الجزائر لترجيح كفتها في ملفات سياسية برفع أسعار الغاز

جانب من حفل اتفاقات الغاز التي أبرمت أول من أمس (سوناطراك)
جانب من حفل اتفاقات الغاز التي أبرمت أول من أمس (سوناطراك)
TT

الجزائر لترجيح كفتها في ملفات سياسية برفع أسعار الغاز

جانب من حفل اتفاقات الغاز التي أبرمت أول من أمس (سوناطراك)
جانب من حفل اتفاقات الغاز التي أبرمت أول من أمس (سوناطراك)

أجمعت وسائل إعلام جزائرية بخصوص الاتفاقات التي توصلت إليها شركة «سوناطراك» المملوكة للدولة، أول من أمس، والتي تناولت مراجعة أسعار الغاز مع 6 من أهم شركاء الجزائر التجاريين، على أن ارتفاع أسعار الطاقة «يمنح الجزائر هامش مناورة واسعاً في ملفات دولية»، علماً بأنها تتعامل مع 11 شريكاً في مجال الطاقة.
ومنذ اندلاع الحرب بأوكرانيا في 24 فبراير (شباط) 2022، وظفت الجزائر بقوة «ورقة الغاز» للتمكين لمواقفها في ملفات وأزمات ونزاعات، بعضها يجري على حدودها، وأبرزها خلافها مع المغرب حول الصحراء. كما نشب بينها وبين إسبانيا توتر حاد في مارس (آذار) الماضي، بعد أن أعلنت مدريد تأييدها خطة الحكم الذاتي المغربية في إقليم الصحراء، الذي تؤيد الجزائر مطلب «بوليساريو» باستقلاله.
وبعد أن رفضت في الأشهر الماضية إمداد إسبانيا بكميات إضافية من الغاز لتعويض الغاز الروسي، قررت الجزائر مراجعة أسعار الغاز، الذي يمر عبر الأنبوب الذي يربط حقولها الصحراوية بشبه جزيرة أيبيريا. وفعلت الشيء نفسه مع إيطاليا، لكن مصادر قريبة من المفاوضات، التي جرت حول مراجعة الأسعار مع شركاء «سوناطراك»، أكدت أن الشركة الجزائرية أظهرت ليونة أكبر في التعامل مع الإيطاليين مقارنة بالإسبان، وكان ذلك عاكساً لاعتبارات سياسية أكثر منها اقتصادية، بحسب المصادر ذاتها.
وأعلن الرئيس التنفيذي لـ«سوناطراك»، توفيق حكار، أول من أمس، في تصريحات لصحافيين بالعاصمة، الموافقة على إمداد شركة «إينل» الإيطالية بكميات إضافية من الغاز خلال العام الحالي، وأوضح بيان للشركة أنه «وفقاً لبنود مراجعة الأسعار التعاقدية، فقد اتفق الطرفان على تعديل سعر البيع، تماشياً مع ظروف السوق، وأجمعا على توريد كميات إضافية لعام 2022، وكذلك على إمكان توريدات إضافية في السنوات المقبلة». كما أنهت «سوناطراك» في اليوم نفسه، مفاوضات مع شركة «ناتورجي» الإسبانية، فيما يتعلق بمراجعة أسعار الغاز. وأشار حكار إلى «توقيع الاتفاق قريباً مع الجانب الإسباني في هذا الشأن»، موضحاً أنه من أصل 11 شركة أجنبية تتعامل معها، فقد تم التوصل إلى مراجعة أسعار عقود الغاز مع 6 شركات، واستمرار المفاوضات مع البقية، حسبما جاء في تصريحاته. كما أبرز أن أسعار الغاز «ارتفعت بشكل غير مسبوق في السوق الدولية، ومن غير الممكن الاستمرار وفق أسعار العقود السابقة».
وقالت صحيفة «الشروق» إن «مسار المفاوضات بين الشركة الوطنية للمحروقات، وشركائها الأجانب في مجال الغاز، أظهر أنها فرضت منطقها على زبائنها».
وينتظر أن تنطلق مفاوضات مع فرنسا لتزويدها بالغاز، خلال زيارة رئيسة وزرائها إلزابيث بورن إلى الجزائر في 9 و10 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. وتفيد مصادر مطلعة بأن الجزائريين عازمون على تقوية مركزهم بخصوص ملفات عديدة تربطهم بفرنسا، مقابل إمدادهم بالغاز. ومن بين هذه الملفات قرار باريس العام الماضي خفض حصة الجزائر من تأشيرات الدخول إلى فرنسا بنسبة 50 في المائة، زيادة على «ملف آلام الذاكرة»، الذي تريد الجزائر من خلاله اعترافاً صريحاً من فرنسا بجرائمها ضد الإنسانية خلال 132 سنة من احتلال الجزائر.
لكن عدة مراقبين يطرحون بقوة تساؤلات حول مدى قدرة الجزائر على تلبية طلب شركائها الأوربيين من الطاقة، علماً بأن الاستهلاك الداخلي يبلغ 50 في المائة من الانتاج، وهو يزداد من عام لآخر.
وفي هذا السياق، أكد موقع «الطاقة» العربي، نقلاً عن صحيفة «آلجيري بارت»، لمديرها المعارض المقيم في فرنسا عبدو سمار، أن الغاز الجزائري «يواجه عدّة تحديات من أجل تأمين الإمدادات الإضافية، البالغة نحو 9 مليارات متر مكعب إلى إيطاليا عبر خط أنابيب (ترانسميد)»، مشيراً إلى أن شركة «سوناطراك» تبحث عن «حلول عاجلة» من أجل الوفاء بالتزاماتها تجاه شريكتها «إيني» الإيطالية، «في وقت لم يشهد فيه إنتاج البلاد من الغاز الطبيعي زيادة كبيرة». وأكدت «آلجيري بارت» أن «سوناطراك» عقدت في بداية سبتمبر (أيلول) الحالي «ثلاثة اجتماعات أزمة لمناقشة الحلول العاجلة، التي تجعل من الممكن تجسيد التزامات صفقة الغاز الجديدة»، المبرمة بين الجزائر وروما. ولفتت إلى أن الشركة الجزائرية «تكافح من أجل العثور على الكميات الإضافية من الغاز الطبيعي، التي وعدت الجزائر بتأمينها إلى إيطاليا».


مقالات ذات صلة

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

شمال افريقيا الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

أكد وزيران جزائريان استعداد سلطات البلاد لتجنب سيناريو موسم الحرائق القاتل، الذي وقع خلال العامين الماضيين، وسبّب مقتل عشرات الأشخاص. وقال وزير الفلاحة والتنمية الريفية الجزائري، عبد الحفيظ هني، في ندوة استضافتها وزارته مساء أمس، إن سلطات البلاد أعدت المئات من أبراج المراقبة والفرق المتنقلة، إضافة لمعدات لوجيستية من أجل دعم أعمال مكافحة الحرائق، موضحاً أنه «سيكون هناك أكثر من 387 برج مراقبة، و544 فرقة متنقلة، و42 شاحنة صهريج للتزود بالمياه، و3523 نقطة للتزود بالمياه، و784 ورشة عمل بتعداد 8294 عوناً قابلاً للتجنيد في حالة الضرورة القصوى».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

التمست النيابة بمحكمة بالجزائر العاصمة، أمس، السجن 12 سنة مع التنفيذ بحق وزير الموارد المائية السابق، أرزقي براقي بتهمة الفساد. وفي غضون ذلك، أعلن محامو الصحافي إحسان القاضي عن تنظيم محاكمته في الاستئناف في 21 من الشهر الحالي، علماً بأن القضاء سبق أن أدانه ابتدائياً بالسجن خمس سنوات، 3 منها نافذة، بتهمة «تلقي تمويل أجنبي» لمؤسسته الإعلامية. وانتهت أمس مرافعات المحامين والنيابة في قضية الوزير السابق براقي بوضع القضية في المداولة، في انتظار إصدار الحكم الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

استقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في مقر القصر الرئاسي بالجزائر، الثلاثاء، الدكتور عبد الله آل الشيخ، رئيس مجلس الشورى السعودي الذي يقوم بزيارة رسمية؛ تلبية للدعوة التي تلقاها من رئيس مجلس الأمة الجزائري. وشدد آل الشيخ على «تبادل الخبرات لتحقيق المصالح التي تخدم العمل البرلماني، والوصول إلى التكامل بين البلدين اللذين يسيران على النهج نفسه من أجل التخلص من التبعية للمحروقات، وتوسيع مجالات الاستثمار ومصادر الدخل»، وفق بيان لـ«المجلس الشعبي الوطني» الجزائري (الغرفة البرلمانية). ووفق البيان، أجرى رئيس المجلس إبراهيم بوغالي محادثات مع آل الشيخ، تناولت «واقع وآفاق العلاقات الثنائية الأخوية، واس

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

قضت محكمة الاستئناف بالعاصمة الجزائرية، أمس، بسجن سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس الراحل، 12 سنة مع التنفيذ، فيما تراوحت الأحكام بحق مجموعة رجال الأعمال المقربين منه ما بين ثماني سنوات و15 سنة مع التنفيذ، والبراءة لمدير بنك حكومي وبرلماني، وذلك على أساس متابعات بتهم فساد. وأُسدل القضاء الستار عن واحدة من أكبر المحاكمات ضد وجهاء النظام في عهد بوتفليقة (1999 - 2019)، والتي دامت أسبوعين، سادها التوتر في أغلب الأحيان، وتشدد من جانب قاضي الجلسة وممثل النيابة في استجواب المتهمين، الذي بلغ عددهم 70 شخصاً، أكثرهم كانوا موظفين في أجهزة الدولة في مجال الاستثمار والصفقات العمومية، الذين أشارت التحقيقات إلى تو

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

«الشيوخ» المصري لمناقشة «آليات الانضباط» بالمدارس

طلاب في طابور صباحي بإحدى المدارس المصرية (وزارة التربية والتعليم)
طلاب في طابور صباحي بإحدى المدارس المصرية (وزارة التربية والتعليم)
TT

«الشيوخ» المصري لمناقشة «آليات الانضباط» بالمدارس

طلاب في طابور صباحي بإحدى المدارس المصرية (وزارة التربية والتعليم)
طلاب في طابور صباحي بإحدى المدارس المصرية (وزارة التربية والتعليم)

يعتزم مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية للبرلمان) مناقشة سياسات الحكومة المصرية بشأن «آليات تحقيق الانضباط داخل المدارس»، خصوصاً عقب وقوع حوادث بين الطلاب أخيراً.

وأدرج «الشيوخ» على أجندته، الأحد والاثنين المقبلين، طلب أكثر من 20 عضواً، لمراجعة «الانضباط في مراحل التعليم قبل الجامعي»، في وقت رهن برلمانيون وخبراء تحقيق الانضباط داخل المدارس المصرية بـ«ضرورة تحقيق إصلاح شامل لمنظومة التعليم في البلاد».

فمع بداية العام الدراسي في مصر، نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، تعهد وزير التربية والتعليم المصري، محمد عبد اللطيف، بالعمل على «عودة الانضباط في المدارس، وتقليل الكثافات داخل الفصول الدراسية».

وتتزامن مناقشات «الشيوخ» مع حالة جدل أثيرت في البلاد عقب حوادث داخل مدارس، حيث شهدت إحدى المدارس الابتدائية بالقاهرة، الخميس، تعدي طالب على زميلته، ما أدى إلى «فقء عينها اليسرى»، وسبقت ذلك واقعة مأساوية شهدتها محافظة بورسعيد (شمال مصر) بقيام طالب في إحدى مدارس التعليم الفني بطعن زميله بسلاح أبيض، ما أدى إلى وفاته.

عضو مجلس «الشيوخ» المصري، النائبة هبة شاروبيم، تقدمت بطلب للمجلس، تمت تزكيته من أكثر من 20 عضواً لاستيضاح «سياسة الحكومة المصرية الخاصة بآليات تحقيق الانضباط في المدارس». وطالبت النائبة البرلمانية بضرورة «توضيح إجراءات الانضباط داخل المدارس، وغياب المعلمين، في ظل استمرار ما أسمته (التحايل على القوانين)»، إلى جانب «التعرف على إجراءات مواجهة ظاهرة (الدروس الخصوصية)، كما دعت لمناقشة الجدل المثار بشأن المناهج الدراسية، وخصوصاً التأثير السلبي الناتج عن إلغاء (مادة اللغة الأجنبية الثانية) من قوائم المواد الأساسية المضافة للمجموع في المرحلة الثانوية (التي تسبق الجامعة)».

وزير التعليم المصري خلال جولة بإحدى مدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)

وأعلنت وزارة التربية والتعليم المصرية، في وقت سابق، سلسلة من الإجراءات الجديدة، تحت مسمى «خطة تطوير نظام التعليم»، تضمنت «انتظام العملية التعليمية، وحلّ إشكالية عجز المعلمين وضمان وجودهم داخل المدارس، ومكافحة (الدروس الخصوصية)»، إلى جانب «تخفيض عدد المواد الدراسية، في مرحلة الثانوية لتخفيف العبء على الطلاب».

عضو مجلس «الشيوخ» المصري، النائبة رشا إسحاق، ترى أن «مناقشة المجلس لإشكاليات التعليم والانضباط داخل المدارس ضروري الآن»، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «ما يحدث من إجراءات حكومية، تدخل ضمن محاولات تطوير العملية التعليمية، لم يصل بعد إلى مستوى التطوير الفعلي للمنظومة». وطالبت بـ«ضرورة صياغة الحكومة استراتيجية واحدة لإصلاح التعليم، ينفذها الوزراء، بدلاً من إسناد أمر التطوير، وفقاً لسياسات كل وزير»، وشدّدت على ضرورة «منح ملف التعليم أولوية لتحقيق الانضباط وسدّ عجز المعلمين في المدارس»، مشيرة إلى أنه «إذا سارت الحكومة على نفس الطريقة، فسنجد العام المقبل، مدارس بلا معلمين أو إداريين».

وقدّر وزير التعليم المصري نسبة العجز في المعلمين داخل المدارس بنحو 655 ألف معلم، وأشار في تصريحات صحافية نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إلى مواجهة الأزمة «بحلول فنية، والتوسع في تعيين معلمين جدد، والتعاقد مع معلمي الحصة (بشكل مؤقت)»، معتبراً أن تلك الحلول «ساهمت في حلّ العجز بنحو 90 في المائة بالمدارس الحكومية».

غير أن رشا إسحاق رأت أن تلك «الإجراءات غير كافية»، وقالت إن «التعاقد مع (معلمي الحصة) ليس حلاً واقعياً أو نهائياً، باعتبارهم خارج المنظومة التعليمية»، لافتة إلى أن «هذا الإجراء يفتح أبواب أخرى لظاهرة (الدروس الخصوصية)».

بداية اليوم الدراسي داخل مدرسة في مصر (وزارة التربية والتعليم)

في سياق ذلك، ترى الخبيرة التربوية المصرية، بثينة عبد الرؤوف، أن عودة الانضباط داخل المدارس مرهون بإصلاح شامل لمنظومة التعليم، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «شعارات الانتظام والانضباط حاضرة منذ سنوات، وهناك لوائح تنظمها داخل المدارس، غير أن التطبيق الفعلي لا يحقق تلك الأهداف»، وعدّت جولات وزير التعليم المصري الميدانية داخل المدارس «بعيدة عن الواقع، ولا تظهر حقيقة ما يحدث داخل المدارس».

ومنذ بداية العام الدراسي الحالي، أجرى وزير التعليم المصري سلسلة من الجولات بمحافظات مختلفة، لمتابعة سير الدراسة، كانت أحدثها جولة داخل مدارس محافظة القليوبية (شمال القاهرة)، الأسبوع الماضي، تابع خلالها «انتظام حضور الطلاب، ومستوى تحصيلهم الدراسي، وانضباط المنظومة التعليمية»، وفق إفادة لوزارة التعليم.

واعتبرت الخبيرة التربوية أن «ضبط المنظومة التعليمية يبدأ بتحقيق أساسيات التعليم، وأهمها توفير العدد الكافي من المعلمين المؤهلين»، إلى جانب «بيئة تعليمية جيدة، بتوفير مدارس وفصول دراسية مناسبة، وإعطاء أولوية للأنشطة التعليمية داخل المدارس».