«مهرجان سماع» الموسيقي ينثر نغمات روحانية في القاهرة

بمشاركة فرق مصرية وعربية وأجنبية

منشدون من فرقة دنقلة أثناء الحفل.
منشدون من فرقة دنقلة أثناء الحفل.
TT

«مهرجان سماع» الموسيقي ينثر نغمات روحانية في القاهرة

منشدون من فرقة دنقلة أثناء الحفل.
منشدون من فرقة دنقلة أثناء الحفل.

تنثر الفرق المشاركة في مهرجان «سماع الدولي للإنشاد والموسيقى الروحية» نغماتها الروحانية في عدد من المواقع التاريخية بالقاهرة، ضمن الدورة الـ15 من المهرجان السنوي، الذي يدعو للبحث عن مساحات التلاقي بين الشعوب من خلال الموسيقى وغناء القصائد التي تحمل في معانيها رسائل للتقارب بين البشر وتحض على التسامي. وتشارك من مصر فرق «حور النسائية للإنشاد الديني»، و«مداحو النبي»، و«راشي للألحان القبطية»، و«فوكابيلا»، ومن الأردن فرقة «النشيد» التابعة لوزارة الأوقاف الأردنية، ومن السودان «جمعية دنقلا»، ومعها فرقة «تواشيح» السورية، فضلاً عن العديد من الفرق الهندية والرومانية والكندية والجيبوتية التي تقدم على مدار 5 أيام مذاقات وألواناً مختلفة من الأنغام والإيقاعات التي تعبر عن التسامح أمام جمهور مسرح قبة الغوري، وقصر الأمير طاز، وسور القاهرة الشمالي بجوار باب النصر التاريخي، الذي استقبل حفل الافتتاح وسط جموع غفيرة من محبي الغناء الصوفي.
الدكتور عبد الرحمن عبد الجليل العبادي منسق فرقة «النشيد» الأردنية قال لـ«الشرق الأوسط»: «جئنا من عمان للانضمام للفرق الصوفية في رسالتها... الجميع يعزف من أجل معنى واحد، وينادي لنبذ العنف ووقف الحروب، ونشر السلام، الذي يوافق شعار المهرجان». ولفت إلى أن «فرقة النشيد الأردنية تتكون من عشرة أعضاء جميعهم منشدون، ومعهم عازف للدف، وباركشن».
وقدمت الفرقة أناشيد وقصائد لعبد الغني النابلسي، وابن الفارض، وابن عربي والبصيري، وهي من ألحان عمر البطش، وزهير منيني.
من جهته، قال محمد حجازي المنسق الإعلامي لبيت السناري إن الفرق «تركز على تقديم مجموعة من الفقرات والبرامج الموسيقية والغنائية التي تسمو بالمشاعر والوجدان، وبينها العديد من الأغاني القديمة الأصيلة والمدائح الكلاسيكية والحديثة التي تخاطب أعماق الإنسان وروحه، وتسعى لإبراز خير ما فيه من خصال، بصرف النظر عن أديان أصحابها ومعتقداتهم، فالكل يعزف على وتر مشترك من الهند إلى رومانيا مروراً بكندا وجيبوتي، لذلك يمكن النظر للمهرجان باعتباره رسالة سلام إلى العالم تحملها كل الفرق المشاركة للتأكيد على أن التنوع يدعو للتقارب ولا يكون سبباً للخلافات».
ومن بين الفرق المشاركة تأتي فرقة «حور للإنشاد الديني» التي تتكون من مجموعة من الفتيات والسيدات، وتأسست منذ 7 سنوات، بحسب مديرتها نعمة فتحي، التي تقول لـ«الشرق الأوسط»: «أشارك في المهرجان للمرة الخامسة. وفي الحفل قدمت نشيد (حور)، وقصائد (المسك فاح) و(على باب سيدنا النبي)، و(الليلة دي) و(يا أيها النبي)، وجميعها من الأناشيد التي اشتهر بها ويتفاعل معها الجمهور». وتضيف: «أسعى إلى تطوير الفرقة وزيادة أعضائها وتدعيمها بأصوات توفر لها القدرة على تلبية دعوات الاحتفالات المتزايدة».
فيما يقول عماد الشفيع عضو فرقة «دنقلة للتراث النوبي والإنشاد» لـ«الشرق الأوسط» إن «عدد أعضاء فرقته يتجاوز الثلاثين، وتقدم إلى جانب الإنشاد الديني عروض الفنون الشعبية، وهذه هي المرة السادسة التي تشارك فيها في (سماع)».
ورغم تعاقب الدورات سنوياً، فإن المهرجان يجدد نفسه بشكل مستمر، بحسب الدكتورة سهام إسماعيل، مديرة المهرجان، التي تقول لـ«الشرق الأوسط» إن المهرجان يتجدد بشكل متواصل من خلال طبيعة الفرق المشاركة به، لذا لا يحدث تكرار في الدورات المتعاقبة». وتوضح أن «الدورة الجارية من المهرجان تتميز بالورش الدولية التي ينظمها رئيس المهرجان الفنان انتصار عبد الفتاح، وتجتمع خلالها الفرق في حوار موسيقي هدفه التقارب، ومن المقرر أن تعقد واحدة من الورش في مجمع الأديان داخل المتحف القبطي، تحت شعار «هنا نصلي معاً».


مقالات ذات صلة

عاصي الرحباني العصيّ على الغياب... في مئويته

عاصي الرحباني العصيّ على الغياب... في مئويته

عاصي الرحباني العصيّ على الغياب... في مئويته

يصادف اليوم الرابع من شهر مايو (أيار)، مئوية الموسيقار عاصي الرحباني، أحد أضلاع المثلث الذهبي الغنائي الذي سحر لبنانَ والعالمَ العربيَّ لعقود، والعصي على الغياب. ويقول عنه ابن أخيه، أسامة الرحباني إنَّه «أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية». ويقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى».

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهم مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهم مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما، طريقة موحدة لتأليف موسيقاه المتنوعة، وهي البحث في تفاصيل الموضوعات التي يتصدى لها، للخروج بثيمات موسيقية مميزة. ويعتز خرما بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، التي تم افتتاحها في القاهرة أخيراً، حيث عُزفت مقطوعاته الموسيقية في حفل افتتاح البطولة. وكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في بطولة العالم للجمباز، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13»، الذي يجري عرضه حالياً في دور العرض المصرية. وقال خرما إنه يشعر بـ«الفخر» لاختياره لتمثيل مصر بتقديم موسيقى حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز التي تشارك فيها 40 دولة من قارات

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق للمرة الأولى... تسجيل مراسم تتويج الملك البريطاني في ألبوم

للمرة الأولى... تسجيل مراسم تتويج الملك البريطاني في ألبوم

تعتزم شركة تسجيلات بريطانية إصدار حفل تتويج ملك بريطانيا، الملك تشارلز الشهر المقبل، في صورة ألبوم، لتصبح المرة الأولى التي يتاح فيها تسجيلٌ لهذه المراسم التاريخية للجمهور في أنحاء العالم، وفقاً لوكالة «رويترز». وقالت شركة التسجيلات «ديكا ريكوردز»، في بيان اليوم (الجمعة)، إنها ستسجل المراسم المقرر إقامتها يوم السادس من مايو (أيار) في كنيسة وستمنستر، وأيضاً المقطوعات الموسيقية التي ستسبق التتويج، تحت عنوان «الألبوم الرسمي للتتويج»، وسيكون الألبوم متاحاً للبث على الإنترنت والتحميل في اليوم نفسه. وستصدر نسخة من الألبوم في الأسواق يوم 15 مايو.

«الشرق الأوسط» (لندن)

التشكيلية الكردية يارا حسكو تحتفي بالمرأة وتُجسِّد مآسي الحرب

التشكيلية الكردية تناولت آلام النساء في زمن الحرب (الشرق الأوسط)
التشكيلية الكردية تناولت آلام النساء في زمن الحرب (الشرق الأوسط)
TT

التشكيلية الكردية يارا حسكو تحتفي بالمرأة وتُجسِّد مآسي الحرب

التشكيلية الكردية تناولت آلام النساء في زمن الحرب (الشرق الأوسط)
التشكيلية الكردية تناولت آلام النساء في زمن الحرب (الشرق الأوسط)

تشقّ يارا حسكو مسارها بثبات، وتُقدّم معرضها الفردي الأول بعد تجربة فنّية عمرها 5 سنوات. فالفنانة التشكيلية الكردية المتحدّرة من مدينة عفرين بريف محافظة حلب، تناولت في لوحاتها مجموعة موضوعات، ووظَّفت ألوان الطبيعة وخيوطها لتعكس حياتها الريفية التي تحلم بالعودة إليها؛ فتمحورت أعمالها بشكل رئيسي حول حياة المرأة خلال سنوات الحرب السورية بآمالها وآلامها.

بأسلوب تعبيري مميّز، جسّدت حسكو بريشتها معاناة النساء من مآسي الحروب، إلى يوميات اللجوء والتهجير. فالمعرض الذي لم يحمل عنواناً ضمّ 26 لوحة أقامته في قاعة «كولتورفان» ببلدة عامودا غرب مدينة القامشلي؛ وهو الأول من نوعه خلال مسيرتها.

تفتتح حديثها إلى «الشرق الأوسط» بالقول إنها ابنة المدرسة التعبيرية وفضَّلت الابتعاد عن الواقعية. وتتابع: «أنا ابنة الريف وأحلم بالعودة إلى مسقطي في قرية عرشقيبار بريف عفرين، للعيش وسط أحلام بسيطة، لذلك اخترتُ الفنّ للتعبير عن حلمي وبساطتي في التعامل مع زخم الحياة».

يضمّ معرضها مجموعة أعمال دخلت من خلالها إلى روح النساء، رابطةً ظروف حياتهنّ الخاصة برسومها، لتعيد سرد قصة كل لوحة بحركات وتعابير تحاكي الحرب السورية وتقلّباتها الميدانية التي انعكست بالدرجة الأولى على المرأة؛ أكثر فئات المجتمع السوري تضرراً من ويلات الاقتتال.

إنها ابنة المدرسة التعبيرية وفضَّلت الابتعاد عن «الواقعية» (الشرق الأوسط)

تشير حسكو إلى ابتعادها عن فنّ البورتريه بالقول: «اللوحة ليست صورة فحسب، فمفهومها أعمق. لم يكن لديّ فضول للرسم فقط؛ وإنما طمحتُ لأصبح فنانة تشكيلية». وتسرد حادثة واجهتها في بداية الطريق: «أخذتُ قميص أخي الذي كان يُشبه قماش اللوحة، وبعد رسمي، تساءلتُ لماذا لا يستقر اللون على القميص، وصرت أبحثُ عن بناء اللوحة وكيفية ربط القماش قبل بدء الرسم».

المعرض ضمّ لوحات حملت كل منها عنواناً مختلفاً لترجمة موضوعاتها، بينها «نساء الحرب»، و«امرأة وحبل»، و«المرأة والمدينة». كما برزت ألوان الطبيعة، إلى جانب إضفاء الحيوية لموضوعاتها من خلال اختيار هذه الألوان والحركات بعناية. وهو يستمر حتى 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، وفق الفنانة، مؤكدةً أنّ التحضيرات لإقامته استمرّت عاماً من الرسم والتواصل.

المعرض الذي لم يحمل عنواناً ضمّ 26 لوحة (الشرق الأوسط)

يلاحظ متابع أعمال حسكو إدخالها فولكلورها الكردي وثقافته بتزيين معظم أعمالها: «أعمل بأسلوب تعبيري رمزي، وللوحاتي طابع تراجيدي يشبه الحياة التي عشناها خلال الحرب. هذا هو الألم، ودائماً ثمة أمل أعبّر عنه بطريقة رمزية»، مؤكدةً أنّ أكبر أحلامها هو إنهاء الحرب في بلدها، «وعودة كل لاجئ ونازح ومهجَّر إلى أرضه ومنزله. أحلم بمحو هذه الحدود ونعيش حرية التنقُّل من دون حصار».

في سياق آخر، تعبِّر يارا حسكو عن إعجابها بالفنان الهولندي فنسينت فان غوخ، مؤسِّس مدرسة «ما بعد الانطباعية» وصاحب اللوحات الأغلى ثمناً لشهرتها بالجمال وصدق المشاعر والألوان البارزة. أما سورياً، فتتبنّى مدرسة فاتح المدرس، وتحبّ فنّ يوسف عبدلكي الأسود والفحمي. وعن التشكيلي السوري الذي ترك بصمة في حياتها، تقول: «إنه الفنان الكردي حسكو حسكو. تعجبني أعماله عن القرية، وكيف اشتهر بإدخال الديك والدجاجة في رسومه».

خلال معرضها الفردي الأول بعد تجربة فنّية عمرها 5 سنوات (الشرق الأوسط)

بالعودة إلى لوحاتها، فقد جسّدت وجوه نساء حزينات يبحثن عن أشياء ضائعة بين بيوت مهدّمة، وشخصيات تركت مدنها نحو مستقبل مجهول بعد التخلّي عن الأحلام. تتابع أنها متأثرة بمدينة حلب، فبعد وصول نار الحرب إلى مركزها بداية عام 2014، «انقسمت بين شقّ خاضع للقوات الحكومية، وآخر لمقاتلي الفصائل المسلّحة، مما فاقم مخاوفي وقلقي».

من جهته، يشير الناقد والباحث أرشك بارافي المتخصّص في الفنّ والفولكلور الكردي، إلى أنّ المعرض حمل أهمية كبيرة لإضاءته على النساء، أسوةً بباقي فئات المجتمع السوري الذين تضرّروا بالحرب وتبعاتها. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «استخدمت الفنانة رموزاً تُحاكي موضوعاتها مثل السمكة والتفاحة والمفتاح، لتعكس التناقضات التي عشناها وسط هذه الحرب، والثمن الذي فرضته الحدود المُحاصَرة، والصراع بين الانتماء واللاانتماء، وبين الاستمرارية والتأقلم مع الظروف القاسية».

يُذكر أنّ الفنانة التشكيلية يارا حسكو عضوة في نقابة اتحاد الفنانين السوريين، وهي من مواليد ريف مدينة عفرين الكردية عام 1996، تخرّجت بدايةً في كلية الهندسة من جامعة حلب، ثم التحقت بكلية الفنون الجميلة لشغفها بالفنّ. بدأت رسم أولى لوحاتها في سنّ مبكرة عام 2010، وشاركت في أول معرض جماعي عام 2019، كما شاركت بمعارض مشتركة في مدينتَي حلب والعاصمة دمشق.