تأهب في السلطة لمنع انتفاضة ثالثة تكرر تجربة عام 2000

عباس قاد اجتماعات أمنية لإعادة النظام بالضفة

قوات الأمن الإسرائيلية تجري عملية بحث بعد إطلاق نار على حافلة في قرية سالم قرب نابلس الأحد (أ.ب)
قوات الأمن الإسرائيلية تجري عملية بحث بعد إطلاق نار على حافلة في قرية سالم قرب نابلس الأحد (أ.ب)
TT

تأهب في السلطة لمنع انتفاضة ثالثة تكرر تجربة عام 2000

قوات الأمن الإسرائيلية تجري عملية بحث بعد إطلاق نار على حافلة في قرية سالم قرب نابلس الأحد (أ.ب)
قوات الأمن الإسرائيلية تجري عملية بحث بعد إطلاق نار على حافلة في قرية سالم قرب نابلس الأحد (أ.ب)

تعمل السلطة الفلسطينية على عدم انتقال المواجهات في جنين ونابلس إلى مدن أخرى في الضفة الغربية، تجنباً لفوضى شاملة ستعني من بين أشياء أخرى إضعاف مكانة السلطة أكثر، وربما تقويضها.
وقال مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط»، إن الأجهزة الأمنية الفلسطينية، رفعت درجة اليقظة بعدما تلقت أوامر عليا بالحفاظ على النظام في المدن والمخيمات والقرى الفلسطينية في جميع مناطق الضفة الغربية، لمنع تحول الأحداث في جنين ونابلس إلى انتفاضة ثالثة. وأضاف: «لا تريد القيادة الفلسطينية الانجرار إلى مربع الفوضى الذي تسعى إليه إسرائيل. بوضوح لا تريد القيادة انتفاضة ثالثة مدمرة».
وتعتقد القيادة الفلسطينية أن إسرائيل تسعى إلى تأجيج الموقف، من خلال الاستمرار في اقتحام وقتل واعتقال المسلحين والناشطين الفلسطينيين في جنين ونابلس، فيما يشجع قادتها السياسيون والعسكريون ووسائل إعلامها المختلفة، على توسيع المواجهة، من خلال التأكيد على أن السلطة ضعيفة في شمال الضفة، وأن المسلحين قادرون على إطلاق انتفاضة ثالثة مختلفة أقوى وأخطر على تل أبيب، ناهيك بالاستفزازات المتواصلة في القدس والمسجد الأقصى.
وأوضح المصدر: «إنهم في إسرائيل يؤججون المشاعر ويشجعون على الفوضى بطريقة واضحة. إنهم يريدون إضعاف السلطة أكثر من أجل جعلها مجرد وكيل أمني، وليس مشروعاً وطنياً له هدف إقامة الدولة».
في المقابل، ثمة قناعة أخرى لدى القيادة الفلسطينية بأن كلاً من «حماس» و«الجهاد الإسلامي» والمعارضين للرئيس محمود عباس داخل حركة «فتح»، يستغلون الفرصة لتقويض السلطة أو إضعافها، من خلال تمويل السلاح في جنين ونابلس ودفع الشبان إلى المواجهة.
وخلال سنوات طويلة مضت، على الرغم من الحرب التي شنتها السلطة ضد كل سلاح خارج سلاحها، تدفق السلاح بكثرة إلى نابلس وجنين ومناطق أخرى، حتى إنه أكثر تطوراً من سلاح السلطة نفسها، فيما زاد عدد المسلحين إلى الحد الذي أصبحت معه السيطرة عليهم مسألة معقدة.
وحاولت السلطة أكثر من مرة استعادة الأمن في مناطق في جنين ونابلس خلال الفترة الماضية، لكنها اكتشفت أن الأمر سيحتاج إلى مواجهات طويلة وأثمان لم تكن مستعدة لدفعها، قبل أن تتحول المواجهة إلى فلسطينية إسرائيلية عنيفة في هذه المناطق، وهو ما زاد من تعقيدات المسألة؛ لأن أي مواجهة فلسطينية فلسطينية الآن، ستعني بلا شك تقديم خدمة مجانية لإسرائيل.
لهذا السبب، رفضت السلطة ضغوطاً إسرائيلية للعمل في جنين ونابلس ضد المسلحين، وطلبت من إسرائيل وقف اقتحاماتها أولاً، وهو جدل لم ينته على الرغم من أن الولايات المتحدة تدخلت لدى الطرفين. وقال المصدر: «قلنا لهم إننا لا نتلقى الأوامر منهم، ولا تجري الأمور بهذه الطريقة. الأجهزة الأمنية ستعمل على حفظ الأمن والنظام في الحالات التي ترى أنه يجب عليها فعل ذلك من أجل المصلحة الفلسطينية».
المصلحة الفلسطينية الآن بالنسبة للسلطة، هي في عدم تمدد المواجهات لتتحول إلى مواجهة شاملة؛ أي انتفاضة ثالثة، أو ما يشبهها. وقد أكد مسؤول فلسطيني لصحيفة «جيروزاليم بوست»، أن السلطة الفلسطينية بالضفة الغربية، لن تسمح باندلاع مواجهة شاملة مع إسرائيل.
واتهم المسؤول إسرائيل، و«حماس» و«الجهاد الإسلامي» في غزة، بالسعي لتقويض السلطة الفلسطينية من خلال تشجيع الفوضى وانعدام القانون، وكذلك يفعل بعض أعضاء فصيل «فتح» السياسي المعارضين لعباس، الذين يحرضون أيضاً الجماعات المسلحة على تحدي القيادة الفلسطينية.
كل هذه المواضيع كانت على طاولة الرئيس عباس، الخميس الماضي، عندما اجتمع مسؤولو الأجهزة الأمنية، مطالبين بضرورة إعادة القانون والنظام إلى التجمعات الفلسطينية في الضفة الغربية. وترأس عباس الاجتماع في مقر الرئاسة برام الله، الذي ضم قادة الأجهزة الأمنية والمحافظين، بحضور رئيس الوزراء محمد أشتية، وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ، ووزير الداخلية زياد هب الريح، ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج، ومساعد القائد العام عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» الفريق الحاج إسماعيل جبر.
وقد طالب عباس في الاجتماع قادة أجهزته، بضرورة «تطبيق سيادة القانون، وتوفير الأمن والاستقرار لحماية أبناء شعبنا الفلسطيني ومؤسساته الوطنية كافة». كما طلب «تهدئة الوضع الأمني ومنع التدهور من أجل لجم النوايا الإسرائيلية لاجتياح البلدات الفلسطينية، والقضاء على السلطة الفلسطينية». وتناول الاجتماع أيضًا مشاركة ضباط أمن في السلطة الفلسطينية في الاشتباكات الأخيرة مع الجنود الإسرائيليين، وطلب من مسؤولي الأجهزة منع رجالهم من التورط في هجمات ضد إسرائيليين.
وكانت إسرائيل قد اعتبرت تزايد مشاركة عناصر من الأجهزة الأمنية الفلسطينية في تنفيذ عمليات، أو المشاركة في اشتباكات في جنين ونابلس، دليلاً على التصعيد وتورط السلطة، حتى إن رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد، وصف ذلك بأنه يمثل «فقداناً للسيطرة من قبل السلطة الفلسطينية».
وفي محاولة لمنع تصعيد أكبر، اجتمع مسؤولون أمنيون في المدن الأخرى في الضفة مع قادة حركة «فتح» وناشطين، وحتى مسلحين، من أجل التأكد من أن الأوضاع ستبقى تحت السيطرة. وعلى الأقل، ستحاول السلطة ألا تتكرر تجربة «انتفاضة 2000» المسلحة التي قتلت فيها إسرائيل نحو 6000 فلسطيني، فيما قتل الفلسطينيون نحو 1500 إسرائيلي، في مواجهة شهدت تفجيرات في إسرائيل، وهدم مقرات السلطة في الضفة واجتياح المدن.


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي «مستعربون» بزي نسائي تسللوا إلى قلب نابلس لقتل 3 فلسطينيين

«مستعربون» بزي نسائي تسللوا إلى قلب نابلس لقتل 3 فلسطينيين

قتلت إسرائيل 3 فلسطينيين في الضفة الغربية، الخميس، بعد حصار منزل تحصنوا داخله في نابلس شمال الضفة الغربية، قالت إنهم يقفون خلف تنفيذ عملية في منطقة الأغوار بداية الشهر الماضي، قتل فيها 3 إسرائيليات، إضافة لقتل فتاة على حاجز عسكري قرب نابلس زعم أنها طعنت إسرائيلياً في المكان. وهاجم الجيش الإسرائيلي حارة الياسمينة في البلدة القديمة في نابلس صباحاً، بعد أن تسلل «مستعربون» إلى المكان، تنكروا بزي نساء، وحاصروا منزلاً هناك، قبل أن تندلع اشتباكات عنيفة في المكان انتهت بإطلاق الجنود صواريخ محمولة تجاه المنزل، في تكتيك يُعرف باسم «طنجرة الضغط» لإجبار المتحصنين على الخروج، أو لضمان مقتلهم. وأعلنت وزارة

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي مشروع قانون إسرائيلي يتيح لعوائل القتلى مقاضاة السلطة واقتطاع أموال منها

مشروع قانون إسرائيلي يتيح لعوائل القتلى مقاضاة السلطة واقتطاع أموال منها

في وقت اقتطعت فيه الحكومة الإسرائيلية، أموالاً إضافية من العوائد المالية الضريبية التابعة للسلطة الفلسطينية، لصالح عوائل القتلى الإسرائيليين في عمليات فلسطينية، دفع الكنيست نحو مشروع جديد يتيح لهذه العائلات مقاضاة السلطة ورفع دعاوى في المحاكم الإسرائيلية؛ لتعويضهم من هذه الأموال. وقالت صحيفة «يسرائيل هيوم» العبرية، الخميس، إن الكنيست صادق، بالقراءة الأولى، على مشروع قانون يسمح لعوائل القتلى الإسرائيليين جراء هجمات فلسطينية رفع دعاوى لتعويضهم من أموال «المقاصة» (العوائد الضريبية) الفلسطينية. ودعم أعضاء كنيست من الائتلاف الحكومي ومن المعارضة، كذلك، المشروع الذي يتهم السلطة بأنها تشجع «الإرهاب»؛

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي تأهب في إسرائيل بعد «صواريخ غزة»

تأهب في إسرائيل بعد «صواريخ غزة»

دخل الجيش الإسرائيلي في حالة تأهب وقصف بدباباته موقعاً في شرق مدينة غزة، أمس الثلاثاء، ردّاً على صواريخ أُطلقت صباحاً من القطاع بعد وفاة القيادي البارز في حركة «الجهاد» بالضفة الغربية، خضر عدنان؛ نتيجة إضرابه عن الطعام داخل سجن إسرائيلي.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي وساطة عربية ـ أممية تعيد الهدوء إلى غزة بعد جولة قتال خاطفة

وساطة عربية ـ أممية تعيد الهدوء إلى غزة بعد جولة قتال خاطفة

صمد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة الذي دخل حيز التنفيذ، فجر الأربعاء، منهيا بذلك جولة قصف متبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية استمرت ليلة واحدة (أقل من 24 ساعة)، في «مخاطرة محسوبة» بدأتها الفصائل ردا على وفاة القيادي في «الجهاد الإسلامي» خضر عدنان في السجون الإسرائيلية يوم الثلاثاء، بعد إضراب استمر 87 يوما. وقالت مصادر فلسطينية في الفصائل لـ«الشرق الأوسط»، إن وساطة مصرية قطرية وعبر الأمم المتحدة نجحت في وضع حد لجولة القتال الحالية.

كفاح زبون (رام الله)

الأمم المتحدة: سلامة وأمن قوات «يونيفيل» في لبنان «في خطر متزايد»

جان بيير لاكروا مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام (حسابه عبر منصة «إكس»)
جان بيير لاكروا مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام (حسابه عبر منصة «إكس»)
TT

الأمم المتحدة: سلامة وأمن قوات «يونيفيل» في لبنان «في خطر متزايد»

جان بيير لاكروا مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام (حسابه عبر منصة «إكس»)
جان بيير لاكروا مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام (حسابه عبر منصة «إكس»)

قال جان بيير لاكروا، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام، الخميس، إن سلامة وأمن قوات الأمم المتحدة في لبنان «في خطر متزايد».

وأضاف لاكروا، في كلمة أمام مجلس الأمن، أن أنشطة «يونيفيل» العملياتية «توقفت فعلياً منذ 23 سبتمبر»، وفقاً لوكالة «رويترز». وأكد مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام أن «تنفيذ القرار 1701 يقع على عاتق الطرفين أنفسهما، ويونيفيل مكلفة بدعم التنفيذ».

وأوضحت «اليونيفيل»، في بيان، الخميس، أن القوات الإسرائيلية أطلقت النار «عمداً» على 3 نقاط لها، خلال يومي الأربعاء والخميس، ما تسبّب في جرح جنديين.

وانتشرت قوات الأمم المتحدة في جنوب لبنان عام 1978، بعد العملية العسكرية الإسرائيلية في لبنان عام 1978، على خلفية المواجهات بين إسرائيل وفصائل فلسطينية مسلحة، كانت متمركزة في جنوب لبنان.

ويتمّ تجديد مهامها منذ ذلك الوقت بتصويت دوري في مجلس الأمن. وتمّ تعديل مهامها وتوسيعها على مرّ السنين، خصوصاً بعد الاجتياح الإسرائيلي عام 1982، ثم انسحاب إسرائيل عام 2000، وبعد حرب عام 2006 بين «حزب الله» وإسرائيل.

وأعلنت إسرائيل منتصف الشهر الماضي نقل «الثقل العسكري» إلى الجبهة الشمالية. وبدأت منذ 23 سبتمبر (أيلول) تكثيف غاراتها الجوية، خصوصاً في مناطق تعدّ معاقل لـ«حزب الله» في الجنوب والشرق والضاحية الجنوبية لبيروت.

وأعلنت إسرائيل أنها بدأت في 30 سبتمبر (أيلول) عمليات «برية محدودة وموضعية ومحددة الهدف» في جنوب لبنان، تستهدف «بنى تحتية» عائدة لـ«حزب الله».