دلالات تأخر حسم موقع زعيم «القاعدة»

شهران على مقتل الظواهري... وغموض حول الاختيارات

أيمن الظواهري الذي قتل بغارة أميركية (أرشيفية - رويترز)
أيمن الظواهري الذي قتل بغارة أميركية (أرشيفية - رويترز)
TT

دلالات تأخر حسم موقع زعيم «القاعدة»

أيمن الظواهري الذي قتل بغارة أميركية (أرشيفية - رويترز)
أيمن الظواهري الذي قتل بغارة أميركية (أرشيفية - رويترز)

ما دلالات تأخر حسم موقع زعيم تنظيم «القاعدة» الإرهابي؟... بات تساؤلاً ملحاً الآن بعد أكثر من شهرين على مقتل الإرهابي البارز أيمن الظواهري في العاصمة كابل، وسط غموض حول الاختيارات المرشحة لقيادة التنظيم.
فلا يزال التنظيم الإرهابي من دون زعيم منذ هجوم الطائرات المسيرة الأميركية، والإعلان عن مقتل الظواهري (71 عاماً)، في إحدى الشرفات بالعاصمة الأفغانية كابل، أغسطس (آب) الماضي، لكن التساؤل ما زال مستمراً: من سيكون الزعيم الجديد للتنظيم الذي أسسه أسامة بن لادن؟ وعقب مقتل الظواهري ترددت أسماء لخلافته. وتوقع كثيرون أن «يتم الإعلان عن (خليفة الظواهري) سريعاً»، لكن لم يعلن «القاعدة» عن اسم الزعيم الجديد حتى الآن.
ويعد المصري الذي يحمل الاسم الحركي سيف العدل من أبرز المرشحين لخلافة الظواهري. ويُرجح أنه يبلغ من العمر 60 عاماً تقريباً، وبفضل خبرته العسكرية والإرهابية، يُعد تقريباً من قدامى المحاربين في التنظيم الإرهابي الدولي. وصنفه مكتب التحقيقات الاتحادي الأميركي واحداً من أكثر «الإرهابيين» المطلوبين في العالم بمكافأة تبلغ قيمتها 10 ملايين دولار... وكانت صورة قد انتشرت لسيف العدل، الشهر الماضي، رجحت معها احتمالية قيادته لـ«القاعدة».
وقال الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية والإرهاب، أحمد سلطان، إن «هناك دلالات يحملها تأخر إعلان الزعيم الجديد، أولها أن مقتل الظواهري أوقع (القاعدة) في العديد من المعضلات، خصوصاً في علاقته بحركة (طالبان)، في ظل وجود أكثر من توجه داخل (طالبان) يرفض (القاعدة) باستثناء (شبكة حقاني)، كما أن (طالبان) رفضت أن يكون لـ(القاعدة) أي وجود رسمي في أفغانستان. وعندما يعلن (القاعدة) أن زعيمه قتل في أفغانستان ستتعرض (طالبان) لمتاعب كثيرة».
ويذهب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، إلى أنه «قد تكون حركة (طالبان) قد طلبت من (القاعدة) عدم الإعلان عن الزعيم الجديد؛ لأن الإعلان معناه أن (القاعدة) سوف ينعى الزعيم القديم، خصوصاً أن التنظيم حتى الآن لم يعلن مقتل الظواهري». ودلل أديب على ذلك بأن «متحدث (طالبان) ذكر أن الحركة لم تعثر على جثمان الظواهري، كما أن (طالبان) متهمة أمام المجتمع الدولي بأنها توفر ملاذاً لـ(القاعدة)، والإعلان عن الزعيم الجديد يُعرض (طالبان) لأزمات».
وذكر الناطق باسم «طالبان» ذبيح الله مجاهد، في أغسطس الماضي، أن «الحركة لم تعثر على جثمان الظواهري، وتواصل التحقيقات». وذكرت «طالبان»، في بيان سابق، أنها «ليس لديها أي معلومات عن مجيء الظواهري وإقامته في كابل».
أيضاً أشار سلطان إلى «وجود خلافات داخل (القاعدة) على خليفة الظواهري، حيث تعهدت قيادات التنظيم، في وقت سابق، أن تتم مبايعة أبو الخير المصري (قتل عام 2017 في سوريا)، أو أبو بصير ناصر الوحشي (قتل في اليمن عام 2015)، أو أبو محمد المصري (قتل في طهران عام 2020)، وكذا سيف العدل، لقيادة التنظيم عند مقتل الظواهري»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «خلافاً داخل التنظيم بشأن سيف العدل؛ لكونه موجوداً في إيران»، لافتاً إلى أن «الاسم الآخر المرشح وهو عبد الرحمن المغربي موجود أيضاً في إيران».
وبحسب أديب لـ«الشرق الأوسط»، فإن «جميع القيادات المرشحة لتولي زعامة (القاعدة) كانوا موجودين في إيران. وأبو الخير المصري، وأبو محمد المصري، سبق أن وجهت أميركا اتهامات لإيران بوجودهما على أرضها، لكن طهران نفت ذلك، وكذا سيف العدل موجود في إيران»، مرجحاً «انتقال سيف العدل من إيران إلى أفغانستان». لكن سلطان يتوقع أن «ترفض (طالبان) استضافة سيف العدل».
وهنا يؤكد سلطان أن «مصادر غربية طرحت اسمين آخرين لقيادة التنظيم، هما: أحمد ديري (أبو عبيدة) أمير حركة (الشباب)، وأبو عبيدة يوسف العنابي أمير فرع المغرب الإسلامي؛ لكنْ عليهما خلاف أيضاً، فديري هناك رفض له لأنه أفريقي، أما العنابي فإنه قام خلال العامين الآخرين بالتعامل مع دول إقليمية، وهذا يخالف توجهات (القاعدة)، وإن كانت المصادر الغربية ترجح (كفة) العنابي»، مضيفاً: «أخيراً طرح اسم أبو همام الشامي، أمير تنظيم (حراس الدين) فرع (القاعدة) في سوريا، وأبو عبد الكريم المصري، والاثنان على قوائم الإرهاب الأميركية، لكن عبد الكريم كبير في السن ومريض وليس فاعلاً بالقدر الكافي داخل التنظيم، أما أبو همام فعلى الرغم من أنه كان مدرباً في معسكر (الفاروق) بأفغانستان فإن هناك خلافات بينه وبين سيف العدل».
وعاد أحمد سلطان ليؤكد أن «سيف العدل الأكثر حظاً نسبياً، لكن لديه صفات أخرى يرفضها البعض، مثل التعصب، وليس له (كاريزما) على عكس ما يشاع عبر منصات (القاعدة)، فضلاً عن كونه قد يخشى الخروج من إيران خوفاً من الاستهداف».
ويشير خبراء في الشأن الأصولي إلى رسائل قديمة لأسامة بن لادن، زعيم «القاعدة» السابق، تحدث فيها عن أن «سيف العدل كان أقل تأهلاً من أقرانه، وإن تسلم القيادة فسيكون لذلك تأثير سلبي على التنظيم في سوريا والداخل العراقي».
وأرجع منير أديب تأخر التنظيم في إعلان الزعيم الجديد، إلى أنه «قد يكون وراءه ترتيبات لنقل سيف العدل من إيران لأفغانستان، وربما يأخذ ذلك شهوراً مقبلة؛ لأن البعض يرى أن الأفضل أن يكون سيف العدل موجوداً خارج إيران؛ حتى لا يواجَه بأي اعتراض، حال تنصيبه لقيادة التنظيم».
وذكر سلطان أن «(القاعدة) في أزمة الآن، ولا يستطيع حسم التنافس القيادي على إمارة التنظيم، وهناك مصادر قريبة من التنظيم تتوقع أن يتأخر إعلان الزعيم الجديد لمدة أشهر، وهذا يتنافى مع فكر (القاعدة)، فالفقه الحركي لـ(الجهاديين) يمنع إخفاء نبأ مقتل أي أمير لهم، ووجوب الإعلان عقب الوفاة مباشرة».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين لتعميق التعاون

بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
TT

جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين لتعميق التعاون

بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)

تشهد العاصمة بكين جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين، على مستوى وزيري خارجية البلدين، وذلك لتعميق التعاون، وتبادل الرؤى بشأن المستجدات الإقليمية والدولية.

ووصل وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، إلى بكين، مساء الأربعاء، وأشارت وزارة الخارجية المصرية في إفادة لها، إلى «عقد الجولة الرابعة من آلية الحوار الاستراتيجي بين مصر والصين».

والتقى عبد العاطي، الخميس، رموز الجالية المصرية في الصين، وأبرز اعتزاز بلاده بأبناء الجاليات المصرية في الخارج؛ «نظراً لدورهم المهم في تعزيز روابط الصداقة مع مختلف الدول، بما يسهم في توطيد تلك العلاقات حكومة وشعباً، خصوصاً مع شريك اقتصادي مهم مثل الصين».

وحثّ الوزير عبد العاطي، رموز الجالية المصرية في بكين، للمشاركة في النسخة المقبلة من «مؤتمر المصريين بالخارج» في أغسطس (آب) 2025، والذي من المقرر أن يشارك فيه عدد من الوزراء، بما يجعله بمثابة «منصة للحوار المستمر بين الجاليات المصرية في الخارج والوزارات الخدمية»، وفق «الخارجية المصرية».

وتُقدر عدد الشركات الصينية العاملة في مصر بنحو 2066 شركة في قطاعات متنوعة، ويصل حجم استثماراتها إلى نحو 8 مليارات دولار، وفق تصريح لنائب رئيس الهيئة العامة للاستثمار المصرية، ياسر عباس، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. (الدولار الأميركي يساوي 50.8 جنيه في البنوك المصرية).

الرئيس الصيني خلال استقبال نظيره المصري في بكين مايو الماضي (الرئاسة المصرية)

ووفق نائب وزير الخارجية المصري الأسبق، نائب رئيس «جمعية الصداقة المصرية - الصينية»، السفير على الحفني، فإنه «لدى مصر والصين حرص دائم على تعميق العلاقات، واستمرار التشاور فيما يتعلق بعدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن الزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين، تعكس الإرادة المستمرة لتبادل وجهات النظر وتنسيق المواقف بين البلدين».

وأعلن الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي، والصيني شي جينبينغ، في بكين، مايو (أيار) الماضي، عن تدشين عام «الشراكة المصرية - الصينية» بمناسبة مرور 10 سنوات على إطلاق «الشراكة الاستراتيجية الشاملة».

وأكد الحفني أن «(الحوار الاستراتيجي المصري - الصيني) يأتي في ظل مناخ إقليمي ودولي مضطرب»، عادّاً أن «الحوار ضروري بين القاهرة وبكين، من منطلق وضع الصين قوةً دولية، وعضواً دائماً بمجلس الأمن الدولي، وبهدف تنسيق المواقف بشأن التطورات الخاصة بالقضية الفلسطينية، والمستجدات في غزة ولبنان وسوريا والسودان ومنطقة البحر الأحمر».

وتدعم الصين «حل الدولتين» بوصفه مساراً لحل القضية الفلسطينية، ودعت خلال استضافتها الدورة العاشرة للاجتماع الوزاري لـ«منتدى التعاون الصيني - العربي» في مايو الماضي، إلى «عقد مؤتمر للسلام لإنهاء الحرب في غزة».

ويرى خبير الشؤون الآسيوية في المجلس المصري للشؤون الخارجية، ضياء حلمي، أن «الملفات الإقليمية، وتطورات الأوضاع في المنطقة، تتصدر أولويات زيارة وزير الخارجية المصري لبكين»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن اتساع رقعة الصراع بالشرق الأوسط، والتوترات التي تشهدها دول المنطقة، تفرض التنسيق المصري - الصيني في هذه المرحلة، وإطلاع الجانب الصيني على ما تقوم بها مصر على الصعيد السياسي، للتهدئة في المنطقة».

وأشار حلمي إلى أن هناك تقارباً في المواقف المصرية - الصينية تجاه صراعات المنطقة، وضرورة التهدئة، لافتاً إلى أن «الملفات الاقتصادية تحظى باهتمام من جانب الدولة المصرية لزيادة حجم الاستثمارات الصينية، ورفع معدلات التبادل التجاري بين الجانبين».

وبلغ حجم التبادل التجاري بين مصر والصين نحو 13.9 مليار دولار خلال 2023، مقابل 16.6 مليار دولار خلال عام 2022، وفق إفادة جهاز التعبئة والإحصاء المصري، في مايو الماضي.