من مكة المكرمة إلى الجزائر... ماذا تغير منذ آخر قمة عربية؟

حل الخلافات الخليجية... واستمرار التعثر فلسطينياً ونمو التباين المغاربي

الجلسة الافتتاحية للقمة العربية غير العادية في مكة المكرمة عام 2019 (واس)
الجلسة الافتتاحية للقمة العربية غير العادية في مكة المكرمة عام 2019 (واس)
TT

من مكة المكرمة إلى الجزائر... ماذا تغير منذ آخر قمة عربية؟

الجلسة الافتتاحية للقمة العربية غير العادية في مكة المكرمة عام 2019 (واس)
الجلسة الافتتاحية للقمة العربية غير العادية في مكة المكرمة عام 2019 (واس)

عندما تهبط طائرات القادة العرب في مطار هواري بومدين بالعاصمة الجزائرية، في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل لحضور القمة العربية العادية في دورتها الحادية والثلاثين، ستكون هذه هي المرة الأولى التي يلتقي فيها الملوك والرؤساء والمسؤولين العرب في إطار «الجامعة العربية» منذ 3 سنوات، وتحديداً منذ قمة «مكة المكرمة» الطارئة التي استضافتها المملكة العربية السعودية في عام 2019... غير أن تلك السنوات شهدت متغيرات لافتة عربياً ودولياً تلقي بظلالها على جدول أعمال المجتمعين وقائمة تطلعات المتابعين لمخرجاتها.
ونظراً لطبيعته التاريخية والخاصة، يظل الملف الفلسطيني، واحداً من أبرز الملفات الحاضرة على جدول أعمال القمة، فمن جهة لا تزال قضية المصالحة الداخلية في محلها تقريباً دون تقدم يذكر، أما على مستوى الصراع مع إسرائيل، فإن «رحيل إدارة دونالد ترمب من البيت الأبيض، أحد أهم المتغيرات بالملف، خاصةً في ظل اعتمادها وضع العراقيل وانحيازها الكامل لتل أبيب، وما ترتب على ذلك من وقف التمويل لهيئة «الأونروا وإغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن»، وفق ما يقدر المحلل الفلسطيني، الدكتور جهاد الحرازين.
وأعرب الحرازين في حديثه إلى «الشرق الأوسط» عن اعتقاده بأن «الإدارة الأميركية الحالية بقيادة جو بايدن قدمت إفادات في أكثر من مناسبة عن حل الدولتين، وإيمانه بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة، وإعادة تقديم التمويل للأونروا»، ويواصل أنه «ورغم أن هذه تعد متغيرات بسيطة لكنها تعني تحركاً ولو كان بطيئاً بمسار محاولات إعادة إحياء عملية السلام».
ومع ذلك يشير المحلل الفلسطيني إلى أن «سياسات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تكاد تكون ثابتة في مسارها الاستيطاني والعدواني بحق الفلسطينيين وإصرارها على ارتكاب جرائم ضد القانون الدولي والمعاهدات السارية».
وإذا كان الملف الفلسطيني لم يتضمن تغييراً كبيراً من القمة السابقة إلى المرتقبة، فإن الشأن الخليجي، وتحديداً ما يتعلق بالخلافات السابقة بين السعودية ومصر والإمارات والبحرين من جهة وقطر من جهة أخرى، تكاد تكون قد أغلقت، خاصةً في ظل تبادل الزيارات بين قادة الدول المعنية.
وعندما عقدت القمة السابقة عام 2019 كان حينها الخلاف بين الجانبين قائماً، بينما جاءت «قمة العلا» التي استضافتها المملكة العربية السعودية في يناير (كانون الثاني) 2021 لتكتب مقدمة الحل الذي اتخذ مسارات ثنائية متصاعدة باتجاه التهدئة وكان آخر محطاتها زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى الدوحة الشهر الجاري.
ويقول الباحث المتخصص في الشؤون العربية بمركز «الأهرام للدراسات السياسية»، محمد عز العرب، لـ«الشرق الأوسط» إن «تجاوز الخلافات مع قطر أحد أبرز المتغيرات بين القمتين العربيتين، بعد سنوات من التوتر، وباتت الآن مسألة تبادل الزيارات دليلاً على تخطي تلك المعضلة، ووصولنا إلى علاقات طبيعية بين غالبية الدول الأطراف».
ومن بين أبرز القضايا التي يتابعها المهتمون بالشأن العربي، قبيل قمة الجزائر، تبرز مسألة «الخلافات المغاربية» التي اتسعت رقعتها بين الجزائر وتونس، فضلاً عن خلاف والمغرب والجزائر من جهة أخرى.
ويرى الباحث الجزائري محمد آدم المقراني أن «المنطقة المغاربية صارت الأكثر توتراً في سابقة من نوعها في تاريخ العلاقات العربية، إذ نشهد ما يشبه الحرب الباردة بين المغرب والجزائر إثر قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، إضافةً للأزمة المستجدة بين تونس والمغرب اللذين تبادلا التهم بشأن استقبال الرئيس التونسي لممثل جبهة البوليساريو ليصل الأمر إلى حد استدعاء السفيرين من الجانبين».
ويعتقد المقراني، في حديثه إلى «الشرق الأوسط» أن «هذه الأزمات تلقي بظلالها على القمة في ظل تساؤلات حول التمثيل المغربي في هذه التظاهرة، إضافةً للشأن الليبي الذي صار مرهقا لعرب شمال أفريقيا، خاصةً أن الوساطات المتعددة لم تسفر بعد عن تنظيم الانتخابات البرلمانية وقد لوحظ في الفترة الأخيرة تباين في التوجهات بين مصر والجزائر».
لكن وعلى المستوى الدولي، فإن ثمة متغيرين رئيسيين شهدتهما المنطقة منذ آخر قمة عربية، وهما «جائحة كورونا» التي فرضت سابقاً تأجيل القمة ولا تزال تداعياتها الاقتصادية سارية، فضلاً عن الحرب الروسية - الأوكرانية التي لا تزال محتدمة وتمثل تهديداً لأمني الطاقة والغذاء.
ويرى عز العرب أن «تحديات الغذاء والطاقة، كأحد مؤثرات الحرب حاضرة وبقوة ضمن قائمة المتغيرات والمؤثرات في الأوضاع العربية، ويعد التساؤل عن كيفية تحويل هذا الأمر من مصدر تهديد إلى فرصة لدعم الأمن العربي - العربي على مستوى الغذاء والطاقة عربياً بشكل داخلي، وبلورة أفكار تخدم هذا الهدف».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


الأمم المتحدة: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم

شاحنة تحمل لاجئين سودانيين من مدينة رينك الحدودية في جنوب السودان (د.ب.أ)
شاحنة تحمل لاجئين سودانيين من مدينة رينك الحدودية في جنوب السودان (د.ب.أ)
TT

الأمم المتحدة: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم

شاحنة تحمل لاجئين سودانيين من مدينة رينك الحدودية في جنوب السودان (د.ب.أ)
شاحنة تحمل لاجئين سودانيين من مدينة رينك الحدودية في جنوب السودان (د.ب.أ)

أفاد تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، الأحد، بأن السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم، مشيراً إلى أن أكثر من 3 ملايين طفل نزحوا داخل السودان وخارجه منذ بداية الصراع.

وأضاف التقرير أن واحداً من كل ثلاثة في السودان يعاني من نقص حاد في الأمن الغذائي.

وبحسب التقرير الذي نُشر على موقع مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، أسفرت موجة العنف وانعدام الأمن الحالية عن ارتفاع أعداد الضحايا المدنيين، وإلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية والمرافق الحيوية، فضلاً عن النزوح على نطاق واسع.

وجاء في التقرير: «أُجبر أكثر من 7.4 مليون شخص على مغادرة منازلهم بحثاً عن الأمان داخل السودان وخارجه، إلى جانب 3.8 مليون نازح داخلياً من الصراعات السابقة. يواجه السودان حالياً أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم وأهم أزمة نزوح للأطفال».

وأشار التقرير إلى أن النظام الصحي الهش بالفعل أصبح في حالة يرثى لها، مع تصاعد خطر تفشي الأمراض، بما في ذلك تفشي الكوليرا، فضلاً عن حمى الضنك والحصبة والملاريا.