طفلة تنجو من تفجير انتحاري بأفغانستان... لتختفي في تكساس

والدها قدم خدمات للقوات الأميركية وكوفئ بتأشيرة هجرة للولايات المتحدة

لينا سردار خيل طفلة أفغانية نجت من تفجير انتحاري في أفغانستان واختفت في تكساس قبل 9 أشهر
لينا سردار خيل طفلة أفغانية نجت من تفجير انتحاري في أفغانستان واختفت في تكساس قبل 9 أشهر
TT

طفلة تنجو من تفجير انتحاري بأفغانستان... لتختفي في تكساس

لينا سردار خيل طفلة أفغانية نجت من تفجير انتحاري في أفغانستان واختفت في تكساس قبل 9 أشهر
لينا سردار خيل طفلة أفغانية نجت من تفجير انتحاري في أفغانستان واختفت في تكساس قبل 9 أشهر

على مدى سنوات، قدم رياض سردار خيل، الجندي بالجيش الأفغاني، خدمات للقوات الأميركية خلال مهمتها في الخارج وتمت مكافأته بتأشيرة هجرة إلى الولايات المتحدة لبدء حياة جديدة هناك. وقبل ثلاث سنوات، أُعيد توطين سردار وزوجته وابنته المولودة حديثاً في مجمع سكني مترامي الأطراف في حي للطبقة العاملة في سان أنطونيو (تكساس).
غير أن عائلة سردار استدعت ذكريات المخاطر التي تركتها خلال زيارة إلى الوطن الصيف الماضي تزامنت مع الخروج الفوضوي للقوات المسلحة الأميركية. وهناك وجدت زوجة سردار، زرمينا سردار خيل، وابنته لينا، نفسيهما على بعد أقدام من مهاجم انتحاري قتل 13 جندياً أميركياً ومئات الأفغان. أغمي على لينا قرب الانفجار لكنها استعادت وعيها في وقت لاحق، وتم نقل الأسرة جواً إلى محيط أكثر أماناً في سان أنطونيو بالولايات المتحدة.
لكنْ ثمة خطر مختلف كامن كان في انتظار الأسرة في أميركا، الدولة التي لطالما عُدّت ملاذاً آمناً للمنفيين مثل سردار. ففي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، لحقت لينا بأكثر من عشرة أطفال يلهون في ملعب يمكن رؤيته من الباب الأمامي لبيت الأسرة، ثم اختفت دون أن تترك أثراً. مرت تسعة أشهر ولا تزال القضية تثير قلق المجتمع الأفغاني الصغير والمحققين الذين كانوا في حيرة من أمرهم لتفسير كيف يمكن أن تختفي طفلة تبلغ من العمر ثلاث سنوات بتلك السهولة في مجمع سكني مغلق من دون شهود أو أي دليل ملموس آخر يشير إلى مكانها.
قال سردار: «جئنا من أفغانستان لنعيش حياة سعيدة وآمنة هنا، لكنّ ذلك لم يحدث. لقد دُمِّرت حياتي كلها». وأفادت إدارة شرطة سان أنطونيو، التي تقود التحقيق بمساعدة مكتب التحقيقات الفيدرالي، بأن الضباط تحققوا من كل معلومة وجدوها في طريقهم دون جدوى، بغضّ النظر عن مدى غموضها. من جانبه، عبر ويليام مكمانوس، رئيس الشرطة، عن حيرته قائلاً: «لا أحد يختفي في الهواء. ولا أعتقد أن لينا تبخرت. لن أستسلم أبداً، ولن تتخلى الشرطة أبداً عن القضية».
تعد حالة لينا من الحالات النادرة، حيث يتم العثور على غالبية الأطفال الذين تم الإبلاغ عن فقدهم في نهاية المطاف، وفقاً للمركز الوطني للأطفال المفقودين والمستغَلين. وأفاد الخبراء بأن القلائل الذين ما زالوا في عداد المفقودين غالباً ما يتم تصنيفهم على أنهم هاربون، وفي بعض الحالات يقعون ضحايا للاتجار بالجنس.
جاء الغموض الذي أحاط بحالة لينا ليضيف عنصراً آخر من الاضطرابات للمهاجرين الذين يعانون بالفعل من صدمة نفسية، حيث أفاد أمير محمد أميري، أحد قادة الجالية الأفغانية، بأن الكثيرين يأتون إلى أميركا بدءاً من الصفر، دون مكان للعيش فيه، ولا يملكون سوى مهارات محدودة في اللغة الإنجليزية، وقد لا يتحدثون بها على الإطلاق، ولذلك لا يجدون سوى القليل من الوظائف لإعالة أسرهم.
واستطرد أميري قائلاً: «نأتي إلى هنا بحثاً عن السلام والاستقرار والأمن لأطفالنا. الآن، والد لينا ليس واثقاً من أن أميركا هي الملاذ الآمن الذي لطالما آمن به».
فمدينة سان أنطونيو تقع على بُعد ساعة ونصف من يوفالدي، حيث قُتل 19 طفلاً ومعلمان في مايو (أيار) على يد مسلح مراهق. كانت أخبار اختفاء الطفلة على كل لسان في «سوق أريانا للحوم الحلال»، وهو مكان تجمع لكثير من اللاجئين الأفغان. وقف الأفغاني أمين الله أمير (38 عاماً) إلى جانب محاسب المتجر وحاول أن يبيِّن كيف أنه كان يصاب بالهلع في كل مرة يصطحب فيها أطفاله الذين تتراوح أعمارهم بين 2 و4 و6 و9 سنوات إلى الحديقة، مضيفاً: «أضع عيني عليهم طوال الوقت خشية أن يختفوا مثل لينا. كنا نظن دائماً أن أميركا كانت آمنة. الآن لسنا واثقين من ذلك تماماً».
كانت أسرة سردار تنعم بأمان أكثر في السابق وبذلوا قصارى جهدهم للتأقلم مع حياتهم الجديدة في سان أنطونيو، وهي منطقة حضرية ذات أغلبية لاتينية حيث أُعيد توطين مئات اللاجئين الأفغان بعد سقوط كابل، ليصل إجمالي عدد السكان إلى أكثر من 2660، وفقاً لبعض التقديرات.
وحسب المتبَع بين المهاجرين الجدد، تواصل سردار أولاً مع زعيم الجالية الأفغانية المعروف بمساعدة الوافدين الجدد، لاوانج مانغال، قبل استدعاء الشرطة، حيث إن الجالية الأفغانية لا تثق بالسلطات. فالسيد سردار «لم يكن يدري ماذا يتعين عليه فعله. وذكر مانجال للسيد سردار أن عنصر الوقت يقلقه وأن ساعة كاملة قد مرت على اختفاء الطفلة، مضيفاً: «قلت له، لقد تأخرت بالفعل. عليك الاتصال بالشرطة».
وصلت الشرطة إلى المجمع السكني بعد الثامنة مساءً، حسب أفراد الأسرة. وقال مكمانوس، قائد الشرطة، إن إدارته أجرت بحثاً شاملاً وفتشت كل بوصة وكل سيارة تسير داخل وخارج المكان، وحتى حاويات القمامة، وجلبت الشرطة في وقت لاحق كلاباً مدربة على البحث وشمّ الجثث، أي إن الشرطة لم تدّخر وسعاً. وحتى مكتب التحقيقات الفيدرالي ساعد الشرطة بموارد إضافية، بما في ذلك فرق الغوص التي بحثت عنها في جدول قريب، ولم تصل إلى شيء.
وقالت الشرطة إن عميلين من «وحدة الضحايا الخاصة»، المتخصصة في الجرائم المتعلقة بالجنس، قد كُلفت بقضية لينا على مدار الساعة. وبعد فترة وجيزة من اختفاء لينا، انضم أعضاء المجتمع إلى البحث، بما في ذلك باميلا آلن، مديرة منظمة «أيغل فلايت أدفوكاسي»، غير الربحية المعنية بمساعدة المهاجرين في الأزمات.
انتشر العشرات من المتطوعين عبر 30 ميلاً من المنطقة الخصبة على طول ينبوع ماء في الجزء الشمالي الغربي من المدينة، بالقرب من المكان الذي تعيش فيه عائلة سردار، بحثاً عن أي أدلة أو رفات، في حال اختطاف لينا وقتلها. وفي كل مرة يرى سكان المنطقة النسور تحلّق من بعيد (ربما فوق جثة)، تتلقى السيدة آلن مكالمة وتقوم بالتحقيق، لتعود خالية الوفاض.
قالت آلن: «شعرت بالحزن لأننا لم نعثر على أي معلومات، لكنني شعرت بالارتياح لأننا لم نعثر على جثة. وقالت عائلة سردار إن حواجز اللغة أدت إلى تعقيد تواصلهم مع المحققين، وشعر الزوجان بالإحباط لعدم العثور على لينا بعد. لكنهما قالا إنه ليس لديهما خيار سوى الاعتماد على دعاة المجتمع للبقاء على اتصال بجهات التحقيق».
* خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

غوتيريش: أفغانستان أكبر مأساة إنسانية في العالم

العالم غوتيريش: أفغانستان أكبر مأساة إنسانية في العالم

غوتيريش: أفغانستان أكبر مأساة إنسانية في العالم

أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الثلاثاء، أن الوضع في أفغانستان هو أكبر كارثة إنسانية في العالم اليوم، مؤكداً أن المنظمة الدولية ستبقى في أفغانستان لتقديم المساعدة لملايين الأفغان الذين في أمّس الحاجة إليها رغم القيود التي تفرضها «طالبان» على عمل النساء في المنظمة الدولية، محذراً في الوقت نفسه من أن التمويل ينضب. وكان غوتيريش بدأ أمس يوماً ثانياً من المحادثات مع مبعوثين دوليين حول كيفية التعامل مع سلطات «طالبان» التي حذّرت من استبعادها عن اجتماع قد يأتي بـ«نتائج عكسيّة». ودعا غوتيريش إلى المحادثات التي تستمرّ يومين، في وقت تجري الأمم المتحدة عملية مراجعة لأدائها في أفغانستان م

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
العالم «طالبان» ترفض الادعاء الروسي بأن أفغانستان تشكل تهديداً أمنياً

«طالبان» ترفض الادعاء الروسي بأن أفغانستان تشكل تهديداً أمنياً

رفضت حركة «طالبان»، الأحد، تصريحات وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو الذي زعم أن جماعات مسلحة في أفغانستان تهدد الأمن الإقليمي. وقال شويغو خلال اجتماع وزراء دفاع منظمة شنغهاي للتعاون يوم الجمعة في نيودلهي: «تشكل الجماعات المسلحة من أفغانستان تهديداً كبيراً لأمن دول آسيا الوسطى». وذكر ذبيح الله مجاهد كبير المتحدثين باسم «طالبان» في بيان أن بعض الهجمات الأخيرة في أفغانستان نفذها مواطنون من دول أخرى في المنطقة». وجاء في البيان: «من المهم أن تفي الحكومات المعنية بمسؤولياتها». ومنذ عودة «طالبان» إلى السلطة، نفذت هجمات صاروخية عدة من الأراضي الأفغانية استهدفت طاجيكستان وأوزبكستان.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
العالم جهود في الكونغرس لتمديد إقامة أفغانيات حاربن مع الجيش الأميركي

جهود في الكونغرس لتمديد إقامة أفغانيات حاربن مع الجيش الأميركي

قبل أن تتغير بلادها وحياتها بصورة مفاجئة في عام 2021، كانت مهناز أكبري قائدة بارزة في «الوحدة التكتيكية النسائية» بالجيش الوطني الأفغاني، وهي فرقة نسائية رافقت قوات العمليات الخاصة النخبوية الأميركية في أثناء تنفيذها مهام جبلية جريئة، ومطاردة مقاتلي «داعش»، وتحرير الأسرى من سجون «طالبان». نفذت أكبري (37 عاماً) وجنودها تلك المهام رغم مخاطر شخصية هائلة؛ فقد أصيبت امرأة برصاصة في عنقها، وعانت من كسر في الجمجمة. فيما قُتلت أخرى قبل وقت قصير من سقوط كابل.

العالم أفغانيات يتظاهرن ضد اعتراف دولي محتمل بـ«طالبان»

أفغانيات يتظاهرن ضد اعتراف دولي محتمل بـ«طالبان»

تظاهرت أكثر من عشرين امرأة لفترة وجيزة في كابل، أمس، احتجاجاً على اعتراف دولي محتمل بحكومة «طالبان»، وذلك قبل يومين من اجتماع للأمم المتحدة، وفق وكالة الصحافة الفرنسية. وسارت نحو 25 امرأة أفغانية في أحد شوارع كابل لمدة عشر دقائق، وردّدن «الاعتراف بـ(طالبان) انتهاك لحقوق المرأة!»، و«الأمم المتحدة تنتهك الحقوق الدولية!».

«الشرق الأوسط» (كابل)
العالم مظاهرة لأفغانيات احتجاجاً على اعتراف دولي محتمل بـ«طالبان»

مظاهرة لأفغانيات احتجاجاً على اعتراف دولي محتمل بـ«طالبان»

تظاهرت أكثر من 20 امرأة لفترة وجيزة في كابل، السبت، احتجاجاً على اعتراف دولي محتمل بحكومة «طالبان»، وذلك قبل يومين من اجتماع للأمم المتحدة. وسارت حوالي 25 امرأة أفغانية في أحد شوارع كابل لمدة عشر دقائق، ورددن «الاعتراف بطالبان انتهاك لحقوق المرأة!» و«الأمم المتحدة تنتهك الحقوق الدولية!». وتنظم الأمم المتحدة اجتماعاً دولياً حول أفغانستان يومَي 1 و2 مايو (أيار) في الدوحة من أجل «توضيح التوقّعات» في عدد من الملفات. وأشارت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة أمينة محمد، خلال اجتماع في جامعة برينستون 17 أبريل (نيسان)، إلى احتمال إجراء مناقشات واتخاذ «خطوات صغيرة» نحو «اعتراف مبدئي» محتمل بـ«طالبان» عب

«الشرق الأوسط» (كابل)

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.