ماذا أثمرت محادثات «الأمم المتحدة» بشأن الأزمة الليبية؟

واشنطن تتحدث عن «أفكار جديدة»... والمنقوش تشير إلى دعم دولي للانتخابات

وزيرة الخارجية في حكومة «الوحدة» الليبية قبالة مقر الأمم المتحدة بنيويورك (حسابها على «تويتر»)
وزيرة الخارجية في حكومة «الوحدة» الليبية قبالة مقر الأمم المتحدة بنيويورك (حسابها على «تويتر»)
TT

ماذا أثمرت محادثات «الأمم المتحدة» بشأن الأزمة الليبية؟

وزيرة الخارجية في حكومة «الوحدة» الليبية قبالة مقر الأمم المتحدة بنيويورك (حسابها على «تويتر»)
وزيرة الخارجية في حكومة «الوحدة» الليبية قبالة مقر الأمم المتحدة بنيويورك (حسابها على «تويتر»)

(تحليل إخباري)
يأمل الليبيون في أن تثمر المحادثات التي جرت بشأن بلدهم في الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، نتائج ملموسة تفضي إلى إجراء الاستحقاق الانتخابي المنتظر، وتعيد إليه الاستقرار بدلاً من الاقتتال والانقسام حول السلطة. وعلى مدار أيام الأسبوع الماضي، أجريت مناقشات ثنائية وجماعية بين مسؤولين ليبيين وأوروبيين على هامش الدورة الـ77 للجمعية العامة، تعلقت في مجملها بالأوضاع المتأزمة، ودعوة الأطراف المحلية إلى «الانخراط في المسار السياسي سريعاً لإنجاز الانتخابات العامة».
وقال مبعوث أميركا وسفيرها لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، في كلمة مسجلة نقلتها سفارة بلاده في ليبيا عبر حسابها على «تويتر»، إن «الولايات المتحدة تعمل من كثب مع الشركاء والمجتمع الدبلوماسي والزائرين الليبيين الموجودين في نيويورك لمحاولة إعادة الزخم للعملية الانتخابية بالبلاد».
واستهل نورلاند، كلمته المقتضبة لليبيين، مساء الخميس، متسائلاً باللهجة المحلية: «شنو الجو»، ومضى متحدثاً عن كواليس بعض ما جرى على هامش الجمعية العامة، وقال: «لاحظنا اهتماماً كبيراً وأفكاراً جديدة» بالأزمة الليبية، لافتاً إلى أن «جميع الأطراف تدرك أهمية العمل بسرعة للوصول للانتخابات في ظل حالة العنف الحالي القائم في ليبيا». ورأى نورلاند، أن إحدى أهم الرسائل التي تسعى بلاده لتأكيدها خلال هذا الأسبوع هي «الدعم الأميركي القوي لجهود عبد الله باتيلي، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، من أجل قيادة العملية السياسية والمساعدة في الوساطة لمحاولة الوصول لاتفاق بأسرع وقت يقود إلى انتخابات ذات مصداقية».
ورغم أن قطاعا كبيرا من الليبيين يرى أن «التدخلات الخارجية في بلدهم هي من أسباب تعثر المسار السياسي»، فإن هناك من يؤكد على أن الانتخابات العامة لن تجري «إلا بضغط دولي حاسم على الأطراف المقوضة لهذا المسار، يرغمهم على الجلوس للتفاوض وإنهاء الانقسام السياسي». ولفتوا إلى أنه «دون هذا الضغط الدولي، ستفشل مهمة المبعوث الأممي الجديد باتيلي، كما فشلت مهمة أسلافه المبعوثين السبعة من قبل». ولا يزال الجدل حول «المسار الدستوري» اللازم لإجراء الاستحقاق في ليبيا متعثراً رغم أن عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، أعلن أنه اتفق مع خالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة على إسقاط شروط الترشح للانتخابات.
وبدا أن الأزمة الليبية بكل تعقيداتها فرضت نفسها على لقاءات المشاركين في أعمال الجمعية العامة، في ظل ما بدا من اهتمام أميركي ملحوظ. ونقلت السفارة الأميركية عبر حسابها على «تويتر» عن مستشار وزارة الخارجية الأميركية ديريك شوليت، قوله إن «القادة الليبيين في حاجة ماسة إلى العمل مع باتيلي، على المسار الذي تقوده ليبيا لإجراء الانتخابات دون تأخير»، لافتاً إلى أنه بحث مع نجلاء المنقوش، وزيرة الخارجية بحكومة «الوحدة»، الأوضاع في ليبيا، في لقاء وصفه بـ«البناء».
والمنقوش، التي قالت إنها أجرت مباحثات عديدة مع أطراف عربية ودولية، طمأنت الليبيين بأن نتائج مباحثاتها ومشاوراتها في نيويورك أثمرت «أخباراً إيجابية، ودعما دوليا لدعم القضية الليبية»، بما ضمن استقرار البلاد، وإجراء الانتخابات في البلاد. وقالت المنقوش، إن «كثيرا من الحوارات وتبادل وجهات النظر بين الدول العربية والأوروبية جرى النقاش فيها حول هموم ليبيا، وكيف تستعيد سيادتها ومركزها الإقليمي والدولي». ورأت أن «المسألة ليست سهلة وتحتاج إلى عمل دؤوب ولقاءات، بعضها استغرق أحيانا ما يقرب 13 ساعة من الاجتماعات المتواصلة»، لافتة إلى عقد الاجتماع التشاوري العربي الثاني بمقر البعثة الليبية في نيويورك، «بنجاح» مما يعد «بصمة لاسم ليبيا الذي يعتلي مجددا الأروقة الدولية».
ونوهت إلى أنها حاولت عبر لقاءاتها مع نظرائها والممثلين الدوليين، إرسال «رسالة بدبلوماسية إيجابية لكل دول العالم بأننا منفتحون للتواصل والتعاون مع الجميع إذا كان همهم هو استقرار ليبيا ودعم الانتخابات، لكونها حلماً لكل مواطن».
وانتهت المنقوش، في تغريدة على عبر حسابها على «تويتر» يوم الجمعة، قائلة: «وجدنا خطاباً دولياً إيجابياً يرفض أي عسكرة للصراع ويدعو لاستيعاب الخلافات وترشيدها، وأكدنا من جهتنا التزامنا بذلك». وكانت المنقوش، التقت وكيل الشؤون السياسية للأمين العام للأمم المتحدة السيدة روزماري ديكارلوا، ونظراءها من قطر الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، وتونس عثمان الجرندي، والجزائر رمطان لعمامرة، وأكدوا جميعاً في رسائل نقلتها وزارة الخارجية الليبية، على دعم المسار السياسي في البلاد بما يضمن إجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية في أقرب الآجال.


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

الجزائر: إضراب «إسلاميين» معتقلين عن الطعام لـ«تأخر» محاكمتهم

علي بن حاج قيادي «جبهة الإنقاذ» التي تم حلها (متداولة)
علي بن حاج قيادي «جبهة الإنقاذ» التي تم حلها (متداولة)
TT

الجزائر: إضراب «إسلاميين» معتقلين عن الطعام لـ«تأخر» محاكمتهم

علي بن حاج قيادي «جبهة الإنقاذ» التي تم حلها (متداولة)
علي بن حاج قيادي «جبهة الإنقاذ» التي تم حلها (متداولة)

بدأ عدد من «الإسلاميين» في الجزائر إضراباً عن الطعام داخل سجنهم بعاصمة البلاد؛ احتجاجاً على طول مدة إقامتهم في الحبس الاحتياطي، وعلى المتابعة القضائية ضدهم من أساسها، وذلك إثر بيان نشروه في سبتمبر (أيلول) 2023 على الإنترنت، انتقدوا فيه الوضع العام في البلاد.

وكتب محاميهم المعروف، عبد الغني بادي، على حسابه بالإعلام الاجتماعي: «في زيارتي اليوم لأغلب الشيوخ بسجن القليعة (الضاحية الغربية للعاصمة)، أخبروني بأنهم دخلوا في إضراب عن الطعام بداية من اليوم، وللعلم هم رهن الحبس المؤقت منذ 13 شهراً».

عبد الغني بادي محامي الإسلاميين المضربين (الشرق الأوسط)

ويبلغ عدد هؤلاء المساجين 18، ويطلقون على أنفسهم «كوادر الجبهة الإسلامية للإنقاذ الأصيلة»، وهو حزب حلّته السلطات بحكم قضائي عام 1992، بسبب ضلوعه في «الإرهاب»، حسب لائحة الاتهام.

وقبل حظره، سجنت كل قياداته، وأطلقت حملة اعتقال واسعة ضد أبرز نشطائه ومناضليه، للاشتباه في لجوئهم إلى أعمال تخريب، بوصفه رد فعل على منع وصول الحزب إلى السلطة، إثر اكتساحه أول انتخابات برلمانية تعددية نظمت نهاية 1991.

ومنذ أكثر من 30 سنة، تُحرص الحكومة بشدة على التصدي لأي حركة توحي بعودة «الإنقاذ» إلى الواجهة، وذلك في مسعى لطي صفحته نهائياً، حتى إنها سنّت قانوناً عام 2006، سمّته «المصالحة الوطنية»، يمنع التعاطي في العلن مع «العشرية السوداء»، التي ترمز للحزب المحظور والإرهاب.

وأكد بادي في اتصال مع «الشرق الأوسط» أن المضربين عن الطعام متابعون بتهمتين يشملهما قانون العقوبات: «جناية إنشاء وتأسيس تنظيم، تقع نشاطاته وأعماله ضمن الإشادة بالإرهاب والانخراط في جماعة إرهابية»، و«عرض منشورات من شأنها الإضرار بالمصلحة الوطنية».

علي بن حجر (يمين) زعيم جماعة مسلحة سابقاً (حساب نجله بالإعلام الاجتماعي)

وأوضح المحامي أن الوقائع متصلة ببيان صدر باسم تنظيم يسمى «كوادر الجبهة الإسلامية للإنقاذ»، نهاية سبتمبر 2023، قرأه القيادي في «الإنقاذ» سابقاً، علي بن حجر، في فيديو بثه بحسابه على «فيسبوك».

وتناول البيان، الذي أثار غضب السلطات، الوضع الاجتماعي في البلاد، «الذي يُبرز عمق المأساة من خلال الانقسام الحاد الذي تعيشه البلاد، بفعل السياسات الخاطئة، والأنانية المدمرة، والجشع اللامحدود».

كما تحدّث أصحابه عن «يأس حمل الشباب والأدمغة على مغادرة البلاد من غير رجعة». وقالوا إن الجزائر «يعيش أزمة سياسية خانقة، وتضييقاً على الحريات، وعدم استقرار يضرب المؤسسات، ما يفتح الباب لتقويض الحياة الدستورية، والدخول في متاهات الفوضى». داعين إلى «رفع القيود» عن علي بن حاج، نائب رئيس «جبهة الإنقاذ» سابقاً، الذي يقع تحت إجراءات الرقابة القضائية، الذي تعرّض منذ شهرين للمنع من مغادرة بيته.

يُشار إلى أن علي بن حجر، وهو زعيم جماعة مسلحة سابق، استفاد من تدابير تهدئة صدرت عام 1999 في إطار التخلُّص من فترة الاقتتال مع الجماعات المتشددة.

وأوقفت السلطات 4 من الموقعين على البيان في البداية، ثم توسّعت الاعتقالات مع مرور الأيام، لتبلغ 13 ثم 16 ثم 18معتقلاً، في حين أُطلقت أعمال بحث عن اثنين آخرين من المجموعة، حسب المحامي بادي، الذي أشار إلى «شعور بالخيبة والاستياء» إثر استثنائهم من تدابير عفو رئاسي، صدر مطلع الشهر الحالي بمناسبة الاحتفالات بذكرى ثورة الاستقلال، والذي شمل نشطاء من الحراك.

وأبرز المحامي بأن «متابعتهم وسجنهم جرى في إطار نهج السلطة المعتمد منذ منتصف 2019، مع إحداث بعض التعديلات من حين لآخر في هذا النهج».

من تظاهرات الحراك الذي جاء كرد فعل على ترشح الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة (الشرق الأوسط)

واندلع الحراك في 22 فبراير (شباط) 2019، بوصفه رد فعل على ترشح الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة، في حين كان عاجزاً عن الحركة بسبب المرض، ومع الوقت، ضاقت به السلطات وأوقفته بالقوة، وقادت العشرات من نشطائه إلى السجن.