ياسمينة خضرا: روايتي الجديدة «الصالحون» هي تتويج لـ50 عاماً من الكتابة

الكاتب الجزائري قال لـ «الشرق الأوسط» إن البعض يعده خائناً لمجرد أنه يكتب باللغة الفرنسية

ياسمينه خضرا
ياسمينه خضرا
TT

ياسمينة خضرا: روايتي الجديدة «الصالحون» هي تتويج لـ50 عاماً من الكتابة

ياسمينه خضرا
ياسمينه خضرا

ياسمينة خضرا هو الاسم المستعار للكاتب الجزائري الفرانكفوني محمد مولسهول. عمل ضابطاً في الجيش الجزائري لسنوات قبل أن يتفرغ للكتابة التي بدأها في سن مبكرة. كتب أكثر من خمسة وعشرين رواية، أهمها: «الاعتداء» و«سنونوات كابل» و«سفارات إنذار بغداد» و«فضل الليل على النهار». أعماله لاقت إقبالاً جماهيرياً واسعاً، لا سيما في فرنسا، وترجمت لأكثر من 30 لغة، بعضها اقتبس للسينما، كما حاز عدة جوائز كالجائزة الكبرى «هانري غال» وجوائز أخرى كثيرة. روايته الأخيرة «الصالحون» لاقت إقبال واستحسان النقاد، وصنعت الحدث للدخول الأدبي الفرنسي. كان لنا معه هذا الحوار في العاصمة الفرنسية باريس بمناسبة صدور هذه الرواية.
> ترسم روايتك الجديدة «الصالحون» لوحة عن حقبة مجهولة من تاريخ الجزائر أثناء الحرب العالمية الأولى، ما بين 14 – 18، حيث نتعرف على عائلة فقيرة لا تملك شيئاً سوى المحبة التي تجمع أعضاءها. كيف جاءتك فكرة هذه الرواية، ولماذا هذا العنوان؟
- فكرة هذه الرواية تعود إلى أكثر من عشر سنوات، حين كتبت مقدمة لسلسلة رسوم للناشئة حول القناصة الجزائريين الذين شاركوا في الحرب العالمية الأولى، المعروفين باسم «القناصة الأتراك» (نسبة لقوات غير نظامية تركية وعربية شكلها الفرنسيون في الجزائر منذ 1830). وقتها لم يكن هناك أي أرشيف بخصوص هؤلاء الجنود الذين انخرطوا مُكرهين في حرب لا تعنيهم في شيء. حينها أحببت أن أكتب رواية مُهمة حول هذا الموضوع، لكني انتظرت حتى تكون لي القوة الكافية لتجاوز كل ما كتبته في السابق لأستحق معالجة مثل هذا الموضوع. أستطيع أن أقول إن «الصالحون» هي تتويج لخمسين عاماً من الكتابة ونتيجة مُثابرة مستمرة. أما بالنسبة للعنوان «الصالحون» فهو يعود لشخصيات الرواية البسيطة والجميلة، والمليئة بالتعاطف لبعضها البعض، التي تظل رغم فقرها كريمة ومتضامنة.
> قلت بخصوص رواية «الصالحون» إنها من أهم أعمالك، من أي ناحية؟
- لأول مرة اتفق النقاد على ذلك بالإجماع، ومع ذلك، فقد كتبت أعمالاً قُرأت في كل ربوع العالم، أثرت على ملايين القراء وألهمت صانعي الأفلام وكتاب المسرحيات، وعانت في بعض الأماكن من الهجمات والتفسيرات الخاطئة والخبيثة. مع رواية «الصالحون» اتفق الكل على أنها أهم أعمالي، شخصياً لم أنتظر حتى يُعلن النقاد ذلك، وكنت قد قلت ذلك خلال جولتي بالجزائر في يوليو (تموز) المنصرم. عندما أنهيت الصفحة الأخيرة من روايتي، كنت مقتنعاً أنني قد تجاوزت عتبة جديدة. كل الكتاب لديهم عمل مفضل، بالنسبة لي العمل الأقرب إلى قلبي هو روايتي الأخيرة «الصالحون».
> ماذا عن شخصية «ياسين شراقة» بطل الرواية، هل نستطيع أن نقول إنه يشبهك قليلاً؟
- بطل القصة ياسين شراقة يجسد ما عاناه الجزائريون تحت نير الاستعمار. وهو راع فقير يبلغ من العمر عشرين عاماً، يعيش في قرية بائسة في بداية القرن العشرين، لا يهتم بما يجري حوله، وفي يوم ما يستدعيه عُمدة القرية لإرساله إلى فرنسا للمشاركة في الحرب العالمية الأولى 14 - 18 بدلاً من شخص آخر، في مقابل وعود لن يتم الوفاء بها. عند عودته من الحرب، يعيش ياسين جحيماً يواجه بشجاعة بفضل إيمانه ونقاء روحه. من خلال محنة هذا الشاب، يتم سرد محنة شعب بأكمله.
> كلنا يعرف مرحلة الحرب التحريرية التي خاضها الشعب الجزائري، بينما لا نعرف الكثير عن الحقبة التاريخية التي تسردها في روايتك؟ فهل ممكن أن تحدثنا عنها؟
- لقد كتبت هذه الرواية لفهم هذه الفترة التي شكلت «جزائري» اليوم بشكل أفضل. ولا يمكنني تلخيصها دون إفساد القصة المليئة بالحبكات والأحداث غير المتوقعة.
> مشاهد المعارك مُذهلة من حيث دقة الوصف، هل كانت تجربتك كضابط سابق في الجيش هي مصدر إلهامك؟
- بدون شك، السنوات الثمانية التي قضيتها في محاربة الإرهاب الذي كاد يقضي على وطني سمحت لي بالتقرب من العنصر البشري، أنا أعرف إلى أي درجة يستطيع هذا الكائن الذي يقال عنه «إنسان» أن يكون قاسياً ومتوحشاً، وفي النهاية كل الحروب تتشابه، فهي فشل المنطق السليم ولحظات جنون وقمة الرعب والحماقة، الحروب هي الدليل على أن الرجال وحوش فظيعة ترى أن هناك قضايا أهم من حياتها، من أطفالها ومن ذويها.
> شخصية ياسين تمثل إنساناً مسامحاً لأقصى درجة، فهل يمكننا مسامحة الآخرين في كل شيء؟ مثلاً ما حدث إبان التاريخ الاستعماري بين الجزائر وفرنسا؟
- لست إلا مواطناً من ضمن آخرين، ليس لي الحق للتحدث باسم شعب تعرض لويلات القدر، ولا يمكننا محو صدمة 132 عاماً من الاستعمار والاستعباد والبؤس والمعاناة بضربة واحدة، لكن يمكننا أن نولد من جديد في عالم أفضل، حتى نثبت لأنفسنا أن شهداءنا لم يموتوا من أجل لا شيء. وفي هذا السياق أفضل الحديث عن «المصالحة» بدلاً من المغفرة بين فرنسا والجزائر.
> إهداء هذه الرواية كان لوالدتك، حيث كتبت: «إلى أمي التي كانت لا تحسن القراءة والكتابة لكنها ألهمتني هذا العمل»، كما نلاحظ حضوراً قوياً لشخصية الأب في الرواية، فإلي أي مدى كان تأثير والديك في مشوارك الأدبي؟
- احتلت والدتي مكانة مهمة في حياتي. شخصيتها مركزية في سيرتي الذاتية، على سبيل المثال (الكاتب أو القبلة والعضة) وإذا كنا لا نراها كثيراً في الروايات الأخرى إلا أنها موجودة باستمرار في الاستحضار السردي. بالنسبة لحياتي الشخصية، وللتذكير عهد بي إلى المؤسسة العسكرية وأنا ابن التاسعة. لم يكن والداي من أرشداني إلى طريق الأدب، ولكن قسوة المعاملة والحاجة إلى استعادة نفسي رغم كل المحن والصعاب. فكان الأدب، بالنسبة لي، هو بمثابة رفضي الشديد لأن أكون بيدقاً على رقعة الشطرنج، وشارة على مخطط إجباري.
> سبق وأن صرحت بأنك قررت أن تصبح كاتباً باللغة الفرنسية عندما قرأت عملاً لألبير كامو، بينما كان حلمك في البداية أن تصبح شاعراً عربياً، فماذا يعني لك كامو أولاً؟ وهل نتوقع منك قصائد باللغة العربية؟
- تأثير الكاتب الجزائري مالك حداد علي كان أكبر من تأثير كامو، صحيح أني كنت أحلم بأن أصبح شاعراً كالمتنبي، لكني لم ألق أي تشجيع من أساتذة اللغة العربية، وللأسف بعض أنصار اللغة العربية عدوني «خائناً» لمجرد أنني أكتب بالفرنسية. هذه العقلية الرجعية تمنع عبقرتينا من النمو في عيون الآخر. ومع ذلك، فإن الأدب لا يعتمد على اللغة، بل على الكلمة، والموهبة والبراعة والكرم، وإلا فكيف يمكنني أن أفسر أن أكبر عدد من قرائي في أفريقيا ليس في المغرب العربي، ولكن في التشاد.
> في روايتك، تتحدث عن عبثية الحرب الأولى، هذه الحرب التي هي الآن في صميم الحدث، فهل تعتقد أن على الكاتب أن يعيش تجربة الحرب (كما هو الوضع معك) قبل أن يكتب عنها؟
- كثير من المؤلفين كتبوا عن الحرب دون ارتداء الزي الرسمي، أو السير في الوحل وفي الخنادق، أو حتى إطلاق رصاصة واحدة. ومع ذلك، فقد وصفوها بموهبة وحقيقة رائعتين. للكتاب ذلك الخيال الذي يسمح لهم بكشف الأسرار وفك الرموز المتعلقة بسرد أحزان وأفراح الإنسانية، بإخفاقاتها وروعتها ومآسيها. لحسن الحظ وُجد الكتاب لكي يزيحوا عنا الغمائم ويدعونا للتفكير والاكتشاف، وقد كان غوستاف فلوبير محقاً حين قال إن كل ما نبتكره يصبح واقعاً.
> روايتك هي أيضاً ترنيمة جميلة للحب من خلال القصة التي تجمع ياسين بمريم، فماذا يمكن أن يخربنا هذا عن حاجة الإنسان للحب؟ وهل يمكن أن ينقذنا من أهوال الحرب؟
- الحب يعطي معنى حقيقياً لحياتنا. إنه ينقذنا أولاً من أنفسنا، يعيد اكتشافنا في المحن، ثم يعيدنا إلى أنفسنا، لكنه لا يزال هشاً مثل ضعفنا. فالحرب تضايقه وتشوه سيمفونيته وتسلمه للشعارات الكاذبة، عندما يفهم الرجال أين تكمن مصالحهم الخاصة، فإنهم سيتخلون عن الحرب من أجل أن يعيشوا سعادتهم بالكامل. كتبت في «الملائكة تموت متأثرة بجراحنا»: «لا ساحة قتال تضاهي سرير امرأة».
> أنت كاتب معروف بغزارة إنتاجك الأدبي، فما هو سرك؟
- الكتابة موهبة من الله، لا أستطيع شرحها، أكتفي فقط بالعمل لأكون أهلاً لها.


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

العُلا... إلى تعزيز التبادل الثقافي بين السعودية وفرنسا

جانب من المشاركين في عرض «مسارات» في العلا (الشرق الأوسط)
جانب من المشاركين في عرض «مسارات» في العلا (الشرق الأوسط)
TT

العُلا... إلى تعزيز التبادل الثقافي بين السعودية وفرنسا

جانب من المشاركين في عرض «مسارات» في العلا (الشرق الأوسط)
جانب من المشاركين في عرض «مسارات» في العلا (الشرق الأوسط)

وسط أجواء من العراقة التي تتمثّل بها جبال العلا ووديانها وصحرائها، شمال السعودية، احتفلت، الجمعة، «فيلا الحجر» و«أوبرا باريس الوطنية» باختتام أول برنامج ثقافي قبل الافتتاح في فيلا الحجر، بعرض قدّمته فرقة باليه الناشئين في أوبرا باريس الوطنية.

«فيلا الحجر» التي جاء إطلاقها خلال زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، محافظة العُلا (شمال غربي السعودية)، في 4 من ديسمبر (كانون الأول) الحالي، تعدّ أول مؤسسة ثقافية سعودية - فرنسية تقام في السعودية، لتعزيز الدبلوماسية الثقافية على نطاق عالمي من خلال التعاون والإبداع المشترك، بما يسهم في تمكين المجتمعات ودعم الحوار الثقافي، وتعد أحدث مشروعات الشراكة الاستراتيجية بين «الهيئة الملكية لمحافظة العُلا»، و«الوكالة الفرنسية لتطوير العُلا».

وبمشاركة 9 راقصات و9 راقصين تراوح أعمارهم بين 17 و22 عاماً من خلفيات متنوعة، أدّى الراقصون الناشئون، تحت إشراف مصمم الرقصات الفرنسي نويه سولييه، عرضاً في الهواء الطلق، على الكثبان الرملية، ووفقاً للحضور، فقد نشأ حوار بين حركاتهم والطبيعة الفريدة للصخور والصحراء في العلا، لفت انتباه الجماهير.

تعزيز التبادل الثقافي بين الرياض وباريس

وأكد وجدان رضا وأرنو موراند، وهما القائمان على برنامج «فيلا الحجر» لما قبل الافتتاح الموسم 2023 - 2024 لـ«الشرق الأوسط» أنه «سعياً إلى تحقيق الأهداف الأساسية لبرنامج ما قبل الافتتاح لـ(فيلا الحجر)؛ جاء (مسارات) أول عرض إبداعي للرقص المعاصر تقترحه الفيلا». وحول إسهامات هذا العرض، اعتبرا أنه «سيسهم في تحديد ما يمكن أن تقدمه هذه المؤسسة الثقافية لتعزيز التبادل الثقافي بين السعودية وفرنسا، من خلال فهم العلاقة بأرض العلا التاريخية، وبجعلها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالأجواء الطبيعية للمنطقة وبالبيئة الحضرية».

من جهتها، شدّدت فريال فوديل الرئيسة التنفيذية لـ«فيلا الحجر»، لـ«الشرق الأوسط» على التزامهم «بتقديم عروض لفنون الأداء وتسليط الضوء على الطاقة الإبداعية للمواهب السعودية والفرنسية والدولية» مشيرةً إلى أن شراكة الفيلا مع أوبرا باريس الوطنية، من شأنها أن «تعزِّز وتشجّع التعاون والحوار الثقافي بين السعودية وفرنسا، وعلى نطاق أوسع بين العالم العربي وأوروبا، إلى جانب تشكيل فرصة فريدة لصنع إنجازات ثقافية تتميز بالخبرة في بيئة فريدة ولجمهور من كل الفئات».

«مسارات»

وبينما أعرب حضور للفعالية من الجانبين السعودي والفرنسي، عن إعجاب رافق العرض، واتّسم باستثنائية تتلاءم مع المكان بعمقه التاريخي وتشكيلاته الجيولوجية، أكّد مسؤولون في «فيلا الحجر» أن عرض «مسارات» جاء تحقيقاً للأهداف الأساسية لبرنامج «فيلا الحجر» لما قبل الافتتاح، حيث يعدّ أول عرض إبداعي للرقص المعاصر على الإطلاق تقترحه المؤسسة المستقبلية، وتوقّعوا أن يُسهم العرض في تحديد ما يمكن أن تسهم به هذه المؤسسة الثقافية لتعزيز التبادل الثقافي بين السعودية وفرنسا، من خلال فهم علاقتها بأرض العُلا التاريخية، وبجعلها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالأجواء الطبيعية للمنطقة وبالبيئة الحضرية.

وانتبه الحضور، إلى أنه احتراماً للمكان الغني بالتنوع البيولوجي وبتاريخه الممتد إلى آلاف السنين (العلا)، جاء العرض متحفّظاً وغير تدخلي، فلم تُستخدم فيه معدات موسيقية ولا أضواء، بل كان مجرد عرض مكتف بجوهره، في حين عدّ القائمون على العرض لـ«الشرق الأوسط» أنه حوارٌ مع البيئة الشاسعة التي تحتضنه وليس منافساً لها.

15 لوحاً زجاجياً يشكّلون عملاً فنياً معاصراً في العلا (الشرق الأوسط)

«النفس – لحظات طواها النسيان»

والخميس، انطلق مشروع «النفس – لحظات طواها النسيان» بعرض حي، ودُعي إليه المشاركون المحليون للتفاعل مع المنشأة من خلال التنفس والصوت؛ مما أدى إلى إنتاج نغمات رنانة ترددت في أرجاء الطبيعة المحيطة، ووفقاً للقائمين على المشروع، فإن ذلك يمزج العمل بين التراث، والروحانية، والتعبير الفني المعاصر، مستكشفاً مواضيع خاصة بمنطقة العلا، مثل العلاقة بين الجسد والطبيعة.

وكُشف النقاب عن موقع خاص بالمنشأة والأداء في العلا، حيث يُعدّ المشروع وفقاً لعدد من الحاضرين، عملاً فنياً معاصراً من إنتاج الفنانة السعودية الأميركية سارة إبراهيم والفنان الفرنسي أوغو شيافي.

يُعرض العمل في موقعين مميزين بالعلا، حيث تتكون المنشأة في وادي النعام من 15 لوحاً زجاجياً مذهلاً يخترق رمال الصحراء، بينما تعكس المنحوتات الزجاجية المصنوعة يدوياً جيولوجيا المنطقة في موقع «دار الطنطورة».