التيار الوطني» بهؤلاء الوزراء؛ لتأمين الاستمرارية لإرثه السياسي مع قرب انتهاء ولايته الرئاسية في 31 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
ولفت إلى أن ما يهم عون تأمين الظروف السياسية لتعويم باسيل، وهذا ما يفسر استجابته لشروطه حتى لو اضطر إلى تأزيم الوضع وصولاً إلى تلويحه بإصدار مرسوم، وقبل أيام من مغادرته بعبدا، يقضي بقبوله استقالة الحكومة الحالية على الرغم من أنها تعتبر مستقيلة حتماً مع انتخاب برلمان جديد، وهذا ما ينص عليه الدستور في تعداده للحالات التي تُعتبر فيها الحكومة مستقيلة وتتولى تصريف الأعمال إلى حين تشكيل حكومة جديدة. ورأى المصدر السياسي أن إصدار مثل هذا المرسوم يأتي في سياق لزوم ما لا يلزم، وقال إن خطوة كهذه هرطقة سياسية سترتدّ على الفريق الذي ينصحه بالإقدام عليها، إلا إذا أيقن عون أن لا مبرر لها، وبالتالي لا يستطيع أن يتحمّل ردود الفعل عليها، أكانت داخلية أم خارجية، ولن تبدّل من واقع الحال السياسي الذي يجيز دستورياً لحكومة تصريف الأعمال ملء الشغور الرئاسي في حال تعذّر انتخاب رئيس للجمهورية في موعده الدستوري. وأكد أن عون بات مكشوفاً أمام الرأي العام اللبناني، الذي يعتقد بأن من يضع الشروط لتشكيل الحكومة هو باسيل، وأن الرئيس اتخذ لنفسه دور الوسيط، ولذلك يتلازم إصراره بتغيير الوزراء المسيحيين المحسوبين عليه، مع دعوة باسيل للوزراء للاجتماع برعايته في منزله في اللقلوق، وتوجيه اللوم إليهم بمسايرة ميقاتي بدل تنظيم صفوفهم لمعارضته؟.
وسأل المصدر السياسي الذي تسنّى له الوقوف على الأجواء التي سادت الدقائق المعدودة التي أمضاها الرؤساء في بحثهم ملف تشكيل الحكومة، كيف يوفّق عون بين قوله خلال استقباله، قبل فترة قصيرة من انعقاد اللقاء الثلاثي، مديرة أفريقيا والشرق الأوسط في وزارة أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية آنا غيفين، إن الاتصالات جارية لتشكيل الحكومة، وبين تمسّكه بشروطه التي كشف عنها على هامش لقاء الرؤساء في بعبدا؟
واعتبر أن ما عجز باسيل عن انتزاعه من مكاسب طوال الفترة الرئاسية لن يستطيع الحصول عليه قبل أيام من استعداد عون لمغادرة قصر بعبدا، وأن مرحلة ما بعد مغادرته غير تلك القائمة اليوم، وأنه مع الوقت سيكتشف أن «التيار الوطني» سيمر بظروف صعبة، وبالتالي يحاول منذ الآن أن يتدارك ما ينتظره من خلال «معاقبته» للوزراء الحاليين المحسوبين عليه واستبدال آخرين من الصقور بهم.
لذلك فإن إشاعة التفاؤل بتشكيل الحكومة في مهلة أقصاها الأسبوع المقبل استباقاً لاستعداد بري لدعوة البرلمان للانعقاد في جلستين، الأولى تشريعية والثانية لانتخاب الرئيس، تصب في خانة إصرار عون وفريقه على رمي المسؤولية في تعطيل تشكيلها على الآخرين، إلا في حال أقلع عن حملات الابتزاز التي يمارسها والتي أعادت المشاورات الخاصة بتأليفها إلى المربع الأول استناداً إلى رد فعل عون على طلب بري منه التعاون مع ميقاتي لإخراج عملية التأليف من المراوحة.
فالرئيس ميقاتي لا يمانع بتغيير 6 وزراء، هم أمين سلام وعصام شرف الدين ويوسف خليل وجوني القرم، والأخيران بناء على طلبهما، على أن يترك لعون تغيير وزيرين من فريقه السياسي.
وعلمت «الشرق الأوسط» بأن لا صحة لاستبدال سلام بمحمد كنج من عكار، فيما بات بحكم المؤكد أن يتولى الوزير السابق ياسين جابر وزارة المال، والدكتور سليم حمادة وزارة المهجرين خلفاً لشرف الدين.
ويبقى السؤال: أين يقف «حزب الله» من تصلُّب عون استجابةً لباسيل الذي يتصرّف وكأن انتخاب الرئيس لن يُنجز في موعده الدستوري؟ وماذا سيقول أمينه العام، حسن نصر الله، الذي يصر على تشكيل الحكومة لمنع إغراق البلد في فوضى دستورية، خصوصاً أن قيادات الحزب أخذت تروّج لولادتها؟ وهل يعطي فرصة لحليفه باسيل لتحسين شروطه شرط أن لا تكون مديدة؟ أم أنه ليس في وارد أن يضغط على حليفه الذي يوفّر له الغطاء المسيحي؟
والسؤال نفسه ينسحب على ميقاتي في ضوء ما يتردّد بأن الحزب يتفهّم موقفه؟ وكيف يوفّق بينه وبين باسيل، إلا إذا أعاد النظر في تصلّبه لأنه في حاجة إلى حليفه في المستقبل لمواجهة ما ينتظره من مفاجآت داخل تياره السياسي وكتلته النيابية مع مغادرة عون بعبدا إلى الرابية؟
فهل يتدخّل «حزب الله» لاستعجال تعويم الحكومة لإدارة الشغور الرئاسي، ويدق على الطاولة لحليفه لسحب شروطه من التداول؟ أم أنه سيضطر إلى مراعاته مكافأةً لعون الذي لم يتركه وحيداً في مواجهة خصومه وإن كانوا يتوزّعون على أكثريات متناثرة؟ وكيف سيرد في حال لجأ حليفه إلى فرض أمر واقع يأخذ البلد إلى المجهول، وفي حسابه أن مثل هذه الخطوة غير المدروسة ستدفع باتجاه تنادي المجتمع الدولي لعقد مؤتمر من أجل لبنان يفتح الباب أمام تعديل اتفاق الطائف، وإن كان يدرك سلفاً أنه يغامر بمصير البلد لأنه لن يلقى منه استجابة، وهذا ما كان تبلّغه من قبل أكثر من موفد غربي زائر للبنان؟


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

ماكرون قريباً في لبنان... وتأكيد فرنسي على دعم «غير مشروط» بعد انتخاب عون

الرئيس الجديد جوزيف عون جالساً على كرسي الرئاسة في قصر بعبدا لأول مرة بعد انتخابه الخميس (أ.ف.ب)
الرئيس الجديد جوزيف عون جالساً على كرسي الرئاسة في قصر بعبدا لأول مرة بعد انتخابه الخميس (أ.ف.ب)
TT

ماكرون قريباً في لبنان... وتأكيد فرنسي على دعم «غير مشروط» بعد انتخاب عون

الرئيس الجديد جوزيف عون جالساً على كرسي الرئاسة في قصر بعبدا لأول مرة بعد انتخابه الخميس (أ.ف.ب)
الرئيس الجديد جوزيف عون جالساً على كرسي الرئاسة في قصر بعبدا لأول مرة بعد انتخابه الخميس (أ.ف.ب)

عجلت فرنسا في الإعراب عن سرورها بانتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية في الجولة الثانية من جلسة مجلس النواب، وعدّت أن وصوله إلى «قصر بعبدا» يأتي «في لحظة تاريخية وحاسمة بالنسبة إلى لبنان، هذا الانتخاب يضع حداً لسنتين من الشغور الرئاسي الذي أضعف لبنان. ويفتح صفحة جديدة للبنانيين، وينبغي أن يكون الانتخاب مصدر أمل لهم ولجميع شركاء لبنان وأصدقائه»، فيما أعلن «الإليزيه» أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيزور «لبنان قريبا جدا»، بعد اتصال هاتفي جمعه مع الرئيس عون وتمنّى فيه الرئيس الفرنسي «كل النجاح» لنظيره اللبناني.

وكانت وزارة الخارجية الفرنسية، قد قالت بعد دقائق قليلة من انتهاء العملية الانتخابية، في بيان قرأه كريستوف لوموان، الناطق باسمها، إن انتخاب الرئيس الجديد «مصدر تشجيع لفرنسا، التي عملت جاهدةً على إعادة تشغيل المؤسسات اللبنانية عبر التعبئة الكاملة للوزير جان نويل بارو، وبعثة المساعي الحميدة التي يقودها منذ يونيو (حزيران) 2023 الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية في لبنان، جان إيف لودريان، بالتعاون الوثيق، بالطبع، مع شركائنا في (اللجنة الخماسية)».

هذا وذكرت الرئاسة الفرنسية أن الرئيس ماكرون «أبلغ الرئيس عون بأنّ فرنسا ستواصل جهودها الرامية للتوصل سريعاً إلى تشكيل حكومة قادرة على جمع اللبنانيين وتلبية تطلعاتهم واحتياجاتهم وإجراء الإصلاحات اللازمة لتحقيق الانتعاش الاقتصادي وإعادة الإعمار والاستقرار والأمن وسيادة لبنان».

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً لسفراء بلده عبر العالم الاثنين الماضي... وقد لعب دوراً ميسِّراً ساهم في انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية اللبنانية (أ.ف.ب)

بيد أن الدور الفرنسي لم يتوقف عند بارو وبعثة لودريان؛ إذ إن الرئيس إيمانويل ماكرون أدى درواً خاصاً وفاعلاً عبر الاتصالات الكثيرة التي أجراها مع المسؤولين اللبنانيين، الذين دعا بعضهم إلى باريس، والبعض الآخر تواصل معه عبر الهاتف، حتى في الأيام الأخيرة. فضلاً عن ذلك، أجرى ماكرون مشاورات عدة مع الجانب الأميركي ومع أطراف عربية، خصوصاً مع المملكة العربية السعودية، وكذلك مع مصر والأردن وقطر والإمارات. كذلك لعبت الخلية الدبلوماسية في «قصر الإليزيه» دوراً مهماً، ممثلة في مانويل بون، مستشار الرئيس للشؤون الدبلوماسية، وآن كلير لو جاندر، مستشارته لشؤون الشرق الأوسط والعالم العربي.

باريس تدعو لتعجيل تشكيل حكومة داعمة للرئيس الجديد

لم تكتف باريس بالتهنئة؛ بل وجهت مجموعة من الرسائل؛ أولاها دعوة السلطات والسياسيين اللبنانيين إلى «الانخراط في إنهاض مستدام» للبنان الغارق منذ سنوات في أزمات متعددة الأشكال سياسياً واقتصادياً ومالياً واجتماعياً، فضلاً عن إعادة إعمار ما تهدم بسبب الحرب بين إسرائيل و«حزب الله» وما نتج عنها من دمار مخيف. والطريق إلى ذلك، يمر، وفق «الخارجية» الفرنسية، عبر «تشكيل حكومة قوية، وداعمة لرئيس الجمهورية، وقادرة على لمّ شمل اللبنانيين والاستجابة لتطلعاتهم واحتياجاتهم، وإجراء الإصلاحات اللازمة لانتعاش لبنان الاقتصادي واستقراره وأمنه وسيادته».

وسبق لفرنسا أن أسدت، مع دول رئيسية أخرى، هذه النصائح للبنان منذ سنوات كثيرة وقبل الشغور الرئاسي؛ لا بل إنها دعت منذ عام 2018 السلطات اللبنانية إلى القيام بإصلاحات سياسية (الحوكمة) واقتصادية يحتاجها لبنان، ويطالب بها المجتمع الدولي والمؤسسات المالية والاقتصادية الإقليمية والدولية؛ لمد يد العون والمساعدة للبنان. ويتعين التذكير بأن مؤتمر «سيدر» الذي دعت إليه فرنسا واستضافته في عام 2018، وعد بتقديم 11 مليار دولار للبنان قروضاً ومساعدات؛ شرط إتمام الإصلاحات، وهو الأمر الذي لم يحدث.

الرئيس اللبناني الجديد مستعرضاً الحرس الجمهوري لدى وصوله إلى قصر بعبدا الخميس (د.ب.أ)

دعم غير مشروط للبنان

ترى باريس أن انتخاب العماد عون يمكن أن يساهم في أمرين؛ الأول: الذهاب إلى استقرار لبنان من جهة؛ وثانياً، من جهة أخرى، «التنفيذ السليم، في المستقبل القريب، لوقف إطلاق النار» بين لبنان وإسرائيل بموجب الاتفاق المبرم في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، الذي دفعت باريس إليه بالتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية.

بيد أن الرسالة الأخرى التي شددت عليها وزارة الخارجية الفرنسية عنوانها أن باريس «ملتزمة بحزم» بتحقيق هذا الأمر (احترام وقف إطلاق النار وتنفيذ القرار الدولي رقم «1701»)، وذلك «إلى جانب الولايات المتحدة الأميركية و(قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان - يونيفيل)».

وزيرا خارجية فرنسا والولايات المتحدة يتحدثان للصحافة بمقر وزارة الخارجية الفرنسية الأربعاء (أ.ف.ب)

وبكلام قاطع، أرادت فرنسا أن تقول إنها إذا كان لها دور عبر مشاركتها في «اللجنة الخماسية» وفي دفع الطبقة السياسية اللبنانية إلى الوصول لانتخاب رئيس الجمهورية الجديد، إلا إنها لن تتخلى عن لبنان مستقبلاً. وجاء في بيان «الخارجية» أن فرنسا «وقفت إلى جانب لبنان والشعب اللبناني، وستواصل القيام بذلك، وهو الأمر الذي يعلم به رئيس الجمهورية اللبنانية الجديد جوزيف عون».