دمشق تقترح «حلولاً» لملفات أمنية عالقة في السويداء

عرضت إقامة «مركز تسوية» للمتخلفين عن الخدمة العسكرية

صورة للرئيس بشار الأسد في سوق الشيخ محيي الدين للخضار والفاكهة في دمشق القديمة (أ.ب)
صورة للرئيس بشار الأسد في سوق الشيخ محيي الدين للخضار والفاكهة في دمشق القديمة (أ.ب)
TT

دمشق تقترح «حلولاً» لملفات أمنية عالقة في السويداء

صورة للرئيس بشار الأسد في سوق الشيخ محيي الدين للخضار والفاكهة في دمشق القديمة (أ.ب)
صورة للرئيس بشار الأسد في سوق الشيخ محيي الدين للخضار والفاكهة في دمشق القديمة (أ.ب)

دوى صوت انفجار وسط مدينة السويداء صباح الجمعة، ناجم عن إلقاء مجهولين قنبلة يدوية قرب المركز الثقافي الذي عُقد فيه يوم الخميس اجتماع بين وفد حكومي رفيع ضم مدير إدارة المخابرات العامة في سوريا اللواء حسام لوقا، ووزير الداخلية اللواء محمد رحمون، وضباطاً وشخصيات سياسية، وبين شيوخ عقل من الطائفة الدرزية، مثل يوسف جربوع وحمود الحناوي، وشخصيات حزبية، وزعامات دينية واجتماعية، وممثلين عن مجموعات محلية مسلحة ناشطة في السويداء. وغاب عن الاجتماع شيخ عقل الطائفة الدرزية حكمت الهجري، وقائد حركة «رجال الكرامة»، أبرز الفصائل المحلية المسلحة بالسويداء، رغم توجيه دعوة لهما للحضور.
وقال ريان معروف، مسؤول تحرير «شبكة السويداء 24»، لـ«الشرق الأوسط»، إن الاجتماع جاء بعد دعوة وجهتها دمشق للسويداء قبل أيام للبحث في ملفات المحافظة الأمنية وطرح الشكاوى والحلول، مضيفاً أن الوفد الحكومي طرح رؤيته لحل الملفات الأمنية في السويداء، مقترحاً افتتاح «مركز تسوية» خلال أيام في محافظة السويداء للراغبين بتسوية أوضاعهم الأمنية وللمتخلفين عن الخدمة العسكرية والفارين منها، وإعطاء المتقدمين للتسوية مهلة تأجيل التحاق بالخدمة العسكرية، وإعفائهم من العقوبات القانونية، شرط التحاقهم بالخدمة بعد انتهاء مهلة التأجيل. وأوضح أن مسؤول إدارة المخابرات العامة اللواء حسام لوقا طالب بحل المجموعات المحلية المسلحة وسحب السلاح غير المرخص، وتفعيل سلطة الدولة في المحافظة بمساعدة المجتمع المحلي وتفعيل دور الضابطة العدلية من أجهزة الشرطة والأمن الجنائي، ونشر نقاط تفتيش شرطية، وتعزيز دور القضاء، وضبط السيارات غير النظامية.
في المقابل، تحدث بعض الحضور من وجهاء السويداء، خلال الاجتماع، عن «التقصير» الحكومي وغياب دور الدولة الراعي للمواطنين. واعتبر بعض المتحدثين أن الملفات الأمنية العالقة في السويداء مرتبطة بالظروف الأمنية والاقتصادية والمعيشية، مطالبين برفع سلطة الأفرع الأمنية، وتوفر «القضاء النزيه»، والعمل على تحسين الواقع الخدمي والمعيشي للمواطنين.
وتعقيباً على الطروحات التي قدمها وفد دمشق لحل الملفات الأمنية في السويداء، قال مسؤول الجناح الإعلامي في حركة «رجال الكرامة» المعروف بكنية «أبو تيمور»، لـ«الشرق الأوسط»، إن الحركة «لن تسمح لأي جهة بتنفيذ أي مشروع أو طرح ضد مصلحة المواطنين»، معتبراً أن «الحل يجب أن يكون على مستوى سوريا بتحسين الظروف المعيشية والاقتصادية بالدرجة الأولى، وإطلاق سراح المعتقلين، والبدء بمصالحة وطنية شاملة وحقيقية في كل سوريا، إضافة إلى محاربة الفساد في أجهزة الدولة، وكف يد الأفرع الأمنية، وزوال المخاطر من الجماعات الإرهابية المتشددة». وأضاف أن السويداء «من المناطق التي لم تحارب فصائلها قوات النظام السوري ولم تشهد أي هجمات ضد النظام، فحالة الفصائل فيها مختلفة عن مناطق أخرى، فهي مجموعات لا تحمل مطامع سياسية أو تنفذ أجندة، وجل مبادئها دفع الظلم من كل الأطراف المتصارعة في سوريا، وحماية السويداء من أي اعتداء، وبداية تشكيلها جاء بعد هجمات شنتها فصائل متشددة ارتكبت مجارز بحق أبناء الطائفة (الدرزية)». وشدد على أن فصائل السويداء «منضبطة بأوامر القادة والشيوخ (الدروز)، وقابلة للتعاطي مع أي مرحلة جديدة في سوريا».
وأشار إلى أن المسؤولية في حل ملفات المحافظة لا يعتمد عليها بمركز للتسويات وتسليم السلاح دون زوال مفرزات الحرب والمخاطر في المنطقة، ويجب أن تكون البداية من إعادة السلطة العلاقة مع المواطنين بتحسين الواقع المعيشي والاقتصادي وإعادة بناء الثقة، بعد شرخها نتيجة تجاوزات كثيرة، ولا يمكن للسلطة إنكار فقر المجتمع لأبسط مقومات الحياة وحقوقه المشروعة.
وشهدت محافظة السويداء جنوب سوريا مؤخراً حالة شعبية شاركت فيها فصائل محلية مسلحة، ضد مجموعات تتبع للأجهزة الأمنية السورية وتُتهم بتنفيذ انتهاكات وجرائم في المحافظة ذات الغالبية الدرزية. كما شهدت مناطق عدة في السويداء مؤخراً احتجاجات معيشية واسعة.


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

ما فرص الوساطة الكينية - الأوغندية في إنهاء توترات «القرن الأفريقي»؟

اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
TT

ما فرص الوساطة الكينية - الأوغندية في إنهاء توترات «القرن الأفريقي»؟

اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)

دخلت مبادرة وساطة كينية - أوغندية على خط محاولات دولية وإقليمية لتهدئة التوترات بين الصومال وإثيوبيا التي نشبت بعد مساعي الأخيرة للحصول على منفذ بحري في إقليم «أرض الصومال» الانفصالي، وسط رفض حكومة مقديشو.

وتدهورت العلاقات بين الصومال وإثيوبيا، إثر توقيع أديس أبابا مذكرة تفاهم مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي بداية العام الحالي، تسمح لها باستخدام سواحل المنطقة على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية، مقابل الاعتراف باستقلال الإقليم، وهو ما رفضته الحكومة الصومالية بشدة.

وعلى هامش اجتماعات قمة رؤساء دول شرق أفريقيا بتنزانيا، أعلن الرئيس الكيني ويليام روتو، السبت، «اعتزامه التوسط بمشاركة نظيره الأوغندي يوري موسيفيني، لحل الخلافات بين الصومال وإثيوبيا». وقال في مؤتمر صحافي، إنه «سيبحث عقد قمة إقليمية تضم زعماء الدول الأربعة (كينيا وأوغندا والصومال وإثيوبيا)، لمعالجة التوترات في منطقة القرن الأفريقي».

وأشار روتو إلى أن «أمن الصومال يُسهم بشكل كبير في استقرار المنطقة». لكن خبراء تحدّثوا لـ«الشرق الأوسط» يرون أن «التدخل الكيني الأوغندي لا يمكن التعويل عليه كثيراً، في ظل عدم استجابة أطراف الخلاف لهذا المسار حتى الآن، بالإضافة إلى عدم وجود دعم إقليمي ودولي».

ومنذ توقيع مذكرة التفاهم، حشد الصومال دعماً دولياً لموقفه ضد إثيوبيا؛ حيث وقّع في فبراير (شباط) الماضي اتفاقية تعاون دفاعي مع تركيا، ووقّع مع مصر بروتوكول تعاون عسكري في أغسطس (آب) الماضي، أرسلت بموجبه القاهرة مساعدات عسكرية إلى مقديشو. كما تعتزم إرسال قوات عسكرية بداية العام المقبل بوصفه جزءاً من قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي، وهو ما أثار غضب إثيوبيا، التي اتهمت مقديشو «بالتواطؤ مع جهات خارجية لزعزعة استقرار الإقليم».

والتقى الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، مع نظيريه الكيني والأوغندي، على هامش اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا. وعلى الرغم من أنه لم يتحدث عن وساطة محتملة، نقلت «رويترز» عن وزير الخارجية الصومالي أحمد معلم فقي، أن «القرارات السابقة التي اتخذها زعماء إقليميون لم تلق آذاناً مصغية في أديس أبابا»، مشيراً إلى أنه «يثق بأن جهود الوساطة الجارية من جانب تركيا ستكون مثمرة».

وكانت العاصمة التركية أنقرة قد استضافت جولات من الوساطة بين الصومال وإثيوبيا، لإنهاء الخلاف بين البلدين، كان آخرها في سبتمبر (أيلول) الماضي، غير أن المحادثات دون التوصل لاتفاق.

وبينما تنظر مديرة البرنامج الأفريقي في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أماني الطويل، إلى التدخل الكيني - الأوغندي بـ«إيجابية»، ترى أن «نجاح تلك الوساطة مرهون بأبعاد أخرى تتعلّق بأجندة تحرك الوسطاء ومواقفهم تجاه الخلاف القائم بين مقديشو وأديس أبابا».

وقالت إن «القضية مرتبطة بموقفَي كينيا وأوغندا من السلوك الإثيوبي تجاه الصومال، ومن وحدة الأراضي الصومالية، وإلى أي مدى تؤيّد أو تعارض الاعتراف الإثيوبي بإقليم (أرض الصومال)».

وتعتقد أماني الطويل أن «التحرك الكيني - الأوغندي لا يمكن التعويل عليه كثيراً في حلحلة الخلاف بين الصومال وإثيوبيا، لأن الخلاف بين الطرفين معقد»، مشيرة إلى أن «الإشكالية في نهج الدبلوماسية الإثيوبية التي تركز على أهدافها دون الوضع في الاعتبار الأمن والتعاون الإقليميين».

ورفض الصومال مشاركة إثيوبيا في البعثة الأفريقية الجديدة لحفظ السلام، وأمهل أديس أبابا حتى نهاية العام الحالي، لانسحاب قواتها من البعثة الحالية التي ستنتهي مهامها بنهاية العام الحالي، وقال وزير الخارجية الصومالي، إن «بلاده ستعد وجود قوات إثيوبيا بعد نهاية العام، احتلالاً لأراضيها».

وترى أماني الطويل أن «الوساطة التركية قد تكون أكثر تأثيراً في النزاع بين الصومال وإثيوبيا». وقالت إن «أنقرة لديها تفهم أكثر للخلاف. كما أنها ليست دولة جوار مباشر للطرفين، وبالتالي ليست لديها إشكاليات سابقة مع أي طرف».

وباعتقاد الباحث والمحلل السياسي الصومالي، نعمان حسن، أن التدخل الكيني - الأوغندي «لن يحقّق نتائج إيجابية في الخلاف الصومالي - الإثيوبي»، وقال إن «مبادرة الوساطة يمكن أن تقلّل من حدة الصراع القائم، لكن لن تصل إلى اتفاق بين الطرفين».

وأوضح حسن أن «أديس أبابا لديها إصرار على الوصول إلى ساحل البحر الأحمر، عبر الصومال، وهذا ما تعارضه مقديشو بشدة»، مشيراً إلى أن «العلاقات الكينية - الصومالية ليست في أفضل حالاتها حالياً، على عكس علاقاتها مع إثيوبيا»، ولافتاً إلى أن ذلك «سيؤثر في مسار التفاوض». واختتم قائلاً: إن «نيروبي تستهدف أن يكون لها دور إقليمي على حساب الدور الإثيوبي بمنطقة القرن الأفريقي».