مسلسل «وعد إبليس» يعيد تجسيد الصراع بين الخير والشر

عمرو يوسف لـ«لشرق الأوسط»: العمل يبرز ضعف الإنسان

ملصق المسلسل
ملصق المسلسل
TT

مسلسل «وعد إبليس» يعيد تجسيد الصراع بين الخير والشر

ملصق المسلسل
ملصق المسلسل

لا شيء أخطر من الطموح البشري حين يخرج عن السيطرة، فيدفع الإنسان إلى تجاوز الخطوط الحمراء وارتكاب أسوأ حماقات يندم عليها فيما تبقى من حياته حين لا ينفع الندم، تعد هذه الخلاصة الفكرية أحد الدروس المستفادة أو الرسائل الضمنية التي تبعث بها الأسطورة الشعبية الألمانية التي انتشرت في القرون الوسطى وبطلها شخص يدعى الدكتور «يوهان فاوست» الذي كان يحلم بتحقيق فتوحات علمية جديدة في مجال الكيمياء وحين فشل، عقد صفقة مع الشيطان تقضي ببيع روحه مقابل أن يحصل على المعرفة ويشبع نهمه من ملذات الدنيا.
وقع العديد من أدباء وشعراء ومخرجي العالم على مر الزمان تحت تأثير الفتنة الطاغية لتلك القصة ذات البعد الغرائبي اللافت، فظهرت أعمال عديدة مستلهمة منها، لعل أشهرها مسرحية «التاريخ المأساوي لحياة وموت الدكتور فوستوس» للكاتب البريطاني كرستوفر مارلرو (1564 – 1593) و«فاوست» للشاعر الألماني يوهان جوته (1749 – 1832)، فضلاً عن عشرات الأفلام والمسلسلات بالطبع. وتركز معظم هذه المعالجات على أن السعادة المؤقتة التي ينالها البطل ما هي إلا وهم وسراب سرعان ما ينتهي بنهاية مأساوية مذلة.
ويأتي مسلسل «وعد إبليس» الذي يُعرض حالياً على منصة «شاهد» وسط نسب مشاهدة كثيفة وتفاعل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي منذ عرض حلقاته الأولى باعتباره أحدث معالجة تستلهم القصة الأصلية من خلال حبكة تدور حول زوج شاب يسعى لإنقاذ حياة زوجته التي أصيبت بالسرطان وهي حامل وأكد الأطباء أن أيامها باتت معدودة وأنهم عاجزون عن فعل أي شيء لإنقاذها.
وسط هول الصدمة التي تهوي على رأس هذا الشاب، يستجيب لنصيحة أحدهم بأن يقابل شخصاً غامضاً يملك الحل، ويتضح أن الشخص الغامض ما هو إلا إبليس الذي يعرض صفقته القذرة (إنقاذ الأم والجنين مقابل الحصول على روح الزوج بعد فترة قصيرة للغاية).
وبدا المسلسل ثرياً في قدرته على الإبهار من خلال أجواء التشويق والإثارة ومشاهد الحركة التي جرى معظمها في أحياء القاهرة الفاطمية وأزقة الغورية والحسين كخلفية مكانية تحمل خصوصية واضحة في تكوينها المعماري، فضلاً عن دلالتها المشحونة بالروحانيات، كما بدا الكثير من «الكادرات» بمثابة لوحات مدهشة تحتفي بالتفاصيل البصرية وجمالياتها.
ورغم قلة المشاهد التي يظهر فيها، تألق الفنان فتحي عبد الوهاب في تجسيد شخصية «إبليس» عبر صياغة غير تقليدية. إنه هنا يشبه بزيه ونبرة صوته الهادئة الواثقة «بروفسوراً» خبيراً بالطبيعة البشرية ويعرف كيف يتلاعب بها ويؤثر فيها بابتسامته الخبيثة وكلماته المعسولة التي تخفي أبشع النوايا، لكن عند مواجهته بضمير إيماني راسخ يفقد تماسكه وتظهر ملامحه الشيطانية المخيفة الكامنة وراء نعومة زائفة.
وأوضح فتحي عبد الوهاب، أنه «يتحمس للشخصيات التي تمنحه مساحة وتحديات جديدة في فن التشخيص»، مؤكداً في تصريحات إعلامية، أنه «يملك قائمة من الشخصيات التي يحلم بتقديمها وعلى رأسها شخصية إبليس، وبالتالي لم يتردد في قبول الدور»، نافياً أن «يكون قد استند إلى تجربة فنان ما في تجسيده تلك الشخصية؛ حتى لا يقع في فخ التكرار أو حتى التأثر».
وكان الفنان يوسف وهبي أول من جسّد دور الشيطان في السينما المصرية في فيلم «سفير جهنم»، إنتاج عام 1945، وتبعه محمود المليجي في «موعد مع إبليس» 1955، ثم عادل أدهم في «المرأة التي غلبت الشيطان» 1973 كما فاجأ النجم يحيى الفخراني جمهوره بتجسيد تلك الشخصية في مسلسله الشهير «ونوس».
ويتسم المسلسل الجديد بسرعة الإيقاع وتدفق الأحداث، وفق الحلقات الأولى الأربع، بحيث يبقى المتفرج طوال الوقت في حالة ترقب لما سيحدث لـ«إبراهيم» الموظف الطموح الوسيم، الذي جسد شخصيته الفنان عمرو يوسف، في سعيه المحموم لإنقاذ زوجته «زينة» التي لعبت دورها الفنانة عائشة بن أحمد.
ويرى الفنان عمرو يوسف، أن «المغزى الحقيقي للعمل يتجاوز القشرة الخارجية المتعلقة بعقد صفقة مع الشيطان إلى موضوع أهم يتمثل في الضعف الإنساني ووضع البشر في اختبارات قاسية، حيث تصبح الإرادة الإنسانية على المحك»، موضحاً في تصريح إلى «الشرق الأوسط»، أن «العمل يحمل رسالة مهمة تعلق بأهمية الامتناع عن إطلاق الأحكام الجاهزة للناس؛ فنحن لا نعرف ظروفهم ولا العوامل التي أدت إلى اتخاذهم هذا الخيار أو ذاك».
ويحمل العمل العديد من المفاجآت على مستوى صناعه، فقد شارك في كتابته كل من الثنائي البريطاني توني جوردان وإنجي لومان فيلد، وريتشارد بلامي، والشيخة سهى آل خليفة ورضوى شاهين، في حين يتولى الإخراج البريطاني كولن تيج الفائز بجائزة «إيمي» والمرشح لجائزة «بافتا». وجاءت مشاركة النجمة الأميركية باولا باتن في دور «جينفير»، زوجة عالم الآثار الذي جسّد شخصيته النجم السعودي يعقوب الفرحان، بمثابة إضافة قوية للعمل. وقد عرفها الجمهور العربي على نطاق واسع بعد مشاركتها في سلسلة أفلام «مهمة مستحيلة» أمام النجم توم كروز.


مقالات ذات صلة

مسلسل تلفزيوني عن بريجيت باردو وهي على فراش المرض

يوميات الشرق مسلسل تلفزيوني عن بريجيت باردو وهي على فراش المرض

مسلسل تلفزيوني عن بريجيت باردو وهي على فراش المرض

انشغلت الأوساط الفنية في فرنسا بخبر تدهور صحة الممثلة المعتزلة بريجيت باردو ودخولها وحدة العناية المركزة في مستشفى «تولون»، جنوب البلاد. يحدث هذا بينما يترقب المشاهدون المسلسل الذي يبدأ عرضه الاثنين المقبل، ويتناول الفترة الأولى من صباها، بين سن 15 و26 عاماً.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق خالد يوسف: «سره الباتع» تعرّض لحملة ممنهجة

خالد يوسف: «سره الباتع» تعرّض لحملة ممنهجة

دافع المخرج المصري خالد يوسف عن مسلسله الأخير «سره الباتع» الذي عُرض في رمضان، قائلاً إنَّه تعرَّض لحملة هجوم ممنهجة. وربط يوسف في «سره الباتع» بين زمن الحملة الفرنسية على مصر (1798 - 1801)، وحكم «الإخوان المسلمين» قبل ثورة 30 يونيو (حزيران) 2013، ورصد التشابه بينهما في سعيهما لتغيير «هوية مصر». ورأى يوسف، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أنَّ المصريين لديهم كما يبدو «قرون استشعار» لمسألة الهوية، و«هذا ما شعرت به من قراءاتي للتاريخ، وهو ما يفسّر لماذا ثاروا على الحملة الفرنسية، وعلى حكم (الإخوان) بهذه السرعة». وواجه المسلسل انتقادات عدة، بعضها يرتبط بالملابس وشكل جنود الحملة الفرنسية، لكن يوسف رد على

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق «سهير شو» مع معتصم النهار: المجتهد ونصيبه

«سهير شو» مع معتصم النهار: المجتهد ونصيبه

تعود العراقية سهير القيسي إلى «إم بي سي» بعد غياب. تُجدّد في الاتجاه، فيصبح حواراً في الفن بعد قراءة لنشرات الأخبار ولقاءات في السياسة. ضيف الحلقة الأولى من برنامجها «سهير شو من أربيل» الفنان السوري معتصم النهار. طفت محاولات نفضها الصورة «الجدّية» وإذعانها لبداية جديدة. تزامُن عرض الحلقة مع العيد برّر غلبة «الإنترتيمنت»؛ دبكة و«بوش آب» و«راب»، دفعها للتعليل الآتي لشخصيتها التي عهدها الناس وللحوارات العميقة. لعلّها مع تقدّم الحلقات لن تحتاج لجهد ساطع يثبت العفوية ويؤكد للآخرين أنها في موقعها. ستفسح المجال للانسياب فيعبّر عن نفسه وعنها.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق وسام فارس لـ «الشرق الأوسط» : «سفر برلك» كان نقلة نوعية لي

وسام فارس لـ «الشرق الأوسط» : «سفر برلك» كان نقلة نوعية لي

حقق الممثل وسام فارس حضوراً مميزاً في دراما رمضان 2023 المشتركة، وكاد أن يكون النجم اللبناني الوحيد الذي سطع في سمائها. وسام الذي تابعه المشاهد العربي قبيل موسم رمضان في مسلسل «الثمن» كان له حضوره المميز في العملين الدراميين الرمضانيين «سفر برلك» و«وأخيراً». وجاء اختياره في دور بطولي في «سفر برلك» بمثابة فرصة سانحة، ليطل على الساحة العربية مرة جديدة، ولكن من باب عمل تاريخي ضخم. هذا العمل يصنّفه فارس بالمتكامل الذي برز فيه مستوى عال في التصوير والإخراج بميزانية عالية رصدتها له الـ«إم بي سي». بدأ الاتصال بوسام فارس من أجل المشاركة في «سفر برلك» منذ عام 2018.

يوميات الشرق يامن الحجلي لـ «الشرق الأوسط» : لا أدخل مسلسلاً لست مقتنعاً بنصه

يامن الحجلي لـ «الشرق الأوسط» : لا أدخل مسلسلاً لست مقتنعاً بنصه

يتمتع الممثل يامن الحجلي، صاحب لقب «فارس الدراما السورية»، بخلفية درامية غنية، فإضافة إلى كونه كتب مسلسلات عدّة، فقد حقق نجاحات واسعة في عالم التمثيل، إذ قدّم، في 10 سنوات، أكثر من 30 مسلسلاً؛ بينها «الصندوق الأسود»، و«أرواح عارية»، و«أيام الدراسة»، و«طوق البنات»، و«هوا أصفر»، و«باب الحارة 7»، وغيرها... وهو يطلّ حالياً في مسلسل «للموت 3»، مجسداً شخصية «جواد»، الذي يُغرَم بإحدى بطلات العمل «سحر» (ماغي بوغصن). يؤدي الحجلي المشاهد بلغة جسد يتقنها، خصوصاً أنّ دوره تطلّب منه بدايةً المكوث على كرسي متحرك لإصابته بالشلل.


وزير الثقافة السعودي يلتقي مبتعثي «صناعة المانجا» في اليابان

وزير الثقافة السعودي مع عدد من الطلاب المبتعثين وقيادات هيئة الأدب والنشر والترجمة وشركة «مانجا للإنتاج» (واس)
وزير الثقافة السعودي مع عدد من الطلاب المبتعثين وقيادات هيئة الأدب والنشر والترجمة وشركة «مانجا للإنتاج» (واس)
TT

وزير الثقافة السعودي يلتقي مبتعثي «صناعة المانجا» في اليابان

وزير الثقافة السعودي مع عدد من الطلاب المبتعثين وقيادات هيئة الأدب والنشر والترجمة وشركة «مانجا للإنتاج» (واس)
وزير الثقافة السعودي مع عدد من الطلاب المبتعثين وقيادات هيئة الأدب والنشر والترجمة وشركة «مانجا للإنتاج» (واس)

حث الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة السعودي رئيس مجلس إدارة هيئة الأدب والنشر والترجمة، السبت، الطلاب المبتعثين في برنامج أسس صناعة القصص المصورة «المانجا» في اليابان، على أهمية التأهيل العلمي والأكاديمي في التخصصات الثقافية للإسهام بعد تخرجهم في رحلة تطوير المنظومة الثقافية في بلادهم.

وأكد الأمير بدر بن عبد الله، خلال لقائه عدداً من الطلاب المبتعثين في مقر إقامته في طوكيو، دعم القيادة السعودية لكل ما من شأنه تنمية القدرات البشرية في المجالات كافة.

ويُقام البرنامج التدريبي بالتعاون بين هيئة الأدب والنشر والترجمة، وشركة «مانجا للإنتاج»، التابعة لمؤسسة محمد بن سلمان «مسك»، الذي يستهدف موهوبي فن المانجا ضمن برنامج تدريبي احترافي باستخدام التقنيات اليابانية؛ منبع هذا الفن.

حضر اللقاء الدكتور محمد علوان الرئيس التنفيذي لهيئة الأدب والنشر والترجمة، والدكتور عصام بخاري الرئيس التنفيذي لشركة «مانجا للإنتاج»، وعددٌ من الطلاب والطالبات المبتعثين لدراسة فن المانجا في أكاديمية كادوكاوا، إحدى أكبر الأكاديميات في اليابان، التي تهتم بتدريب واستقطاب الخبرات والمهتمين بصناعة القصص المصورة.

يشار إلى أن البرنامج التدريبي يتضمن 3 مراحل رئيسية، بدءاً من ورش العمل الافتراضية التي تقدم نظرةً عامة حول مراحل صناعة القصص المصورة، تليها مرحلة البرنامج التدريبي المكثّف، ومن ثم ابتعاث المتدربين إلى اليابان للالتحاق بأكاديمية كادوكاوا الرائدة في مجال صناعة المانجا عالمياً.

كما تم ضمن البرنامج إطلاق عدد من المسابقات المتعلقة بفن المانجا، وهي مسابقة «منجنها» لتحويل الأمثلة العربية إلى مانجا، ومسابقة «مانجا القصيد» لتحويل القصائد العربية إلى مانجا، ومؤخراً بالتزامن مع عام الإبل 2024 أُطلقت مسابقة «مانجا الإبل» للتعبير عن أصالة ورمزية الإبل في الثقافة السعودية بفن المانجا.

وتجاوز عدد المستفيدين من البرنامج 1850 متدرباً ومتدربة في الورش الافتراضية، وتأهل منهم 115 للبرنامج التدريبي المكثّف، أنتجوا 115 قصة مصورة، وابتُعث 21 متدرباً ومتدربة إلى اليابان؛ لصقل مواهبهم على أيدي خُبراء في هذا الفن، إضافة إلى استقبال 133 مشاركة في مسابقة «منجنها»، وما يزيد على 70 مشاركة في مسابقة «مانجا القصيد»، وأكثر من 50 مشاركة في «مانجا الإبل».

يذكر أن هيئة الأدب والنشر والترجمة تقدم برنامج أسس صناعة القصص المصورة «المانجا» بالتعاون مع شركة «مانجا للإنتاج»، بهدف تأسيس جيل مهتم بمجال صناعة المانجا، وصقل مهارات الموهوبين، ودعم بيئة المحتوى الإبداعي في المملكة.