عودة «إيبولا» إلى أوغندا... هل يجب أن يقلق العالم؟

دروس تجربة «جدري القردة» تفرض «الحذر»

مراقبة مرض فيروس الإيبولا على الحدود بين جمهورية الكونغو الديمقراطية وأوغندا (منظمة الصحة العالمية)
مراقبة مرض فيروس الإيبولا على الحدود بين جمهورية الكونغو الديمقراطية وأوغندا (منظمة الصحة العالمية)
TT

عودة «إيبولا» إلى أوغندا... هل يجب أن يقلق العالم؟

مراقبة مرض فيروس الإيبولا على الحدود بين جمهورية الكونغو الديمقراطية وأوغندا (منظمة الصحة العالمية)
مراقبة مرض فيروس الإيبولا على الحدود بين جمهورية الكونغو الديمقراطية وأوغندا (منظمة الصحة العالمية)

38 عاماً فصلت بين ظهور مرض «الإيبولا» لأول مره في دولة الكونغو الديمقراطية عام 1976. وبين أول إصابة خارج أفريقيا عام 2014 في إسبانيا، وهو ما يجعل ردود الفعل العالمية «هادئة»، إزاء التفشيات التي تحدث في أفريقيا، وآخرها أوغندا، من منطلق أن الفيروس لا يطرق في العادة أبوابهم.
ويتم بناء هذه المواقف الهادئة على حقيقة أن هذا الفيروس، الذي يوصف بـ«الفيروس المميت»، ليس من الفيروسات التنفسية التي تنتقل عن طريق الهواء، لكن انتقاله يحتاج إلى تواصل عن طريق ملامسة الدم أو سوائل الجسم أو إفرازات أو أعضاء الشخص المصاب أو المتوفى حديثاً، وهو سيناريو من الصعب حدوثه.
ويبدو هذا الكلام من الناحية النظرية «مطمئناً»، ولكن لا يزال العالم يعيش تجربة «جدري القردة»، وهو فيروس لا يتسبب في حالات وفيات كثيرة مثل الإيبولا، ولكن آليات انتقالهما متشابهة.
ومثل تفشيات «الإيبولا»، لم يكن العالم ينشغل كثيراً بتفشيات جدري القردة في المناطق التي يستوطنها في غرب وشرق أفريقيا، ولكن التفشي الأخير للفيروس، والذي لا يعرف مصدره، على وجه الدقة، حتى الآن، خرج بالفيروس من المناطق التي يستوطنها لينتشر حتى الآن في 92 دولة.
وبينما كان انتشار «جدري القردة» في حالات التفشي السابقة بطيئاً، فإنه ينتشر - حالياً - بشكل أسرع من أي انتشار آخر في التاريخ الحديث، وهو الأمر الذي يحير العلماء إلى الآن، إذ إنهم لا يرون أن التركيبة الجينية للفيروس الحالي، مختلفة كثيراً عن الفيروس في التفشيات السابقة.

وبشأن إمكانية انتقال هذا المرض لدول عربية لديها خطوط طيران مباشرة مع أوغندا أو علاقات تجارية، يقول شيوري كوداما، استشاري الوقاية من الأخطار المعدية والتأهب لها في المكتب الإقليمي لشرق المتوسط بمنظمة «الصحة العالمية»، إن لدى دول الإقليم إجراءات استعداد متعددة منذ تفشي فيروس إيبولا في غرب أفريقيا عامي 2014 و2015 حتى الآن.
وأوضح كوداما لـ«الشرق الأوسط أنه «مع التفشي الحالي أجرت دول الإقليم تقييماً سريعاً لتدابير التأهب والاستعداد للإيبولا، وتمت معالجة أي ثغرات من خلال خطط العمل التي تتناول القدرات المختبرية والتشخيصية على المعابر الحدودية، والمراقبة وتتبع الاتصال، والكشف المختبري والتشخيص، وإدارة الحالات والوقاية من العدوى ومكافحتها، والإبلاغ عن المخاطر، والدفن الآمن».
وبالإضافة لذلك، فإن «الجهود المبذولة بشكل تدريجي، استجابة لتفشي فيروس (كورونا) المستجد، وبعده جدري القردة، قد ساعدت على بناء قدرات قطرية أكثر مرونة لمنع انتشار المرض إلى المنطقة»، وفق ما يؤكد كوداما.
وعن الأشياء المشتركة بين جدري القردة والإيبولا، يوضح كوداما، أن «كليهما لديه إمكانية الانتقال من حيوان إلى إنسان (حيواني المنشأ) عن طريق الاتصال المباشر بالدم أو سوائل الجسم أو الآفات الجلدية أو المخاطية للحيوانات المصابة، ويمكن أن ينتج انتقال العدوى من إنسان إلى إنسان عن الاتصال الوثيق بإفرازات الجهاز التنفسي والجلد وآفات شخص مصاب أو أشياء ملوثة حديثاً، وبالإضافة إلى ذلك، تم وصف انتقال الفيروس عن طريق الاتصال الجنسي في كلتا الحالتين».
وبينما تبلغ فترة حضانة مرض فيروس الإيبولا (من 2 إلى 21 يوماً)، فإن فترة حضانة جدري القردة (عادة ما بين 6 إلى 13 يوماً، ولكن يمكن أن تتراوح من 5 إلى 21 يوماً).
وتراوحت نسبة إماتة حالات جدري القرود تاريخياً من 0 إلى 11 في المائة في عموم السكان، بينما تراوحت معدلات إماتة الإصابة بفيروس إيبولا السودان من 41 إلى مائة في المائة في حالات تفشي المرض السابقة.
وحتى لا يجد العالم نفسه بين عشية وضحاها، أمام تفشٍ عالمي غير معروف مصدره ولا أسباب انتشاره مثل ما يحدث مع مرض جدري القردة، يجب أن يكون الأداء مختلفاً هذه المرة مع تفشي «الإيبولا» الذي تشهده أوغندا حالياً، كما يطالب محمد سمير، أستاذ الأمراض المشتركة بجامعة الزقازيق (شمال شرقي القاهرة).
ويقول سمير في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «يجب أن يهتم العالم، وليس أوغندا وحدها، بدراسة أسباب التفشي الحالي جيداً، لا سيما أن هذه هي المرة الأولى منذ أكثر من عقد من الزمن التي تسجل فيها أوغندا إصابة بسلالة إيبولا السودان، كما يجب أيضاً معرفة، هل حدث أي تغير في سلوك الفيروس أو أن الفيروس عثر على مستودع حيواني جديد».
وتوجد خمسة من أنواع فيروسات الإيبولا، التي تسبب المرض للإنسان، وهي سلالات زائير، والسودان، بونديبوجيو (غرب أوغندا)، وريستون (تم عزله في مختبر رستون بولاية فرجينيا الأميركية مستخلصاً من قرد أفريقي)، وأخيراً فيروس «غابة تاي» بكوت ديفوار.
ويُشتبه في أن الحيوان المستودع الطبيعي للفيروس هو نوع من خفافيش الفاكهة، التي لا تمرض في حد ذاتها ولكنها يمكن أن تنقل المرض إلى الرئيسيات، بما في ذلك البشر، ويتعرّض الإنسان للفيروس إذا قتل الخفافيش المصابة أو قام باصطيادها للحصول على طعامها.
وبالإضافة إلى الخوف من مفاجآت الفيروس، عبر تغير سلوكه أو المستودع الحيواني الخاص به، وهو ما يفرض مزيداً من الحذر، فإن آلية الانتقال البطيئة للفيروس التي تتطلب تلامساً جسدياً مع المصاب، لا تزال هي الأخرى، رغم أنها سيناريو مستبعد، تمثل خطراً، لا يجب إهماله، كما يوضح سمير.
ويضيف: «المرض لا يعلن عن نفسه إلا بعد ظهور الأعراض بعد فترة حضانة تتراوح بين يومين و21 يوماً، ومن ثم فإنه في حال غياب آليات المراقبة والإنذار في مراكز المراقبة الصحية وفي المطارات وفي مراكز المنافذ البرية، يمكن أن يتسلل حاملو الفيروس إلى الداخل بسهولة لنشر العدوى لعدم ظهور أي أعراض عليهم، وهو ما حدث مع أول انتقال للفيروس من أفريقيا إلى أوروبا».
وأول شخص أصيب خارج أفريقيا بالفيروس، هو ممرضة إسبانية في عام 2014. وذلك بعد تنظيفها غرفة المستشفى لمبشر إسباني أعيد إلى وطنه مصاباً بالفيروس من غرب أفريقيا، ومات المبشر لكن الممرضة نجت.
وكانت وزارة الصحة الأوغندية قد أعلنت الثلاثاء عن أول حالة وفاة في البلاد بسبب فيروس إيبولا شديد العدوى منذ عام 2019. معلنة تفشي المرض في منطقة «موبيندي» بوسط البلاد.
وقالت منظمة الصحة العالمية في بيان صدر في وقت سابق يوم الثلاثاء، إن رجلاً يبلغ من العمر 24 عاماً في موبيندي أثبتت إصابته بـ«سلالة السودان النادرة نسبياً».
وأوضحت المنظمة أن «ذلك يأتي بعد تحقيق أجراه فريق الاستجابة السريعة الوطني في ست حالات وفاة حدثت في المنطقة هذا الشهر، ويشتبه أنها بسبب الإيبولا، كما أن ثمانية مرضى آخرين يشتبه في أنهم يخضعون للعلاج».
وقال ماتشيديسو مويتي، مدير منظمة الصحة العالمية في أفريقيا: «هذه هي المرة الأولى منذ أكثر من عقد من الزمن التي تسجل فيها أوغندا سلالة الإيبولا في السودان، ونحن نعمل عن كثب مع السلطات الصحية الوطنية للتحقيق في مصدر هذا الفاشية».
وكان هناك سبع حالات تفشٍ سابقة لسلالة السودان، بما في ذلك أربع مرات في أوغندا وثلاث مرات في السودان.
وشهدت أوغندا، التي تشترك في حدود سهلة الاختراق مع جمهورية الكونغو الديمقراطية، عدة فاشيات للإيبولا في الماضي، كان آخرها في عام 2019. عندما توفي خمسة أشخاص على الأقل.
وسجلت جمهورية الكونغو الديمقراطية الشهر الماضي حالة جديدة في شرقها الذي مزقته أعمال العنف، بعد أقل من ستة أسابيع من إعلان انتهاء تفشي الوباء في شمال غربي البلاد.
ومعدلات وفيات هذا المرض مرتفعة، حيث تبلغ نحو 50 في المائة في المتوسط من المصابين، وفق بيانات منظمة الصحة العالمية، والخيارات العلاجية المتاحة لهذا المرض، هي لقاح «أرفيبو» من شركة «ميرك»، وهو أول لقاح إيبولا معتمد من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية في ديسمبر (كانون الأول) 2019. وهو فعال للغاية في حماية الناس من سلالة زائير.
كما أبلغت مجموعة «جونسون أند جونسون» الأميركية عن نتائج واعدة للقاحها «زابدينو»، المكون من جرعتين ضد سلالة زائير، وقد تم التصريح باستخدامه في الاتحاد الأوروبي.
وفيما يتعلق بالعلاج، أوصت منظمة الصحة العالمية في أغسطس (آب) الماضي، بدواءين منقذين للحياة، وهما «إنمازب» و«إيبانجا»، وتم تجربتهما بنجاح أثناء تفشٍ سابق لفيروس إيبولا.


مقالات ذات صلة

بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

يوميات الشرق بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

تقدمت كريستين باومغارتنر، الزوجة الثانية للممثل الأميركي كيفين كوستنر، بطلب للطلاق، بعد زواجٍ دامَ 18 عاماً وأثمر عن ثلاثة أطفال. وذكرت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية أن الانفصال جاء بسبب «خلافات لا يمكن حلُّها»، حيث تسعى باومغارتنر للحضانة المشتركة على أطفالهما كايدين (15 عاماً)، وهايس (14 عاماً)، وغريس (12 عاماً). وكانت العلاقة بين كوستنر (68 عاماً)، وباومغارتنر (49 عاماً)، قد بدأت عام 2000، وتزوجا عام 2004.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
يوميات الشرق متحف «المركبات» بمصر يحيي ذكرى الملك فؤاد الأول

متحف «المركبات» بمصر يحيي ذكرى الملك فؤاد الأول

افتتح متحف المركبات الملكية بمصر معرضاً أثرياً مؤقتاً، اليوم (الأحد)، بعنوان «صاحب اللقبين فؤاد الأول»، وذلك لإحياء الذكرى 87 لوفاة الملك فؤاد الأول التي توافق 28 أبريل (نيسان). يضم المعرض نحو 30 قطعة أثرية، منها 3 وثائق أرشيفية، ونحو 20 صورة فوتوغرافية للملك، فضلاً عن فيلم وثائقي يتضمن لقطات «مهمة» من حياته. ويشير عنوان المعرض إلى حمل فؤاد الأول للقبين، هما «سلطان» و«ملك»؛ ففي عهده تحولت مصر من سلطنة إلى مملكة. ويقول أمين الكحكي، مدير عام متحف المركبات الملكية، لـ«الشرق الأوسط»، إن المعرض «يسلط الضوء على صفحات مهمة من التاريخ المصري، من خلال تناول مراحل مختلفة من حياة الملك فؤاد».

نادية عبد الحليم (القاهرة)
يوميات الشرق وضع تسلسل كامل لجينوم «اللبلاب» المقاوم لتغير المناخ

وضع تسلسل كامل لجينوم «اللبلاب» المقاوم لتغير المناخ

قام فريق بحثي، بقيادة باحثين من المعهد الدولي لبحوث الثروة الحيوانية بكينيا، بوضع تسلسل كامل لجينوم حبة «فول اللبلاب» أو ما يعرف بـ«الفول المصري» أو «الفول الحيراتي»، المقاوم لتغيرات المناخ، بما يمكن أن يعزز الأمن الغذائي في المناطق المعرضة للجفاف، حسب العدد الأخير من دورية «نيتشر كومينيكيشن». ويمهد تسلسل «حبوب اللبلاب»، الطريق لزراعة المحاصيل على نطاق أوسع، ما «يجلب فوائد غذائية واقتصادية، فضلاً على التنوع الذي تشتد الحاجة إليه في نظام الغذاء العالمي».

حازم بدر (القاهرة)
يوميات الشرق «الوثائقية» المصرية تستعد لإنتاج فيلم عن «كليوباترا»

«الوثائقية» المصرية تستعد لإنتاج فيلم عن «كليوباترا»

في رد فعل على فيلم «الملكة كليوباترا»، الذي أنتجته منصة «نتفليكس» وأثار جدلاً كبيراً في مصر، أعلنت القناة «الوثائقية»، التابعة لـ«الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية بمصر»، اليوم (الأحد)، «بدء التحضير لإنتاج فيلم وثائقي عن كليوباترا السابعة، آخر ملوك الأسرة البطلمية التي حكمت مصر في أعقاب وفاة الإسكندر الأكبر». وأفاد بيان صادر عن القناة بوجود «جلسات عمل منعقدة حالياً مع عدد من المتخصصين في التاريخ والآثار والأنثروبولوجيا، من أجل إخضاع البحوث المتعلقة بموضوع الفيلم وصورته، لأقصى درجات البحث والتدقيق». واعتبر متابعون عبر مواقع التواصل الاجتماعي هذه الخطوة بمثابة «الرد الصحيح على محاولات تزييف التار

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق مؤلفا «تحت الوصاية» لـ«الشرق الأوسط»: الواقع أصعب مما طرحناه في المسلسل

مؤلفا «تحت الوصاية» لـ«الشرق الأوسط»: الواقع أصعب مما طرحناه في المسلسل

أكد خالد وشيرين دياب مؤلفا مسلسل «تحت الوصاية»، أن واقع معاناة الأرامل مع «المجلس الحسبي» في مصر: «أصعب» مما جاء بالمسلسل، وأن بطلة العمل الفنانة منى زكي كانت معهما منذ بداية الفكرة، و«قدمت أداء عبقرياً زاد من تأثير العمل». وأثار المسلسل الذي تعرض لأزمة «قانون الوصاية» في مصر، جدلاً واسعاً وصل إلى ساحة البرلمان، وسط مطالبات بتغيير بعض مواد القانون. وأعلنت شركة «ميديا هب» المنتجة للعمل، عبر حسابها على «إنستغرام»، أن «العمل تخطى 61.6 مليون مشاهدة عبر قناة (DMC) خلال شهر رمضان، كما حاز إشادات عديدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي». وكانت شيرين دياب صاحبة الفكرة، وتحمس لها شقيقها الكاتب والمخرج خالد د

انتصار دردير (القاهرة)

مصر تستعيد قطعاً أثرية ومومياء من آيرلندا

إحدى القطع الأثرية المصرية المُستردّة من آيرلندا (وزارة السياحة والآثار)
إحدى القطع الأثرية المصرية المُستردّة من آيرلندا (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر تستعيد قطعاً أثرية ومومياء من آيرلندا

إحدى القطع الأثرية المصرية المُستردّة من آيرلندا (وزارة السياحة والآثار)
إحدى القطع الأثرية المصرية المُستردّة من آيرلندا (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت مصر استعادة قطع أثرية من آيرلندا، تضمَّنت أواني فخارية ومومياء وقطعاً أخرى، عقب زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للدولة المذكورة.

وقالت وزارة الخارجية المصرية إنّ جهود استعادة القطع الأثرية من آيرلندا استمرّت طوال عام ونصف العام، وأوضحت في بيان، الجمعة، أنّ «القطع الأثرية التي استُردَّت من جامعة (كورك) الآيرلندية، هي مومياء مصرية وعدد من الأواني الفخارية والقطع الأثرية الأخرى، والجامعة أبدت تعاوناً كبيراً في تسهيل إجراءات إعادتها».

وتمثّل القطع المُستعادة حقبة مهمّة من التاريخ المصري القديم، وجزءاً من التراث الثقافي المصري الذي يحظى باهتمام الجميع، ومن المقرَّر عرضها في المتاحف المصرية، وفق بيان «الخارجية».

وأوضح الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار في مصر، الدكتور محمد إسماعيل خالد، أنّ «استرداد هذه القطع جاء وفقاً للاتفاق الثنائي الموقَّع مؤخراً بين المجلس الأعلى للآثار وجامعة (كورك) الآيرلندية»، مشيراً في بيان لوزارة السياحة والآثار، إلى أنّ الجامعة كانت قد حصلت عليها بين الأعوام 1920 و1930؛ ومن بينها تابوت خشبي ملوَّن بداخله بقايا مومياء ومجموعة من الأواني الكانوبية المصنوعة من الحجر الجيري بداخلها أحشاء المتوفّى.

القطع الأثرية المُستردّة تعود إلى حقب تاريخية مهمّة (وزارة السياحة والآثار)

بدوره، كشف مدير الإدارة العامة لاسترداد الآثار، المُشرف على الإدارة المركزية للمنافذ الأثرية، شعبان عبد الجواد، عن أنّ «الأواني الكانوبية التي استُردَّت لكاهن يُدعى (با ور)، من الأسرة 22 من العصر المتأخر؛ كان يحمل ألقاباً من بينها (حارس حقول الإله). أما التابوت الخشبي فهو من العصر الصاوي لشخص يُدعى (حور)، وكان يحمل لقب (حامل اللوتس)؛ وتوجد بداخله بقايا مومياء وعدد من أسنانها»، وفق بيان الوزارة.

وأعلنت مصر، في وقت سابق، استرداد أكثر من 30 ألف قطعة أثرية من 2014 حتى أغسطس (آب) 2024، كما استُردَّت أخيراً 67 قطعة أثرية من ألمانيا. وكانت وزارة الخارجية قد أعلنت في يناير (كانون الثاني) 2023 استرداد 17 قطعة أثرية من الولايات المتحدة الأميركية، أبرزها «التابوت الأخضر».

في هذا السياق، يرى عالم الآثار المصري الدكتور حسين عبد البصير، أنّ «استعادة القطع الأثرية والمومياوات فرصة لإثراء بحثنا الأثري والتاريخي، إذ تساعدنا في الكشف عن جوانب جديدة من التاريخ المصري»، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المقتنيات توفّر رؤى قيّمة حول أساليب الدفن والعادات الثقافية القديمة التي كانت جزءاً من الحياة اليومية للمصريين القدماء».

ويعدُّ عبد البصير هذه الاستردادات إسهاماً في تعزيز الهوية الوطنية، إذ تُساعد في الحفاظ على التراث الثقافي من أجل الأجيال القادمة، مؤكداً أنّ «وزارة الخارجية المصرية تلعب دوراً حيوياً في استرداد الآثار من خلال التفاوض مع الدول الأجنبية والتنسيق الدبلوماسي للوصول إلى حلول تفاوضية تُرضي الأطراف المعنيّة»، لافتاً إلى أنّ استرداد القطع يأتي بالتزامن مع زيارة الرئيس المصري إلى آيرلندا؛ مما يؤكد اهتمام الدولة على أعلى مستوياتها باسترداد آثار مصر المُهرَّبة من الخارج.

قطع متنوّعة من الآثار استردّتها مصر من آيرلندا (وزارة السياحة والآثار)

«وتسهم الاتفاقات الثنائية التي تعقدها مصر مع الدول في استعادة الآثار؛ منها 5 اتفاقات لمكافحة تهريبها والاتجار في الآثار المسروقة مع سويسرا وكوبا وإيطاليا وبيرو وكينيا»، وفق عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، ورئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية، الخبير الآثاري الدكتور عبد الرحيم ريحان، الذي يؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنّ «العلاقات القوية بين مصر وآيرلندا منذ تولّي الرئيس السيسي الحُكم أسهمت في استعادة هذه الآثار»، مشيراً إلى أنّ «مصر استعادت نحو 30 ألف قطعة أثرية منذ تولّيه الرئاسة، من الولايات المتحدة الأميركية، وإنجلترا، وفرنسا، وإسبانيا، وهولندا، وكندا، وألمانيا، وبلجيكا، وإيطاليا، وسويسرا، ونيوزيلندا، وقبرص، والإمارات، والكويت، والأردن».

ويتابع: «جاء ذلك بعد جهود حثيثة من إدارة الآثار المُستردة بالمجلس الأعلى للآثار، وبمتابعة مستمرّة لكل المزادات العلنية، وكل ما يُنشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وعبر وكالات الأنباء الدولية عن الآثار المصرية المنهوبة، وعن طريق مفاوضات مثمرة، بالتعاون بين وزارات السياحة والآثار والخارجية والداخلية في مصر».