تباينت ردود أفعال سياسيين ونواب ليبيين حيال منشور تنظيمي أصدره عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة، ويتعلق بترشيد الإنفاق داخل الوزارات والهيئات التابعة له، ففيما رأى البعض أن هذه الخطوة تستهدف «امتصاص الغضب الشعبي بشأن المخالفات المالية والإدارية التي كشف عنها تقريرا ديوان المحاسبة، وهيئة الرقابة الإدارية»، اعتبرها آخرون «خطوة إيجابية تستحق الإشادة».
ورأى عضو مجلس النواب الليبي، محمد الرعيض، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن قرار الدبيبة، بشأن ترشيد الإنفاق، لم يأتِ لامتصاص الغضب الجماهيري كما يتردد، واعتبر أن حكومته هي «الأقل في الإنفاق المالي قياساً بما أنجزته من مشاريع في البلاد».
ورفض الرعيض، وهو رئيس غرفة التجارة والصناعة، «محاولة البعض الإيحاء بأن المسؤولية الكاملة بشأن إيقاف إهدار المال العام تقع على كاهل تلك الحكومة وحدها»، وقال إنها «مسؤولية مشتركة للجميع».
ولفت إلى ارتفاع نسبة التضخم، بالإضافة إلى التكدس الكبير في الجهاز الإداري للدولة»، متابعاً: «بند الرواتب يكاد يلتهم نصف الميزانية العامة للبلاد، وهي إحدى المعضلات التي ورثتها حكومة (الوحدة) من حكومات سابقة تمتد لعهد النظام السابق الذي همش القطاع الخاص».
ووجه الدبيبة الوزارات والهيئات والمؤسسات والأجهزة التابعة لحكومته، الالتزام بوقف خدمات التموين بالوجبات، وتقديم الهدايا داخلياً وخارجياً، بالإضافة إلى منع شراء الهواتف والسيارات لجميع المسؤولين والموظفين بالوزارات.
وذهب سياسيون ومراقبون إلى أن الإجراءات التي وجه بها الدبيبة و«إن كانت جيدة إلا أنها لا تعالج سوى القشور ولا تنفذ للجوهر في إيقاف إهدار وتبديد المال العام».
واعتبر الناشط المدني محمد عبيد، أن توجيه الدبيبة، يعد «اعترافاً من الحكومة بخطأ سياساتها في الإنفاق»، ورأى أنه «ركز على عدد محدود من جهات الإنفاق وتغافل عن أشياء كبيرة».
عبيد، والذي سبق ودعا لمظاهرة سلمية بطرابلس للتنديد بالفساد طالب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بضرورة «تطبيق الإجراءات الواردة في المنشور الذي أصدره الدبيبة على الجميع وليس صغار الموظفين، ولفت أيضاً إلى «تفعيل مبدأ المحاسبة من قبل الدبيبة على الصفوف الأولى والقيادات الكبرى بحكومته، وإحالة أي شخص أشار تقرير المحاسبة بمسؤوليته عن أي تجاوز للتحقيق القضائي».
وذهب إلى أن «الفساد الحقيقي ليس في النفقات البسيطة، ولكن فيما أشار إليه تقرير المحاسبة من أموال ضخمة مهدرة في بعض المؤسسات الكبرى، والوزارات».
أما عضو مجلس النواب الليبي، عبد السلام نصية، فاعتبر أن ما كشف عنه تقرير المحاسبة من «حجم رهيب من المخالفات والجرائم المالية الاقتصادية لا يمكن السكوت عنه، ولا يمكن التسامح معه».
ودعا نصية، في إدراج له «لإعادة النظر في منظومة الرقابة المالية والعمل على تغييرها بالكامل، وإعادة هيكلة الحكومة في ظل وجود أكثر من 600 وحدة إدارية تتمتع بميزانيات مستقلة، وضرورة ابتعاد الأجهزة الرقابية عن التعاطي السياسي».
عضو المجلس الأعلى للدولة، أحمد لنقي، والذي انضم بدوره لمنتقدي المنشور الذي أصدره الدبيبة، واستبعد أن «يمثل بداية جادة لإيقاف إهدار المال العام»، قال إن «البداية الحقيقة لإيقاف سرقات المال العام تبدأ من وجود سلطة تنفيذية موحدة تخضع لسلطة تشريعية، بالإضافة لوجود أجهزة أمنية موحدة تنفذ القرارات الصادرة عنهما».
وأضاف لنقي لـ«الشرق الأوسط» أن «وضعية الانقسام السياسي والحكومي، والتي طالت الأجهزة الرقابية بالبلاد، تسهل لأي فاسد الانتقال بسهولة من إقليم إلى آخر، أو الهروب خارج البلاد، كما تعيق عملية تتبع الأموال المهربة، وبالتالي تصعّب استعادتها»، مشيراً إلى أن «العجز عن إيقاف إهدار المال العام ينطبق على حكومتي الدبيبة، وباشاغا».
ويرى لنقي، أنه «يتوجب على الدول المتدخلة بالشأن الليبي، إذا ما صدقت النوايا، الإسهام في توحيد المؤسستين العسكرية والأمنية لاسترجاع هيبة البلاد، والتوقف عن دعم الحكومتين المتنافستين».
وحذر عضو المجلس الأعلى للدولة، سعد بن شرادة، من أن «عملية النهب التي تتعرض لها ليبيا والتي كشف عنها تقارير الجهات الرقابية، الآن وسابقاً، قد تقود لإفلاس الدولة».
وأضاف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الأموال المنهوبة كان من الممكن أن تغير شكل ليبيا وتحل الكثير من أزماتها، ولكن للأسف الصراع السياسي يضفي بظلاله على المشهد برمته ولا يجعل كثيرين ينتبهون لضرورة التصدي والمعالجة».
تباين ليبي بشأن توجيه الدبيبة بترشيد الإنفاق في حكومته
البعض اعتبره «امتصاصاً للغضب الشعبي» بعد الكشف عن تجاوزات مالية
تباين ليبي بشأن توجيه الدبيبة بترشيد الإنفاق في حكومته
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة