ترجيحات بوجود مزيد من الكواكب الغنية بالمياه

باحثون ينتظرون تأكيد تلسكوب «جيمس ويب»

تصور فني لشكل كوكب مائي (الفريق البحثي)
تصور فني لشكل كوكب مائي (الفريق البحثي)
TT
20

ترجيحات بوجود مزيد من الكواكب الغنية بالمياه

تصور فني لشكل كوكب مائي (الفريق البحثي)
تصور فني لشكل كوكب مائي (الفريق البحثي)

الماء هو الشيء الوحيد الذي تحتاج إليه جميع أشكال الحياة على الأرض. والدورة من الأمطار إلى الأنهار إلى المحيطات إلى الأمطار، هي جزء أساسي مما يحافظ على مناخ كوكبنا مستقراً ومضيافاً لأشكال الحياة. وعندما يتحدث العلماء عن مكان البحث عن علامات الحياة في جميع أنحاء المجرة، تكون الكواكب التي تحتوي على الماء دائماً على رأس القائمة. وتشير دراسة جديدة لباحثين من جامعة شيكاغو الأميركية، نُشرت في 8 سبتمبر (أيلول) بمجلة «ساينس» إلى أن عدداً أكبر من الكواكب قد يحتوي على كميات كبيرة من الماء أكثر مما كان يُعتقد سابقاً، حيث إن نصفها ماء والنصف الآخر صخر، ومن المحتمل أن تكون كل هذه المياه مغروسة في الصخر، بدلاً من التدفق كمحيطات أو أنهار على السطح.
يقول رافائيل لوك، المؤلف الأول في الورقة الجديدة وباحث ما بعد الدكتوراه بجامعة شيكاغو في تقرير نشره الموقع الرسمي للجامعة: «كانت مفاجأة أن نرى دليلاً على وجود الكثير من عوالم الماء التي تدور حول أكثر أنواع النجوم شيوعاً في المجرة، وهذا أمر بالغ الأهمية عند البحث عن كواكب صالحة للسكن».
وبفضل الأدوات المتطورة للتلسكوبات الحديثة، يجد العلماء علامات على المزيد من الكواكب في الأنظمة الشمسية البعيدة، ويساعد حجم العينة الأكبر العلماء على تحديد «الأنماط الديموغرافية»، على غرار الطريقة التي يمكن أن يكشف بها النظر إلى سكان مدينة بأكملها عن اتجاهات يصعب رؤيتها على المستوى الفردي. وخلال الدراسة، قرر الباحثون إلقاء نظرة على مجموعة كبيرة من الكواكب التي تُرى حول نوع من النجوم يسمى بالأقزام (M)، وهذه النجوم هي النجوم الأكثر شيوعاً التي نراها من حولنا في المجرة، وقام العلماء بتصنيف عشرات الكواكب حولها حتى الآن.
ولكن نظراً لأن النجوم أكثر إشراقاً من كواكبها، لا يمكننا رؤية الكواكب الفعلية نفسها، وبدلاً من ذلك، اكتشف العلماء علامات خافتة لتأثيرات الكواكب على نجومها، كالظل الناتج عن عبور كوكب أمام نجمه، أو السحب الصغير على حركة النجم في أثناء دوران الكوكب، وهذا يعني أن الكثير من الأسئلة لا تزال قائمة حول شكل هذه الكواكب في الواقع.
يقول إنريك بالي من قسم الفلك والفيزياء الفلكية بجامعة شيكاغو، والباحث المشارك بالدراسة: «توفر لك كل من الطريقتين المختلفتين لاكتشاف الكواكب معلومات مختلفة، فمن خلال التقاط الظل الناتج عندما يعبر كوكب ما أمام نجمه، يمكن للعلماء العثور على قطر الكوكب، ومن خلال قياس الجاذبية الضئيلة التي يمارسها كوكب على نجم، يمكن للعلماء إيجاد كتلته، ومن خلال الجمع بين القياسين يمكن للعلماء التعرف على بنية الكوكب، وربما يكون كوكباً كبيراً ولكنه مصنوع في الغالب من غاز مثل كوكب المشتري، أو كوكب صغير كثيف صخري مثل الأرض». تم إجراء هذه التحليلات للكواكب الفردية، ولكن نادراً ما تم إجراء هذه التحليلات لجميع المجموعات المعروفة لهذه الكواكب في مجرة درب التبانة، وعندما نظر العلماء إلى الأرقام «43 كوكباً في المجموع» رأوا صورة مفاجئة تظهر.
وتشير كثافات نسبة كبيرة من الكواكب إلى أنها كانت أخفّ من أن يتألف حجمها من صخور نقية، وبدلاً من ذلك، ربما تكون هذه الكواكب شيئاً مثل نصف صخر ونصف ماء، أو جزيئاً أخف وزناً آخر. تخيل الفرق بين التقاط كرة بولينغ وكرة قدم، إنهما بنفس الحجم تقريباً، لكن أحدهما مصنوع من مادة أخف بكثير.
يقول بالي: «قد يكون من المغري تخيل هذه الكواكب كأنها مغطاة بالكامل بالماء، ومع ذلك، فإن هذه الكواكب قريبة جداً من شموسها لدرجة أن أي ماء على السطح سيكون موجوداً في مرحلة غازية فوق الحرجة، مما يؤدي إلى توسيع نصف قطرها، لكننا لا نرى ذلك في العينات، وهذا يشير إلى أن الماء ليس في شكل محيط سطحي. وبدلاً من ذلك، يمكن أن توجد المياه مختلطة بالصخور أو في جيوب تحت السطح. ستكون هذه الظروف مشابهة لقمر المشتري (يوروبا) والذي يُعتقد أنه يحتوي على مياه سائلة تحت الأرض». ورغم أن الأدلة مقنعة، يؤكد بالي أنهم ما زالوا يرغبون في رؤية «أدلة أكثر قوة، ويأملون أن يساعد تلسكوب الفضاء «جيمس ويب» الذي أطلقته «ناسا» حديثاً في هذا الصدد.


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«الروبوتات التعاونية» تُغيِّر عالم الاستكشاف البحري

نظم الاشراف على الروبوتات التعاونية البحرية (شركة إكوينور للطاقة في النرويج)
نظم الاشراف على الروبوتات التعاونية البحرية (شركة إكوينور للطاقة في النرويج)
TT
20

«الروبوتات التعاونية» تُغيِّر عالم الاستكشاف البحري

نظم الاشراف على الروبوتات التعاونية البحرية (شركة إكوينور للطاقة في النرويج)
نظم الاشراف على الروبوتات التعاونية البحرية (شركة إكوينور للطاقة في النرويج)

مع تطور التقنيات الحديثة، أصبح للروبوتات دور متزايد الأهمية في العمليات البحرية، بدءاً من استكشاف المحيطات وصولاً إلى دعم قطاع الاستزراع المائي. ومع ذلك، فإن الاعتماد التقليدي على الروبوتات الفردية لتنفيذ مهام محددة يُواجه تحديات كبيرة تتعلَّق بالكفاءة والقدرة على التكيف مع البيئات البحرية المعقدة. ومع تصاعد تعقيد العمليات البحرية، والحاجة إلى تقنيات أكثر تطوراً لإدارة البنية التحتية البحرية، واستكشاف أعماق المحيطات، يُشير الباحثون إلى ضرورة التحول نحو نموذج أكثر تكاملاً، إذ لم تعد الروبوتات الفردية كافية لمواجهة التحديات المتزايدة. في هذا السياق، طوَّر فريق بحثي في النرويج نهجاً مبتكراً يُعرف باسم «الأنظمة الروبوتية المستقلة التعاونية» (AROs)، وهي فرق من الروبوتات تعمل بتناغم عبر البحر والبر والجو.

قدرات كبيرة

وأوضح الباحثون أن التحول من الروبوتات الفردية إلى الأنظمة التعاونية قد يُحدث نقلة نوعية في العمليات البحرية؛ فبدلاً من عمل كل روبوت بشكل مستقل، ستتمكن هذه الروبوتات من التفاعل والتنسيق فيما بينها، تماماً كما تعمل الخلايا العصبية في جسم الإنسان عبر المشابك العصبية لنقل المعلومات بسرعة وكفاءة، ونُشرت النتائج، بعدد 26 مارس (آذار) 2025 من دورية (Science Robotics).

يقول الدكتور كيتيل سكوجسيت، الباحث الرئيسي للدراسة في الجامعة النرويجية للعلوم والتكنولوجيا، وشركة «إكوينور» للطاقة، إن الروبوتات التعاونية توفر قدرات تفوق بكثير ما يمكن للأنظمة الروبوتية التقليدية تقديمه.

ويضيف لـ«الشرق الأوسط» هذه الروبوتات تُعزز الإمكانات التشغيلية، وتتمتع بالمرونة اللازمة للتكيف مع المهام المتغيرة ومتطلبات المهارات المختلفة. كما تُسهم في خفض التكاليف التشغيلية من خلال تقليل الاعتماد على السفن المأهولة، والحد من التدخل البشري المباشر، ما يُحسِّن فاعلية المهام عبر تقليل وقت الاستجابة وتحسين جودة الأداء، إلى جانب تعزيز قدرة الأنظمة على الصمود أمام التحديات البيئية والتشغيلية.

وأوضح أن منصات الاستشعار المتنوعة تُسهم في تحسين أداء هذه الروبوتات، من خلال تبادل المعلومات والتعاون فيما بينها. فبدلاً من أن يعمل كل روبوت بشكل منفصل، تتواصل الروبوتات مع بعضها، ما يسمح بتوزيع المهام بذكاء وفقاً للحاجة. وعلى سبيل المثال، في مهمة استكشاف بحرية، يمكن لأحد الروبوتات جمع بيانات درجة حرارة الماء، في حين يقوم آخر بفحص جودة المياه، وثالث بتحديد مواقع الشعاب المرجانية.

وهذا التعاون يجعل العمليات أكثر كفاءة ودقة، ويوفر اتصالاً مستمراً بين الروبوتات، ما يساعدها على اتخاذ قرارات سريعة، والتكيف مع التغيرات المفاجئة في البيئة البحرية.

مجالات بحرية متنوعة

وعن دور تلك الروبوتات في مستقبل تربية الأحياء المائية واستكشاف المحيطات، أشار سكوجسيت، إلى أنه يمكنها تحسين الاستزراع المائي من خلال مراقبة صحة الأسماك، وفحص وإصلاح أقفاص التربية، بالإضافة إلى رسم خرائط قاع البحر، ومراقبة جودة المياه، ما يوفر بيانات مهمة لدعم القرارات التشغيلية، مثل استراتيجيات التغذية والإجراءات الوقائية ضد ظواهر مثل ازدهار الطحالب الضارة.

أما في استكشاف المحيطات، فإن هذه الروبوتات تتيح تنفيذ مهام طويلة الأمد، ما يُعزز دقة التغطية المكانية والزمانية لرسم الخرائط وجمع البيانات. كما يُمكنها تقليل الجهد المطلوب عبر أنظمة مترابطة، ما يسمح بتنفيذ حملات استكشافية أكثر استهدافاً وكفاءة. فضلاً عن ذلك، ستُتيح إجراء دراسات شاملة على نطاق واسع بتكلفة أقل مقارنةً بالأنظمة التقليدية المعتمدة على السفن البحثية المأهولة.

وقد شهدت السنوات الأخيرة تقدماً ملحوظاً في تطوير الروبوتات المخصصة لاستكشاف المحيطات والبحار. وفي السياق، يعمل مختبر الدفع النفاث التابع لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا) على تطوير أسراب من روبوتات صغيرة تُدعى (SWIM) لاستكشاف المحيطات في العوالم الأخرى. ويبلغ طول كل روبوت نحو 12 سم، وهو مزود بأجهزة استشعار لقياس متغيرات مثل درجة الحرارة والضغط، ما يتيح استكشاف البيئات المائية على الكواكب الأخرى.

وفي يونيو (حزيران) 2024، أعلن باحثون من معهد المحيطات التابع لأكاديمية العلوم الروسية عن تصميم روبوتات جديدة مخصصة للاستكشافات تحت الماء. وصُمِّمت هذه الروبوتات للعمل بشكل مستقل لمدة تقارب 6 أشهر، وتتميز بقدرتها على التحرك عمودياً في الماء وقياس الخصائص الفيزيائية والكيميائية للبيئة المائية، ما يُسهم في دراسة البيئات البحرية بدقة أكبر.

كما طوَّر باحثون من جامعة ستانفورد الأميركية، بالتعاون مع جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية في السعودية، في يونيو 2022، روبوتاً يُدعى أوشن ون كيه (OceanOneK)، يتميز بقدرته على الغوص إلى أعماق تصل إلى 1000 متر. يُمكِّن هذا الروبوت العلماء من استكشاف البيئات البحرية العميقة والتفاعل معها بفضل نظام تحكم يوفر إحساساً باللمس، ما يسمح بمحاكاة ملمس الأجسام تحت الماء.