بعد «معركة شوارع» دامية... هل زادت حدة العنف في مصر؟

{الداخلية} أوقفت متهمين في الشرقية عقب تداول مقطع يظهر الاشتباك

الداخلية المصرية توقف متهمين استخدموا أدوات عنف (فيسبوك)
الداخلية المصرية توقف متهمين استخدموا أدوات عنف (فيسبوك)
TT

بعد «معركة شوارع» دامية... هل زادت حدة العنف في مصر؟

الداخلية المصرية توقف متهمين استخدموا أدوات عنف (فيسبوك)
الداخلية المصرية توقف متهمين استخدموا أدوات عنف (فيسبوك)

تصدرت جرائم العنف ذات الطابع «الدموي» وسائل الإعلام وصفحات التواصل الاجتماعي في مصر خلال الأشهر الماضية، وهو ما قدر متابعون أنها «مشاهد غير مألوفة لم تعتد عليها البيئة المصرية فيما سبق».
انعكس ذلك من خلال جرائم عدة مختلفة الطابع، كان بدايتها حادث ذبح مواطن في أحد شوارع محافظة الإسماعيلية نهاية العام الماضي، مروراً بجرائم القتل باسم الحب بين طلاب جامعيين وزميلاتهم، ثم أخيراً كان تطور الشجار والمشاحنات إلى معارك شوارع دامية.
وفي أحدث تعبير عن العنف، كشفت وزارة الداخلية المصرية، (الأحد)، ملابسات القبض على أطراف مشادة كلامية تحولت لمشاجرة جماعية شهدتها مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية (80 كم شمال شرقي القاهرة)، والتي شهدت استخدام الأسلحة البيضاء والزجاجات الحارقة «مولوتوف» بين طرفيها، وحالة كر وفر بين أطرافها، ما أدى لسقوط جرحى من الجانبين. وهي الواقعة التي تداولها نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي عبر الصور ومقاطع الفيديو، واصفين الواقعة بـ«حرب شوارع».
وفي اليوم نفسه، نشبت مشاجرة بين عائلتين في محافظة قنا، لتتطور إلى معركة حامية بالأسلحة النارية، أسفرت عن سقوط قتيلين من طرفي المشاجرة.
فهل أصبحت هذه المشاهد المتكررة أمرا معتادا بما يعكس زيادة حدة العنف في مصر، أم أنها حالة استثنائية لأسباب معينة؟
يجيب الدكتور أيمن القرنفلي، أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب بجامعة بنها، على التساؤل بقوله إن «هناك تنامياً للعنف في الآونة الأخيرة داخل المجتمع المصري، سواء كان هذا العنف مادياً أو معنوياً»، موضحاً أن «العنف المادي هو الذي يتم عبر استخدام القوة البدنية للتعدي على الآخر أو قهره، ويندرج تحته استخدام أسلحة وأدوات هجومية، أما المعنوي فهو يشمل كل صور العنف التي لا يستخدم فيها أداة مادية، ومنها النظرة التي تحمل قسوة، أو التلفظ أو الاستهجان، والتنمر والتقليل من شأن الآخر».
ويُلقي أستاذ علم الاجتماع بالمسؤولية الأولى في تنامي هذا العنف على عاتق الأسرة المصرية، كونها «المؤسسة الأولى التي تتحمل التنشئة السليمة والتعليم والتثقيف وبث القيم والمعايير والمُثل لدى أبنائها»، مستدركا: «برغم هذا الدور فإن الأسرة أصبحت منشغلة عن هذه المهمة الأساسية، نتيجة عوامل متعددة، منها الضغوط الاقتصادية، واختلاف التركيبة الأسرية، ولأمور كثيرة أخرى، ومع هذا الانشغال يدعونا ذلك إلى التساؤل من يتولى التربية والتنشئة؟».
ويتابع: «هناك أدوات كثيرة احتلت دور الأسرة في التنشئة، منها ما يسمى بجماعات الرفاق أو الشارع، التي تؤسس لمفهوم رمزية الشارع، حيث نرى مواصفات ومحددات وصورة يكون عليها عنف الشارع، فأصبح من يمارسه يكتسب مكانة لهذه الممارسة، وبالتالي أصبح نموذجاً يُقلد، فهذا الشخص العنيف يكون رمزاً لبعض الشباب فيتم تقليده في طريقة ملبسه وكلامه وغير ذلك، بما روج لصورة نمطية معينة، ونموذج يجذب كل من يريد أن تكون له سطوة في المجتمع».
ويشير خبير علم الاجتماع كذلك إلى ما وصفه بـ«الفراغ الديني»، معرباً عن اعتقاده بأنه «مع غياب الضوابط الدينية للسلوك لم نعد نجد من ينظم أو يهدي الشباب إلى الطريق الصحيح».
أما «مواقع التواصل الاجتماعي» فهي أيضا «عامل في غاية الخطورة لانتشار العنف»، بحسب القرنفلي، الذي يشرح أن تلك المواقع «أتاحت فرصة لمن يحمل فكرا فارغا في الظهور والانتشار، وأصبحت مسرحا لكيفية ممارسة العنف».
ويدعو الخبير المصري إلى «ضوابط أكثر إحكاماً على مواقع التواصل لمواجهة نشر مظاهر وصور الجريمة عليها بشكل مفصل، لأن المشاركة لهذه المظاهر يعمل على نشر العنف بشكل لا إرادي».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


غضب بين أنصار القذافي لاتهامه بالتسبب في «ضياع ليبيا»

الرئيس الليبي الراحل معمّر القذافي (إ.ب.أ)
الرئيس الليبي الراحل معمّر القذافي (إ.ب.أ)
TT

غضب بين أنصار القذافي لاتهامه بالتسبب في «ضياع ليبيا»

الرئيس الليبي الراحل معمّر القذافي (إ.ب.أ)
الرئيس الليبي الراحل معمّر القذافي (إ.ب.أ)

سادت حالة من الغضب بين أنصار الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، بعد اتهامه بـ«التسبب في ضياع ليبيا، من دون تحقيق شيء لشعبها».

ومكث القذافي في الحكم نحو 42 عاماً، وقُتل إثر اندلاع ثورة شعبية عام 2011، ورغم مرور ما يزيد على 13 عاماً على إسقاط حكمه، فإنه لا يزال مثار جدل بين مؤيدين يرون أنه «أنشأ دولة ذات مقومات»، وآخرين يحمّلونه مسؤولية «انهيار ليبيا وتراجعها».

جانب من لقاء بالقاسم حفتر في جامعة وادي الشاطئ في يوليو 2024 (الجامعة)

وكان بالقاسم حفتر، «مدير صندوق إعادة إعمار ليبيا»، يتحدث عن القذافي في إطار نقاش عام خلال زيارة سابقة إلى جامعة وادي الشاطئ (جنوباً) في يوليو (تموز) الماضي، وتطرق إلى وضع منطقة جنوب البلاد البائس، وقال إنه (القذافي) «لم يقدم شيئاً وأضاع عمر ليبيا».

جانب من لقاء بالقاسم حفتر في جامعة وادي الشاطئ في يوليو 2024 (الجامعة)

وأعاد مقطع فيديو تصريحات بالقاسم حفتر، التي مضى عليها 5 أشهر، إلى واجهة الأحداث، ما أثار حفيظة قطاع واسع من أنصار القذافي، وعدّها الدكتور عقيلة دلهوم، رئيس اللجنة الحقوقية والإعلامية لهانيبال القذافي، «تطاولاً» على الرئيس الراحل.

وقال في تصريح مطوّل إن القذافي «قدم لشعبه الحرية والسيادة الحقيقية، وترجم مفاهيم العدالة المجتمعية والديمقراطية»، بالإضافة إلى «حقول النفط والغاز وأرصدة المال والذهب».

وفي معرض رده على بالقاسم، عدّد دلهوم إنجازات القذافي على مدار 4 عقود، وقال إنه «لم يدمر ليبيا»، مستعرضاً ما تركه، بداية من «25 جامعة حكومية ومعاهد ومدارس»، بالإضافة إلى «أطول شبكة للطرق البرية في أفريقيا»، و«أكبر أسطول جوي بمطاراته».

فنيون خلال عملية صيانة بمسار «النهر الصناعي» في ليبيا (إدارة النهر الصناعي)

وتطرق دلهوم إلى «مشاريع القذافي الكبرى»، وقال إنه «أنشأ أعظم نهر صناعي عظيم، واستصلح عشرات الآلاف من الهكتارات والمشاريع الزراعية الإنتاجية التي أسهمت في تحقيق الاكتفاء الذاتي».

ولا تزال سيرة القذافي حاضرة في الاجتماعات والمنتديات، وبين فئات شبابية من أطياف متباينة لم تعاصر حكمه أو تشهد أيامه، يستحضرونه ويهتفون له.

وزيارة بالقاسم حفتر إلى جامعة وادي الشاطئ، التي اصطحب فيها اللواء المبروك سحبان، آمر المنطقة العسكرية الجنوبية، جاءت في إطار «جهود صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا، لتعزيز التنمية المستدامة والنهوض بالبنية التحتية التعليمية في ليبيا».

والغضب الذي أحدثته تصريحات بالقاسم حفتر، تصاعد في أوساط المؤيدين للنظام السابق، ودفع سعد السنوسي البرعصي، القيادي في «التيار الداعم لسيف الإسلام القذافي» إلى القول إن «الزعيم التاريخي أكبر من أن ينال منه أحد»، مخاطباً بالقاسم: «إذا أرادت أن تعيش حاضرك اليوم فعليك عدم إنكار الماضي وبكل حقيقة».

ومضى البرعصي مدافعاً عن حقبة الرئيس الراحل، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «عندما جاءت (ثورة الفاتح العظيم) كان الجنوب الليبي نسياً منسياً مهمشاً».

ورداً على أن القذافي «أضاع عمر ليبيا، ولم يحقق شيئاً»، قال البرعصي إن الزعيم «ترك إنجازات في الجنوب؛ والمشاريع الزراعية الممتدة على رقعة الصحراء خير شاهد على ما فعله».

فنيون داخل أنبوب النهر الصناعي أثناء عملية صيانة سابقة (إدارة النهر الصناعي)

كما تحدث عن وحدات سكنية وطرق، مذكّراً بمشروع «النهر الصناعي العظيم» الممتد من الجنوب إلى الشمال وبنغازي بالشرق، متسائلاً: «أليس هذا خير شاهد؟»، و«كيف يأتي اليوم مَن يتحدث بعكس ذلك؟!».

ويعد «النهر الصناعي» المصدر الرئيسي للمياه النقية لغالبية الليبيين، ويوصف بأنه «أضخم مشروع لنقل المياه الجوفية في العالم»، بتكلفة بلغت حينها 35 مليار دولار، في حين كانت البلاد سابقاً تعتمد على محطات تحلية المياه وعلى طبقات المياه الجوفية القريبة من الساحل.

والعلاقة بين أنصار القذافي خصوصاً المؤيدين لنجله سيف الإسلام، وقائد «الجيش الوطني» المشير خليفة حفتر، يسودها التوتر في أوقات كثيرة، لا سيما في مدينة سرت التي سبق واشتكى هؤلاء من «التضييق عليهم» من حفتر وقواته.

وينضوي كثير من شباب القبائل الموالية للقذافي في صفوف «الجيش الوطني» الذي يبسط سيطرته على شرق ليبيا ومناطق عدة بجنوبها.

ولا يزال ليبيون يرون أيضاً أن القذافي حكم ليبيا بـ«الديكتاتورية ورسّخ لحكم الفرد؛ وما تشهده البلاد راهناً نتيجة حتمية لما خلفه من إهدار لثرواتها، وإقصائه لمعارضيه».