«المحاسبة» الليبي يكشف «تجاوزات وتبديدا» للمال العام

الديوان رصد إنفاق حكومة الدبيبة الملايين لشراء السيارات واستئجار الطائرات

لقاء سابق يجمع خالد شكشك رئيس ديوان المحاسبة الليبي بالدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة (ديوان المحاسبة)
لقاء سابق يجمع خالد شكشك رئيس ديوان المحاسبة الليبي بالدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة (ديوان المحاسبة)
TT

«المحاسبة» الليبي يكشف «تجاوزات وتبديدا» للمال العام

لقاء سابق يجمع خالد شكشك رئيس ديوان المحاسبة الليبي بالدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة (ديوان المحاسبة)
لقاء سابق يجمع خالد شكشك رئيس ديوان المحاسبة الليبي بالدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة (ديوان المحاسبة)

كشف ديوان المحاسبة الليبي، برئاسة خالد شكشك، «تجاوزات مالية واسعة»، بعضها تورطت فيها جهات حكومية ومسؤولون سياسيون، تتعلق بالإنفاق الواسع على شراء السيارات واستئجار الطائرات الخاصة وتوريد وجبات الطعام لمجلس رئاسة الوزراء، بالإضافة إلى توريد الهواتف والحواسيب، والحجوزات الفندقية لأشخاص ليست لهم صفة وظيفية بالمجلس.
ورصد ديوان المحاسبة في تقريره السنوي لعام 2021، «الموقف العام عن الوضع المالي للدولة ونتائج مراجعة وتقييم أداء القطاعات المختلفة بالدولة»، وأوضح قدراً من المخالفة المالية، خصوصاً داخل مجلس الوزراء، ما وصفه مسؤولون ونواب برلمانيون بأنه «تبديد واسع» للمال العام.
https://www.facebook.com/AuditbureauLibya/videos/427805242787412/
وتضمن التقرير، الذي جاء في 18 فصلاً، قيام ديوان رئاسة الوزراء في طرابلس باستئجار طائرات خاصة، بما يقدر بخمسة ملايين دينار ليبي، من بينها 540 ألف دينار لرحلة الجزائر، التي أجراها عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة في أبريل (نيسان) الماضي، (الدولار في السوق السوداء يوازي 5.185 دينار).
وقال مسؤول بحكومة «الوحدة» المؤقتة لـ«الشرق الأوسط»، إن النائب العام سيبدأ التحقيق فيما ورد بالتقرير من تبديد للمال العام، «وعلى الجهات التي ورد ذكرها به تقديم ما يثبت براءتها، أو الخضوع للتحقيق فيما وجه إليها من عدم الحفاظ على المال العام».
وأورد التقرير توريد وجبات إفطار وغذاء وعشاء لديوان مجلس الوزراء بحكومة الدبيبة، بشكل مبالغ فيه، وذلك خلال يونيو (حزيران) 2021 تجاوزت 1.9 مليون دينار، بالإضافة لتوفير ذات الوجبات لأفراد حراسة، من بينهم المكلفون بحراسة قصر بن غشير، فضلاً عن «تذاكر طيران وحجوزات فندقية لأشخاص ليست لهم علاقة وظيفية به».
وقال ديوان المحاسبة، وهو يعد أكبر جهة رقابية في البلاد، إنه لوحظ «تفشي ظاهرة التعاقد بالتكليف المباشر كبديل عن المناقصة العامة ما يعد انحرافاً عن مبادئ النزاهة والشفافية، وبالمخالفة للوائح والتشريعات المنظمة».
والتقرير الذي رفعه الديوان إلى مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» تطبيقاً للقانون، أحدث موجة من الغضب في الأوساط الاجتماعية والسياسية، بالنظر إلى ما تعانيه ليبيا من وضع اقتصادي متأزم ينعكس على الأحوال المعيشية للمواطنين، وتردي الخدمات الحكومية.
ومع تصاعد حالة الغضب الشعبي، أمر الدبيبة، مساء أمس، الوزارات والهيئات والمؤسسات والأجهزة التابعة لها، بإعداد «الردود اللازمة على الملاحظات الواردة في تقرير ديوان المحاسبة، والإجابة عن جميع التساؤلات في مؤتمر صحافي»، كما حمّلها «المسؤولية في حال ثبوت وجود أي تقصير أو مخالفات وردت في التقرير».
وتطرق التقرير إلى بند السيارات المشتراة لحساب مجلس الوزراء، وتجاهل توريد فواتير صيانتها، وقال الديوان إنه رصد مبالغة في شراء عدد كبير من السيارات، فضلاً عن شراء أنواع باهظة الثمن دون تحديد الأولويات أو الضروريات لاقتنائها».
ورصد التقرير أيضاً أن الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية في طرابلس، تعاقدت على توريد (زي عربي) بقيمة 700 ألف دينار، دون تقديم ما يثبت الكمية المتعاقد على توريدها، لافتاً إلى أن الهيئة «صرفت عدداً من الزي العربي للطلبة المشاركين في برنامج (حلق الذكر)، ولا تربطهم علاقة وظيفية بالهيئة، الأمر الذي يعد تصرفاً في المال العام بالمجان بالمخالفة لنص قانون النظام المالي للدولة».
وتحدث التقرير عن وزارات عديدة تابعة لحكومة الدبيبة، أسرفت في عملية الشراء دون التقيد بتقديم ما يثبت، لكنه لفت إلى أن وزارة الخدمة المدنية توسعت في شراء أجهزة الهواتف المحمولة (iphone)، بالإضافة إلى أجهزة الحاسوب المحمولة والمكتبية مع انفراد الوزير بتكليف الشركات في جميع أذونات الصرف رغم وجود إدارات، كما لوحظت المبالغة في أسعار هذه الأجهزة.
وأفاد التقرير بأن قرارات الإيفاد للتمثيل الخارجي أظهرت افتقار وزارة الخارجية إلى قاعدة بيانات إلكترونية أو منظومة مركزية تقيد فيها كل القرارات الصادرة بحيث يمكن الرجوع إليها عند الحاجة، لافتاً إلى ارتفاع الرواتب السنوية للدبلوماسيين العاملين في السفارات الليبية خلال عام واحد بما يزيد على نصف مليار دولار.
ولفت التقرير إلى أن الدين العام المصرفي ارتفع إلى 84 مليار دينار، بعد اقتراض حكومة «الوحدة» 26.7 مليار دينار، بجانب تكبد ليبيا خسائر بيعية تجاوزت عشرة مليارات دولار، جراء الإقفال القسري للمنشآت النفطية لمدة تسعة أشهر خلال عام 2020.
ونوه الديوان، في بداية تقريره، بأن عام 2021 شهد حالة من «التحسن النسبي في الأوضاع الأمنية والاقتصادية، نتيجة الهدنة المتفق عليها بالمسار الأمني، وفتح حقول النفط، لكنه رأى أن الاستقرار الذي عاشته ليبيا «كان هشاً»، بسبب «عدم الاستناد إلى قاعدة سليمة»، بالإضافة إلى أن «الظروف السياسية لا تزال متوترة»، إذ سرعان ما تعقّدت الأمور من جديد نهاية العام مع نشوء خلافات أمنية وسياسية، انعكست على الأمور الاقتصادية، فلم يجرِ إصدار قانون للموازنة العامة، واستمرت حالة غياب المساءلة والمحاسبة».
وسبق لمكتب النائب العام المستشار الصديق الصور التحقيق في قضايا فساد عديدة طوال الأشهر الماضية، تورط فيها مسؤولون حكوميون، وموظفون في مؤسسات الدولة، كما لفت ديوان المحاسبة إلى أنه أحال 144 ملف فساد للنائب العام وهيئة الرقابة الإدارية.


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

انفراجة في أزمة المدارس السودانية الموقوفة بمصر

امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية في القاهرة)
امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية في القاهرة)
TT

انفراجة في أزمة المدارس السودانية الموقوفة بمصر

امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية في القاهرة)
امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية في القاهرة)

في انفراجة لأزمة المدارس السودانية الموقوفة بمصر، أعلنت السفارة السودانية بالقاهرة، إعادة فتح مدرسة «الصداقة»، التابعة لها، فيما ستقوم لجنة من وزارة التعليم المصرية، بزيارة لبعض المدارس الأخرى المغلقة، للتأكد من «توافر اشتراطات ممارسة النشاط التعليمي».

وفي يونيو (حزيران) الماضي، أغلقت السلطات المصرية المدارس السودانية العاملة في البلاد، لحين توفر اشتراطات قانونية لممارسة النشاط التعليمي، تشمل موافقات من وزارات التعليم والخارجية السودانية، والخارجية المصرية، وتوفير مقر يفي بجميع الجوانب التعليمية، وإرفاق بيانات خاصة بمالك المدرسة، وملفاً كاملاً عن المراحل التعليمية وعدد الطلاب المنتظر تسجيلهم.

وحسب تقديرات رسمية، تستضيف مصر نحو مليون و200 ألف سوداني، فروا من الحرب السودانية، إلى جانب ملايين آخرين يعيشون في المدن المصرية منذ عقود.

وقالت السفارة السودانية، في إفادة لها مساء الاثنين، إن السلطات المصرية وافقت على استئناف الدراسة في مدرسة «الصداقة» بالقاهرة، وإن «إدارة المدرسة، ستباشر أعمال التسجيل للعام الدراسي، الجديد ابتداء من الأحد الأول من ديسمبر (كانون الأول) المقبل».

وتتبع مدرسة «الصداقة» السفارة السودانية، وافتتحت عام 2016، لتدريس المناهج السودانية لأبناء الجالية المقيمين في مصر، بثلاث مراحل تعليمية (ابتدائي وإعدادي وثانوي).

وبموازاة ذلك، أعلنت السفارة السودانية، الثلاثاء، قيام لجنة من وزارة التعليم المصرية، بزيارة بعض المدارس السودانية المغلقة، لـ«مراجعة البيئة المدرسية، والتأكد من توافر اشتراطات ممارسة النشاط التعليمي»، وشددت في إفادة لها، على أصحاب المدارس «الالتزام بتقديم جميع المستندات الخاصة بممارسة النشاط التعليمي، وفق الضوابط المصرية».

وفي وقت رأى رئيس «جمعية الصحافيين السودانيين بمصر»، عادل الصول، أن إعادة فتح «الصداقة» «خطوة إيجابية»، غير أنه عدّها «غير كافية»، وقال إن «المدرسة التي تمثل حكومة السودان في مصر، تعداد من يدرس فيها يقارب 700 طالب، ومن ثمّ لن تستوعب الآلاف الآخرين من أبناء الجالية»، عادّاً أن «استئناف النشاط التعليمي بباقي المدارس ضروري، لاستيعاب جميع الطلاب».

وأوضح الصول، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «غالبية السودانيين الذين فروا من الحرب، اختاروا مصر، رغبة في استكمال تعليم أبنائهم»، مشيراً إلى أن «توقف الدراسة بتلك المدارس منذ أكثر من ثلاثة أشهر، سبب ارتباكاً لغالبية الجالية»، وأشار إلى أن «المدارس التي تقوم وزارة التعليم المصرية بمراجعة اشتراطات التدريس بها، لا يتجاوز عددها 40 مدرسة، وفي حالة الموافقة على إعادة فتحها، لن تكفي أيضاً كل أعداد الطلاب الموجودين في مصر».

وسبق أن أشار السفير السوداني بالقاهرة، عماد الدين عدوي، إلى أن «عدد الطلاب السودانيين الذين يدرسون في مصر، أكثر من 23 ألف طالب»، وقال نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن «المستشار الثقافي بالسفارة، قام بزيارات ميدانية للعديد من المدارس السودانية المغلقة، للتأكد من التزامها بمعايير وزارة التعليم المصرية، لممارسة النشاط التعليمي»، منوهاً إلى «اعتماد 37 مدرسة، قامت بتقنين أوضاعها القانونية، تمهيداً لرفع ملفاتها إلى السلطات المصرية، واستئناف الدراسة بها».

وبمنظور رئيس لجنة العلاقات الخارجية بـ«جمعية الصداقة السودانية – المصرية»، محمد جبارة، فإن «عودة الدراسة لمدرسة الصداقة السودانية، انفراجة لأزمة المدارس السودانية»، وقال: «هناك ترحيب واسع من أبناء الجالية، بتلك الخطوة، على أمل لحاق أبنائهم بالعام الدراسي الحالي».

وأوضح جبارة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأمر يستوجب إعادة النظر في باقي المدارس المغلقة، لضمان لحاق جميع الطلاب بالعام الدراسي»، وشدد على «ضرورة التزام باقي المدارس السودانية، باشتراطات السلطات المصرية لممارسة النشاط التعليمي مرة أخرى».

وكان السفير السوداني بالقاهرة، قد ذكر في مؤتمر صحافي، السبت الماضي، أن «وزير التعليم السوداني، سيلتقي نظيره المصري، الأسبوع المقبل لمناقشة وضع المدارس السودانية».