«الفيدرالي» في اختبار «مرتفع التكلفة» لترويض التضخم

شبح الركود يخيم على الاقتصاد الأميركي... و«الهبوط الناعم» بعيد المنال

من المتوقع أن يعلن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي اليوم رفع سعر الفائدة للمرة الثالثة (أ.ف.ب)
من المتوقع أن يعلن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي اليوم رفع سعر الفائدة للمرة الثالثة (أ.ف.ب)
TT

«الفيدرالي» في اختبار «مرتفع التكلفة» لترويض التضخم

من المتوقع أن يعلن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي اليوم رفع سعر الفائدة للمرة الثالثة (أ.ف.ب)
من المتوقع أن يعلن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي اليوم رفع سعر الفائدة للمرة الثالثة (أ.ف.ب)

من المتوقع أن يعلن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي اليوم الأربعاء رفع سعر الفائدة مرة أخرى بعد اجتماعات استمرت يومي الثلاثاء والأربعاء، وسط توقعات أن يعلن سعر الفائدة الرئيسي قصير الأجل بمقدار ثلاثة أرباع نقطة أساسية للمرة الثالثة على التوالي خلال العام الجاري، وهو ما سيؤثر على العديد من قروض المستهلكين والشركات - إلى نطاق من 3 في المائة إلى 3.25 في المائة، كما سيرفع من تكاليف الاقتراض والرهون العقارية وقروض السيارات ويجعل شبح الركود يخيم على الاقتصاد الأميركي بشكل أكثر قسوة.
ومن المقرر أن يعلن جيروم باول ومسؤولون آخرون في الاحتياطي الفيدرالي هذه الزيارة بهدف تحقيق ما يسمي بالهبوط الناعم الذي يعمل على إبطاء النمو بما يكفي لترويض التضخم ولكن ليس بقدر ما يؤدي إلى الركود.
وتعد الزيادة الجديدة علامة واضحة على قلق الاحتياطي الفيدرالي المتزايد بشأن معدلات التضخم المرتفعة، من المحتمل أيضاً أن يشير ذلك إلى أنه يخطط لرفع أسعار الفائدة أعلى بكثير بحلول نهاية العام مما كان متوقعاً قبل ثلاثة أشهر - وإبقائها أعلى لفترة أطول. ويتوقع الاقتصاديون أن يعلن مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي أن سعر الفائدة الرئيسي قد يرتفع إلى 4 في المائة بنهاية هذا العام. ومن المحتمل أيضاً أن تشير إلى زيادات إضافية في عام 2023، ربما تصل إلى 4.5 في المائة تقريباً.
ويهدف الاحتياطي الفيدرالي إلى أن تؤدي تكاليف الاقتراض المرتفعة إلى إبطاء النمو عن طريق تهدئة سوق العمل الذي لا يزال قوياً للحد من نمو الأجور وضغوط التضخم الأخرى. ويخشى الاقتصاديون من أن الاحتياطي الفيدرالي قد يضعف الاقتصاد ويتسبب في انكماش قد يؤدي إلى فقدان الوظائف.
ولم يشهد الاقتصاد الأميركي معدلات مرتفعة - كما يتوقع بنك الاحتياطي الفيدرالي - منذ ما قبل الأزمة المالية لعام 2008. في الأسبوع الماضي، تجاوز متوسط معدل الرهن العقاري الثابت 6 في المائة، وهو أعلى مستوى له منذ 14 عاماً. وصلت تكاليف اقتراض بطاقات الائتمان إلى أعلى مستوى لها منذ عام 1996.
ويبدو أن ترويض التضخم هو هدف بعيد المنال مع الارتفاعات غير المسبوقة في المواد الغذائية والطاقة بشكل أسرع مما كان متوقعاً، وقد أشار تقرير حكومي الأسبوع الماضي إلى انتشار التضخم على نطاق واسع في جميع قطاعات الاقتصاد الأميركي مما قد يعقد جهود الاحتياطي الفيدرالي لمكافحة التضخم.
كان باول قد أعلن في يونيو (حزيران) الماضي رفع سعر الفائدة بمقدار ثلاثة أرباع نقطة، وحاول رئيس الاتحادي الفيدرالي طمأنة الأسواق حول تكهنات برفع جديد للفائدة وقال للصحافيين في ذلك الوقت: «لا أتوقع أن تكون تحركات بهذا الحجم شائعة»، لكن بعد تقرير التضخم المثير للقلق في أغسطس (آب)، يبدو أن بنك الاحتياطي الفيدرالي الآن متأكد تماماً من الإعلان عن هذه الزيادة الثالثة بل إن هناك توقعات برفع رابع للفائدة، إذا لم تتحسن المقاييس المستقبلية للتضخم.
وقد ألمحت لوريتا ميستر، رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في كليفلاند وأحد المسؤولين الـ12 الذين سيصوتون على قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي اليوم، إلى أنها تعتقد أنه سيكون من الضروري رفع سعر الفائدة الفيدرالية إلى «أعلى قليلاً من 4 في المائة بحلول أوائل العام المقبل».
ويقول الخبراء إن التضخم الآن يغذيه بشكل متزايد ارتفاع الأجور ورغبة المستهلكين الثابتة في الإنفاق وبدرجة أقل بسبب نقص الإمدادات الذي أفسد الاقتصاد خلال فترة الركود الوبائي. وقال ويليام دادلي الرئيس السابق لبنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك إن «مسؤولي الاتحادي الفيدرالي سيحاولون تجنب الركود، وتحقيق هبوط سلس، لكن المشكلة هي أن المساحة المتاحة للقيام بذلك تكاد تكون معدومة في هذه المرحلة».
وأشار تقرير لمركز بروكينغز في واشنطن إلى أن معدلات البطالة قد ترتفع إلى 7.5 في المائة لإعادة التضخم إلى هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المائة، وأن الركود وتسريح العمالة على نطاق واسع سيكون ضرورياً لإبطاء ارتفاع الأسعار.


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

الاقتصاد «الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

للمرة العاشرة منذ مارس (آذار) العام الماضي، اتجه البنك الاتحادي الفيدرالي الأميركي إلى رفع سعر الفائدة بمقدار 0.25 نقطة أساس، يوم الأربعاء، في محاولة جديدة لكبح جماح معدلات التضخم المرتفعة، التي يصارع الاتحادي الفيدرالي لخفضها إلى 2 في المائة دون نجاح ملحوظ. وأعلن مجلس الاحتياطي الاتحادي رفع سعر الفائدة الرئيسي 25 نقطة أساس إلى نطاق 5.00 و5.25 في المائة، لتستمر بذلك زيادات أسعار الفائدة منذ مارس 2022 وهي الأكثر تشدداً منذ 40 عاماً، في وقت يثير المحللون الاقتصاديون تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الزيادة ستكون آخر مرة يقوم فيها الاتحادي الفيدرالي برفع الفائدة، أم أن هناك مزيداً من الخطوات خلال الفت

هبة القدسي (واشنطن)
الاقتصاد أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

لا تتوقف تداعيات الحرب التجارية الدائرة منذ سنوات بين الولايات المتحدة والصين عند حدود الدولتين، وإنما تؤثر على الاقتصاد العالمي ككل، وكذلك على جهود حماية البيئة ومكافحة التغير المناخي. وفي هذا السياق يقول الكاتب الأميركي مارك غونغلوف في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء إن فرض رسوم جمركية باهظة على واردات معدات الطاقة الشمسية - في الوقت الذي يسعى فيه العالم لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري ومكافحة تضخم أسعار المستهلك وتجنب الركود الاقتصادي - أشبه بمن يخوض سباق العدو في دورة الألعاب الأوليمبية، ويربط في قدميه ثقلا يزن 20 رطلا. وفي أفضل الأحوال يمكن القول إن هذه الرسوم غير مثمرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الدولار يتراجع  في «ساعات الترقب»

الدولار يتراجع في «ساعات الترقب»

هبط الدولار يوم الأربعاء بعد بيانات أظهرت تراجع الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة، فيما ترقبت الأنظار على مدار اليوم قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) الذي صدر في وقت لاحق أمس بشأن أسعار الفائدة. وأظهرت بيانات مساء الثلاثاء انخفاض الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة للشهر الثالث على التوالي خلال مارس (آذار)، وسجلت معدلات الاستغناء عن الموظفين أعلى مستوياتها في أكثر من عامين، ما يعني تباطؤ سوق العمل، وهو ما قد يساعد الاحتياطي الفيدرالي في مكافحة التضخم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي  أقل من 70 دولاراً للبرميل

النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي أقل من 70 دولاراً للبرميل

واصلت أسعار النفط تراجعها خلال تعاملات أمس الأربعاء، بعد هبوطها بنحو 5 في المائة في الجلسة السابقة إلى أدنى مستوى في خمسة أسابيع، فيما يترقب المستثمرون المزيد من قرارات رفع أسعار الفائدة هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد 2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

أظهر تحليل أجرته منظمات دولية تشمل الاتحاد الأوروبي ووكالات الأمم المتحدة المختلفة أن عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع أو يشهدون أوضاعا تتسم بانعدام الأمن الغذائي ارتفع في مختلف أنحاء العالم في 2022. وتوصل التقرير الذي صدر يوم الأربعاء، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إلى أن أكثر من ربع مليار شخص عانوا من جوع شديد أو من مجاعات كارثية العام الماضي.

أحمد الغمراوي (القاهرة)

ولاية جديدة لرئيسة منظمة التجارة العالمية وسط شبح «حروب ترمب»

رئيسة منظمة التجارة العالمية نغوزي أوكونجو - إيويالا في اجتماع سابق بمقر المنظمة في مدينة جنيف السويسرية (أ.ف.ب)
رئيسة منظمة التجارة العالمية نغوزي أوكونجو - إيويالا في اجتماع سابق بمقر المنظمة في مدينة جنيف السويسرية (أ.ف.ب)
TT

ولاية جديدة لرئيسة منظمة التجارة العالمية وسط شبح «حروب ترمب»

رئيسة منظمة التجارة العالمية نغوزي أوكونجو - إيويالا في اجتماع سابق بمقر المنظمة في مدينة جنيف السويسرية (أ.ف.ب)
رئيسة منظمة التجارة العالمية نغوزي أوكونجو - إيويالا في اجتماع سابق بمقر المنظمة في مدينة جنيف السويسرية (أ.ف.ب)

قالت منظمة التجارة العالمية، في بيان، إن رئيسة المنظمة نغوزي أوكونجو - إيويالا أُعيد تعيينها لفترة ثانية في اجتماع خاص، يوم الجمعة، مما يعني أن ولايتها الثانية ستتزامن مع ولاية الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وتتوقع مصادر تجارية أن يكون الطريق أمام المنظمة، التي يبلغ عمرها 30 عاماً، مليئاً بالتحديات، ومن المرجح أن يتسم بالحروب التجارية، إذ هدد ترمب بفرض رسوم جمركية باهظة على السلع من المكسيك وكندا والصين.

وتحظى أوكونجو - إيويالا، وزيرة المالية النيجيرية السابقة التي صنعت التاريخ في عام 2021 عندما أصبحت أول امرأة وأول أفريقية تتولى منصب المدير العام للمنظمة، بدعم واسع النطاق بين أعضاء منظمة التجارة العالمية. وأعلنت في سبتمبر (أيلول) الماضي أنها ستترشح مرة أخرى، بهدف استكمال «الأعمال غير المكتملة».

ولم يترشح أي مرشح آخر أمام أوكونجو - إيويالا. وقالت مصادر تجارية إن الاجتماع أوجد وسيلة لتسريع عملية تعيينها لتجنب أي خطر من عرقلتها من قبل ترمب، الذي انتقد فريق عمله وحلفاؤه كلاً من أوكونجو - إيويالا ومنظمة التجارة العالمية خلال الفترات الماضية. وفي عام 2020، قدمت إدارة ترمب دعمها لمرشح منافس، وسعت إلى منع ولايتها الأولى. ولم تحصل أوكونجو - إيويالا على دعم الولايات المتحدة إلا عندما خلف الرئيس جو بايدن، ترمب، في البيت الأبيض.

وفي غضون ذلك، حذّر الرئيس الأميركي جو بايدن، الخميس، من الإضرار بالعلاقات مع كندا والمكسيك، وذلك بعد تصريحات لخليفته المنتخب دونالد ترمب بشأن فرض رسوم جمركية على البلدين الجارين للولايات المتحدة.

وقال بايدن للصحافيين رداً على سؤال بشأن خطة ترمب: «أعتقد أنه أمر سيأتي بنتائج عكسية... آخر ما نحتاج إليه هو البدء بإفساد تلك العلاقات». وأعرب الرئيس الديمقراطي عن أمله في أن يعيد خليفته الجمهوري «النظر» في تعهّده فرض رسوم تجارية باهظة على البلدين «الحليفين» للولايات المتحدة.

وأثار ترمب قلق الأسواق العالمية، الاثنين، بإعلانه عبر منصات التواصل الاجتماعي، أنّ من أول إجراءاته بعد تسلّمه مهامه في يناير (كانون الثاني) المقبل ستكون فرض رسوم جمركية نسبتها 25 بالمائة على المكسيك وكندا اللتين تربطهما بالولايات المتحدة اتفاقية للتجارة الحرة، إضافة إلى رسوم نسبتها 10 بالمائة على الصين.

وتعهّد ترمب عدم رفع هذه الرسوم عن البلدين الجارين للولايات المتحدة قبل توقف الهجرة غير النظامية وتهريب المخدرات، مؤكداً أن التجارة ستكون من أساليب الضغط على الحلفاء والخصوم.

وبعدما أعربت عن معارضتها لتهديدات ترمب، أجرت رئيسة المكسيك، كلاوديا شينباوم، محادثة هاتفية مع الرئيس الأميركي المنتخب، الأربعاء، تطرقت إلى تدفق المهاجرين غير النظاميين إلى الولايات المتحدة عبر حدود البلدين ومكافحة تهريب المخدرات... وأعلن ترمب أنّ شينباوم «وافقت» على «وقف الهجرة» غير الشرعية، بينما سارعت الزعيمة اليسارية إلى التوضيح بأنّ موقف بلادها «ليس إغلاق الحدود».

ورداً على سؤال بشأن التباين في الموقفين، قالت الرئيسة المكسيكية في مؤتمرها الصحافي اليومي الخميس: «يمكنني أن أؤكد لكم... أننا لن نقوم أبداً، ولن نكون قادرين أبداً، على اقتراح أن نغلق الحدود».

وحذّر وزير الاقتصاد المكسيكي مارسيلو إبرار، الأربعاء، من أنّ مضيّ ترمب في فرض الرسوم التجارية على المكسيك سيؤدي إلى فقدان نحو 400 ألف وظيفة. وأكدت شينباوم، الخميس، أنّ أيّ «حرب رسوم تجارية» بين البلدين لن تحصل، وأوضحت أنّ «المهم كان التعامل مع النهج الذي اعتمده» ترمب، معربة عن اعتقادها بأن الحوار مع الرئيس الجمهوري سيكون بنّاء.

إلى ذلك، شدّد بايدن في تصريحاته للصحافيين في نانتاكت، إذ يمضي عطلة عيد الشكر مع عائلته، على أهمية الإبقاء على خطوط تواصل مع الصين. وقال: «لقد أقمت خط تواصل ساخناً مع الرئيس شي جينبينغ، إضافة إلى خط مباشر بين جيشينا»، معرباً عن ثقته بأنّ نظيره الصيني لا «يريد ارتكاب أيّ خطأ» في العلاقة مع الولايات المتحدة. وتابع: «لا أقول إنه أفضل أصدقائنا، لكنه يدرك ما هو على المحك».