أي إمكانيات تحتاج إليها مصر لاستضافة الأولمبياد؟

بعد طلب رسمي لإقامة نسخة 2036

توماس باخ رئيس اللجنة الأولمبية الدولية خلال زيارته للقاهرة (المصدر: صفحة اللجنة الأولمبية المصرية على «فيسبوك»)
توماس باخ رئيس اللجنة الأولمبية الدولية خلال زيارته للقاهرة (المصدر: صفحة اللجنة الأولمبية المصرية على «فيسبوك»)
TT

أي إمكانيات تحتاج إليها مصر لاستضافة الأولمبياد؟

توماس باخ رئيس اللجنة الأولمبية الدولية خلال زيارته للقاهرة (المصدر: صفحة اللجنة الأولمبية المصرية على «فيسبوك»)
توماس باخ رئيس اللجنة الأولمبية الدولية خلال زيارته للقاهرة (المصدر: صفحة اللجنة الأولمبية المصرية على «فيسبوك»)

«استقبلتُ عرض مصر لتنظيم أولمبياد 2036 بصورة جدية جداً، وسندعم مصر وسيكون أمراً مثيراً جداً استضافة تلك الأولمبياد، وتقديم مصر لجميع الرياضيين حول العالم أفضل الأجواء»، بهذه الكلمات علق توماس باخ، رئيس اللجنة الأولمبية الدولية، من القاهرة، على طلب مصر استضافة دورة الألعاب الأولمبية 2036.
وأعلنت وزارة الشباب والرياضة المصرية رغبتها التقدم رسمياً للمنافسة على استضافة أولمبياد 2036، وذلك بعد الحصول على موافقة الرئيس عبد الفتاح السيسي على التقدم بطلب التنظيم.
وفور الإعلان، استقبل المصريون والمختصون بالقطاع الرياضي، الخطوة بتعليقات متباينة بين «ترحيب» أن تكون «القاهرة» أول عاصمة عربية وأفريقية تنظم الألعاب الأولمبية حال قبول الملف المصري، وبين «تخوف» من قدرة البنية التحتية والرياضية على استضافة نحو 15 ألف رياضي يجمعهم الحدث الرياضي الأبرز عالمياً... وهو ما دعا للتساؤل: أي فرص تنتظر مصر في استضافة الأولمبياد قبل 14 عاماً من انطلاقها؟
المستشار خالد زين الدين، رئيس اللجنة الأولمبية المصرية السابق، أوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن عرض مصر تنظيم أولمبياد 2036 هو أمر ينتظره كل رياضي مصري، وهو «فرصة عظيمة» يمكن أن تتحقق مع تواجد العاصمة الإدارية الجديدة التي يتم فيها تجهيز مدينة مصر الأولمبية لاستضافة هذا الحدث الكبير، خاصة في ظل اهتمام الرئيس المصري بالعمل على تطوير المنشآت الرياضية والبنية التحتية.
ويضع زين الدين، الذي يمتلك خبرة أولمبية كبيرة بحضوره 8 دورات أولمبية متتالية، روشتة عمل للمسؤولين المصريين، قائلاً «تحتاج مصر إلى تجهيزات قوية على أعلى مستوى لتضمن نجاح ملفها، مع العمل من اللحظة الحالية على المستويات كافة، فهناك حاجة إلى تطوير الملاعب الرياضية المفتوحة، التي تشهد تطوراً مع كل دورة أولمبية من حيث المقاسات الأولمبية وسعة المدرجات والخدمات المصاحبة بأعلى المواصفات العالمية، وكذلك تجهيز الصالات المغطاة بكل خدماتها، مع إقامة قرى أولمبية على أعلى مستوى تكون قادرة على استيعاب آلاف اللاعبين والمدربين، وتكامل البنية الأساسية لمرافقها، ومزودة بمستشفيات طوارئ جاهزة ومعامل منشطات، وفنادق فئة 3 نجوم إلى 5 نجوم، ومدينة سكنية، ومطاعم ومطابخ تقدم مختلف أصناف الطعام لخدمة الرياضيين من حول العالم، وتوفير مواقع لرؤساء الاتحادات الدولية والقارية».
ويتابع «إلى جانب ذلك هناك أهمية شديدة لوجود لجان قوية تقوم على خدمات التنظيم كافة، مثل وجود آلية لتوفير وطرح التذاكر أمام الجماهير، مع التأمين الأمني القوي، والتنظيم المحكم للغاية داخل وخارج الملاعب، وتوفير وسائل نقل ومواصلات سهلة، واتصالات وتكنولوجيا ووسائل إعلام تسهل التواصل، وهو ما يحتاج إلى تكامل الجهات كافة بالدولة المصرية؛ لأن ضمان كل ذلك يحتاج إلى عمل كبير ومتضافر».
ويشدد رئيس اللجنة الأولمبية المصرية السابق على أهمية الاستعانة بخبرات دولية في مجال تنظيم الألعاب الأولمبية، فالطريق ليست سهلة للوصول إلى اقتناص التنظيم، موضحاً أن «اللجنة الأولمبية المصرية ووزارة الرياضة رغم اجتهادهم الكبير، فإنهم لا يملكون الخبرات المطلوبة، فهناك أناس وشركات متخصصون في هذا العمل، الذي يحتاج إلى فنيات لا نمتلكها، وهذا ليس عيباً أو انتقاصاً من أحد، فالصين عند تنظيم دورة 2008 وإنجلترا في لندن 2012 استعانتا بشركات من الخارج، كذلك نجد دولة استعانت بأهل الاختصاص لتنظيم بطولة كأس العالم 2022، وهو ما يضمن العمل باحترافية».
ويشير زين الدين، إلى الخطوات المطلوبة في المرحلة المقبلة، موضحاً أن الخطوة الأولى في إعداد الملف الأولمبي تكون بأخذ موافقة الدولة المصرية، ثم تكتب اللجنة الأولمبية المصرية خطاباً إلى الأولمبية الدولية برغبة الاستضافة، ثم يبدأ العمل على الفور على إعداد قوي لتجهيز الملف، وإعداد الملف يجب أن تقوم عليه كذلك شركة محترفة، فهناك شركات متخصصة في إعداد ملفات استضافة الدورات الأولمبية، وتكون مهمتها بداية من عمل تميمة الدورة والشعار الخاص بها، ثم العمل على كافة متطلبات التجهيز وعرضها، وهو ما يحتاج نحو 3 سنوات للانتهاء من إعداد الملف».
من جانب آخر، يوضح الدكتور حسام جودة، رئيس قسم الترويح الرياضي بكلية التربية الرياضية جامعة المنصورة، أن إبداء مصر رغبتها في التقدم للمنافسة على استضافة أولمبياد 2036 هي خطوة كبيرة تأتي في ضوء توجهات مصر السياسية وضمن رؤية التنمية المستدامة 2030، لافتاً إلى تميز مدينة مصر الدولية للألعاب الأولمبية في العاصمة الإدارية الجديدة بخدمات متكاملة، والتي تعد أول وأكبر مدينة أولمبية متكاملة داخل مصر، وتضم العديد من المنشآت الرياضية والعامة؛ ما يجعلها قادرة على مستوى الحدث.
ويشير إلى أن «قدرات مصر حالياً تؤهلها لاستضافة مثل الحدث الرياضي الكبير، مُقارناً بين تلك القدرات وما حدث من قبل مع تقدم مصر لاستضافة تنظيم عام 2010 وفشل ملفها في الحصول على أي صوت من أعضاء المكتب التنفيذي لـ(فيفا)، وهو ما عرف في ذلك الوقت بواقعة (صفر المونديال)»، قائلاً «في 2010 كان المردود والتقديم ليس على المستوى المطلوب، فالبنية التحتية لم تكن تساعد وأبرزها شبكات الطرق، مع تراجع البنية التكنولوجية، كذلك لم تكن العلاقات مع دول الجوار ودول أعضاء المكتب التنفيذي لم تكن على ما يرام وقتها، أما الآن فقد تبدلت الأوضاع، وتشهد مصر بينة تحتية وإنشائية متطورة، وعلاقات جيدة مع الخارج، وأعتقد أن ذلك سيكون له مردود كبير في الفترة المقبلة».
ويؤكد جودة، أن هناك عوامل أخرى تعزز فرص مصر لاقتناص تنظيم دورة 2036، منها أن «الأولمبياد لم تُقَم في أفريقيا أو في دولة عربية من قبل، مع تميز مصر في ﺟﻬود ﺗﺣﻘﻳﻖ أهداف التنمية المستدامة والرؤية الخاصة بها، إلى جانب أن توماس باخ، رئيس اللجنة الأولمبية الدولية شاهد على أرض الواقع ما تتمتع به مصر من إمكانيات، وهي في رأيي خيارات يعطي أفضلية لمصر».
وفي رأي خبير الترويح الرياضي، أن «ملف مصر يجب أن يعتمد على عوامل إقناع قوية، ليس فقط من متطلبات إنشائية وخدمات لوجيستية، فهناك عوامل أخرى مهمة، منها الشخصيات التي تستطيع الترويج للملف المصري عالميا، وبالتالي تجنب ما حدث في واقعة مونديال 2010، حيث كان خطاب الترويج داخلياً وليس خارجياً، وفي رأيه أن نجم كرة القدم المصرية محمد صلاح صاحب الشهرة العالمية هو أقدر من يتصدر هذا المشهد، كما يمكن استثمار أبطال لعبة الإسكواش المصريين من الرجال والسيدات في ملف الترويج».
ويلفت أيضاً إلى أن من عوامل الإقناع الأخرى تتمثل في الآثار المصرية، مستدركاً «يجب استغلال سمعة مصر السياحية والترويج من خلالها، وقد شهدت مصر تنظيم بطولات دولية للعبة الإسكواش عند سفح الهرم، وهو ما وجد صدى واسعاً عالمياً، وقد سمعنا رئيس اللجنة الأولمبية الدولية يؤكد أن حفل افتتاح دورة (باريس 2024) سيكون على نهر السين، ومشاركة الرياضيين ستكون في قوارب والجماهير على ضفاف النهر؛ لذا علينا أن نستغل ما لدينا من مقومات سياحية وضمها لبرنامج الدورة بما يجذب الزائر الأجنبي للرياضة والسياحة».
من الكلمات السابقة؛ يلتقط طرف الحديث الخبير السياحي محمد عثمان، مُثمناً فكرة تنظيم أولمبياد 2036، مؤكداً على أن «الاحتفالات والمناسبات الكبرى في حياة الشعوب علامة فاصلة في صناعة السياحة»، ويضيف «بمجرد الإعلان عن فكرة الاستضافة والتقديم لها يعطي ذلك صورة إيجابية عن مصر، التي تدخل بامتياز دائرة استضافة الأحداث الكبرى المهرجانات والبطولات، وأحدثها مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغيّر المناخ (COP27) الذي تستضيفه مدينة شرم الشيخ شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، فمثل هذا المؤتمر وتزامن الترتيب له مع فكرة استضافة الأولمبياد يؤكد أن مصر في مرحلة استثنائية تستعيد فيها هيبتها السياحية بامتياز».
ويوضح، أن الإفصاح عن رغبة تنظيم الدورة الأولمبية في 2036 جاء ليتوج أحداثاً عدة تشهدها مصر حالياً، تتمثل في اكتشافات أثرية غير مسبوقة، مع ترقب العالم انتهاء المتحف المصري الكبير، والاحتفاء بذكرى مرور 200 عام على فك رموز حجر رشيد، مجموعة من الأحداث والأخبار المتتالية التي تضع مصر في بؤرة اهتمام العالم، وبالتالي يصب في صالح السياحة المصرية.
ومع ما شهدته اليابان من «تضاعف أعداد السائحين لأربع مرات خلال دورة طوكيو العام الماضي»؛ يلفت عثمان إلى أن «الزائر الذي تجذبه منافسات الدورة الأولمبية لا يأتي للرياضة فقط، بل للسياحة أيضاً، وبالتالي يصب ذلك في صناعة السياحة، ومع ما تشهده مصر من تنوع في المنتج السياحي سيكون ذلك عاملاً قوياً للجذب، ويحقق حلم الحكومة المصرية في تحقيق عائدات سياحية تفوق 30 مليار دولار سنوياً».
بدوره؛ يرى محمد البرمي، الناقد والمحلل الرياضي، أن «فكرة التقدم لاستضافة الأولمبياد فكرة رائعة ليست لمصر فقط إنما للمنطقة العربية، التي لم تشهد تنظيم بطولات أولمبية من قبل، وربما آن الأوان أن تستضيف دولة عربية الأولمبياد، سواء مصر أو أي دولة عربية أخرى، أو حتى لو بملف مشترك بين الدول العربية؛ لذا أرى أن موافقة الرئيس المصري ووضع ميزانية لذلك الطلب خطوة مهمة ،ومصر تستطيع أن تنظمها ولديها ما يؤهلها لذلك».
ويتابع «من المهم أن يحمل الطلب الذي ستقدمه مصر لاستضافة الأولمبياد مشروعاً حقيقياً وطموحاً، وبنية تحتية قادرة على استضافة العدد الكبير من الألعاب والرياضيين، وإذا نظرنا للمدة الزمنية المتبقية نجد أن هناك 14 عاماً، يمكن خلالها أن تصنع مصر الكثير لاستضافة الأولمبياد، على غرار قطر التي فازت باستضافة كأس العالم في 2010 وكان أمامها 12 عاماً للعمل وبناء الملاعب لاستضافة الحدث».
ويستطرد «بعيداً عن الإمكانيات اللوجيستية وتوافر بنية تحتية وسواء فازت مصر أو لا، فعلى وزارة الرياضة واللجنة الأولمبية المصرية والمعنيين عن الرياضة المصرية أن يكون لديهم مشروع طموح لتجهيز أجيال جديدة من الأبطال الأولمبيين وتأهيلهم للمنافسة على الميداليات، وهناك الكثير من الدول نجحت في ذلك، مثل الصين والعديد من دول آسيا وأميركا الجنوبية».
ويلفت البرمي إلى أن مصر لديها عدد كبير من الرياضيين وتعداد سكاني كبير، وبالتالي على الدولة تبني مشروع لتجهيز الأبطال وتوفير الإمكانيات المناسبة للإنفاق عليهم، متابعاً «لا يمكن أن يكون هناك بطل أولمبي مهموم بمشاغل أخرى ويتوقف عن التدريب، فالكثير ممن حققوا ميداليات كان بجهد فردي تماماً بعيداً عن الجهود الحكومية والتي تذهب في بعض الأوقات لأسماء لم تحقق شيئاً، وهو ما يؤثر بالسلب على حظوظنا».
وبرأيه، أن إحدى الخطوات المهمة التي يجب العمل عليها هي البحث عن الألعاب التي تتميز فيها مصر، عن الاهتمام والبحث عن المشاركة بكثافة كأكبر بعثة دون منافسة حقيقية، فلو حدث اهتمام بألعاب معروف أن مصر تنجح في الحصول على ميداليات فيها سيكون أفضل كثيراً، مثل المصارعة والتايكوندو ورفع الأثقال والكاراتيه.


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


مصريون يتخوفون من «تعويم» جديد للجنيه وتصاعد الغلاء

مدبولي خلال مؤتمر صحافي مع مديرة صندوق النقد الدولي (مجلس الوزراء المصري)
مدبولي خلال مؤتمر صحافي مع مديرة صندوق النقد الدولي (مجلس الوزراء المصري)
TT

مصريون يتخوفون من «تعويم» جديد للجنيه وتصاعد الغلاء

مدبولي خلال مؤتمر صحافي مع مديرة صندوق النقد الدولي (مجلس الوزراء المصري)
مدبولي خلال مؤتمر صحافي مع مديرة صندوق النقد الدولي (مجلس الوزراء المصري)

أثارت تصريحات رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، حول «تطبيق سعر صرف مرن للجنيه» مخاوف مصريين من اتجاه الحكومة إلى «تعويم» جديد، مما قد يفاقم أزمة الغلاء في البلاد.

تزامن ذلك مع إجراءات «المراجعة الرابعة» لبرنامج صندوق النقد الدولي مع الحكومة، إلى جانب ارتفاع في قيمة الدولار الأميركي مقابل الجنيه. ورغم استبعاد خبراء «اتخاذ الحكومة قراراً جديداً بتعويم الجنيه»، فإنهم رجَّحوا «حدوث تقلبات محدودة في سعر الصرف وليست قفزات كبيرة خلال الفترة المقبلة».

وسجل سعر صرف الدولار ارتفاعاً طفيفاً خلال الأيام الماضية في البلاد، وبلغت قيمته لدى البنك المركزي المصري، الخميس، نحو 49.24 جنيه للشراء، مقابل 49.34 جنيه للبيع، بعد أن كان مستقراً في الأسابيع الماضية عند حدود (46 جنيهاً).

وقال مدبولي، مساء الأربعاء، إن «حكومته لن تطبّق تعويماً بمعنى كلمة تعويم»، وأوضح أن «الدولار سيزيد ويهبط وفق مقتضيات السوق»، لافتاً إلى أن «صندوق النقد الدولي أكد أن بلاده نجحت في تطبيق سعر صرف مرن».

حديث رئيس مجلس الوزراء المصري، جاء عقب زيارة مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، القاهرة؛ لإجراء المراجعة الرابعة، التي تتعلق بالقرض المقدم من «الصندوق» لمصر بقيمة 8 مليارات دولار، التي تتيح لمصر الحصول على شريحة جديدة قيمتها 1.2 مليار دولار.

وسمح البنك المركزي المصري، في مارس (آذار) الماضي، بتحديد سعر صرف الجنيه، وفق آليات السوق (العرض والطلب)، مما أدى إلى انخفاض قيمة العملة المحلية أمام الدولار.

صورة لإحدى الصرافات في القاهرة (أ.ف.ب)

ووفق تقدير أستاذة الاقتصاد في جامعة عين شمس المصرية، يمنى الحماقي، فإنه «لا يوجد مبرر لتعويم الجنيه من جديد»، مشيرةً لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «المؤشرات الاقتصادية تعكس استقراراً في سعر صرف الجنيه، مع وجود بعض التغيرات المحدودة صعوداً وهبوطاً». وأرجعت ذلك إلى «وجود احتياطي (مطمْئن) من العملة الأجنبية في البنوك، جراء ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج، مما يسمح بفتح اعتمادات بنكية للمستوردين».

وسجلت تحويلات المصريين في الخارج، ارتفاعاً لمدة خمسة أشهر متتالية، حيث بلغت في يوليو (تموز) الماضي «نحو 3 مليارات دولار»، وفق البنك المركزي المصري.

ورغم عدم وجود دوافع اقتصادية لـ«التعويم»، حسب مراقبين، فإن د. يمنى الحماقي حذَّرت ممن سمّتهم «أصحاب المصالح» في إثارة البلبلة حول سعر الصرف لتحقيق مكاسب، واستغلال الوضع الاقتصادي للمضاربة في سعر الصرف، وشددت على ضرورة «اتخاذ إجراءات رادعة مع مروجي الشائعات بشأن سعر الصرف؛ لمواجهة أي مخاوف للمصريين من غلاء جديد».

امرأة تتسوق في أحد متاجر العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

كما طالبت بحزمة إجراءات حكومية لتحسين الوضع الاقتصادي، تتضمن «هيكلة استراتيجية التصدير، وتشجيع صادرات الصناعات الصغيرة، ودعم الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والصناعات المتعثرة».

وتحدث رئيس مجلس الوزراء المصري، أخيراً، عن حجم الشائعات والأخبار المغلوطة التي تواجه حكومته، داعياً إلى ضرورة استقاء الأخبار من الدولة، مؤكداً أن كل تلك الشائعات تهدف إلى خلق حالة من الإحباط والمناخ السلبي. ووجّه جميع المسؤولين بالرد على ما يتردد على منصات التواصل الاجتماعي، وشرح الأمور للمواطنين، مؤكداً أن هذا الأمر يدخل في صميم دور الحكومة.

ولاقى ارتفاع «طفيف» في سعر الدولار أمام الجنيه خلال الأيام الماضية، تفاعلاً متصاعداً على منصات التواصل الاجتماعي، الخميس، خصوصاً مع حديث مدبولي بشأن «سعر الصرف المرن». وبينما تساءل مغردون عن أسباب «ارتفاع سعر الدولار» أخيراً، أبدى آخرون مخاوف من موجة غلاء جديدة في البلاد. وأشاروا إلى أنه «بعد كل تعويم ترتفع أسعار السلع وكذا الخدمات، لذا على الحكومة الابتعاد عن فكرة التعويم، وتشديد الرقابة على الأسواق».

في المقابل، قللت حسابات أخرى من صحة ما يجري تداوله بخصوص سعر الدولار، مؤكدةً أن «ارتفاع الدولار كان طفيفاً بعد أن كان مستقراً لفترة طويلة».

وأرجع مدير «مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية»، عبد المنعم السيد، ارتفاع سعر الدولار إلى «زيادة الطلب عليه في البنوك المصرية بسبب كثرة اعتمادات المستوردين في نهاية العام»، مشيراً إلى أن «هذه الزيادة طبيعية مع نهاية كل عام».

السيد يرى أن «الحكومة المصرية تمتلك حصيلة دولارية كافية بسبب عوائد الاستثمارات غير المباشرة، والاستثمارات الأخرى مثل (صفقة رأس الحكمة)، والزيادة في حجم الصادرات المصرية هذا العام»، ولفت إلى أن ذلك «عوض التراجع في إيرادات قناة السويس بسبب توترات البحر الأحمر»، مشيراً إلى «إشادات مؤسسات التصنيف الدولية بسياسات الحكومة المصرية المصرفية، ومنها التصنيف الإيجابي الأخير من مؤسسة (فيتش)».

وقامت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني، الأسبوع الماضي، برفع تصنيف مصر مستوى واحد من «B-» إلى «B»مع نظرة مستقبلية مستقرة.

السيد يرى أيضاً أنه «يجب على الحكومة أن تقوم بطمأنة المصريين باستمرار، خصوصاً بعد ما تردد على (السوشيال ميديا) خلال الساعات الماضية حول تعويم قادم سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار».

مدبولي من جانبه، استبعد مساء الأربعاء، «وجود أي تأثيرات جديدة على المصريين»، مشيراً إلى أن «حكومته لن تتخذ أي قرارات تضيف أعباء مالية على المواطنين خلال الفترة المقبلة».