تزايد الأحزاب الرافضة للانتخابات البرلمانية التونسية

وسط تساؤلات حول مدى شرعيتها في ظل مقاطعة غالبية الأطراف السياسية المؤثرة

موظفة في هيئة الانتخابات خلال الاستفتاء على الدستور التونسي الجديد الصيف الماضي (رويترز)
موظفة في هيئة الانتخابات خلال الاستفتاء على الدستور التونسي الجديد الصيف الماضي (رويترز)
TT

تزايد الأحزاب الرافضة للانتخابات البرلمانية التونسية

موظفة في هيئة الانتخابات خلال الاستفتاء على الدستور التونسي الجديد الصيف الماضي (رويترز)
موظفة في هيئة الانتخابات خلال الاستفتاء على الدستور التونسي الجديد الصيف الماضي (رويترز)

انضمت ثلاثة أحزاب تونسية جديدة إلى قائمة الأحزاب المقاطعة للانتخابات البرلمانية، المقررة في 17 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، حيث أعلنت قيادات حزب «المسار الديمقراطي الاجتماعي»، و«الائتلاف الوطني»، و«حزب 55 التونسي»، مقاطعة العملية الانتخابية برمتها، لتلتقي بذلك مع موقف الأحزاب المشكلة للمشهد السياسي السابق، مثل حزب العمال، وحزب التيار الديمقراطي، والحزب الجمهوري، و«جبهة الخلاص الوطني»، التي تدعمها حركة النهضة، والحزب الدستوري الحر المعارض، وهو ما خلف تساؤلات كثيرة حول ما تبقى من أطراف سياسية ستشارك في العملية الانتخابية، ومدى حصولها على الشرعية في ظل مقاطعة واسعة من قبل جل الأحزاب المؤثرة في المشهد السياسي.
وقال ناجي جلول، رئيس «الائتلاف الوطني التونسي»، إن السبب الرئيسي لعدم المشاركة يعود إلى مجموعة الاختلالات التي تضمنها مرسوم القانون الانتخابي الجديد، وعبر عن استغرابه من تمسك الرئيس قيس سعيد بالقانون الانتخابي، الذي وصفه بـ«الأحادي وغير الدستوري»، وعدم استجابته لجل الأحزاب والمنظمات وخبراء القانون الدستوري والحقوقيين المنادين بمراجعة بنود هذا القانون. كما ندّد جلول بما اعتبره «تعمد واضع هذا القانون إقصاء الأحزاب السياسية والمنظمات، ورؤساء الجمعيات والكفاءات الحكومية والدبلوماسية الإدارية بهياكل الدولة من ممارسة الحياة البرلمانية». مشيراً إلى أن «اعتماد هذا القانون الانتخابي، الذي تجاهل خصوصيات الدوائر الانتخابية من حيث الجغرافيا الطبيعية والبشرية، وقلص حظوظ النساء والشباب، وحرمهم من التمويل العمومي، سيؤول إلى تدفق المال السياسي لينتج مجالس معتمديات (سلطة محلية) لا يربط بين نوابها أي قاسم مشترك، سوى المصالح الشخصية الضيقة لأصحاب الجاه والمال، الذين كانوا لهم سنداً».
كما أعرب جلول عن أسفه لما آلت إليه الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في تونس، «نتيجة الفشل الكبير في إدارة الشأن العام، والتمسك بسياسة فرض الأمر الواقع، والتضييق على الحريات وضرب المسار الديمقراطي». في السياق ذاته، أعلن فوزي الشرفي، رئيس حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي، عن مقاطعة العملية الانتخابية، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن القانون الانتخابي الحالي «غير الدستوري والمناخ السياسي المتأزم، وغياب أي ضمانات لإجراء انتخابات حرة وتعددية وشفافة، يحول دون أي مشاركة جدية في العملية الانتخابية»، مبرزاً أن الحل للخروج من الأزمة الراهنة يقتضي عملية إنقاذ شاملة وعاجلة، تشارك فيها مختلف القوى الوطنية، دون انفراد أو إقصاء».
من جهته، أكد نصر الدين عبد الكافي، رئيس «حزب 55 التونسي»، أن حزبه لن يشارك في الانتخابات التشريعية المقبلة «بسبب غياب الشفافية، وعدم وضوح الرؤية وعدم ضمان القانون الانتخابي الجديد لمبدأ تكافؤ الفرص، وغياب التمويل العمومي، ووجود عدة مؤشرات توحي بأن هذا القانون وضع على المقاس، ولن يؤدي إلى انتخابات ديمقراطية تساعد على طي صفحة عشرية الفشل»، على حد تعبيره. وتوقع عبد الكافي أن تؤدي الانتخابات إلى «تكريس سلطة المال، وأن تغذي النعرات القبلية، وستفرز في نهاية المطاف برلماناً يهيمن عليه نواب همهم الوحيد خدمة مصالحهم الشخصية، كما ستؤدي الظروف المعيشية الصعبة للتونسيين إلى عزوف الناخبين على صناديق الاقتراع».


مقالات ذات صلة

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

شمال افريقيا تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على  أمن الدولة»

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

وجه القطب القضائي لمكافحة الإرهاب طلبا رسميا إلى رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس لبدء تحقيق ضدّ المحامين بشرى بلحاج حميدة، والعيّاشي الهمّامي، وأحمد نجيب الشابي، ونور الدين البحيري، الموقوف على ذمة قضايا أخرى، وذلك في إطار التحقيقات الجارية في ملف «التآمر على أمن الدولة». وخلفت هذه الدعوة ردود فعل متباينة حول الهدف منها، خاصة أن معظم التحقيقات التي انطلقت منذ فبراير (شباط) الماضي، لم تفض إلى اتهامات جدية. وفي هذا الشأن، قال أحمد نجيب الشابي، رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة، وأحد أهم رموز النضال السياسي ضد نظام بن علي، خلال مؤتمر صحافي عقدته اليوم الجبهة، المدعومة من قبل حركة النهضة، إنّه لن

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

أعلنت نقابة الصحافيين التونسيين أمس رصد مزيد من الانتهاكات ضد حرية التعبير، مع تعزيز الرئيس قيس سعيد لسلطاته في الحكم، وذلك ردا على نفي الرئيس أول من أمس مصادرة كتب، وتأكيده أن «الحريات لن تهدد أبدا»، معتبرا أن الادعاءات مجرد «عمليات لتشويه تونس». وكان سحب كتاب «فرانكشتاين تونس» للروائي كمال الرياحي من معرض تونس الدولي للكتاب قد أثار جدلا واسعا في تونس، وسط مخاوف من التضييق على حرية الإبداع. لكن الرئيس سعيد فند ذلك خلال زيارة إلى مكتبة الكتاب بشارع الحبيب بورقيبة وسط تونس العاصمة قائلا: «يقولون إن الكتاب تم منعه، لكنه يباع في مكتبة الكتاب في تونس...

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

بعد مصادقة البرلمان التونسي المنبثق عن انتخابات 2022، وما رافقها من جدل وقضايا خلافية، أبرزها اتهام أعضاء البرلمان بصياغة فصول قانونية تعزز مصالحهم الشخصية، وسعي البرلمانيين لامتلاك الحصانة البرلمانية لما تؤمِّنه لهم من صلاحيات، إضافة إلى الاستحواذ على صلاحيات مجلس الجهات والأقاليم (الغرفة النيابية الثانية)، وإسقاط صلاحية مراقبة العمل الحكومي، يسعى 154 نائباً لتشكيل كتل برلمانية بهدف خلق توازنات سياسية جديدة داخل البرلمان الذي يرأسه إبراهيم بودربالة، خلفاً للبرلمان المنحل الذي كان يرأسه راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة». ومن المنتظر حسب النظام الداخلي لعمل البرلمان الجديد، تشكيل كتل برلمانية قبل

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

أكد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار أمس، الاثنين، أنه لا مجال لإرساء ديكتاتورية في تونس في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن التونسيين «لن ينتظروا أي شخص أو شريك للدفاع عن حرياتهم»، وفق ما جاء في تقرير لـ«وكالة أنباء العالم العربي». وأشار التقرير إلى أن عمار أبلغ «وكالة تونس أفريقيا للأنباء» الرسمية قائلاً: «إذا اعتبروا أنهم مهددون، فسوف يخرجون إلى الشوارع بإرادتهم الحرة للدفاع عن تلك الحريات». وتتهم المعارضة الرئيس التونسي قيس سعيد بوضع مشروع للحكم الفردي، وهدم مسار الانتقال الديمقراطي بعد أن أقر إجراءات استثنائية في 25 يوليو (تموز) 2021 من بينها حل البرلمان.

المنجي السعيداني (تونس)

روسيا تركّز على ليبيا لتحقيق طموحاتها بعد سقوط حليفها الأسد

طائرة عسكرية روسية تقترب من قاعدة حميميم الجوية على ساحل اللاذقية بسوريا في 14 ديسمبر 2024 (رويترز)
طائرة عسكرية روسية تقترب من قاعدة حميميم الجوية على ساحل اللاذقية بسوريا في 14 ديسمبر 2024 (رويترز)
TT

روسيا تركّز على ليبيا لتحقيق طموحاتها بعد سقوط حليفها الأسد

طائرة عسكرية روسية تقترب من قاعدة حميميم الجوية على ساحل اللاذقية بسوريا في 14 ديسمبر 2024 (رويترز)
طائرة عسكرية روسية تقترب من قاعدة حميميم الجوية على ساحل اللاذقية بسوريا في 14 ديسمبر 2024 (رويترز)

أدى سقوط بشار الأسد في سوريا إلى عرقلة مشاريع روسيا في أفريقيا، وأرغمها على البحث عن نقطة إسناد بديلة في حوض البحر المتوسط، متطلعة في هذا السياق إلى ليبيا، حسب تقرير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

ولموسكو الحليفة للأسد ودمشق منذ أعوام طويلة، ميناء عسكري وقاعدة جوية على الساحل السوري، ما يسهّل عملياتها في المتوسط والشرق الأوسط ووسط أفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى، غير أن إطاحة الأسد بعد ربع قرن في الحكم، عرّضت هذا الحضور للخطر.

وسعى القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع إلى طمأنة روسيا، واصفاً إياها بأنّها دولة «مهمّة»، وقال: «لا نريد أن تخرج روسيا من سوريا بالشكل الذي يهواه البعض».

لكن في ظل عدم وضوح التشكيل السياسي في سوريا الجديدة، باتت موسكو مضطرة لبدء تراجع استراتيجي نحو ليبيا حيث يوجد مرتزقة روس.

ويقول جلال حرشاوي، الباحث في المعهد البريطاني «رويال يونايتد سرفيسز»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنّ ذلك يهدف «على وجه الخصوص للحفاظ على المهمات الروسية القائمة في أفريقيا»، مضيفاً أنّه «رد فعل لحفظ الذات» من جانب موسكو الحريصة على «التخفيف من تآكل موقعها في سوريا».

في مايو (أيار) 2024، كشف اتحاد التحقيقات السويسري «All Eyes On Wagner» (كل العيون على فاغنر) الوجود أو الأنشطة الروسية في نحو 10 مواقع ليبية، من بينها ميناء طبرق، حيث وصلت معدّات عسكرية في فبراير (شباط) وأبريل (نيسان).

وكان عديد القوات الروسية في فبراير 2024 يناهز 800 عنصر، وارتفع إلى 1800 في مايو من العام نفسه.

مقاتلون من مرتزقة «فاغنر» الروسية في مدينة روستوف أون دون بروسيا في 24 يونيو 2023 (رويترز)

رجال ومعدّات

في 18 ديسمبر (كانون الأول)، أفادت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، بأنّه تمّ نقل رادارات وأنظمة دفاع جوي روسية من بينها «إس - 300» و«إس-400» من سوريا إلى ليبيا، مستندةً في ذلك إلى مسؤولين ليبيين وأميركيين.

وفي هذا الإطار، يؤكد جلال حرشاوي أنّه منذ سقوط الأسد في الثامن من ديسمبر، «تم نقل كمية كبيرة من الموارد العسكرية الروسية إلى ليبيا من بيلاروسيا وروسيا»، مشيراً في الوقت نفسه إلى إرسال مقاتلين.

من جانبها، أفادت الاستخبارات الأوكرانية في الثالث من يناير (كانون الثاني) بأنّ موسكو تخطّط لـ«استخدام سفينتي الشحن (سبارتا) و(سبارتا 2) لنقل معدات عسكرية وأسلحة».

ويقول الخبير في المجلس الأطلسي في واشنطن عماد الدين بادي إنّ هذا التحوّل لا ينبع من تغيير قسري بسيط للحليف الإقليمي، بل من البحث عن «الاستمرارية»، مؤكداً أنّها خطوة «تؤكد أهمية ليبيا بوصفها... عنصراً في استراتيجية طويلة الأمد».

وأكد وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو أنّ موسكو تنقل «موارد من قاعدتها السورية في طرطوس باتجاه ليبيا».

جندي روسي على مركبة قتالية للمشاة ضمن قافلة عسكرية روسية تتجه نحو قاعدة حميميم الجوية على الساحل السوري في اللاذقية بسوريا (رويترز - أرشيفية)

«الوجود الروسي أكثر وضوحاً»

لن يتمتّع الكرملين في ليبيا بالأريحية نفسها التي كانت متوافرة في سوريا في عهد الأسد. فبحسب أولف لايسينغ المسؤول عن برنامج الساحل في مؤسسة «كونراد أديناور»، فإنّ سوريا «كانت ملائمة على الصعيد العملي... كانت صندوقاً أسود من دون دبلوماسيين أو صحافيين أجانب. (الروس) فعلوا إجمالاً ما أرادوه».

ويضيف: «في ليبيا، سيكون الوضع أكثر تعقيداً بكثير. من الصعب الحفاظ على الأسرار هناك كما أنّ الوجود الروسي سيكون أكثر وضوحاً».

إضافة إلى ذلك، سيتعيّن على موسكو التعامل مع قوى أخرى، من بينها تركيا حليفة حكومة الوفاق الوطني، كما ستكون حريصة على عدم تعريض مستقبلها للخطر إذا ساءت الأمور بالنسبة إليها.

ويقول لايسينغ: «لذلك، هناك بلا شك حدود لما يمكن لروسيا أن تفعله في ليبيا».